سورة ق / الآية رقم 26 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى المُتَلَقِّيَانِ عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كَنتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي العَذَابِ الشَّدِيدِ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ وَأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الخُلُودِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ

ققققققققققققققق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {وقال قرينُهُ} أي: الشيطان المقيض له، أو: الملك الكاتب الشاهد عليه: {هذا ما لديَّ عَتِيدٌ} أي: هذا ما عندي وفي ملكي عتيد لجهنم، قد هيأته بإغوائي وإضلالي، أو: هذا ديوان عمله عندي عتيد مهيأ للعرض، ف {ما} موصولة، إما بدل من {هذا} أو صفة، و {عتيد}: خبر، أو: خبر، و {عتيد}: خبر آخر، أو: موصوفة خبر هذا و لديّ: صفته، وكذا عتيد أي: هذا شيء ثابت لديّ عتيد.
ثم يقول الله تعالى للسائق والشهيد: {ألقيا في جهنم} أو: لملكين من خزنة جهنم، أو: يكون الخطاب لواحد، وكان الأصل: ألقِ ألقِ، فناب{ألقيا} عن التكرار؛ لأن الفاعل كالجزء من الفعل، فكان تثنية الفاعل نائباً عن تكرار الفعل، أو: أصله: ألْقِيَن، والألف بدل من نون التوكيد، إجراء للموصول مجرى الوقف، دليله: قراءة الحسن: {ألْقينْ} والأحسن: أن يُراد جنس قرينه، فيصدق بالسائق والشهيد، فيقال لهما: {ألقيا في جهنم كلَّ كَفَّار} بالنعم والمُنعِم {عنيدٍ}: مجانب للحق، معادٍ لأهله، {منَّاعٍ للخير} كثر المنع للمال عن حقوقه، أو: منَّاع لجنس الخير أن يصل إلى أهله، أو: يراد بالخير الإسلام، لأن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، لَمَّا منع بني أخيه من الإسلام. {معتدٍ} ظالم متخطِّ للحق {مريب}: شاكٍّ في الله تعالى وفي دينه.
{الذي جعل مع الله إِلهاً آخر}: بدل من{كل كَفَّار}ولا يجوز أن يكون صفة؛ لأن النكرة لا توصف بالموصول، خلافاً لابن عطية، أو: مبتدأ مضمن معنى الشرط، خبره: {فألْقِيَاهُ في العذاب الشديد} وعلى الأول يكون{فألقياه}تكريراً للتوكيد، أو مفعولاً بمضمر، يُفسره{فألقياه}أي: ألقِِ الذي جعل مع الله إلهاً آخر ألقياه.
{قال قرينُه} أي: شيطانه الذي قُرن به، وهذا يؤيد أن المراد بالمتقدم جنس القرين، وإنما أُخليت هذه الجملة من الواو دون الأولى؛ لأن الأولى واجب عطفها؛ للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول، أي: مجيء كل نفس مع ملكين وقول قرينه ما قال له، وأما هذه فهي مستأنفة، كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول، كما في مقاولة موسى وفرعون في وقوله: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ} [الشعراء: 23- 31] إلى آخر الآيات، فكأن الكافر قال: هو أطغاني، فأجابه قرينُه بتكذيبه فقال: {ربنا ما أطغيتُه ولكن كان في ضلال بعيد} عن الحق، أي: ما أوقعته في الطغيان بالقهر، ولكن طغى واختار الضلالة على الهدى، وهذا كقوله: {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ} [إبراهيم: 22]، فالوسوسة والتزيين حاصل منه، والاختيار من الكافر، والفعل لله، لا يُسأل عما يفعل.
{قال} تعالى: {لا تختصمون لَدَيَّ} أي: في موقف الحساب والجزاء، إذ لا فائدة في ذلك، والجملة استئناف جواب عن سؤال، كأن قائلاً قال: فماذا قال الله تعالى لهم؟ قال: لا تختصموا عندي {وقد قَدَّمتُ إِليكم بالوعيد} في دار الكسب على ألسنة رسلي، فلا تطمعوا في الخلاص منه بما أنتم فيه من التعلُّل بالمعاذير الباطلة. والجملة فيها تعليل للنهي، على معنى: لا تختصموا وقد صحّ عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد حيث قالت: {لأملأن جهنم...} إلخ، فاتبعتموه معرضين عن الحق، فلا وجه للاختصام في هذا الوقت. والباء إما مزيدة كما في قوله: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ} [البقرة: 195] أو معدية على أن قَدَّم مضارع تقدم.
{ما يُبدّلُ القولُ لَدَيَّ} أي: لا تطمعوا أن يُبدل قولي ووعيدي بإدخال الكفار في النار، {وما أنا بظَلاَّمٍ للعبيد} فلا أُعذب عبداً بغير ذنب مِن قِبلَه، بل بما صدر منه من الجنايات، حسبنا أشير إليه آنفاً. والتعبير عن بالظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم على ما تقرر من قاعدة أهل السنة، فضلاً عن كونه ظلماً مفرطاً لتأكيد هذا المعنى، بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب في معرض المبالغة في الظلم، وقيل: هو لرعاية جميعة العبيد، من قولهم: فلان ظالم لعبده وظلاّم لعبيده، وقيل: ظلاّم بمعنى: ذي ظلم، كلبّان لذي اللبن. والله تعالى أعلم.
الإشارة: قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة: هذا ما لديّ عتيد، مهيَّا للعتاب، فيقال لهما: ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو: شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد: الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه- روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه: ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى: {لا تختصموا لَدَيَّ} اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء} [يوسف: 53] {قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها: {ياأيتها النفس المطمئنة} [الفجر: 27] الآية، {ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ} فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي: {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا...} [العنكبوت: 69] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 14، 15]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال