سورة ق / الآية رقم 33 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى المُتَلَقِّيَانِ عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كَنتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي العَذَابِ الشَّدِيدِ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ وَأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الخُلُودِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ

ققققققققققققققق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)}
{وَقَالَ قَرِينُهُ} يعني الشيطان الذي قُيّض لهذا الكافر العنيد {رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ} ما أضللتُه، وما أغويته.
وقال القرظي: ما أكرهته على الطغيان. {ولكن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ} عن الحقّ فتبرأ شيطانه عنه، وقال ابن عبّاس، ومقاتل: قال قرينه يعني الملك، وذلك أنّ الوليد بن المغيرة يقول للملك الذي كان يكتب السيئات: ربّ إنّه أعجلني، فيقول الملك ربّنا ما أطغيته، ما أعجلته، وقال سعيد بن جبير: يقول الكافر: ربِّ إنّ الملك زاد عليَّ في الكتابة، فيقول الملك: ربّنا ما أطغيته، يعني ما زدت عليه، وما كتبت إلاَّ ما قال وعمل، فحينئذ يقول الله سبحانه: {قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ} فقد قضيت ما أنا قاض. {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد} في القرآن حذّرتكم، وأنذرتكم، فلا تبديل لقولي ولوعيدي. قال ابن عبّاس: إنّهم اعتذروا بغير عذر، فأبطل الله حجّتهم، ورد عليهم قولهم {مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ} وهو قوله: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} [هود: 119]، وقال الفرّاء: معناه ما يكذب عندي لعلمي بالغيب {وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} فأعاقبهم بغير جرم أو أجزي بالحسن سيّئاً. {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ} قرأ قتادة، والأعرج، وشيبة، ونافع {نقول} بالتاء، ومثله روى أبو بكر عن عاصم، اعتباراً بقوله، قال: لا تختصموا لديّ، وقرأ الحسن يوم {يقال} وقرأ الباقون يوم {نقول} بالنون {لجهنّم} {هَلِ امتلأت} لما سبق من وعده إيّاها أنّه يملأها {مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} [هود: 119] وهذا السؤال منه على طريق التصديق بخبره، والتحقيق لوعده والتقريع لأهل عذابه، والتنبيه لجميع عباده.
{وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} يحتمل أن يكون جحداً مجازه ما من مزيد، ويحتمل أن يكون استفهاماً، بمعنى هل من مزيد، فأزاده وإنّما صلح {هَلْ} للوجهين جميعاً، لأنّ في الاستفهام ضرباً من الجحد، وطرفاً من النفي، قال ابن عبّاس: إنّ الله سبحانه وتعالى، قد سبقت كلمته {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} [هود: 119، السجدة: 13] فلمّا بعث للنّاس، وسبق أعداء الله إلى النار زمراً، جعلوا يقحمون في جهنّم فوجاً فوجاً، لا يلقى في جهنّم شيء إلاّ ذهب فيها، ولا يملأها شيء.
فقالت: ألست قد أقمت لتملأني؟ فوضع قدمه عليها، ثمّ يقول لها: هل امتلأت؟ فتقول: قط قط، قد امتلأت، فليس من مزيد. قال ابن عبّاس: ولم يكن يملأها شيء حتّى مس قدم الله فتضايقت فما فيها موضع إبرة، ودليل هذا التأويل ما أنبأني عقيل، قال: أخبرنا المعافى، قال: أخبرنا ابن جرير، قال: حدّثنا بشر، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال جهنّم يلقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتّى يضع ربّ العالمين فيها قدمه، فتتزاوي بعضها إلى بعض، وتقول: قد قد بعزّتك، وكرمك، ولا يزال في الجنّة فضل، حتّى ينشئ الله سبحانه لها خلقاً، فيسكنهم فضل الجنّة».
وأخبرنا ابن حمدون، قال: أخبرنا ابن الشرقي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، وعبد الرّحمن بن بشر، وأحمد بن يوسف، قالوا: حدّثنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام ابن منبه، قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة، عن محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تحاجت الجنّة والنّار، فقالت النّار: أُوثرت بالمتكبّرين والمتجبّرين، وقالت الجنّة: فما لي لا يدخلني إلاّ ضعفاء الناس وسقطهم؟ فقال الله سبحانه للجنّه: إنّما أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنّار: إنّما أنت عذابي، أُعذّب بك من أشاء من عبادي، ولكلّ واحدة منكما ملأها، فأمّا النار، فإنّهم يلقون فيها وتقول: هل من مزيد؟ فلا تمتلئ حتّى يضع الله سبحانه وتعالى فيها رجله فتقول: قط قط، فهناك تمتلأ وتزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً، وأمّا الجنّة، فإنّ الله عزّ وجلّ ينشئ لها خلقاً».
قلت: هذان الحديثان في ذكر القدم، والرجل، صحيحان مشهوران، ولهما طرق من حديث أبي هريرة، وأنس، تركتُ ذكرهما كراهة الإطالة، ومعنى القدم المذكور في هذا الحديث المأثور قوم يقدمهم الله إلى جهنّم، يملأها بهم، قد سبق في عمله إنّهم صائرون إليها وخالدون فيها، وقال النضر بن شميل: سألت الخليل بن أحمد عن معنى هذا الحديث، فقال: هم قوم قدمهم الله للنار، وقال عبد الرّحمن بن المبارك: هم مَن قد سبق في علمه أنّه من أهل النّار. وكلّ ما يقدم، فهو قدم. قال الله سبحانه: إنّ لهم قدم صدق عند ربّهم، يعني أعمال صالحة قدّموها، وقال الشاعر يذمّ رجلا:
قعدت به قدم الفجار وغودرت *** وعود ربّ أسبابه من فتنة من خالق
يعني ليس له ما يفتخر بهم.
على انّ الأوزاعي روى هذا الحديث عن حسّان بن عطية، حتى يضع الجبّار قِدمه بكسر القاف، وكذلك روى وهب بن منبه، وقال: إنّ الله سبحانه كان قد خلق قوماً قبل آدم، يقال لهم: القدم، رؤوسهم كرؤوس الكلاب والذباب، وسائر أعضائهم كأعضاء بني آدم، فعصوا ربّهم، وأهلكهم الله، يملأ الله بهم جهنّم حين تستزيد. وأمّا الرِجل فهو العدد الكبير من الناس وغيرهم.
يقال: رأيت رِجلاً من الناس، ومرّ بنا رجل من جياد، وقال الأصمعي: سمعت بعض الأعراب تقول: ما هلك على رِجل نبيّ من الأنبياء ما هلك على رِجل موسى، يعني القبط، وقال الشاعر:
فمرّ بنا رِجل من النّاس وانزوى *** إليهم من الحيّ اليمانين أرجل
قبائل من لخم وحمير *** على ابني نزار بالعداوة أحفل
ويصدق هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في سياق الحديث: «ولا يظلم الله من خلقه أحداً».
، فدلَّ أنّ الموضوع الملقى في النّار خلق من خلقه، وقال بعضهم: أراد قَدم بعض ملائكته ورِجله، وأضاف إليه كقوله: وسئل القرية. والله أعلم. {وَأُزْلِفَتِ} وأدنيت {الجنة لِلْمُتَّقِينَ} حتّى يروها قبل أن يدخلوها. {غَيْرَ بَعِيدٍ} منهم وهو تأكيد، ويقال لهم: {هذا مَا تُوعَدُونَ} في الدنيا على ألسنة الأنبياء.
{لِكُلِّ أَوَّابٍ} توّاب، عن الضحّاك. وقيل: رجّاع إلى الطاعة عن ابن زيد، وقال ابن عبّاس وعطاء: الأوّاب المسبِّح من قوله سبحانه: {ياجبال أَوِّبِي} [سبأ: 10]. الحكم بن عيينة: هو الذاكر لله في الخلاء. الشعبي ومجاهد: الذي يذكر ذنوبه في الخلاء، فيستغفر منها. قتادة: المصلّي. مقاتل بن حيان: المطيع. عبيد بن عسر: هو الذي لا يقوم من مجلسه حتى يستغفر الله تعالى. أبو بكر الورّاق: المتوكّل على الله سبحانه في السراء والضراء لا يهتدي إلى غير الله. المحاسني: هو الراجع بقلبه إلى ربّه. القاسم: هو الذي لا ينشغل إلاّ بالله.
{حَفِيظٍ} قال ابن عبّاس: هو الذي حفظ ذنوبه حتّى يرجع عنها. قتادة: حفيظ لما استودعه الله سبحانه من حقّه ونعمته. وعن ابن عبّاس أيضاً: الحافظ لأمر الله. الضحّاك: المحافظ على نفسه المتعهّد لها. عطاء: هو الذي يذكر الله في الأرض القفر. الشعبي: هو المراقب. أبو بكر الورّاق: الحافظ لأوقاته وهماته وخطواته. سهل: المحافظ على الطاعات والأوامر. {مَّنْ خَشِيَ} في محلّ مَن وجهان من الإعراب: الخفض على نعت الأوّاب، والرفع على الاستئناف، وخبره في قوله ادخلوها، ومعنى الآية من خاف {الرحمن بالغيب} ولم يره، وقال الضحّاك والسدّي: يعني في الخلاء حيث لا أحد، وقال الحسن: إذا أرخى الستر وأغلق الباب.
{وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} مقبل إلى طاعة الله. قال أبو بكر الورّاق: علامة المنيب أن يكون عارفاً لحرمته، موالياً له، متواضعاً لحلاله تاركاً لهوى نفسه. {ادخلوها} أي يقال لأهل هذه الصفة: ادخلوها {بِسَلاَمٍ} بسلامة من العذاب وسلام الله وملائكته عليهم، وقيل: السلامة من زوال النعيم وحلول النقم.
{ذَلِكَ يَوْمُ الخلود * لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} يعني الزيادة لهم في النعم ممّا لم يخطر ببالهم، وقال جابر وأنس: هو النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى بلا كيف.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال