سورة النجم / الآية رقم 21 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَـاءُ وَيَرْضَى

النجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {أفرأيتم اللاتَ والعُزّى ومناةَ الثالثةَ الأخرى} أي: أخبروني عن هذه الأشياء التي تبعدونها من دون الله، هل لها من القدرة والعظمة التي وُصف بها رَبُّ العزة في الآي السابقة حتى استحقت العبادة، أم لا؟ واللات وما بعدها: أصنام كانت لهم، فاللات كانت لثقيف بالطائف، وقيل: كانت بنخلة تعبدها قريش، وهي فَعْلَةٌ، من: لوى؛ لأنهم كانوا يلوون عليها ويطوفون بها. وقرأ ابن عباس ومجاهد ورُويس بتشديد التاء، على أنه اسم فاعل، اشتهر برجلاً كان يُلتُّ السَّوِيق بالزيت، ويُطعمه الحاجَ، فلما مات عكفواعلى قبره يبعدونه. {والعُزى} كانت لغفطان، وهي شجرة كانوا يعبدونها، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خالدَ بن الوليد فقطعها، فخرجت منها شياطنة ناشرة شعرها، واضعة يدها على رأسها، وهي تُولول، فجعل خالد يضربها بالسيف حتى قتلها، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تلك العُزى، لن تُعبد بعد اليوم أبداً».
{ومناة}: صخرة على ساحل البحر لهذيل وخزاعة، وقيل: بيت بالمشلّل يعبدوه بنو كعب، وسميت مناة؛ لأن دماء النسائك تُمنى، أي: تُراق عندها؛ لأنهم كانوا يذبحون عندها. وقرأ بان كثير بالهمزة بعد الألف، مشتق من النوء؛ لأنهم كانوا يستمطرون بالأنواء عندها، تبرُّكاً بها، وقيل: سَموا هذه الأصنام بأسماء الله، وأَنَّثوها، كأنها بنات الله في زعمهم الفاسد، فاللات من الله، كما قالوا: عمر وعمرة، وعباس وعباسة، فالتاء للتأنيث. والعُزَّى: تأنيث العزيز، ومناة: تأنيث منان، فغُيّر تخفيفاً، ويؤيد هذا قولُه تعالى ردّاً عيهم: {ألكم الذكُر وله الأنثى}. و{الأخرى}: صفة ذمّ لها، وهي المتأخرة الوضيعة القدر، كقوله: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ} [الأعراف: 38] أي: وضعاؤهم لرؤسائهم، وقيل: وصفها بالوصفين؛ لأنهم كانوا يُعظِّمونها أكثر من اللات والعزى، والفاء في قوله: {أفرأيتم} للعطف على محذوف، وهي لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي: عَقِب ما سمعتم من كمال عظمته تعالى في ملكه وملكوته، وأحكام قدرته، ونفوذ أمره في الملأ الأعلى وما تحت الثرى وما بينهما، رأيتم هذه الأصنام مع حقارتها بنات الله، مع وأدكم البنات، وكراهتكم لهنَّ؟.
{ألكمُ الذكرُ وله الأنثى} أي: أتُحبون لكم الذكر وتنسبون له الأنثى كهذه الأصنام والملائكة؟ {تلك إِذاً قسمةٌ ضِيزَى} أي: جائرة، من: ضازه يضيزه: إذا ظلمه، وصرّح في القاموس بأنه مثلث الضاد ضيزى وضوزى وضازى، وهو هنا فُعلى بالضم، من الضيز، لكنه كسر فاؤه لتسلم الياء، كما فعل في بيض، فإن فِعلى بالكسر لم تأت وصفاً، وإنما هي من بناء الأسماء، كالشّعرى والدفلى. وقال ابن هشام: فإن كانت فُعلى صفة محضة وجب قلب الضمة كسرة، ولم يُسمع من ذلك إلا {قسمة ضيزى} ومشية حِيكى، أي: يتحرك فيها المنكبان. اهـ.
وقرأ المكيُّ بالهمز، من: ضأزه: ظلمه، فهو مصدر نعت به.
{إِنْ هي} أي: هذه الأصنام {إِلاَّ أسماءٌ} وليس تحتها في الحقيقة مسميات؛ لأنكم تدّعون لها الألوهية، وهي أبعد شيء منها، {سميتموها} آلهة، أو: سميتم بها هذه الأصنام، واعتقدتم أنها آلهة، بمقتضى أهوائكم الباطلة، {أنتم وآباؤكم ما أنزل اللّهُ بها} بعبادتها {من سلطان} من حجة. {إِن يتبعونَ} فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها {إلاَّ الظنَّ}: إلا توهم أنَّ ما هم عليه حق، توهُّماً باطلاً، {وما تهوى الأنفُسُ} أي: ما تشتهيه أنفسهم الأمّارة، {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} الرسول والكتاب فتركوه.
{أم للإِنسان ما تمنَّى}. {أم}: منقطعة، والهمزة للإنكار، أي: ليس للإنسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسُه من الأمور التي من جملتها أطماعهم الفارغة في شفاعة الآلهة ونظائرها، كقول بعضهم: {وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت: 50]، وكَتَمَنِّي بعضُهم أن يكون هو النبي، {فللّه الآخرةُ والأُولى} أي: الدنيا والآخرة، هو مالكهما والحاكم فيهما، يُعطي الشفاعة والنبوة مَن شاء، لا مَن تمناها بمجرد الهوى، وهو تعليل لانتفاء أن يكون للإنسان ما تمنّى، فإنَّ ختصاص أمور الآخرة والأُولى به تعالى مقتضٍ لانتفاء أن يكون للإنسان شيء مما تمنى إلا ان يشاء ويرضى.
الإشارة: هذه الأصنام موجودة في كل إنسان، فاللات: حب اللذات والشهوات الجسمانية الفانية، فمَن كان حريصاً عليها، جامعاً لأسبابها، فهو عابد لها، والعُزى: حب العز والجاه والرئاسة وسائر الشهوات القلبية، فمَن طلبها فهو عبد لها، ومناة: تمني البقاء في الدنيا الدنية الحقيرة، وطول الأمل فيها، وكراهية الموت، فمَن كان هذا وصفه فهو عبد الدنيا، كاره لقاء الله، فيكره اللّهُ لقاءه، فتوجه لهؤلاء العتاب بقوله تعالى: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر} حيث تُحبون ما هو كمال لأنفسكم، {وله الأنثى}؟ حيث جعلتم هذه الأشياء الحقيرة شريكة لله في استحقاق العبادة والمحبة، تلك إذاً قسمة ضِيزى جائرة، ما هي إلا أسماء ليس تحتها طائل، تفنى ويبقى عليها العذاب والعتاب، سميتموها واعتنيتم بشأنها والانكباب عليها، أنتم وآباؤكم، ما أنزل الله بمتابعتها والحرص على تحصيلها من سلطان ولا برهان، إن يتبعون في ابتاعها والحرص عليها إلا الظن، ظنوا أنها كانت مباحة في ظاهر الشرع لا تَضُر القلبَ ولا تحجبه عن شهود الرب، وهو رأي فاسد؛ إذ ليس للقلب إلا وجهة واحدة، إن توجه لطلب الحظوظ أعرض عن الله قطعاً، وإن توجه لله أعرض عما سواه، وراجع ما تقدم في قوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} [الأحقاف: 20] الآية. ويتبعون أيضاً ما تهوى الأنفُس الأمَّارة؛ لأنها لا تهوى إلا ما فيه حظها وهواها، ولقد جاءهم من ربهم الهُدى، أي: مَن يهدي إلى طريق السلوك، بقطع العلائق النفسانية والقلبية، وهم خلفاء الرسول عليه السلام، الدعوان إلى الله، من شيوخ التربية في كل زمان، أم للإنسان ما تمنى، ليس له ما يتمنى إلا بسابق العناية، فلا يُدرك العبدُ من الدنيا والآخرة، ومن الله تعالى، إلا ما سبق به القدر، كما قال الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرءُ يُدركه *** تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ
فلله الآخرة والأولى، قال القشيري: يُشير إلى قَهْرمَانيةِ الحق تعالى على العالم كله، ملكه وملكوته، الأخروي والدنيوي، فلا يملك الإنسان من أمر الدارين شيئاً، بل ملك الآخرة تحت تصرف يده اليمنى، المتقضية لموجبات حصول الآخرة من الأعمال الصالحة والأفعال الحسنة، يهبه باسمه الواهب لمَن شاء أن يكون مظهراً للطفه وجماله، وملك الدنيا تحت تصرف يده اليسرى، المقتضية لأسباب حصول الدنيا، من حب الدنيا الدنية، المنتجة للخطيئة ومتابعة النفس الخبيثة، وموافقة الطبيعة اللئيمة، باسمه المقسط، لمَن شاء أن يكون مظهر قهرِه وجلاله، وليس ذلك يزيد في ملكه، ولا هذا ينقص من ملكه، وكلتا يديه ملأى سحّاء، أي: فيّاضة. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال