سورة القمر / الآية رقم 12 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الكَذَّابُ الأَشِرُ إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ

القمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمرالقمر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)}
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} ذكر جملا من وقائع الأمم الماضية تأنيسا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعزية له. {قَبْلَهُمْ} أي قبل قومك. {فَكَذَّبُوا عَبْدَنا} يعني نوحا. الزمخشري: فإن قلت ما معنى قوله: {فَكَذَّبُوا} بعد قوله: {كَذَّبَتْ}؟ قلت: معناه كذبوا فكذبوا عبدنا، أي كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب، كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب، أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا، أي لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوة رأسا كذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل. {وَقالُوا مَجْنُونٌ} أي هو مجنون {وَازْدُجِرَ} أي زجر عن دعوى النبوة بالسب والوعيد بالقتل. وقيل إنما قال: {وَازْدُجِرَ} بلفظ ما لم يسم فاعله لأنه رأس آية. {فَدَعا رَبَّهُ} أي دعا عليهم حينئذ نوح وقال: رب {أَنِّي مَغْلُوبٌ} أي غلبوني بتمردهم {فَانْتَصِرْ} أي فانتصر لي.
وقيل: إن الأنبياء كانوا لا يدعون على قومهم بالهلاك إلا بإذن الله عز وجل لهم فيه. {فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ} أي فأجبنا دعاءه وأمرناه باتخاذ السفينة وفتحنا أبواب السماء {بِماءٍ مُنْهَمِرٍ} أي كثير، قاله السدي. قال الشاعر:
أعيني جودا بالدموع الهوامر *** على خير باد من معد وحاضر
وقيل: إنه المنصب المتدفق، ومنه قول امرئ القيس يصف غيثا:
راح تمريه الصبا ثم انتحى *** فيه شؤبوب جنوب منهمر
الهمر الصب، وقد همر الماء والدمع يهمر همرا. وهمر أيضا إذا أكثر الكلام وأسرع. وهمر له من ماله أي أعطاه. قال ابن عباس: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر من غير سحاب لم يقلع أربعين يوما. وقرأ ابن عامر ويعقوب: {فَفَتَحْنا} مشددة على التكثير. الباقون {فَفَتَحْنا} مخففا. ثم قيل: إنه فتح رتاجها وسعة مسالكها.
وقيل: إنه المجرة وهي شرج السماء ومنها فتحت بماء منهمر، قاله علي رضي الله عنه. {فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} قال عبيد ابن عمير: أوحى الله إلى الأرض أن تخرج ماءها فتفجرت بالعيون، وإن عينا تأخرت فغضب عليها فجعل ماءها مرا أجاجا إلى يوم القيامة. {فَالْتَقَى الْماءُ} أي ماء السماء وماء الأرض {عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} أي على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر، حكاه ابن قتيبة. أي كان ماء السماء والأرض سواء.
وقيل: {قُدِرَ} بمعنى قضي عليهم. قال قتادة: قدر لهم إذا كفروا أن يغرقوا.
وقال محمد بن كعب: كانت الأقوات قبل الأجساد، وكان القدر قبل البلاء، وتلا هذه الآية. وقال: {فَالْتَقَى الْماءُ} والالتقاء إنما يكون في اثنين فصاعدا، لان الماء يكون جمعا وواحدا.
وقيل: لأنهما لما اجتمعا صارا ماء واحدا. وقرأ الجحدري: {فالتقى الماءان}. وقرأ الحسن: {فالتقى الماوان} وهما خلاف المرسوم. القشيري: وفي بعض المصاحف {فالتقى الماوان} وهي لغة طيئ.
وقيل: كان ماء السماء باردا مثل الثلج وماء الأرض حارا مثل الحميم. {وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ} أي على سفينة ذات ألواح. {وَدُسُرٍ} قال قتادة: يعني المسامير التي دسرت بها السفينة أي شدت، وقاله القرظي وابن زيد وابن جبير، ورواه الوالبي عن ابن عباس.
وقال الحسن وشهر بن حوشب وعكرمة: هي صدر السفينة التي تضرب بها الموج سميت بذلك لأنها تدسر الماء أي تدفعه، والدسر الدفع والمخر، ورواه العوفي عن ابن عباس قال: الدسر كلكل السفينة.
وقال الليث: الدسار خيط من ليف تشد به ألواح السفينة.
وفي الصحاح: الدسار واحد الدسر وهي خيوط تشد بها ألواح السفينة، ويقال: هي المسامير، وقال تعالى: {عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ}. ودسر أيضا مثل عسر وعسر. والدسر الدفع، قال ابن عباس في العنبر: إنما هو شيء يدسره البحر دسرا أي يدفعه. ودسره بالرمح. ورجل مدسر. {تَجْرِي بِأَعْيُنِنا} أي بمرأى منا.
وقيل: بأمرنا.
وقيل: بحفظ منا وكلاءه: وقد مضى في هود. ومنه قول الناس للمودع: عين الله عليك، أي حفظه وكلاءته.
وقيل: بوحينا.
وقيل: أي بالأعين النابعة من الأرض.
وقيل: بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها، وكل ما خلق الله تعالى يمكن أن يضاف إليه.
وقيل: أي تجري بأوليائنا، كما في الخبر: مرض عين من عيوننا فلم تعده. {جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ} أي جعلنا ذلك ثوابا وجزاء لنوح على صبره على أذى قومه وهو المكفور به، فاللام في {لِمَنْ} لام المفعول له، وقيل: {كُفِرَ} أي جحد، ف {لِمَنْ} كناية عن نوح.
وقيل: كناية عن الله والجزاء بمعنى العقاب، أي عقابا لكفرهم بالله تعالى. وقرأ يزيد بن رومان وقتادة ومجاهد وحميد {جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ} بفتح الكاف والفاء بمعنى: كان الغرق جزاء وعقابا لمن كفر بالله، وما نجا من الغرق غير عوج بن عنق، كان الماء إلى حجزته. وسبب نجاته أن نوحا احتاج إلى خشبة الساج لبناء السفينة فلم يمكنه حملها، فحمل عوج تلك الخشبة إليه من الشام فشكر الله له ذلك، ونجاه من الغرق. {وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً} يريد هذه الفعلة عبرة.
وقيل: أراد السفينة تركها آية لمن بعد قوم نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل. قال قتادة: أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة عبرة وآية، حتى نظرت إليها أوائل هذه الامة، وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رمادا. {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} متعظ خائف، وأصله مذتكر مفتعل من الذكر، فثقلت على الألسنة فقلبت التاء دالا لتوافق الذال في الجهر وأدغمت الذال فيها. {فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ} أي إنذاري، قال الفراء: الإنذار والنذر مصدران.
وقيل: {نُذُرِ} جمع نذير ونذير بمعنى الإنذار كنكير بمعنى الإنكار. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} أي سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه فيعان عليه؟ ويجوز أن يكون المعنى: ولقد هيأناه للذكر مأخوذ من يسر ناقته للسفر: إذا رحلها، ويسر فرسه للغزو إذا أسرجه وألجمه، قال:
وقمت إليه باللجام ميسرا *** هنالك يجزيني الذي كنت أصنع
وقال سعيد بن جبير: ليس من كتب الله كتاب يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن، وقال غيره: ولم يكن هذا لبني إسرائيل، ولم يكونوا يقرءون التوراة إلا نظرا، غير موسى وهرون ويوشع ابن نون وعزير صلوات الله عليهم، ومن أجل ذلك افتتنوا بعزير لما كتب لهم التوراة عن ظهر قلبه حين أحرقت، على ما تقدم بيانه في سورة {براءة} فيسر الله تعالى على هذه الامة حفظ كتابه ليذكروا ما فيه، أي يفتعلوا الذكر، والافتعال هو أن ينجع فيهم ذلك حتى يصير كالذات وكالتركيب. فيهم. {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قارئ يقرؤه.
وقال أبو بكر الوراق وابن شوذب: فهل من طالب خير وعلم فيعان عليه، وكرر في هذه السورة للتنبيه والافهام.
وقيل: إن الله تعالى اقتص في هذه السورة على هذه الامة أنباء الأمم وقصص المرسلين، وما عاملتهم به الأمم، وما كان من عقبى أمورهم وأمور المرسلين، فكان في كل قصة ونبأ ذكر للمستمع أن لو ادكر، وإنما كرر هذه الآية عند ذكر كل قصة بقوله: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} لان {فَهَلْ} كلمة استفهام تستدعي أفهامهم التي ركبت في أجوافهم وجعلها حجة عليهم، فاللام من {فَهَلْ} للاستعراض والهاء للاستخراج.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال