سورة النساء / الآية رقم 5 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً وَآتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوَهُمْ فِيهَا وَاكْسُوَهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِياًّ فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)}
{ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدم {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني حواء، ونظيرها في سورة الأعراف والزّمر {وَبَثَّ} نشر وأظهر {مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً واتقوا الله الذي تَسَآءَلُونَ بِهِ} تسألون به، وخففه أهل الكوفة على حذف إحدى التائين تخفيفاً كقوله: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ} [المائدة: 2] ونحوها، {والأرحام}.
قراءة العامة: نصب أي واتقوا الأرحام إن تقطعوها.
وقرأ النخعي ويحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف وقتادة والأعمش وحمزة: بالخفض على معنى وبالأرحام، كما يقال: سألتك بالله والرحمن، ونشدتك بالله والرحمن، والقراءة الأولى أصح وأفصح، لأن العرب لا يكلأ بنسق بظاهر على المعنى، إلاّ أن يعيدوا الخافض فيقولون: مررت به وبزيد، أو ينصبون.
كقول الشاعر:
يا قوم ما لي وأبي ذويب ***
إلاّ أنه جائز مع قوله، وقد ورد في الشعر، قال الشاعر:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا *** اذهب فمالك والأيام من عجب
وأنشد الفراء لبعض الأنصار:
نعلق في مثل السواري سيوفنا *** وما بينها والكعب غوط نفانف
وقرأ عبد الله بن يزيد المقبري: {والأرحام} رفعاً على الابتداء، كأنه نوى تمام الكلام عند قوله: {تَسَآءَلُونَ بِهِ} ثم ابتدأ كما يقال: زيد ينبغي أن يكرم، ويحتمل أن يكون إغراء، لأن العرب من يرفع المغري.
وأنشد الفراء:
أين قوماً منهم عمير *** وأشباه عمير ومنهم السفاح
لجديرون باللقاء إذا قال *** أخو النجدة السلاح السلاح
{إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} أي حافظاً، قيل: بمعنى فاعل {وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ} الآية.
قال مقاتل والكلبي: نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم طلب المال، فمنعه عمه فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية، فلما سمعها العم قال: أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يوق شح نفسه ويطع ربّه هكذا فإنه يحل داره» يعني جنته، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثبت الأجر وبقي الوزر».
فقالوا: يا رسول الله قد عرفنا أنه ثبت الأجر فكيف بقي الوزر؟ وهو بقي في سبيل الله.
فقال: «يثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده، وآتوا خطاب لأولياء اليتيم والأوصياء».
وقوله تعالى: {اليتامى} فلا يتم بعد البلوغ، ولكنه من باب الاستعارة، كقوله: {وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ} [الأعراف: 120] ولا سحرة مع السجود، ولكن سمّوا بما كانوا عليه قبل السجود، وقوله: {وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ} أي من كانوا يتامى إذا بلغوا وآنستم منهم رشداً، نظيره: {وابتلوا اليتامى} [النساء: 2]، {وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب} يعني لا تستبدلوا مالهم الحرام عليكم بأموالكم الحلال لكم، نظيره قوله: {لاَّ يَسْتَوِي الخبيث والطيب} [المائدة: 100] واختلفوا في معنى هذا التأويل وكيفيته: فقال سعيد بن المسيب والنخعي والزهري والسدي والضحاك: كان أولياء اليتامى وأوصيائهم يأخذون الجيد والرفيع من مال اليتامى، ويجعلون مكانه الرديء والخسيس، فربما كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها الشاة المهزولة، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف، ويقول: درهم بدرهم، فذلك تبدلهم فنهاهم الله تعالى عنها.
عطاء: لا تربح على يتيمك الذي عندك وهو غر صغير.
ابن زيد: كان أهل الجاهلية لا يورّثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث.
وقال ابن زيد: {وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان} لا يورثوهن شيئاً فنصيبه من الميراث طيب وهذا الذي أخذه خبيث. مجاهد وباذان: لا تعجل الرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال.
{وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} أي مع أموالكم، كقوله: {مَنْ أنصاري إِلَى الله} [آل عمران: 52، الصف: 14]. وأنشد المفضل سلمة بن الخرشب الأنصاري:
يسدون أبواب القباب بضمر *** إلى عنن مستوثقات نقاب الأواصر
أي مع غنن.
{إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} أي إثماً عظيماً، وفيه ثلاث لغات:
قرأه العامة: حُوباً بالضم، وهي لغة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الحجاز، يدل عليه ما روى أبو عبيد عن عباد بن عباد عن واصل مولى ابن عيينة قال: قلت لابن سيرين كيف يُقرأ هذا الحرف: إنه كان حوباً أو حَوباً؟ فقال: إن أبا أيوب أراد أن يطلق أم أيوب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن طلاق أم أيوب حُوب».
وقرأ الحسن: {حَوباً} بفتح الحاء وهي لغة تميم.
وقال مقاتل: لغة الحبش.
وقرأ أُبي بن كعب: {حاباً} على المصدر، مثل القال، ويجوز أن يكون اسماً مثل الراد والنار، ويقال للذنب حُوب وحَوب وحاب وللأذناب، كذلك يكون مصدراً واسماً، فقال: حاب يحوب حُوباً وحوباً وحاباً وحباية إذا أثم.
قال أبو معاذ: نزلنا منزلا قريباً من مدينة، فرمى رجل غطاية صغيرة فقيل له: يا حاج لا تقتلها فتصيب حوباً إنها لا تؤذي، ومنه قيل للقاتل حائب، حكاه الفراء عن بني أسد.
وقال أمية بن الأسكن الليثي وكان ابنه قد هاجر بغير إذنه:
وإن مهاجرين تكنفاه *** غداتئذ لقد خطئا وحابا
وقال آخر:
عض على شبدعه الأريب *** فظل لا يلحي ولا يحوب
وقال آخر:
وابن ابنها منا ومنكم وبعلها *** خزيمة والأرحام وعثاء حوبها
أي شديد إثمها.
وقال آخر:
فلا تبكوا عليَّ ولا تحنوا *** بقول الإثم إن الإثم حوب
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى} الآية، اختلف المفسرون في تنزيلها وتأويلها:
فقال بعضهم: معناها وإن خفتم ألاّ تعدلوا يا معشر أولياء اليتامى فيهن، إذا تزوجتم بهن فانكحوا غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم.
وروى الزهري عن عروة عن عائشة قال: قلت لها ما قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى} فقالت: يابن أخي هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن ينكحها بأدنى من صداقها فنهي أن تنكحوهن إلاّ أن تقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ما سواهنّ من النساء.
قال الحسن: كان الرجل من أهل المدينة يكون عنده الأيتام وفيهن من يحل له تزويجها فيقول لها: لا أدخل في رباعي أحداً كراهة أن يدخل غريب فيشاركه في مالهنّ، فربما يتزوجهن لأجل مالهن ومن لا يعجبنه ثم نسى صحبتهن ويتربص بهن أن يمتن فيرثهن، فعاب الله عزّ وجلّ ذلك وأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية.
عكرمة: كان الرجل من قريش يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدما لما يلزمه من مؤن نسائه، مَالَ على مال يتيمته التي في حجره فأنفقه فقيل لهم: امسكوا عن النساء ولا تزيدوا على أربع حتى لا يخرجكم إلى أخذ أموال اليتامى، وهذه رواية طاوس عن ابن عباس، ومعنى رواية عطية عنه.
وقال بعضهم: كانوا يتحرجون ويتحوبون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء ولا يتعددون فيهن ويتزوجون ما شاؤا، فربما عدلوا وربما لم يعدلوا، فلما سألوا عن حال مال اليتامى أنزل الله {وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ} الآية، وأنزل أيضاً هذه الآية {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى} يقول: كما خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى وهمّكم ذلك، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ولا تتزوجوا أكثر ممّا يمكنكم امساكهنّ والقيام بحقهن، لأن النساء كاليتيم في الضعف والعجز، فما لكم تراقبون الله عزّ وجلّ في شيء وتعصونه في مثله، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي، ورواية الوالبي عن ابن عباس.
وقال الحسن أيضاً: تحرجوا من نكاح اليتامى كما تحرجوا من أموالهم، فأنزل الله هذه الآية، ورخص فيهن وقصر بهن على عدد، فعليكم العدل فيهن، فإن خفتم يا معشر الأولياء في اليتامى التي أنتم ولاتهن ألاّ تقسطوا، فأنكحوهن ولا تزيدوا على أربع، لتعدلوا، فإن خفتم ألاّ تعدلوا فيهن فواحدة.
قال ابن عباس: قصر الرجال على أربع من النساء من أجل اليتامى.
مجاهد: معناه إن تحرجتم من ولاية اليتامى فأموالهم إيماناً وتصديقاً، فكذلك تحرجوا عن الزنا، فانكحوا النساء الحلال نكاحاً طيباً، ثم بيّن لهم عدداً محصوراً وكانوا يتزوجون ما شاؤا من غير عدد، فأنزل الله {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ} أي أن لا تعدلوا.
وقرأها إبراهيم النخعي: {تَقسطوا} بفتح التاء وهو من العدل أيضاً.
قال الزجاج: قسط واقسط واحد، إلاّ أن الأفصح اقسط إذا عدل، وقسط إذا جار، وإن حملت قراءة إبراهيم على الجور وجعلت لا لغواً صحّ الكلام، واليتامى جمع لذكران الأيتام.
{فانكحوا مَا}.
قرأ إبراهيم بن أبي عبلة: {مَن} لأن ما لما لا يعقل ومَن لما يعقل، ومن قرأ {ما} فله وجهان:
أحدهما: أن ردّه إلى الفعل دون العين تقديره: فانكحوا النكاح الذي يحل لكم من النساء، وهذا كما تقول: خذ من رفيقي ما أردت والإخوان، تجعل {ما} بمعنى {من}، والعرب يعقب ما من ومن ما.
قال الله تعالى {والسمآء وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: 5] وأخواتها، وقال: {فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على بَطْنِهِ} [النور: 45] الآية.
وحكى أبو عمرو بن العلاء: أن أهل مكة إذا سمعوا الرعد قالوا: سبحان ما يسبّح له الرعد، وقال الله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين} [الشعراء: 23].
{طَابَ} حل {لَكُمْ مِّنَ النسآء}.
وقرأ ابن أبي إسحاق والجحدري والأعمش {طاب}: بالإمالة وفي مصحف أُبيّ: {طيب} بالياء، وهذا دليل الإمالة.
{مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} معدولات عن اثنين وثلاث وأربع، فلذلك لا يصرفن، وفيها لغات موحد ومثنى ومثلث ومربع، وأحاد وثناء وثلاث ورباع، وأحد وثنى وثلث وربع، مثل عمر وزفر.
وكذلك قرأ النخعي في هذه الآية، ولا يزاد من هذا البناء على الأربع إلاّ بيتاً جاء عن الكميت:
فلم يستريثوك حتى رميت *** فوق الرجال خصالا عشاراً
يعني طعنت عشرة.
قالوا: وهاهنا بمعنى لو للتحقيق كقوله: {إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مثنى وفرادى} [سبأ: 46] وقوله: {أولي أَجْنِحَةٍ مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1] وهذا إجماع الأمة، وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم غير مشتركة.
الكلبي عن خميصة بنت الشمردل: أن قيس بن الحرث حدثها أنه كان تحته ثمان نسوة حرائر، قال: فلما نزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله قد أنزل الله عليك تحريم تزوج الحرائر إلاّ أربع حرائر وأن تحتي ثمان نسوة، قال: «فطلّق أربعاً وأمسك أربعاً». قال: فرجعت إلى منزلي فجعلت أقول للمرأة التي ما تلد مني يا فلانة أدبري وللمرأة التي قد ولدت يا فلانة أقبلي، فيقول للتي طلق أنشدك الله والمحبة قال: فطلقت أربعاً وأمسكت أربعاً.
{فَإِنْ خِفْتُمْ} خشيتم، وقيل: علمتم {أَلا تَعْدِلُوا} بين الأربع {فَوَاحِدَةً}.
قرأ العامة: بالنصب.
وقرأ الحسن والجحدري وأبو جعفر: {فواحدةٌ} بالرفع، أي فليكفيكم واحدة، أي واحدة كافية، كقوله عزّ وجلّ: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرأتان} [البقرة: 282].
{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني الجواري والسراري، لأنه لا يلزمكم فيهن من الحقوق والذي يلزمكم في الحرمة، ولا قسمة عليكم فيهن ولا وقت عليكم في عددهن، وذكر الإيمان بيان تقديره {أَوْ مَا مَلَكَتْ}.
وقال بعض أهل المعاني: {أو ما ملكت أيمانكم} أي ما ينفذ فيه أقسامكم جعله من يمين الحلف لا يمين الجارحة، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم».
{ذلك أدنى} أقرب {أَلاَّ تَعُولُواْ}.
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عزّ وجلّ: {ذلك أدنى أَلاَّ تَعُولُواْ} قال: «ألاّ تجوروا».
وروى هشام بن عروة عن عائشة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عزّ وجلّ: {ذلك أدنى أَلاَّ تَعُولُواْ} أن لا تميلوا، وأكثر المفسرين على هذا.
قال مقاتل: هو لغة جرهم، يقال: ميزان عائل، أي مائل. وكتب عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه: أني لست بميزان لا أعول.
وأنشد عكرمة لأبي طالب:
بميزان صدق لا يغل شعيرة *** له شاهد من نفسه غير عائل
وقال مجاهد: ذلك أدنى ألاّ تضلوا. وقال الفراء والأصم: أن لا تجاوزوا ما فرض الله عليكم، وأصل العول المجاوزة، ومنه عول الفرائض. وقال الشافعي: أن لا تكثر عيالكم وما قال هذا أحد غيره وإنما يقال: أعال يعيل إذا كثر عياله.
قال أبو حاتم: كان الشافعي أعلم بلغة العرب منّا ولعله لغة.
قال الثعلبي: قال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب: سألت أبا عمرو الدوري عن هذا وكان إماماً في اللغة غير مدافع فقال: هي لغة حمير.
وأنشد:
وإنّ الموت يأخذ كل حيّ *** بلاشك وإن أمشى وعالا
أي كثرت ماشيته وعياله.
قال أبو عمرو بن العلاء: لقد كثرت وجوه العرب حتى خشيت أن آخذ عن لاحن لحناً.
وقرأ طلحة بن مصرف: ألاّ تعيلوا، وهو قوة قول الشافعي. وقرأ بعضهم: ألاّ تعيلوا من العيلة أي لا تفتقروا.
قال الشاعر:
ولا يدري الفقير متى غناه *** ولا يدري الغني متى يعيل
وقرأ طاووس: لا تعيلوا من العلة.
روى بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل».
{وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}.
قال الكلبي وجماعة من العلماء: هذا خطاب للأولياء، وذلك أن ولي المرأة كان إذا زوّجها غريباً حملوها إليه على بعير ولا يعطونها من مهرها شيء، فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلا ولا كثيراً، وان كانت غريبة حملها على بعير إلى زوجها ولم يعطها شيئاً غير ذلك البعير، ولذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنت: هنيئاً لك النافجة، يريدون أنه يأخذ مهرها إبلا فيضمها إلى إبله فينتفجها أي يعظمها ويكثرها.
قال بعض النساء في زوجها:
لا تأخذ الحلوان من بناتها ***
تقول: لا يفعل ما يفعله غيره، فنهاهم الله عزّ وجلّ عن ذلك وأمرهم بأن يدفعوا الحق إلى أهله.
قال الحضرمي: كان أولياء النساء يعطي هذا أخته على أن يعطيه الآخر أخته لا مهر بينهما، فنهوا عن ذلك وأمرهم بتسميته وأمروا المهر عند العقد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شغار في الإسلام».
وقال آخرون: الخطاب للأزواج أُمروا بإيفاء نسائهن مهورهنّ التي هي أثمان فروجهنّ، وهذا أصح وأوضح بظاهر الآية وأشبه، لأن الله تعالى خاطب الناكحين فيما قبله، وهذا أصل خطابهم. والصَدُقات المهور واحدها صدقة بفتح الصاد وضم الدال على لفظ الجمع، وهي لغة أهل الحجاز وتميم.
يقول صُدقة بضم الصاد وجزم الدال، فإذا جمعوا قالوا: صُدقات بضم الصاد وسكون الدال، وصُدُقات بضم الصاد والدال مثل ظلمة وظلمات، وظلمات نظيرها المثلات، لغة تميم مثلة ومثلات ومَثُلات بفتح الميم وضم الثاء واحدتها مثلة على لفظ الجمع لغة الحجاز.
{نِحْلَةً} قال قتادة: فريضة واجبة، ابن جريج وابن زيد: فريضة مسمّاة. قال أبو عبيد: ولا تكون النحلة مسماة معلومة، الكلبي: عطية وهبة، أبو عبيدة: عن طيب نفس، الزجاج: تديناً، وفيه لغتان: نِحلة ونَحلة، وأصلها من العطاء وهي نصب على التفسير وقيل على المصدر.
روى مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج».
وعن يوسف بن محمد بن عبد الحميد بن زياد بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدان بدين وهو مجمع أن لا يفي به لقي الله عزّ وجلّ سارقاً، ومن أصدق امرأة صداقاً وهو مجمع على أن لا يوفيها لقى الله عزّ وجلّ زانياً».
{فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا} يعني فإن طابت نفوسهنّ بشيء من ذلك فوهبن منكم فنقل الفعل من النفوس إلى أصحابها، فخرجت النفس مفسرة، ولذلك وحَدَّ النفس، كما يقال: ضاق به ذرعاً وقرَّ به عيناً، قال الله تعالى: {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} [العنكبوت: 33].
وقال بعض نحاة الكوفة: لفظها واحد ومعناها جمع، والعرب تفعل ذلك كثيراً.
قال الشاعر:
بها جيف الحسرى فأما عظامها *** فبيض وأما جلدها فصليب
وقال آخر:
في حلقكم عظم وقد شجينا ***
وقال بعض نحاة البصرة:
إذا ما دنا الليل المضى بذي الهوى ***
والهوى مصدر، والمصادر لا تجمع {فَكُلُوهُ} أي خذوه واقبلوه {هَنِيئاً مَّرِيئاً} قال الحضرمي: إن أُناساً كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء ممّا ساق إلى امرأته، فقال الله: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً} من غير إكراه ولا خديعة فكلوه هنيئاً مريئاً أي سائغاً طيباً، وهو مأخوذ من هنّات البعير إذا عالجته بالقطران من الجرب، معناه فكلوه هنيئاً شافياً معافياً، هنأني الطعام يهنيني بفتح النون في الماضي وكسره في الغابر يهنيني يهناني على الضد وهي قليلة، والمصدر منهما هنؤ يقال: هنأني ومرأني بغير ألف فيها، فإذا أفردوا قالوا: أمرأني بالألف وقيل الهنى الطيب المتاع الذي لا ينغصه شيء، والمرء المحمود العاقبة التام الهظم الذي لا يضر ولا يؤذي، يقول: لا تخافون في الدنيا مطالبة ولا في الآخرة تبعة، يدل عليه ما روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل عن هذه الآية {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً} قال: «إذا جادت لزوجها بالعطية غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة».
روى إبراهيم بن عيسى عن علي بن علي عن أبي حمزة قال: {هنيئاً} لا إثم فيه {مريئاً} لاداء فيه في الآخرة.
وروى شعبة عن علي قال: إذا ابتلى أحدكم شيئاً فليسأل امرأته ثلاثة دراهم من صداقها ثم يشتر به عسلاً، فليشربه بماء السماء فيجمع الله له الهنيء المريء والشفاء والماء المبارك. {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ التي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَاماً} الآية.
اختلفوا في هؤلاء السفهاء من هم؟
فقال قوم: هم النساء.
قال الحضرمي: عمد رجل فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
مجاهد: نهى الرجال أن يؤتوا النساء أموالهم وبين سفهاء من كن أزواجاً أو كن أو بنات أو أُمهات.
جويبر عن الضحاك: النساء من أسفه السفهاء، يدل على صحة هذا التأويل ما روى علي بن زيد عن القاسم عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إنما خلقت النار للسفهاء يقولها ثلاثاً ألا وإن السفهاء النساء إلاّ امرأة أطاعت قيّمها».
أبان عن ابن عياش عن أنس بن مالك قال: جاءت امرأة سوداء جريئة المنطق ذات ملح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله قُل فينا خيراً مرة واحدة، فإنه بلغني أنك تقول فينا كل شرّ. قال: «أي شيء قلت لكُنّ؟» قالت: سمّيتنا السفهاء في كتابه وسمّيتنا النواقص. فقال: «وكفى نقصاناً أن تدعن من كل شهر خمسة أيام لا تصلين فيهنَّ، أما يكفي إحداكنَّ إذا حملت كان لها كأجر المرابط في سبيل الله، وإذا وضعت كانت كالمتشحط بدمه في سبيل الله، وإذا أرضعت كان لها بكل جرعة كعتق رقبة من ولد إسماعيل، وإذا سهرت كان لها بكل سهرة تسهرها كعتق رقبة من ولد إسماعيل، وذلك للمؤمنات الخاشعات الصابرات اللاتي لا يكفرن بالعشير». قالت السوداء: يا له فضلاً لولا ما تبعه من الشرط.
وروى عاصم عن مورق قال: مرّت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارة وهيبة فقال لها ابن عمر: {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ}. وقال معاوية بن قرة: عوّدوا نساءكم فإنهن سفيهات، إن أطعت المرأة أهلكتك.
وقال آخرون: هم الأولاد، وهي رواية عطية عن ابن عباس. قال الزهري وأبو مالك يقول: لا تعط ولدك السفيه مالك الذي هو قوامك بعد الله فيفسده، وقال بعضهم: هم النساء والصبيان. قال الحسن: هي امرأتك السفيهة وابنك السفيه. قتادة: أمر الله بهذا المال أن يُخزن فيحسن خزائنه ولا تملكه المرأة السفيهة ولا الغلام السفيه فيبذره، قال الله تعالى: {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل} [البقرة: 188].
عبيد عن الضحاك: ولا تعطوا نساءكم وأبناءكم أموالكم فيكونوا عليكم أرباباً.
ابن عباس: لا تعمد إلى مالك الذي خوّلك الله تعالى وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك وبنيك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم.
الكلبي: إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة وأن ولده سفيه مفسد، فلا ينبغي له أن يسلط واحداً منهما على ماله ليفسده.
وقال السدي: لا تُعط المرأة مالها حتى تتزوج وإن قرأت التوراة والإنجيل والقرآن، ولا تعط الغلام ماله حتى يحتلم.
وقال سعيد بن جبير وعكرمة: هو مال اليتيم يكون عندك، يقول: لا تؤته إياه، وأنفق عليه حتى يبلغ، فإن قيل على هذا القول: كيف أضاف المال إلى الأولياء فقال: {أموالكم} وهي أموال السفهاء؟ قيل: إنما أضاف إليهم لأنها الجنس الذي جعله الله أموالا للناس كقوله: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} [التوبة: 128] وقوله: {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] ردّها إلى الجنس، أي الجنس الذي هو جنسكم.
وقال محمد بن جرير: إنما أضيفت إلى الولاة لأنهم قوامها ومدبروها، والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله، هو المستحق للحجر بتضييعه ماله وإفساده وسوء تدبيره.
روى الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال: ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل دين فلم يُشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله وقد قال الله {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ} أي الجهال بموضع الحق.
{أَمْوَالَكُمُ التي}.
قرأ الحسن والنخعي: اللاتي، وهما بمعنى واحد.
وأنشد:
من اللواتي والتي واللاتي *** زعمن أني كبرت لذاتي
فجمع بين ثلاث لغات.
قال الفراء: العرب تقول في جمع النساء: اللاتي، أكثر مما تقولون: التي، ويقولون في جمع الأموال وسائر الأشياء: التي، أكثر ممّا يقولون: اللاتي، وهما جائزان.
{جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَاماً} قرأ ابن عمر {قَواما} بالواو وفتح القاف كالدوام، وقرأ عيسى بن عمر {قِواما} بكسر القاف على الفعل، لأن الأصل الواو.
وقال الكسائي: هما لغتان ومعناهما واحد، وكان أبو حاتم يفرّق بينهما فيقول: القوام بالكسر الملاك، والقوام بالفتح امتداد القامة.
وقرأ الأعرج ونافع: {قِيّما} بكسر القاف.
الباقون: {قياماً} وأصله قواماً فانقلب الواو ياءً، لانكسار ما قبلها، مثل صيام ونيام، وهن جميعاً ملاك الأمر وما يقوم به الإنسان، يقال: فلان قوام أهل بيته، وأراد هاهنا قوام عيشكم الذي تعيشون به.
وقال الضحاك: به يقام الحج والجهاد وأعمال البر، وهي فكاك الرقاب من النار.
وقال بعضهم: أموالكم التي تقومون بها قياماً.
{وارزقوهم فِيهَا} أي أطعموهم {واكسوهم} لمن يجب عليكم رزقه ويلزمكم نفقته، والرزق من الله عزّ وجلّ عطية غير محدودة، ومن الناس الاجراء الموظف بوقت محدود، يقال: رزق فلان عياله كذا وكذا، أي أجرى عليهم، وإنما قال: فيها، ولم يقل: منها، لأنه أراد أن يجعل لهم فيها رزقاً، كأنه أوجب عليهم ذلك.
{وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} عدة جميلة.
وقال عطاء: {قولا معروفاً} إذا ربحت أعطيتك كذا وإن غنمت في غزاتي جعلت لك حظاً.
الضحاك: ردوا عليهم رداً جميلا.
وقيل: هو الدعاء.
قال ابن زيد: إن كان ليس من ولدك ولا ممّن يجب عليك نفقته فقل له قولا معروفاً، قل له عافانا الله وإيّاك بارك الله فيك.
وقال المفضل: قولا ليناً تطيب به أنفسهم، وكلما سكنت إليه النفس أحبته من قول أو عمل فهو معروف، وما أنكرته وكرهته ونفرت منه فهو منكر {وابتلوا اليتامى} الآية، نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه، وذلك أن رفاعة توفى وترك ابنه ثابتاً وهو صغير، فأتى عمُ ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله، ومتى أدفع إليه ماله، فأنزل الله تعالى {وابتلوا اليتامى} أي اختبروهم في عقولهم وأبدانهم وحفظهم أموالهم {فَإِنْ آنَسْتُمْ} أبصرتم، قال الله: {آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً} [القصص: 1].
قال الشاعر:
آنست نبأة وأفزعها القناص *** عصراً وقد دنا الإمساء
وفي مصحف عبد الله: فإن أحسنتم بمعنى أحسستم، فحذف إحدى السينين كقولهم: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: 65].
قال الشاعر:
خلا إن العتاق من المطايا *** أحسن به فهنّ إليه شوس
{مِّنْهُمْ رُشْداً}. قرأه العامة: بضم الراء وجزم الشين. وقرأ السلمي وعيسى: بفتح الراء والشين، وهما لغتان.
قال المفسرون: يعني عقلا وصلاحاً وحفظاً للمال وعلماً بما يصلحه.
قال سعيد بن جبير ومجاهد والشعبي: إن الرجل يأخذ بلحيته وما بلغ رشده فلا يدفع إلى اليتيم ماله وإن كان شيخاً، حتى يؤنس منه رشده.
قال الضحاك: لا يُعطى اليتيم وإن بلغ مائة سنة حتى يعلم منه إصلاح ماله.
ذكر حكم الآية:
اعلم أن الله تعالى علق زوال الحجر عن اليتيم الصغير وجواز دفع ماله إليه بشيئين: البلوغ والرشد، بعد أن أمر الأولياء بالابتلاء.
ومعنى الابتلاء على ما ذكره جماعة من الفقهاء: الصغير لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون غلاماً أو جارية، فإن كان غلاماً رُدَّ النظر في نفقة الدار إليه شهراً أو إعطائه شيئاً نزراً يتصرف فيه ليعرف كيف تدبيره وتصرفه فيه، وإن كان جارية رُدَّ إليها ما يُرد إلى ربّة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه، وفي الاستغزال والاستقصاء على الغزالات في دفع القطن وأجرته واستيفاء الغزل وجودته، فإن رشدا وإلاّ بقيا تحت الحجر حتى يؤنس رشدهما، فأما البلوغ فإنه يكون بأحد خمسة أسباب، ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء واثنان يختص بهما النساء، والتي يشترك فيها الرجال والنساء: فالاحتلام وهو إنزال المني، فمتى أنزل واحد منهما فقد بلغ، سواء كان من جُماع أو احتلام أو غيرهما، والدليل عليه قوله: {وَإِذَا بَلَغَ الأطفال مِنكُمُ الحلم فَلْيَسْتَأْذِنُواْ} [النور: 59] وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «خذ من كل حالم ديناراً أوعدله من المعافر».
واختلف العلماء فيه، فقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد: إذا استكمل الصبي خمس عشرة سنة أو أنبت حكمنا ببلوغه.
وقال أبو حنيفة: إن كانت جارية فبلوغها سبع عشرة سنة، وعنه في الغلام روايتان:
أحدهما: تسع عشرة سنة، وهي الأشهر وعليها النظر.
وروى اللؤلؤي عنه: ثمان عشرة سنة. وقال مالك وداود: لا يبلغ بالسن ثم اختلفا، فقال داود: لا يبلغ بالسن مالم يحتلم ولو بلغ أربعين سنة، وقال مالك: بلوغه بأن يغلظ صوته أو تنشق أرنبته.
والدليل على أن حدّ البلوغ بالسن خمس عشرة سنة حديث عبد الله بن عمر قال: «عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أُحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني فلم يرني بلغت أي، وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني الله في المقاتلة».
والإنبات وهو أن ينبت: في الغلام أو الجارية الشعر الخشن حول الفرج.
وللشافعي في الإنبات قولان:
أحدهما: أنه بلوغ، والثاني: دلالة البلوغ.
وقال أبو حنيفة: لا يتعلق بالإنبات حكم، وليس هو ببلوغ ولا دلالة عليه.
والدليل على أن البلوغ بالإنبات متعلق بما روى عطية القرظي عن سعد بن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم حكّمه في بني قريظة قال: فمكثت أكشف عنهم فكل من أنبت قتلته، ومن لم ينبت جعلته في الذرّية.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة».
قال عطية: فكنت ممّن لم ينبت فجعلني في الذرّية.
وأما ما يختص به النساء: فالحيض والحبل، يدل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقبل صلاة حائض إلاّ بخمار» فجعلها مكلفة بالحيض، وهذا القول في حدّ البلوغ.
فأما الرشد: فقد اختلف الفقهاء فيه، فقال الشافعي: هو أن يكون صالحاً في دينه مُصلحاً في ماله، والصلاح في الدين أن يكون متجنباً للفواحش التي يفسق بها، وتسقط عدالته كالزنا واللواط والقذف وشرب الخمر ونحوها.
وإصلاح المال: أن لا يضيّعه ولا يبذّره ولا يغبن في التصرف غبناً فاحشاً، فالرشد شيئان: جواز الشهادة وإصلاح، المال وهذا قول الحسن وربيعة ومالك.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا بلغ عاقلا مصلحاً لماله، زال الحجر عنه بكل حال، سواء كان فاسداً في دينه أو صالحاً فيه. فاعتبروا صلاح المال ولم يعتبروا صلاح الدين.
ثم اختلفوا فيه إذا بلغ عاقلا مفسداً لماله:
فقال أبو يوسف ومحمد: لا يزول الحجر عنه ويكون تصرفه باطلا إلاّ النكاح والعتق، ويبقى تحت الحجر أبداً إلى أن يظهر رشده.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغ عاقلا زال الحجر عنه، فإن كان مفسداً لماله منع من تسليم ماله إليه حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة، فإذا بلغها يسلّم المال إليه بكل حال، سواء كان مفسداً له أو غير مفسد. وقيل: إنّ في مدة المنع من المال إذا بلغ مفسداً ينفذ تصرفه على الإطلاق، وإنما منع من تسليم المال إليه احتياطاً لماله، فقال: وجه تحديده بخمس وعشرين سنة أنه قد يُحبل منه لاثني عشرة سنة ثم يولد له لستة أشهر ثم يُحمل لولده بأثني عشر سنة ثم يولد له لستة أشهر فيصير جداً.
قال: وأستحي أن أحجر على من يصلح أن يكون جدّاً، وإذا حصل البلوغ والرشد دفع المال إليه سواء تزوج أو لم يتزوج.
وقال مالك: إن كان صاحب المال جارية وتبلغ رشيدة، فالحجر باق عليها، وتمنع من مالها حتى تتزوج، وإذا تزوجت يسلّم مالها، إليها ولا يجوز لها أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها حتى تكبر وتجرّب ثم حينئذ يبعد تصرفها بغير إذنه، واطلاق في الغلام. والذي يدل على فساد هذا المذهب ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم العيد ثم نزل فذهب إلى النساء فوعظهن فقال: «تصدقن ولو من حليكنَّ» فكنَّ تتصدقنَّ فجعلت المرأة تلقي حرصها وسخائها، فأمرهنَّ عليه السلام بالصدقة وقبلها منهنَّ، ولم يفصل بين متزوجة وغير متزوجة ولا بين من تصدقت بإذن زوجها أو بغير إذنه، فهذا القول في الحجر على الصغير، وبيان حكم قوله: {وابتلوا اليتامى}، فأما قوله: {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ} الآية.
حكم الكلام في الحجر على السفيه:
فاختلف العلماء فيه:
فقال أبو حنيفة ونفر: لا حجر على حر بالغ عاقل بوجه، ولو كان أفسق الناس وأشدهم تبذيراً. وهو مذهب النخعي، واحتجوا في ذلك بما روى قتادة عن أنس: أن حيان بن منقذ كان يخدع في البيع فأتى أهله النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن حيان بن منقذ يعقد وفي عقده ضعف فأحجر عليه.
فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «لا تبع» فقال: لا أصبر عن البيع، فقال له: «إذا بايعت فقل لا خلابه ولك الخيار ثلاثاً».
فلما سأله القوم الحجر عليه على ما كان في تصرفه من الغبن ولم يفعل، ثبت أنه لا يجوز.
قال الشافعي: إن كان مفسداً لماله ودينه أو كان مفسداً لماله دون دينه حجر عليه، وإن كان مفسداً لدينه مصلحاً لماله فعلى وجهين:
أحدهما: يحجر عليه، وهو اختيار أبي العباس بن شُريح.
والثاني: لا يحجر عليه، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي، والأظهر من مذهب الشافعي، وهو الذي ذكرناه من الحجر على السفيه، قول عثمان وعلي والزبير وعائشة وابن عباس وعبد الله بن جعفر، ومن التابعين شُريح وبه قال من الفقهاء: مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وادّعى أصحابنا الإجماع في هذه المسألة، ما روى هشام بن عروة عن أبيه: أنّ عبد الله بن جعفر ابتاع أرضاً سبخة بستين ألف درهم، فغبن فيها فأراد عليّ أن يحجر عليه، فأتى ابن جعفر إلى الزبير فقال: إني اشتريت وأن علياً يريد أن يأتي حبر المؤمنين فيسأله أن يحجر عليَّ.
فقال الزبير: أنا شريكك في البيع، فقال: عليَّ عثمان.
وقال علي: إن ابن جعفر اشترى كذا وكذا أحجر عليه. وقال الزبير: أنا شريكه في البيع، فقال عثمان: كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير. فثبت من هذه القصة إجماع الصحابة على جواز الحجر، لأن عبد الله بن جعفر خاف من الحجر، والزبير احتال له فيما يمنعه منه، وعليّ سأل ذلك عثمان، وعثمان اعتذر إليه في الامتناع منه.
{وَلاَ تَأْكُلُوهَآ} يا معشر الأوصياء والأولياء بغير حقها {إِسْرَافاً} والإسراف مجاوزة الحد والإفراط والخطأ ووضع الشيء في غير موضعه، يقال: مررت بكم فسرقتكم، أي فسهوت عنكم وأخطأتكم.
قال جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية *** ما في عطائهم منَ ولا سرف
أي خطأ، يعني أنهم يصيبون مواضع العطاء {وَبِدَاراً} مبادرة {أَن يَكْبَرُواْ} أن في محل النصب يعني لا تبادروا كبرهم ورشدهم حذراً أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم، ثم بيّن ما يحل لهم من مالهم، فقال عز من قائل: {وَمَن كَانَ غَنِيّاً} عن مال اليتيم {فَلْيَسْتَعْفِفْ} عن مال اليتيم، فلا يجوز له قليلا ولا كثيراً، والعفة الامتناع ممّا لا يحل ولا يجد فعله، قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الذين لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً} [النور: 33].
{وَمَن كَانَ فَقِيراً} محتاجاً إلى مال اليتيم وهو يحفظه ويتعهده {فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} واختلف العلماء فيه:
فقال بعضهم: المعروف القرض، نظيره قوله: {إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النساء: 114] يعني القرض، ومعنى الآية: تستقرض من مال اليتيم فإذا أيسر قضاه، فإن لم يقدر على قضائه فلا شيء عليه.
وقال به سعيد بن جبير وعبيدة السلماني وأبي العالية، وأكثر الروايات عن ابن عباس.
قال مجاهد: ليستسلف منه فيتجر فيه فإذا أيسر أدى، ودليل هذا التأويل ما روى إسرائيل وسفيان عن إسحاق عن حارثة بن مصرف قال: قال عمر بن الخطاب: ألا إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة مال اليتيم إن استغنيت استعففت فإن افتقرت أكلت بالمعروف وإن أيسرت قضيت.
وقال الشعبي: لا تأكله إلاّ أن تضطر إليه كما تضطر إلى الميتة.
وقال آخرون: {بالمعروف} هو أن يأكله من غير إسراف ولا قضاء عليه فيما يأكل، ثم اختلفوا في كيفية هذا الأكل بالمعروف:
فقال عطاء وعكرمة والسدي: يأكل بأطراف أصابعه ولا يسرف في الأكل، ولا يكتسي منه.
وقال النخعي: لا يلبس الحلل ولا الكتان، ولكن ما سدَّ الجوعة ووارى العورة.
وقال بعضهم: هو أن يأكل من ثمر نخيله ولبن مواشيه بالمعروف ولا قضاء عليه، فأما الذهب والفضة فلا، فإن أكله فلابد من أن يرده، وهذا قول الحسن وجماعة.
قال قتادة: كان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليّه على صلاحه وسقيه فيصيب من ثمرته ويكون له الماشية، فيقوم وليه على صلاحها وعلاجها فيصيب من جزازها وعوارضها، فأما رقاب المال وأصولها فليس له أن يستهلكها.
وقال الضحاك: المعروف ركوب الدابة وخدمة الخادم وليس له أن يأكل من ماله شيئاً.
وروى بكر بن عبد الله بن الأشج عن القاسم بن محمد قال: حضرت ابن عباس، فجاءه رجل فقال: يابن عباس إن لي أيتاماً ولهم ماشية، فهل عليَّ جُناح في رسلها وما يحل لي منها؟ فقال: إن كنت ترد نادتها وتبغي ضالتها وتهنأ جرباها وتلوط حوضها وتفرط لها يوم وردها، فاشرب من فضل ألبانها عنهم غير مضر بأولادها ولا تنهكها في الحلب.
قال بعضهم: المعروف هو أن يأخذ من جميع ماله، إذا كان يلي ذلك بقدر قيامه وخدمته وعمله وأُجرته، وإن أتى على جميع المال ولا قضاء عليه، وهذا طعمة من الله تعالى له وبه.
قالت به عائشة وجماعة من العلماء، وقال محمد بن كعب القرظي {وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ}: عن مال اليتيم ولا تأكل منه شيئاً وأجره على الله {وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} يتقرم بتقرم البهيمة، وينزل نفسه بمنزلة الأجير فيما لابد له منه والتقرم: الالتقاط من نبات الأرض وبقلها، ودليل هذا التأويل ما روى ابن أبي نجيح عن المحسن العوفي عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن في حجري يتيماً أفأضربه؟ فقال: «ممّا كنت ضارباً منه ولدك» قال: يا رسول الله أفآكل من ماله؟ قال: «بالمعروف غير متأثل من ماله ولا واقياً مالك بماله».
وأصل المعروف ما تيسر على الإنسان فطابت نفسه به، قال الله تعالى: {مَتَاعٌ بالمعروف} [البقرة: 241].
{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ} هذا أدب من الله تعالى، ليعلم أن الولي قد أدى الأمانة وينقطع عنه الظنّة وتزول عنه الخصومة وليس بفريضة {وكفى بالله حَسِيباً} محاسباً ومجازياً وشاهداً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال