سورة آل عمران / الآية رقم 186 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوَهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ المُنِيرِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}
اعلم أنه تعالى لما سلى الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت} [آل عمران: 185] زاد في تسليته بهذه الآية، فبين أن الكفار بعد أن آذوا الرسول والمسلمين يوم أحد، فسيؤذونهم أيضا في المستقبل بكل طريق يمكنهم، من الايذاء بالنفس والايذاء بالمال، والغرض من هذا الاعلام أن يوطنوا أنفسهم على الصبر وترك الجزع، وذلك لأن الإنسان إذا لم يعلم نزول البلاء عليه فاذا انزل البلاء عليه شق ذلك عليه، أما اذا كان عالما بأنه سينزل، فاذا نزل لم يعظم وقعه عليه.
أما قوله: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أموالكم وَأَنفُسِكُمْ} ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الواحدي رحمه الله: اللام لام القسم، والنون دخلت مؤكدة وضمت الواو لسكونها وسكون النون، ولم تكسر لالتقاء الساكنين لأنها واو جمع فحركت بما كان يجب لما قبلها من الضم، ومثله {اشتروا الضلالة} [البقرة: 16].
المسألة الثانية: {لَتُبْلَوُنَّ} لتختبرن، ومعلوم أنه لا يجوز في وصف الله تعالى الاختبار لأنه طلب المعرفة ليعرف الجيد من الردئ، ولكن معناه في وصف الله تعالى أنه يعامل العبد معاملة المختبر.
المسألة الثالثة: اختلفوا في معنى هذا الابتلاء فقال بعضهم: المراد ما ينالهم من الشدة والفقر وما ينالهم من القتل والجرح والهزيمة من جهة الكفار، ومن حيث ألزموا الصبر في الجهاد.
وقال الحسن: المراد به التكاليف الشديدة المتعلقة بالبدن والمال، وهي الصلاة والزكاة والجهاد.
قال القاضي: والظاهر يحتمل كل واحد من الأمرين فلا يمتنع حمله عليهما.
وأما قوله: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً} فالمراد منه أنواع الايذاء الحاصلة من اليهود والنصارى والمشركين للمسلمين، وذلك لأنهم كانوا يقولون عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، وثالث ثلاثة، وكانوا يطعنون في الرسول عليه الصلاة والسلام بكل ما يقدرون عليه، ولقد هجاه كعب بن الأشرف، وكانوا يحرضون الناس على مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما المشركون فهم كانوا يحرضون الناس على مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم ويجمعون العساكر على محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم ويثبطون المسلمين عن نصرته، فيجب أن يكون الكلام محمولا على الكل إذ ليس حمله على البعض أولى من حمله على الثاني.
ثم قال عطفا على الأمرين: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذلك مِنْ عَزْمِ الأمور} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال المفسرون: بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر الى فنحاص اليهودي يستمده، فقال فنحاص قد احتاج ربك الى أن نمده، فهم أبو بكر رضي الله عنه أن يضربه بالسيف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه: لا تغلبن على شيء حتى ترجع إلي، فتذكر أبو بكر رضي الله عنه ذلك وكف عن الضرب ونزلت هذه الآية.
المسألة الثانية: للآية تأويلان: الأول: أن المراد منه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالمصابرة على الابتلاء في النفس والمال، والمصابرة على تحمل الأذى وترك المعارضة والمقابلة، وإنما أوجب الله تعالى ذلك لأنه أقرب الى دخول المخالف في الدين، كما قال: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} [طه: 44] وقال: {قُل لّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله} [الجاثية: 14] والمراد بهذا الغفران الصبر وترك الانتقام وقال تعالى: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً} [الفرقان: 72] وقال: {فاصبر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ العزم مِنَ الرسل} [الأحقاف: 35] وقال: {ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] قال الواحدي رحمه الله: كان هذا قبل نزول آية السيف.
قال القفال رحمه الله: الذي عندي أن هذا ليس بمنسوخ والظاهر أنها نزلت عقيب قصة أحد، والمعنى أنهم أمروا بالصبر على ما يؤذون به الرسول صلى الله عليه وسلم على طريق الأقوال الجارية فيما بينهم، واستعمال مداراتهم في كثير من الأحوال. والأمر بالقتال لا ينافي الأمر بالمصابرة على هذا الوجه، واعلم أن قول الواحدي ضعيف، والقول ما قاله القفَّال.
الوجه الثاني في التأويل: أن يكون المراد من الصبر والتقوى: الصبر على مجاهدة الكفار ومنابذتهم والانكار عليهم، فأمروا بالصبر على مشاق الجهاد، والجري على نهج أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الانكار على اليهود والاتقاء عن المداهنة مع الكفار، والسكوت عن إظهار الانكار.
المسألة الثالثة: الصبر عبارة عن احتمال المكروه، والتقوى عبارة عن الاحتراز عما لا ينبغي فقدم ذكر الصبر ثم ذكر عقبه التقوى، لأن الإنسان إنما يقدم على الصبر لأجل أنه يريد الاتقاء عما لا ينبغي، وفيه وجه آخر: وهو أن المراد من الصبر هو أن مقابلة الاساءة بالاساءة تفضي إلى ازدياد الاساءة، فأمر بالصبر تقليلا لمضار الدنيا، وأمر بالتقوى تقليلا لمضار الآخرة، فكانت الآية على هذا التأويل جامعة لآداب الدنيا والآخرة.
المسألة الرابعة: قوله: {مِنْ عَزْمِ الأمور} أي من صواب التدبير الذي لا شك في ظهور الرشد فيه، وهو مما ينبغي لكل عاقل أن يعزم عليه، فتأخذ نفسه لا محالة به، والعزم كأنه من جملة الحزم وأصله من قول الرجل: عزمت عليك أن تفعل كذا، أي ألزمته إياك لا محالة على وجه لا يجوز ذلك الترخص في تركه، فما كان من الأمور حميد العاقبة معروفاً بالرشد والصواب فهو من عزم الأمور لأنه مما لا يجوز لعاقل أن يترخص في تركه، ويحتمل وجها آخر، وهو أن يكون معناه: فإن ذلك مما قد عزم عليكم فيه أي ألزمتم الأخذ به، والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال