سورة آل عمران / الآية رقم 187 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ العَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيعَادَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}
هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب، الذين أخَذ عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن ينوهوا بذكره في الناس ليكونوا على أهْبَة من أمره، فإذا أرسله الله تابعوه، فكتموا ذلك وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف، والحظ الدنيوي السخيف، فبئست الصفقة صفقتهم، وبئست البيعة بيعتهم.
وفي هذا تَحْذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم، ويُسْلكَ بهم مَسْلكهم، فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع، الدال على العمل الصالح، ولا يكتموا منه شيئا، فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سُئِل عن عِلْم فكَتَمه ألْجِم يوم القيامة بِلجَامٍ من نار».
وقوله تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} الآية، يعني بذلك المرائين المتكثرين بما لم يُعْطَوا، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ادَّعَى دَعْوى كاذبة لِيتَكَثَّر بها لم يَزِدْه الله إلا قِلَّة» وفي الصحيح: «المتشبع بما لم يُعْطَ كلابس ثَوْبَي زُور».
وقال الإمام أحمد: حدثنا حَجَّاج، عن ابن جُرَيْج، أخبرني ابن أبي مُلَيكة أن حُمَيد بن عبد الرحمن بن عَوْف أخبره: أن مروان قال: اذهب يا رافع- لبَوَّابه- إلى ابن عباس، رضي الله عنه، فقل لئن كان كل امرئ منَّا فَرح بما أتَى وأحب أن يحمد بما لم يفعل- معَذَّبًا، لنُعَذبن أجمعون؟ فقال ابن عباس: وما لكم وهذه؟ إنما نزلت هذه في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} وتلا ابن عباس: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية.
وقال ابن عباس: سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكتموه وأخبروه بغيره، فخرجوا قد أرَوْه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ما سألهم عنه.
وهكذا رواه البخاري في التفسير، ومسلم، والترمذي والنسائي في تفسيريهما، وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مَرْدُويه، والحاكم في مستدركه، كلهم من حديث عبد الملك بن جُرَيج، بنحوه ورواه البخاري أيضا من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عَلقمة بن وقاص: أن مَرْوان قال لبوابه: اذهبْ يا رافع إلى ابن عباس، فذكره.
وقال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا محمد بن جعفر، حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه؛ أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرَج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تَخَلَّفوا عنه، وفَرِحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية.
وكذا رواه مسلم من حديث ابن أبي مريم، بنحوه وقد رواه ابن مَرْدُويه في تفسيره من حديث الليث بن سعد، عن هشَام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: كان أبو سعيد ورافع بن خَديج وزيد بن ثابت عند مَرْوان فقال: يا أبا سعيد، رَأيت قول الله تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} ونحن نفرح بما أتَيْنا ونُحِب أن نُحْمَد بما لم نفعل؟ فقال أبو سعيد: إن هذا ليس من ذاك، إنما ذاك أن ناسا من المنافقين كانوا يَتخلَّفون إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعْثًا، فإن كان فيه نَكْبة فرحوا بتخلفهم، وإن كان لهم نَصْر من الله وفتح حلفوا لهم ليرضوهم ويحمدوهم على سرورهم بالنصر والفتح. فقال مروان: أين هذا من هذا؟ فقال أبو سعيد: وهذا يَعْلَمُ هذا، فقال مروان: أكذلك يا زيد؟ قال: نعم، صدق أبو سعيد. ثم قال أبو سعيد: وهذا يعلم ذاك- يعني رافع بن خديج- ولكنه يخشى إن أخبرك أن تنزع قَلائصه في الصدقة. فلما خرجوا قال زيد لأبي سعيد الخدري: ألا تحمدني على شهادة لك؟ فقال أبو سعيد: شهدتَ الحق. فقال زيد: أو لا تحمدني على ما شهدت الحق؟
ثم رواه من حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن رافع بن خديج: أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مَروان بن الحكم، وهو أمير المدينة، فقال مروان: يا رافع، في أي شيء نزلت هذه؟ فذكره كما تقدم عن أبي سعيد، رضي الله عنهم، وكان مَرْوان يبعث بعد ذلك يسأل ابن عباس كما تقدم، فقال له ما ذكرناه، ولا منَافاة بين ما ذكره ابن عباس وما قاله هؤلاء؛ لأن الآية عامة في جميع ما ذكر، والله أعلم.
وقد روى ابن مَرْدُويه أيضا من حديث محمد بن أبي عَتِيق وموسى بن عُقْبة، عن الزهْري، عن محمد بن ثابت الأنصاري؛ أن ثابت بن قيس الأنصاري قال: يا رسول الله، والله لقد خشيت أن أكون هلكت. قال: «لم؟» قال: نهى الله المرء أن يُحِب أن يُحْمَدَ بما لم يفعل، وأجدني أُحِبُّ الحمدَ. ونهى الله عن الخُيلاء، وأجدني أحب الجمال، ونهى الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا امرؤ جهوري الصوت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تَرْضى أن تَعِيش حَمِيدا، وتُقْتَل شَهِيدا، وتدخل الجنة؟» قال: بلى يا رسول الله. فعاش حميدا، وقُتل شهيدا يوم مُسَيْلَمة الكذاب.
وقوله: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} يقرأ بالتاء على مخاطبة المفرد، وبالياء على الإخبار عنهم، أي: لا تحسبون أنهم ناجون من العذاب، بل لا بد لهم منه؛ ولهذا قال: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
ثم قال: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: هو مالك كُل شيء، والقادر على كل شيء فلا يعجزه شيء، فهابوه ولا تخالفوه، واحذروا نقمته وغضبه، فإنه العظيم الذي لا أعظم منه، القدير الذي لا أقدر منه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال