سورة الرحمن / الآية رقم 13 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي المِيزَانِ وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَانَ وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو العَصْفِ وَالرَّيْحَانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القمرالقمرالقمرالقمرالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)}
وفيه مباحث:
الأول: الخطاب مع من؟ نقول: فيه وجوه:
الأول: الإنس والجن وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يقال: الأنام اسم للجن والإنس وقد سبق ذكره، فعاد الضمير إلى ما في الأنام من الجنس ثانيها: الأنام اسم الإنسان والجان لما كان منوياً وظهر من بعد بقوله: {وَخَلَقَ الجان} [الرحمن: 15] جاز عود الضمير إليه، وكيف لا وقد جاز عود الضمير إلى المنوي، وإن لم يذكر منه شيء، تقول: لا أدري أيهما خير من زيد وعمرو ثالثها: أن يكون المخاطب في النية لا في اللفظ كأنه قال فبأي آلاء ربكما تكذبان أيها الثقلان الثاني: الذكر والأنثى. فعاد الضمير إليهما والخطاب معهما الثالث: فبأي آلاء ربك تكذب، فبأي آلاء ربك تكذب، بلفظ واحد والمراد التكرار للتأكيد الرابع: المراد العموم، لكن العام يدخل فيه قسمان بهما ينحصر الكل ولا يبقى شيء من العام خارجاً عنه فإنك إذا قلت: إنه تعالى خلق من يعقل ومن لا يعقل، أو قلت: الله يعلم ما ظهر وما لم يظهر إلى غير ذلك من التقاسيم الحاصرة يلزم التعميم، فكأنه قال: يا أيها القسمان: {فَبِأَيِّ ءَالاء رَبِّكُمَا تُكَذّبَانِ} واعلم أن التقسيم الحاصر لا يخرج عن أمرين أصلاً ولا يحصل الحصر إلا بهما، فإن زاد فهناك قسمان قد طوى أحدهما في الآخر، مثاله إذا قلت: اللون إما سواد وإما بياض، وإما حمرة وإما صفرة وإما غيرها فكأنك قلت: اللون إما أسود وإما ليس بسواد أو إما بياض وإما ليس ببياض، ثم الذي ليس ببياض إما حمرة وإما ليس بحمرة وكذلك إلى جملة التقسيمات، فأشار إلى القسمين الحاصرين على أن ليس لأحد ولا لشيء أن ينكر نعم الله الخامس: التكذيب قد يكون بالقلب دون اللسان، كما في المنافقين، وقد يكون باللسان دون القلب كما في المعاندين وقد يكون بهما جميعاً، فالكذب لا يخرج عن أن يكون باللسان أو بالقلب فكأنه تعالى قال: يا أيها القلب واللسان فبأي آلاء ربكما تكذبان فإن النعم بلغت حداً لا يمكن المعاند أن يستمر على تكذيبها.
السادس: المكذب مكذب بالرسول والدلائل السمعية التي بالقرآن ومكذب بالعقل والبراهين والتي في الآفاق والأنفس فكأنه تعالى قال: يا أيها المكذبان بأي آلاء ربكما تكذبان، وقد ظهرت آيات الرسالة فإن الرحمن علم القرآن، وآيات الوحدانية فإنه تعالى خلق الإنسان وعلمه البيان، ورفع السماء ووضع الأرض السابع: المكذب قد يكون مكذباً بالفعل وقد يكون التكذيب منه غير واقع بعد لكنه متوقع فالله تعالى قال: يا أيها المكذب تكذب وتتلبس بالكذب، ويختلج في صدرك أنك تكذب، {فَبِأَيِّ ءَالاء رَبِّكُمَا تُكَذّبَانِ}، وهذه الوجوه قريبة بعضها من بعض والظاهر منها الثقلان، لذكرهما في الآيات من هذه السورة بقوله: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان} [الرحمن: 31]، وبقوله: {يامعشر الجن والإنس} [الرحمن: 33] وبقوله: {خَلَقَ الإنسان مِن صلصال كالفخار * وَخَلَقَ الجان} [الرحمن: 14، 15] إلى غير ذلك، (والزوجان) لوروده في القرآن كثير والتعميم بإرادة نوعين حاصرين للجميع، ويمكن أن يقال: التعميم أولى لأن المراد لو كان الإنس والجن اللذان خاطبهما بقوله: {فَبِأَيِّ ءَالاء رَبِّكُمَا تُكَذّبَانِ} ما كان يقول بعد خلق الإنسان، بل كان يخاطب ويقول: خلقناك يا أيها الإنسان من صلصال وخلقناك يا أيها الجان أو يقول: خلقك يا أيها الإنسان لأن الكلام صار خطاباً معهما، ولما قال الإنسان، دل على أن المخاطب غيره وهو العموم فيصير كأنه قال: يا أيها الخلق والسامعون إنا خلقنا الإنسان من صلصال كالفخار، وخلقنا الجان من مارج من نار. وسيأتي باقي البيان في مواضع من تفسير هذه السورة إن شاء الله تعالى الثاني: ما الحكمة في الخطاب ولم يسبق ذكر مخاطب، نقول: هو من باب الالتفات إذ مبنى افتتاح السورة على الخطاب مع كل من يسمع، فكأنه لما قال: {الرحمن * عَلَّمَ القرءان} [الرحمن: 1، 2] قال: اسمعوا أيها السامعون، والخطاب للتقريع والزجر كأنه تعالى نبه الغافل المكذب على أنه يفرض نفسه كالواقف بين يدي ربه يقول له ربه: أنعمت عليك بكذا وكذا، ثم يقول: فبأي آلائي تكذب ولا شك أنه عند هذا يستحي استحياء لا يكون عنده فرض الغيبة الثالث: ما الفائدة في اختيار لفظة الرب وإذا خاطب أراد خطاب الواحد فلم قال: {رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} وهو الحاضر المتكلم فكيف يجعل التكذيب المسند إلى المخاطب وارداً على الغائب ولو قال: بأي آلائي تكذبان كان أليق في الخطاب؟ نقول: في السورة المتقدمة قال: {وكَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنذر} [القمر: 23] {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر} [القمر: 33] وقال: {كَذَّبُواْ بئاياتنا} [القمر: 42] وقال: {فأخذناهم} [القمر: 42] وقال: {كَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 21] كلها بالاستناد إلى ضمير المتكلم حيث كان ذلك للتخويف فالله تعالى أعظم من أن يخشى فلو قال: أخذهم القادر أو المهلك لما كان في التعظيم مثل قوله: {فأخذناهم} ولهذا قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وهذا كما أن المشهور بالقوة يقول أنا الذي تعرفني فيكون في إثبات الوعيد فوق قوله أنا المعذب فلما كان الإسناد إلى النفس مستعملاً في تلك السورة عند الإهلاك والتعذيب ذكر في هذه السورة عند بيان الرحمة لفظ يزيل الهيبة وهو لفظ الرب فكأنه تعالى قال فبأي آلاء ربكما تكذبان وهو رباكما الرابع: ما الحكمة في تكرير هذه الآية وكونه إحدى وثلاثين مرة؟ نقول: الجواب عنه من وجوه:
الأول: إن فائدة التكرير التقرير وأما هذا العدد الخاص فالأعداد توقيفية لا تطلع على تقدير المقدرات أذهان الناس والأولى أن لا يبالغ الإنسان في استخراج الأمور البعيدة في كلام الله تعالى تمسكاً بقول عمر رضي الله تعالى عنه حيث قال مع نفسه عند قراءته سورة عبس: كل هذا قد عرفناه فما الأب ثم رفع عصا كانت بيده وقال هذا لعمر الله التكليف وما عليك يا عمر أن لا تدري ما الأب ثم قال: اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب وما لا فدعوه وسيأتي فائدة كلامه تعالى في تفسير السورة إن شاء الله تعالى الجواب الثاني: ما قلناه: إنه تعالى ذكر في السورة المتقدمة: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} أربع مرات لبيان ما في ذلك من المعنى وثلاث مرات للتقرير والتكرير وللثلاث والسبع من بين الأعداد فوائد ذكرناها في قوله تعالى: {والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان: 27] فلما ذكرنا العذاب ثلاث مرات ذكر الآلاء إحدى وثلاثين مرة لبيان ما فيه من المعنى وثلاثين مرة للتقرير الآلاء مذكورة عشر مرات أضعاف مرات ذكر العذاب إشارة إلى معنى قوله تعالى: {مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بالسيئة فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا} [الأنعام: 160].
الثالث: إن الثلاثين مرة تكرير بعد البيان في المرة الأولى لأن الخطاب مع الجن والإنس، والنعم منحصرة في دفع المكروه وتحصيل المقصود، لكن أعظم المكروهات عذاب جهنم ولها سبعة أبواب وأتم المقاصد نعيم الجنة ولها ثمانية أبواب فإغلاق الأبواب السبعة وفتح الأبواب الثمانية جميعه نعمة وإكرام، فإذا اعتبرت تلك النعم بالنسبة إلى جنسي الجن والإنس تبلغ ثلاثين مرة وهي مرات التكرير للتقرير، والمرة الأولى لبيان فائدة الكلام، وهذا منقول وهو ضعيف، لأن الله تعالى ذكر نعم الدنيا والآخرة، وما ذكره اقتصار على بيان نعم الآخرة الرابع: هو أن أبواب النار سبعة والله تعالى ذكر سبع آيات تتعلق بالتخويف من النار، من قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان}، إلى قوله تعالى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ} [الرحمن: 31 44] ثم إنه تعالى ذكر بعد ذلك جنتين حيث قال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] ولكل جنة ثمانية أبواب تفتح كلها للمتقين، وذكر من أول السورة إلى ما ذكرنا من آيات التخويف ثماني مرات: {فَبِأَيِّ ءَالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} سبع مرات للتقرير بالتكرير استيفاء للعدد الكثير الذي هو سبعة، وقد بينا سبب اختصاصه في قوله تعالى: {سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان: 27] وسنعيد منه طرفاً إن شاء الله تعالى، فصار المجموع ثلاثين مرة المرة الواحدة التي هي عقيب النعم الكثيرة لبيان المعنى وهو الأصل والتكثير تكرار فصار إحدى وثلاثين مرة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال