سورة الواقعة / الآية رقم 3 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ وَالإِكْرَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا وَقَعَتِ الوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجاًّ وَبُسَّتِ الجِبَالُ بَساًّ فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنْبَثاًّ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ المَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ المَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ

الرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)}.
الواقعة: من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها، كما قال: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الحاقة: 15]
وقوله: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} أي: ليس لوقوعها إذا أراد الله كونها صارف يصرفها، ولا دافع يدفعها، كما قال: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} [الشورى: 47]، وقال: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ. لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} [المعارج: 1، 2]، وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73].
ومعنى {كَاذِبَة}- كما قال محمد بن كعب-: لا بد أن تكون.
وقال قتادة: ليس فيها مثنوية ولا ارتداد ولا رجعة.
قال ابن جرير: والكاذبة: مصدر كالعاقبة والعافية.
وقوله: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} أي: تحفض أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزّاء. وترفع آخرين إلى أعلى عليّين، إلى النعيم المقيم، وإن كانوا في الدنيا وضعاء.
وهكذا قال الحسن وقتادة، وغيرهما.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} تخفض أناسًا وترفع آخرين.
وقال عبيد الله العتكي، عن عثمان بن سراقة، ابن خالة عمر بن الخطاب: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} قال: الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة.
وقال محمد بن كعب: تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين.
وقال السُّدِّيّ: خفضت المتكبرين، ورفعت المتواضعين.
وقال العَوْفِيّ، عن ابن عباس: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} أسمعت القريب والبعيد.
وقال عكرمة: خفضت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى.
وكذا قال الضحاك، وقتادة.
وقوله: {إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا} أي: حركت تحريكا فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها. ولهذا قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وغير واحد في قوله: {إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا} أي: زلزلت زلزالا شديدا.
وقال الربيع بن أنس: ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه.
وهذه كقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1].
وقوله: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} أي: فُتِّتَتْ فَتًّا. قاله ابن عباس، ومجاهد، وعِكْرِمَة، وقتادة، وغيرهم.
وقال ابن زيد: صارت الجبال كما قال الله تعالى: {كَثِيبًا مَهِيلا} [المزمل: 14].
وقوله: {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا}، قال أبو إسحاق، عن الحارث، عن علي، رضي الله عنه: {هَبَاءً مُنْبَثًّا}.
كرهَج الغبار يسطع ثم يذهب، فلا يبقى منه شيء.
وقال العَوْفِيّ عن ابن عباس في قوله: {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا}: الهباء الذي يطير من النار، إذا اضطرمت يطير منه الشرر، فإذا وقع لم يكن شيئا.
وقال عكرمة: المنبث: الذي ذرته الريح وبثته.
وقال قتادة: {هَبَاءً مُنْبَثًّا} كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح.
وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة، وذهابها وتسييرها ونسفها- أي قلعها- وصيرورتها كالعهن المنفوش.
وقوله: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} أي: ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن، ويؤتون كتبهم بأيمانهم، ويؤخذ بهم ذات اليمين. قال السُّدِّيّ: وهم جمهور أهل الجنة. وآخرون عن يسار العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر، ويؤتون كتبهم بشمائلهم، ويؤخذ بهم ذات الشمال، وهم عامة أهل النار- عياذًا بالله من صنيعهم- وطائفة سابقون بين يديه وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين؛ ولهذا قال: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} الآية [فاطر: 32]، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه.
قال سفيان الثوري، عن جابر الجعفي، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} قال: هي التي في سورة الملائكة: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}.
وقال ابن جُرَيْج عن ابن عباس: هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة.
وقال يزيد الرقاشي: سألت ابن عباس عن قوله: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} قال: أصنافا ثلاثة.
وقال مجاهد: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} قال: يعني: فرقا ثلاثة.
وقال ميمون بن مِهْران: أفواجا ثلاثة.
وقال عُبَيد الله العتكي، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} اثنان في الجنة، وواحد في النار.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا الوليد بن أبي ثور، عن سِمَاك، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير: 7] قال: الضرباء، كل رجل من قوم كانوا يعملون عمله، وذلك بأن الله يقول: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً. فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قال: هم الضرباء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله المثنى، حدثنا البراء الغنوي، حدثنا الحسن، عن معاذ بن جبل؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ}، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} فقبض بيده قبضتين فقال: «هذه للجنة ولا أبالي، وهذه للنار ولا أبالي».
وقال أحمد أيضا: حدثنا حسن، حدثنا ابن لَهِيعَة، حدثنا خالد بن أبي عمران، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم».
وقال محمد بن كعب وأبو حَرْزَةَ يعقوب بن مجاهد: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}: هم الأنبياء، عليهم السلام.
وقال السُّدِّيّ: هم أهل عليين.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن ابن عباس: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}، قال: يوشع بن نون، سبق إلى موسى، ومؤمن آل يس، سبق إلى عيسى، وعلي بن أبي طالب، سبق إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن أبي حاتم، عن محمد بن هارون الفلاس، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز، عن شُعَيْب بن الضحاك المدائني، عن سفيان بن عُيَيْنَة، عن ابن أبي نَجِيح به.
وقال ابن أبي حاتم: وذكر محمد بن أبي حماد، حدثنا مِهْرَان، عن خارجة، عن قُرَّة، عن ابن سِيرين: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} الذين صلوا للقبلتين.
ورواه ابن جرير من حديث خارجة، به.
وقال الحسن وقتادة: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} أي: من كل أمة.
وقال الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} ثم قال: أولهم رواحًا إلى المسجد، وأولهم خروجًا في سبيل الله.
وهذه الأقوال كلها صحيحة، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا، كما قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ} [آل عمران: 133]، وقال: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ} [الحديد: 22]، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان؛ ولهذا قال تعالى: {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي، حدثنا خارجة بن مُصعَب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال: قالت الملائكة: يا رب، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون، فاجعل لنا الآخرة. فقال: لا أفعل. فراجعوا ثلاثا، فقال: لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له: كن، فكان. ثم قرأ عبد الله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: الرد على الجهمية، ولفظه: فقال الله عز وجل: «لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له: كن فكان».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال