سورة الرحمن / الآية رقم 46 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَتِي يُكَذِّبُ بِهَا المُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُدْهَامَّتَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

الرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47)}
وفيه لطائف: الأولى: التعريف في عذاب جهنم قال: {هذه جَهَنَّمُ} [الرحمن: 43] والتنكير في الثواب بالجنة إشارة إلى أن كثرة المراتب التي لا تحد ونعمه التي لا تعد، وليعلم أن آخر العذاب جهنم وأول مراتب الثواب الجنة ثم بعدها مراتب وزيادات الثانية: قد ذكرنا في تفسير قوله تعالى: {فَذَكّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45] أن الخوف خشية سببها ذل الخاشي، والخشية خوف سببه عظمة المخشى، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] لأنهم عرفوا عظمة الله فخافوه لا لذل منهم، بل لعظمة جانب الله، وكذلك قوله: {مّنْ خَشْيةِ رَبّهِمْ مُّشْفِقُونَ} [المؤمنون: 57] وقال تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرءان على جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خاشعا مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ الله} [الحشر: 21] أي لو كان المنزل عليه العالم بالمنزل كالجبل العظيم في القوة والارتفاع لتصدع من خشية الله لعظمته، وكذلك قوله تعالى: {وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تخشاه} [الأحزاب: 37] وإنما قلنا: إن الخشية تدل على ما ذكرنا لأن الشيخ للسيد والرجل الكبير يدل على حصول معنى العظمة في خ ش ي، وقال تعالى في الخوف: {وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا} [طه: 21] لما كان الخوف يضعف في موسى، وقال: {لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ} [العنكبوت: 33] وقال: {فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} [الشعراء: 14] وقال إني: {خِفْتُ الموالى مِن وَرَائِى} [مريم: 5] ويدل عليه تقاليب خ وف فإن قولك خفي قريب منه، والخافي فيه ضعف والأخيف يدل عليه أيضاً، وإذا علم هذا فالله تعالى مخوف ومخشي، والعبد من الله خائف وخاش، لأنه إذا نظر إلى نفسه رآها في غاية الضعف فهو خائف، وإذا نظر إلى حضرة الله رآها في غاية العظمة فهو خاش، لكن درجة الخاشي فوق درجة الخائف، فلهذا قال: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} جعله منحصراً فيهم لأنهم وإن فرضوا أنفسهم على غير ما هم عليه، وقدروا أن الله رفع عنهم جميع ما هم فيه من الحوائج لا يتركون خشيته، بل تزداد خشيتهم، وإما الذي يخافه من حيث إنه يفقره أو يسلب جاهه، فربما يقل خوفه إذا أمن ذلك، فلذلك قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ} وإذا كان هذا للخائف فما ظنك بالخاشي؟ الثالثة: لما ذكر الخوف ذكر المقام، وعند الخشية ذكر اسمه الكريم فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى الله} وقال: {لَّرَأَيْتَهُ خاشعا مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ الله} وقال عليه السلام: «خشية الله رأس كل حكمة» لأنه يعرف ربه بالعظمة فيخشاه. وفي مقام ربه قولان:
أحدهما: مقام ربه أي المقام الذي يقوم هو فيه بين يدي ربه، وهو مقام عبادته كما يقال: هذا معبد الله وهذا معبد الباري أي المقام الذي يعبد الله العبد فيه والثاني: مقام ربه الموضع الذي فيه الله قائم على عباده من قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ على كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33] أي حافظ ومطلع أخذاً من القائم على الشيء حقيقة الحافظ له فلا يغيب عنه، وقيل: مقام مقحم يقال: فلان يخاف جانب فلان أي يخاف فلاناً وعلى هذا الوجه يظهر الفرق غاية الظهور بين الخائف والخاشي، لأن الخائف خاف مقام ربه بين يدي الله فالخاشي لو قيل له: افعل ما تريد فإنك لا تحاسب ولا تسأل عما تفعل لما كان يمكنه أن يأتي بغير التعظيم والخائف ربما كان يقدم على ملاذ نفسه لو رفع عنه القلم وكيف لا، ويقال: خاصة الله من خشية الله في شغل شاغل عن الأكل والشرب واقفون بين يدي الله سابحون في مطالعة جماله غائصون في بحار جلاله، وعلى الوجه الثاني قرب الخائف من الخاشي وبينهما فرق الرابعة: في قوله: {جَنَّتَانِ} وهذه اللطيفة نبينها بعدما نذكر ما قيل في التثنية، قال بعضهم: المراد جنة واحدة كما قيل في قوله: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] وتمسك بقول القائل:
ومهمهين سرت مرتين *** قطعته بالسهم لا السهمين
فقال: أراد مهمهاً واحداً بدليل توحيد الضمير في قطعته وهو باطل، لأن قوله بالسهم يدل على أن المراد مهمهان، وذلك لأنه لو كان مهمهاً واحداً لما كانوا في قطعته يقصدون جدلاً، بل يقصدون التعجب وهو إرادته قطع مهمهين بأهبة واحدة وسهم واحد وهو من العزم القوي، وأما الضمير فهو عائد إلى مفهوم تقديره قطعت كليهما وهو لفظ مقصور معناه التثنية ولفظه للواحد، يقال: كلاهما معلوم ومجهول، قال تعالى: {كِلْتَا الجنتين اتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] فوحد اللفظ ولا حاجة هاهنا إلى التعسف، ولا مانع من أن يعطي الله جنتين وجناناً عديدة، وكيف وقد قال بعد: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48] وقال: فيهما.
والثاني وهو الصحيح أنهما جنتان وفيه وجوه:
أحدها: أنهما جنة للجن وجنة للإنس لأن المراد هذان النوعان وثانيهما: جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي لأن التكليف بهذين النوعين.
وثالثها: جنة هي جزاء وجنة أخرى زيادة على الجزاء، ويحتمل أن يقال: جنتان جنة جسمية والأخرى روحية فالجسمية في نعيم والروحية في روح فكان كما قال تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّة نَعِيمٍ} [الواقعة: 89] وذلك لأن الخائف من المقربين والمقرب في روح وريحان وجنة نعيم وأما اللطيفة: فنقول: لما قال تعالى في حق المجرم إنه يطوف بين نار وبين حميم آن، وهما نوعان ذكر لغيره وهو الخائف جنتين في مقابلة ما ذكر في حق المجرم، لكنه ذكر هناك أنهم يطوفون فيفارقون عذاباً ويقعون في الآخر، ولم يقل: هاهنا يطوفون بين الجنتين بل جعلهم الله تعالى ملوكاً وهم فيها يطاف عليهم ولا يطاف بهم احتراماً لهم وإكراماً في حقهم، وقد ذكرنا في قوله تعالى: {مَّثَلُ الجنة التى وُعِدَ المتقون} [الرعد: 35] وقوله: {إِنَّ المتقين فِي جنات} [الذاريات: 15] أنه تعالى ذكر الجنة والجنات، فهي لاتصال أشجارها ومساكنها وعدم وقوع الفاصل بينهما كمهامه وقفار صارت كجنة واحدة، ولسعتها وتنوع أشجارها وكثرة مساكنها كأنها جنات، ولاشتمالها على ما تلتذ به الروح والجسم كأنها جنتان، فالكل عائد إلى صفة مدح.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال