سورة آل عمران / الآية رقم 195 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي البِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المِهَادُ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ} الاستجابةُ بمعنى الإجابة، وقال تاجُ القراء: الإجابة عامةٌ والاستجابة خاصةٌ بإعطاء المسؤولِ، وتتعدى باللام وبنفسها كما في قوله:
فلم يستجبْهُ عند ذاك مُجيبُ ***
وهو عطفٌ على الاستئنافِ المقدَّرِ فيما سلف، مترتبٌ على ما في حيزه من الأدعية كما أن قوله عز وجل: {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} إلخ عطفٌ على قيل المقدَّرِ قبل الآنَ، أي قيل لهم آلآْنَ آمنتم به؟ ثم قيل الآية وكما أن قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ} معطوفٌ على ما دل عليه معنى {أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ} إلخ كأنه قيل يغفُلون عن الهداية ونطبَع إلخ ولا ضيرَ في اختلافهما صيغةً لما أن صيغةَ المستقبلِ هناك للدِلالة على الاستمرار المناسبِ لمقام الدعاءِ، وصيغةَ الماضي هاهنا للإيذان بتحقيق الاستجابةِ وتقرّرِها كما لا ضير في الاختلاف بين قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} وبين ما عُطف عليه من قوله تعالى: {فاستجاب لَكُمْ} كما سيأتي، ويجوز أن يكون معطوفاً على مضمَرٍ ينساق إليه الذهنُ، أي دَعَوا بهذه الأدعيةِ فاستجاب إلخ وأما على تقدير كونِ المقدرِ حالاً فهو عطفٌ على يتفكرون باعتبار مقارنتِه لما وقع حالاً من فاعله، أعني قوله تعالى ربنا ربنا إلخ فإن الاستجابةَ مترتبةٌ على دَعَواتهم لا على مجرد تفكّرِهم، وحيث كانت هي من أوصافهم الجميلةِ المترتبةِ على أعمالهم بالآخرة استحقت الانتظامَ في سلك محاسِنهم المعدودةِ في أثناء مدحِهم، وأما على تقدير كونِ الموصولِ نعتاً لأولي الألبابِ فلا مَساغَ لهذا العطفِ أصلاً لما عرفتَ من أن حقَّ ما في حيِّز الصلةِ أن يكون من مبادي جَرَيانِ الحُكمِ على الموصول، وقد عرفت أن دَعَواتِهم السابقةَ ليست كذلك، فأين الاستجابةُ المتأخرةُ عنها؟ وفي التعرض لعنوان الربوبيةِ المنبئةِ عن التبليغ إلى الكمال مع الإضافةِ إلى ضميرهم من تشريفهم وإظهارِ اللطفِ بهم ما لا يخفى.
{أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ} أي بأني، وهكذا قرأ أُبيٌّ رضي الله عنه، والباءُ للسببية كأنه قيل فاستجاب لهم ربُّهم بسبب أنه لا يُضيع عملَ عامل منهم أي سُنّتُه السنيةُ مستمرَّةٌ على ذلك، والالتفاتُ إلى التكلم، والخطابُ لإظهار كمالِ الاعتناءِ بشأن الاستجابةِ وتشريفِ الداعين بشرف الخطاب، والمرادُ تأكيدُها ببيان سببها والإشعارُ بأن مدارَها أعمالهم التي قدموها على الدعاء لا مجردُ الدعاءِ. وتعميمُ الوعدِ لسائر العاملين وإن لم يبلُغوا درجةَ أولي الألبابِ لتأكيد استجابةِ الدعواتِ المذكورةِ، والتعبيرُ عن ترْك الإثابةِ بالإضاعة مع أنه ليس بإضاعة حقيقةٍ إذ الأعمالُ غيرُ موجبةٍ للثواب حتى يلزَمَ من تخلّفه عنها ضياعُها لبيان كمالِ نزاهتِه تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدورُه عنه من القبائح، وإبرازِ الإثابةِ في معرض الأمورِ الواجبةِ عليه.
وقرئ بكسر الهمزةِ على إرادة القولِ أي قائلاً إني إلخ فلا التفاتَ حينئذٍ وقرئ {لا أُضيِّع} بالتشديد، ومِنْ متعلقةٌ بمحذوف وقع صفةً لعامل، أي عاملٍ كائنٍ منكم، وقولُه تعالى: {مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى} بيانٌ لعامل وتأكيدٌ لعمومه، وقوله تعالى: {بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ} جملةٌ معترضةٌ مبينةٌ لسبب انتظامِ النساءِ في سلك الرجالِ في الوعد، فإن كونَ كلَ منهما من الآخَر لتشعُّبهما من أصل واحدٍ أو لفرط الاتصالِ بينهما أو لاتفاقهما في الدين والعملِ بما يستدعي الشركةَ والاتحادَ في ذلك.
روي أن أمَّ سلمةَ رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أسمعُ اللَّهَ تعالى يذكرُ الرجالَ في الهجرة ولا يذكرُ النساءَ فنزلت.
وقوله تعالى: {فالذين هاجروا} ضربُ تفصيلٍ لما أُجمل في العمل وتعدادٌ لبعض أحاسنِ أفرادِه على وجه المدحِ والتعظيمِ، أي فالذين هجَروا الشركَ أو الأوطانَ والعشائرَ للدين، وقوله تعالى: {وَأُخْرِجُواْ مِن ديارهم} على الأول عبارةٌ عن نفس الهجرةِ وعلى الثاني عن كيفيتها وكونِها بالقسر والاضطرار {وَأُوذُواْ فِى سَبِيلِى} أي بسبب اللَّهِ ومن أجله، وهو متناولٌ لكل أذيةٍ نالتهم من قِبَل المشركين {وَقَاتِلُواْ} أي الكفارَ في سبيل اللَّهِ تعالى {وَقُتّلُواْ} استُشهدوا في القتال، وقرئ بالعكس لما أن الواوَ لا تستدعي الترتيبَ أو لأن المرادَ قتلُ بعضِهم وقتالُ آخَرين، إذ ليس المعنى على اتصاف كلِّ فردٍ من أفراد الموصولِ المذكورِ بكل واحدٍ مما ذكر في حيز الصلةِ بل على اتصاف الكلِّ بالكل في الجملة، سواءً كان ذلك باتصاف كلِّ فردٍ من الموصول بواحد من الأوصاف المذكورةِ أو بإثنين منها أو بأكثرَ، إما بطريق التوزيعِ أو بطريق حذفِ بعضِ الموصولاتِ من البعض كما هو رأيُ الكوفيين كيف لا ولو أُدير الحُكمُ على اتصاف كلِّ فردٍ بالكل لكان قد أُضيع عملُ من اتصف بالبعض، وقرئ {وقتِّلوا} بالتشديد.
{لاكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سيئاتهم} جوابُ قسمٍ محذوفٍ أي واللَّهِ لأكفِّرن، والجملةُ القسميةُ خبرٌ للمبتدأ الذي هو الموصولُ، وهذا تصريحٌ بوعد ما سأله الداعون بخصوصه بعد ما وَعَد ذلك عموماً وقوله تعالى: {وَلاَدْخِلَنَّهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار} إشارة إلى ما عبَّر عنه الداعون فيما قبلُ بقولهم وآتنا ما وعدتنا على رسلك وتفسيرٌ له {ثَوَاباً} مصدرٌ مؤكِّدٌ لما قبله، فإن تكفيرَ السيئاتِ وإدخالَ الجنَّةِ في معنى الإثابة، وقوله تعالى: {مِنْ عِندِ الله} متعلق بمحذوف هو صفةٌ له مبينةٌ لشرفه أي لأُثيبنَّهم إثابةً كائنةً أو تثويباً كائناً من عنده تعالى بالغاً إلى المرتبة العاليةِ من الشرف، وقوله تعالى: {والله عِندَهُ حُسْنُ الثواب} اعتراضٌ تذييليٌّ مقرِّرٌ لمضمون ما قبله، والاسمُ الجليلُ مبتدأٌ خبرُه عنده، وحسنُ الثوابِ مرتفعٌ بالظرف على الفاعلية لاعتماده على المبتدأ، أو هو مبتدأٌ ثانٍ والظرفُ خبرُه والجملةُ خبرٌ للمبتدأ الأولِ، والعنديةُ عبارةٌ عن الاختصاص به تعالى مثلُ كونِه بقدرته تعالى وفضلِه بحيث لا يقدِرُ عليه غيرُه بحال شيءٍ يكون بحضرة أحدٍ لا يدَ عليه لغيره، فالاختصاصُ مستفادٌ من التمثيل سواءٌ جُعل عنده خبراً مقدماً لحسن الثوابِ أو لا، وفي تصدير الوعدِ الكريمِ بعدم إضاعةِ العملِ ثم تعقيبه بمثل هذا الإحسانِ الذي لا يُقدَّر قدرُه من لُطف المسلكِ المُنبىءِ عن عظم شأنِ المحسِنِ ما لا يخفى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال