سورة الذاريات / الآية رقم 4 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا المَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً فَالْحَامِلاتِ وَقْراً فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ

قققققققققققالذارياتالذارياتالذارياتالذاريات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات تنبيهاً عليها وتشريفاً لها ودلالة على الاعتبار فيها حتى يصير الناظر فيها إلى توحيد الله تعالى.
{والذاريات} الرياح بإجماع من المتأولين، يقال: ذرت الريح وأذرت بمعنى: وفي الرياح معتبر من شدتها حيناً، ولينها حيناً وكونها مرة رحمة ومرة عذاباً إلى غير ذلك.
و {ذرواً} نصب على المصدر. و: {الحاملات وقراً} قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي السحاب الموقرة بالماء. وقال ابن عباس وغيره هي السفن الموقرة بالناس وأمتاعهم. وقال جماعة من العلماء هي أيضاً مع هذا جميع الحيوان الحامل، وفي جميع ذلك معتبر. و: {وقراً} مفعول صريح، و: {الجاريات يسراً} قال علي بن أبي طالب وغيره: هي السفن في البحر وقال آخرون: هي السحاب بالريح وقال آخرون: هي الجواري من الكواكب، واللفظ يقتضي جميع هذا. و{يسراً} نعت لمصدر محذوف وصفات المصادر المحذوفة تعود أحوالاً. و: {يسراً} معناه: بسهولة وقلة تكلف، و: {المقسمات أمراً} الملائكة والأمر هنا اسم الجنس، فكأنه قال: والجماعات التي تقسم أمور الملكوت من الأرزاق والآجال والخلق في الأرحام وأمر الرياح والجبال وغير ذلك، لأن كل هذا إنما هو بملائكة تخدمه، فالآية تتضمن جميع الملائكة لأنهم كلهم في أمور مختلفة، وأنث {المقسمات} من حيث أراد الجماعات.
وقال أبو طفيل عامر بن واثلة كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه على المنبر فقال: لا تسألوني عن آية من كتاب الله أو سنة ماضية إلا قلت، فقام إليه ابن الكواء فسأله عن هذه، فقال: {الذاريات} الرياح.
و {الحاملات} السحاب، و{الجاريات} السفن، و{المقسمات} الملائكة. ثم قال له سل سؤال تعلم ولا تسأل سؤال تعنت وهذا القسم واقع على قوله: {إنما توعدون لصادق}، و{توعدون} يحتمل أن يكون من الإيعاد، ويحتمل أن يكون من الوعد، وأيها كان فالوصف له بالصدق صحيح و: {صادق} هنا موضوع بدل صدق، ووضع الاسم موضع المصدر. و: {الدين} الجزاء. وقال مجاهد الحساب، والأظهر في الآية أنها للكفار وأنها وعيد محض بيوم القيامة.
ثم أقسم تعالى بمخلوق آخر فقال: {والسماء ذات الحبك} فظاهر لفظة {السماء} أنها لجميع السماوات، وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي: هي السماء السابعة. و: {الحُبُك} بضم الحاء والباء: الطرائق التي هي على نظام في الأجرام، فحبك الرمان والماء: الطرائق التي تصنع فيها الريح الهابة عليها، ومنه قول زهير:
مكلل بعميم النبت تنسجه *** ريح خريف لضاحي مائه حبك
وحبك الدرع: الطرائق المتصلة في موضع اتصال الحلق بعضها ببعض، وفي بعض أجنحة الطير حبك على نحو هذا، ويقال لتكسر الشعر حبك، وفي الحديث: «أن من ورائكم الكذاب المضل، وأن من ورائه حبكاً حبكاً».
يعني جعودة شعره فهو يكسره، ويظهر في المنسوجات من الأكسية وغيرها طرائق في موضع تداخل الخيوط هي حبك، ويقال نسج الثوب فأجاد حبكه، فهذه هي الحبك في اللغة. وقال منذر بن سعيد: إن في السماء في تألق جرمها هي هكذا لها حبك، وذلك لجودة خلقتها وإتقان صنعتها، ولذلك عبر ابن عباس في تفسير قوله {والسماء ذات الحبك} بأن قال: حبكها حسن خلقتها، وقال ابن جبير: {الحبك}: الزينة. وقال الحسن: حبكها كواكبها، وقال ابن زيد: {الحبك}: الشدة، وحبكت شدت، وقرأ {سبعاً شداداً} [النبأ: 12] وقال ابن جني: {الحبك} طرائق الغيم ونحو هذا، وواحد {الحبك}: حباك، ويقال للظفيرة التي يشد بها حظار القصب ونحوه، وهي مستطيلة تمنع في ترجيب الغرسات المصطفة حباك وقد يكون واحد {الحبك} حبيكة، وقال الراجز: [الوافر]
كأنما جللها الحواك، *** طنفسة في وشيها حباك
وقرأ جمهور الناس: {الحُبُك} بضم الحاء والباء. وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو مالك الغفاري بضم الحاء وسكون الباء تخفيفاً، وهي لغة بني تميم كرسل في رسل، وهي قراءة أبي حيوة وأبي السمال. وقرأ الحسن أيضاً وأبو مالك الغفاري: {الحِبِك} بكسر الحاء والباء على أنها لغة كإبل وإطل.
وقرأ الحسن أيضاً فيما روي عنه: {الحِبْك} بكسر الحاء وسكون الباء كما قالوا على جهة التخفيف: إبل وإطل بسكون الباء والطاء. وقرأ ابن عباس: {الحَبَك} بفتح الحاء والباء. وقرأ الحسن أيضاً فيما روي عنه {الحِبُك} بكسر الحاء وضم الباء وهي لغة شاذة غير متوجهة، وكأنه أراد كسرهما ثم توهم {الحِبُك} قراءة الضم بعد أن كسر الحاء فضم الباء، وهذا على تداخل اللغات وليس في كلام العرب هذا البناء. وقرأ عكرمة {الحُبَك} بضم الحاء وفتح الباء جمع حبكة، وهذه كلها لغات والمعنى ما ذكرناه. والفرس المحبوك الشديد الخلقة الذي له حبك في مواضع من منابت شعره، وذلك دليل على حسن بنيته.
وقوله تعالى: {إنكم لفي قول مختلف}، يحتمل أن يكون خطاباً لجميع الناس مؤمن وكافر، أي اختلفتم بأن قال فريق منكم: آمنا بمحمد وكتابه، وقال فريق آخر: كفرنا، وهذا قول قتادة. ويحتمل أن يكون خطاباً للكفرة فقط، أي: أنتم في جنس من الأقوال مختلف في نفسه، قوم منكم يقولون: ساحر، وقوم: كاهن، وقوم: شاعر، وقوم: مجنون إلى غير ذلك، وهذا قول ابن زيد والضمير في: {عنه} قال الحسن وقتادة: هو عائد على محمد أو كتابه وشرعه. و: {يؤفك} معناه: يصرف، فالمعنى: يصرف عن كتاب الله من صرف ممن غلبت شقاوته، وكان قتادة يقول: المأفوك منا اليوم عن كتاب الله كثيراً، ويحتمل أن يعود الضمير على القول، أي: يصرف بسببه من أراد الإسلام، بأن يقال له هو سحر، هو كهانة؛ وهذا حكاه الزهراوي.
ويحتمل أن يعود الضمير في {عنه} على القول، أي يصرف عنه بتوفيق الله إلى الإسلام من غلبت سعادته، وهذا على أن يكون قوله: {إنكم لفي قول مختلف} للكفار فقط.
قال القاضي أبو محمد: وهذا وجه حسن لا يُخِلُّ به، إلا أن عُرْفَ الاستعمال في {أَفَكَ}، إنما هو في الصرف من خير إلى شر، وتأمل ذلك تجدْها أبداً في المصروفين المذمومين، وحكى أبو عمرو عن قتادة أنه قرأ {من أَفَكَ} بفتح الهمزة والفاء.
وقوله تعالى: {قتل الخراصون} دعاء عليهم، كما تقول: قاتلك الله وقتلك الله، وعقرى حلقى ونحوه، وقال بعض المفسرين معناه: لعن الخراصون، وهذا تفسير لا تعطيه اللفظة. والخراص: المخمن القائل بظنه فتحته الكاهن والمرتاب وغيره ممن لا يقين له، والإشارة إلى مكذبي محمد على كل جهة من طروقهم. والغمرة: ما يغشى الإنسان ويغطيه كغمرة الماء، والمعنى في غمرة من الجهالة. و: {ساهون} معناه عن أنهم {في غمرة} وعن غير ذلك من وجوه النظر.
وقوله تعالى: {يسألون أيان يوم الدين} معناه: يقولون متى يوم الدين؟ على معنى التكذيب، وجائز أن يقترن بذلك من بعضهم هزء وأن لا يقترن.
وقرأ السلمي والأعمش: {إيَان} بكسر الهمزة وفتح الياء المخففة.
وقوله تعالى: {يوم هم على النار يفتنون} قال الزجاج: نصبوا {يوم} على الظرف من مقدر تقديره: هو كائن {يوم هم على النار} ونحو هذا، وقال الخليل وسيبويه: نصبه على البناء لما أضيف إلى غير متمكن. قال بعض النحاة: وهو في موضع رفع على البدل من {يوم الدين}. و: {يفتنون} معناه: يحرقون ويعذبون في النار، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والجميع، ومنه قيل للحرة: فتين، كأن الشمس أحرقت حجارتها.
ومنه قول كعب بن مالك:
معاطي تهوى إليها الحقو *** ق يحسبها من وراءها الفتينا
وفتنت الذهب أحرقته، ولما كان لا يحرق إلا لمعنى الاختبار قيل لكل اختبار فتنة، واستعملوا: فتن، بمعنى اختبر، وعلى هنا موصلة إلى معنى في، وفي قوله تعالى: {ذوقوا فتنتكم} معناه: يقال لهم ذوقوا حرقكم وعذابكم، قاله قتادة وغيره، والذوق: هنا استعارة، وهذا إشارة إلى حرقهم واستعجالهم: هو قولهم: {أيان يوم الدين} وغير ذلك من الآيات التي تقتضي استعجالهم على جهة التكذيب منهم.
ولما ذكر تعالى حالة الكفرة وما يلقون من عذاب الله، عقب ذلك بذكر المتقين وما يلقون من النعيم ليبين الفرق ويتبع الناس طريق الهدى، والجنات والعيون معروف. والمتقي في الآية مطلق في اتقاء الكفر والمعاصي.
وقوله تعالى: {آخذين} نصب على الحال. وقرأ ابن أبي عبلة: {آخذون} بواو. وقال ابن عباس المعنى: {آخذين} في دنياهم {ما آتاهم ربهم} من أوامره ونواهيه وفرائضه وشرعه، فالحال على هذا محكية وهي متقدمة في الزمان على كذبهم في جنات وعيون. وقال جماعة من المفسرين معنى قوله: {آخذين ما آتاهم ربهم} أي محصلين لنعم الله التي أعطاهم من جنته ورضوانه، وهذه حال متصلة في المعنى بكونهم في الجنات. وهذا التأويل أرجح عندي لاستقامة الكلام به. وقوله: {قبل ذلك} يريد في الدنيا محسنين بالطاعة والعمل الصالح.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال