سورة النجم / الآية رقم 39 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ المَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنثَى وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ العِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى أَعِندَهُ عِلْمُ الغَيْبِ فَهُوَ يَرَى أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ المُنتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا

النجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)}
وقوله تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ موسى * وإبراهيم الذي وفى} حال أخرى مضادة للأولى يعذر فيها المتولي وهو الجهل المطلق فإن من علم الشيء علماً تاماً لا يؤمر بتعلمه، والذي جهله جهلاً مطلقاً وهو الغافل على الإطلاق كالنائم أيضاً لا يؤمر فقال: هذا المتولي هل علم الكل فجاز له التولي أولم يسمع شيئاً وما بلغه دعوة أصلاً فيعذر، ولا واحد من الأمرين بكائن فهو في التولي غير معذور، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى: {بِمَا وفى} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون المراد ما فيها لا بصفة كونه فيها، فكأنه تعالى يقول: أم لم ينبأ بالتوحيد والحشر وغير ذلك، وهذه أمور مذكورة في صحف موسى، مثال: يقول القائل لمن توضأ بغير الماء توضأ بما توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فالكلام مع الكل لأن المشرك وأهل الكتاب نبأهم النبي صلى الله عليه وسلم بما في صحف موسى ثانيهما: أن المراد بما في الصحف مع كونه فيها، كما يقول القائل فيما ذكرنا من المثال توضأ بما في القربة لا بما في الجرة فيريد عين ذلك لا جنسه وعلى هذا فالكلام مع أهل الكتاب لأنهم الذين نبئوا به.
المسألة الثانية: صحف موسى وإبراهيم، هل جمعها لكونها صحفاً كثيرة أو لكونها مضافة إلى اثنين كما قال تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ الظاهر أنها كثيرة، قال الله تعالى: {وَأَخَذَ الألواح} [الأعراف: 154] وقال تعالى: {وَأَلْقَى الألواح} [الأعراف: 150] وكل لوح صحيفة.
المسألة الثالثة: ما المراد بالذي فيها؟ نقول قوله تعالى: {أَلاَّ تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى * وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} [النجم: 38، 39] وما بعده من الأمور المذكورة على قراءة من قرأ أن بالفتح وعلى قراءة من يكسر ويقول: {وَأَنَّ إلى رَبّكَ المنتهى} [النجم: 42] ففيه وجوه:
أحدها: هو ما ذكر بقوله: {أَلاَّ تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى} وهو الظاهر، وإنما احتمل غيره، لأن صحف موسى وإبراهيم ليس فيها هذا فقط، وليس هذا معظم المقصود بخلاف قراءة الفتح، فإن فيها تكون جميع الأصول على ما بين ثانيها: هو أن الآخرة خير من الأولى يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَفِى الصحف الأولى * صُحُفِ إبراهيم وموسى} [الأعلى: 18، 19] ثالثها: أصول الدين كلها مذكورة في الكتب بأسرها، ولم يخل الله كتاباً عنها، ولهذا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِهُدَاهُمُ اقتده} [الأنعام: 90] وليس المراد في الفروع، لأن فروع دينه مغايرة لفروع دينهم من غير شك.
المسألة الرابعة: قدم موسى هاهنا ولم يقل كما قال في {سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى} [الأعلى: 1] فهل فيه فائدة؟ نقول: مثل هذا في كلام الفصحاء لا يطلب له فائدة، بل التقديم والتأخير سواء في كلامهم فيصح أن يقتصر على هذا الجواب، ويمكن أن يقال: إن الذكر هناك لمجرد الإخبار والإنذار وهاهنا المقصود بيان انتفاء الأعذار، فذكر هناك على ترتيب الوجود صحف إبراهيم قبل صحف موسى في الإنزال، وأما هاهنا فقد قلنا إن الكلام مع أهل الكتاب وهم اليهود فقدم كتابهم، وإن قلنا الخطاب عام فصحف موسى عليه السلام كانت كثيرة الوجود، فكأنه قيل لهم انظروا فيها تعلموا أن الرسالة حق، وأرسل من قبل موسى رسل والتوحيد صدق والحشر واقع فلما كانت صحف موسى عند اليهود كثيرة الوجود قدمها، وأما صحف إبراهيم فكانت بعيدة وكانت المواعظ التي فيها غير مشهورة فيما بينهم كصحف موسى فأخر ذكرها.
المسألة الخامسة: كثيراً ما ذكر الله موسى فأخر ذكره عليه السلام لأنه كان مبتلى في أكثر الأمر بمن حواليه وهم كانوا مشركين ومتهودين والمشركون كانوا يعظمون إبراهيم عليه السلام لكونه أباهم، وأما قوله تعالى: {وفى} ففيه وجهان:
أحدهما: أنه الوفاء الذي يذكر في العهود وعلى هذا فالتشديد للمبالغة يقال وفى ووفى كقطع وقطع وقتل وقتل، وهو ظاهر لأنه وفى بالنذر وأضجع ابنه للذبح، وورد في حقه: {قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا} [الصافات: 105] وقال تعالى: {إِنَّ هذا لَهُوَ البلاء المبين} [الصافات: 106] وثانيهما: أنه من التوفية التي من الوفاء وهو التمام والتوفية الإتمام يقال وفاه أي أعطاه تاماً، وعلى هذا فهو من قوله: {وَإِذَا ابتلى إبراهيم رَبُّهُ بكلمات فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] وقيل: {وفى} أي أعطى حقوق الله في بدنه، وعلى هذا فهو على ضد من قال تعالى فيه: {وأعطى قَلِيلاً وأكدى} مدح إبراهيم ولم يصف موسى عليه السلام، نقول: أما بيان توفيته ففيه لطيفة وهي أنه لم يعهد عهداً إلا وفى به، وقال لأبيه: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي} [يوسف: 98] فاستغفر ووفى بالعهد ولم يغفر الله له، فعلم {أن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} وأن وزره لا تزره نفس أخرى، وأما مدح إبراهيم عليه السلام فلأنه كان متفقاً عليه بين اليهود والمشركين والمسلمين ولم ينكر أحد كونه وفياً، وموفياً، وربما كان المشركون يتوقفون في وصف موسى عليه السلام، ثم قال تعالى: {أَلاَّ تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى} وقد تقدم تفسيره في سورة الملائكة، والذي يحسن بهذا الموضع مسائل:
الأولى: أنا بينا أن الظاهر أن المراد من قوله: {بِمَا فِي صُحُفِ موسى} هو ما بينه بقوله: {أَلاَّ تَزِرُ} فيكون هذا بدلاً عن ما وتقديره أم لم ينبأ بألا تزر وذكرنا هناك وجهين:
أحدهما: المراد أن الآخرة خير وأبقى وثانيهما: الأصول.
المسألة الثانية: {أَلاَّ تَزِرُ} أن خفيفة من الثقيلة كأنه قال: أنه لا تزر وتخفيف الثقيلة لازم وغير لازم جائز وغير جائز، فاللازم عندما يكون بعدها فعل أو حرف داخل على فعل، ولزم فيها التخفيف، لأنها مشبهة بالفعل في اللفظ والمعنى، والفعل لا يمكن إدخاله على فعل فأخرج عن شبه الفعل إلى صورة تكون حرفاً مختصاً بالفعل فتناسب الفعل فتدخل عليه.
المسألة الثالثة: إن قال قائل: الآية مذكورة لبيان أن وزر المسيء لا يحمل عنه وبهذا الكلام لا تحصل هذه الفائدة لأن الوازرة تكون مثقلة بوزرها فيعلم كل أحد أنها لا تحمل شيئاً ولو قال لا تحمل فارغة وزر أخرى كان أبلغ تقول ليس كما ظننت، وذلك لأن المراد من الوازرة هي التي يتوقع منها الوزر والحمل لا التي وزرت وحملت كما يقال: شقاني الحمل، وإن لم يكن عليه في الحال حمل، وإذا لم تزر تلك النفس التي يتوقع منها ذلك فكيف تتحمل وزر غيرها فتكون الفائدة كاملة.
وقوله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} تتمة بيان أحوال المكلف فإنه لما بين له أن سيئته لا يتحملها عنه أحد بين له أن حسنة الغير لا تجدي نفعاً ومن لم يعمل صالحاً لا ينال خيراً فيكمل بها ويظهر أن المسيء لا يجد بسبب حسنة الغير ثواباً ولا يتحمل عنه أحد عقاباً، وفيه أيضاً مسائل:
الأولى: {لَّيْسَ للإنسان} فيه وجهان:
أحدهما: أنه عام وهو الحق وقيل عليه بأن في الأخبار أن ما يأتي به القريب من الصدقة والصوم يصل إلى الميت والدعاء أيضاً نافع فللإنسان شيء لم يسمع فيه، وأيضاً قال الله تعالى: {مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وهي فوق ما سعى، الجواب عنه أن الإنسان إن لم يسع في أن يكون له صدقة القريب بالإيمان لا يكون له صدقته فليس له إلا ما سعى، وأما الزيادة فنقول: الله تعالى لما وعد المحسن بالأمثال والعشرة وبالأضعاف المضاعفة فإذا أتى بحسنة راجياً أن يؤتيه الله ما يتفضل به فقد سعى في الأمثال، فإن قيل: أنتم إذن حملتم السعي على المبادرة إلى الشيء، يقال: سعى في كذا إذا أسرع إليه، والسعي في قوله تعالى: {إِلاَّ مَا سعى} معناه العمل يقال: سعى فلان أي عمل، ولو كان كما ذكرتم لقال: إلا ما سعى فيه نقول على الوجهين جميعاً: لابد من زيادة فإن قوله تعالى: {لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} ليس المراد منه أن له عين ما سعى، بل المراد على ما ذكرت ليس له إلا ثواب ما سعى، أو إلا أجر ما سعى، أو يقال: بأن المراد أن ما سعى محفوظ له مصون عن الإحباط فإذن له فعله يوم القيامة الوجه الثاني: أن المراد من الإنسان الكافر دون المؤمن وهو ضعيف، وقيل بأن قوله: {لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} كان في شرع من تقدم، ثم إن الله تعالى نسخه في شرع محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للإنسان ما سعى وما لم يسع وهو باطل إذ لا حاجة إلى هذا التكلف بعدما بان الحق، وعلى ما ذكر فقوله: {مَا سعى} مبقى على حقيقته معناه له عين ما سعى محفوظ عند الله تعالى ولا نقصان يدخله ثم يجزى به كما قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة: 7].
المسألة الثانية: أن {مَا} خبرية أو مصدرية؟ نقول: كونها مصدرية أظهر بدليل قوله تعالى: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يرى} أي سوف يرى المسعي، والمصدر للمفعول يجيء كثيراً يقال: هذا خلق الله أي مخلوقه.
المسألة الثالثة: المراد من الآية بيان ثواب الأعمال الصالحة أو بيان كل عمل، نقول: المشهور أنهما لكل عمل فالخير مثاب عليه والشر معاقب به والظاهر أنه لبيان الخيرات يدل عليه اللام في قوله تعالى: {للإنسان} فإن اللام لعود المنافع وعلى لعود المضار تقول: هذا له، وهذا عليه، ويشهد له ويشهد عليه في المنافع والمضار، وللقائل الأول أن يقول: بأن الأمرين إذا اجتمعا غلب الأفضل كجموع السلامة تذكر إذا اجتمعت الإناث مع الذكور، وأيضاً يدل عليه قوله تعالى: {ثُمَّ يُجْزَاهُ الجزاء الأوفى} [النجم: 41] والأوفى لا يكون إلا في مقابلة الحسنة، وأما في السيئة فالمثل أو دونه العفو بالكلية.
المسألة الرابعة: {إِلاَّ مَا سعى} بصيعة الماضي دون المستقبل لزياد الحث على السعي في العمل الصالح وتقريره هو أنه تعالى لو قال: ليس للإنسان إلا ما يسعى، تقول النفس إني أصلي غداً كذا ركعة وأتصدق بكذا درهماً، ثم يجعل مثبتاً في صحيفتي الآن لأنه أمر يسعى وله فيه ما يسعى فيه، فقال: ليس له إلا ما قد سعى وحصل وفرغ منه، وأما تسويلات الشيطان وعداته فلا اعتماد عليها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال