سورة القمر / الآية رقم 55 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي المِيزَانِ وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَانَ وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو العَصْفِ وَالرَّيْحَانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القمرالقمرالقمرالقمرالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)}
فيه مسائل:
المسألة الأولى: {فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ}، كيف مخرجه؟ نقول: يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون على صورة بدل كما يقول القائل: فلان في بلدة كذا في دار كذا وعلى هذا يكون مقعد من جملة الجنات موضعاً مختاراً له مزية على مافي الجنات من المواضع وعلى هذا قوله: {عِندَ مَلِيكٍ} لأنا بينا في أحد الوجوه أن المراد من قوله: {فِى جنات وَنَهَرٍ} [القمر: 54] في جنات عند نهر فقال: {فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ} ويحتمل أن يقال: {عِندَ مَلِيكٍ} صفة مقعد صدق تقول درهم في ذمة ملئ خير من دينار في ذمة معسر، وقليل عند أمين أفضل من كثير عند خائن فيكون صفة وإلا لما حسن جعله مبتدأ ثانيهما: أن يكون: {فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ} كالصفة لجنات ونهر أي في جنات ونهر موصوفين بأنهما في مقعد صدق، تقول: وقفة في سبيل الله أفضل من كذا و: {عِندَ مَلِيكٍ} صفة بعد صفة.
المسألة الثانية: قوله: {فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ} يدل على لبث لا يدل عليه المجلس، وذلك لأن قعد وجلس ليسا على ما يظن أنهما بمعنى واحد لا فرق بينهما بل بينهما فرق ولكن لا يظهر إلا للبارع، والفرق هو أن القعود جلوس فيه مكث حقيقة واقتضاء، ويدل عليه وجوه:
الأول: هو أن الزمن يسمى مقعداً ولا يسمى مجلساً لطول المكث حقيقة ومنه سمي قواعد البيت والقواعد من النساء قواعد ولا يقال لهن: جوالس لعدم دلالة الجلوس على المكث الطويل فذكر القواعد في الموضعين لكونه مستقراً بين الدوام والثبات على حالة واحدة ويقال للمركوب من الإبل قعود لدوام اقتعاده اقتضاء، وإن لم يكن حقيقة فهو لصونه عن الحمل واتخاذه للركوب كأنه وجد فيه نوع قعود دائم اقتضى ذلك ولم يرد للإجلاس الثاني: النظر إلى تقاليب الحروف فإنك إذا نظرت إلى ق ع د وقلبتها تجد معنى المكث في الكل فإذا قدمت القاف رأيت قعد وقدع بمعنى ومنه تقادع الفراش بمعنى تهافت، وإذا قدمت العين رأيت عقد وعدق بمعنى المكث في غاية الظهور وفي عدق لخفاء يقال: أعدق بيدك الدلو في البئر إذا أمره بطلبه بعد وقوعه فيها والعودقة خشبة عليها كلاب يخرج معه الدلو الواقع في البئر، وإذا قدمت الدال رأيت دقع ودعق والمكث في الدقع ظاهر والدقعاء هي التراب الملتصق بالأرض والفقر المدقع هو الذي يلصق صاحبه بالتراب. وفي دعق أيضاً إذ الدعق مكان تطؤه الدواب بحوافرها فيكون صلباً أجزاؤه متداخل بعضها ببعض لا يتحرك شيء منها عن موضعه الوجه الثالث: الاستعمالات في القعود إذا اعتبرت ظهر ما ذكرنا قال تعالى: {لاَّ يَسْتَوِى القاعدون مِنَ المؤمنين غَيْرُ أُوْلِى الضرر} [النساء: 95] والمراد الذي لا يكون بعده اتباع وقال تعالى: {مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: 121] مع أنه تعالى قال: {إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يقاتلون فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بنيان مَّرْصُوصٌ} [الصف: 4] فأشار إلى الثبات العظيم.
وقال تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا} [الأنفال: 45] فالمقاعد إذن هي المواضع التي يكون فيها المقاتل بثبات ومكث وإطلاق مقعدة على العضو الذي عليه القعود أيضاً يدل عليه، إذا عرفت هذا الفرق بين الجلوس والقعود حصل لك فوائد منها هاهنا فإنه يدل على دوام المكث وطول اللبث، ومنها في قوله تعالى: {عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ} [ق: 17] فإن القعيد بمعنى الجليس والنديم، ثم إذا عرف هذا وقيل للمفسرين الظاهرين فما الفائدة في اختيار لفظ القعيد يدل لفظ الجليس مع أن الجليس أشهر؟ يكون جوابهم أن آخر الآيات من قوله: {حَبْلِ الوريد} [ق: 16] {والدى عَتِيدٌ} [ق: 23] وقوله: {بِجَبَّارٍ عَنِيدٍ} [هود: 59] يناسب القعيد، ولا الجليس وإعجاز القرآن ليس في السجع، وإذا نظرت إلى ما ذكر تبين لك فائدة جليلة معنوية حكمية في وضع اللفظ المناسب لأن القعيد دل على أنهما لا يفارقانه ويداومان الجلوس معه، وهذا هو المعجز وذلك لأن الشاعر يختار اللفظ الفاسد لضرورة الشعر والسجع ويجعل المعنى تبعاً للفظ، والله تعالى بين الحكمة على ما ينبغي وجاء باللفظ على أحسن ما ينبغي، وفائدة أخرى في قوله تعالى: {يا أيها الذين ءامَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي المجالس فافسحوا يَفْسَحِ الله لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشزوا فَانشُزُواْ} [المجادلة: 11] فإن قوله: {فافسحوا} إشارة إلى الحركة، وقوله: {فَانشُزُواْ} إشارة إلى ترك الجلوس فذكر المجلس إشارة إلى أن ذلك موضع جلوس فلا يجب ملازمته وليس بمقعد حتى لا يفارقونه.
المسألة الثالثة: {فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ} وجهان:
أحدهما: مقعد صدق، أي صالح يقال: رجل صدق للصالح ورجل سوء للفاسد، وقد ذكرناه في سورة: {إِنَّا فَتَحْنَا} في قوله تعالى: {وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء} [الفتح: 12]، وثانيهما: الصدق المراد منه ضد الكذب، وعلى هذا ففيه وجهان الأول: مقعد صدق من أخبر عنه وهو الله ورسوله الثاني: مقعد ناله من صدق فقال: بأن الله واحد وأن محمداً رسوله، وحتمل أن يقال المراد أنه مقعد لا يوجد فيه كذب لأن الله تعالى صادق ويستحيل عليه الكذب ومن وصل إليه امتنع عليه الكذب لأن مظنة الكذب الجهل والواصل إليه، يعلم الأشياء كما هي ويستغني بفضل الله عن أن يكذب ليستفيد بكذبه شيئاً فهو مقعد صدق وكلمة {عِندَ} قد عرفت معناها والمراد منه قرب المنزلة والشأن لا قرب المعنى والمكان، وقوله تعالى: {مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ} لأن القربة من الملوك لذيذة كلما كان الملك أشد اقتداراً كان المتقرب منه أشد التذاذاً وفيه إشارة إلى مخالفة معنى القرب منه من معنى القرب من الملوك، فإن الملوك يقربون من يكون ممن يحبونه وممن يرهبونه، مخافة أن يعصوا عليه وينحازوا إلى عدوه فيغلبونه، والله تعالى قال: {مُّقْتَدِرٍ} لا يقرب أحداً إلا بفضله.
والحمد لله وصلاته على سيدنا محمد خير خلقه وآله وصحبه وسلامه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال