سورة النساء / الآية رقم 7 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُوْلُوا القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما ذكر سبحانه حكم أموال اليتامى، وصله بأحكام المواريث، وكيفية قسمتها بين الورثة. وأفرد سبحانه ذكر النساء بعد ذكر الرجال، ولم يقل للرجال والنساء نصيب، للإيذان بأصالتهنّ في هذا الحكم، ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء، وفي ذكر القرابة بيان لعلة الميراث مع التعميم لما يصدق عليه مسمى القرابة من دون تخصيص. وقوله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ} بدل من قوله: {مّمَّا تَرَكَ} بإعادة الجار، والضمير في قوله: {مِنْهُ} راجع إلى المبدل منه. وقوله: {نَصِيباً} منتصب على الحال، أو على المصدرية، أو على الاختصاص، وسيأتي ذكر السبب في نزول هذه الآية إن شاء الله، وقد أجمل الله سبحانه في هذه المواضع قدر النصيب المفروض، ثم أنزل قوله: {يُوصِيكُمُ الله فِى أولادكم} [النساء: 11] فبين ميراث كل فرد.
قوله: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى} المراد بالقرابة هنا: غير الوارثين، وكذا اليتامى، والمساكين، شرع الله سبحانه أنهم إذا حضروا قسمة التركة كان لهم منها رزق، فيرضخ لهم المتقاسمون شيئاً منها.
وقد ذهب قوم إلى أن الآية محكمة، وأن الأمر للندب.
وذهب آخرون إلى أنها منسوخة بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ الله فِى أولادكم} [النساء: 11] والأوّل أرجح، لأن المذكور في الآية للقرابة غير الوارثين ليس هو من جملة الميراث حتى يقال إنها منسوخة بآية المواريث، إلا أن يقولوا إن أولى القربى المذكورين هنا هم الوارثون كان للنسخ وجه. وقالت طائفة: إن هذا الرضخ لغير الوارث من القرابة واجب بمقدار ما تطيب به أنفس الورثة، وهو معنى الأمر الحقيقي، فلا يصار إلى الندب إلا لقرينة، والضمير في قوله: {مِنْهُ} راجع إلى المال المقسوم المدلول عليه بالقسمة، وقيل: راجع إلى ما ترك. والقول المعروف: هو القول الجميل الذي ليس فيه منّ بما صار إليهم من الرضخ ولا أذى.
قوله: {وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ} هم الأوصياء، كما ذهب إليه طائفة من المفسرين، وفيه وعظ لهم بأن يفعلوا باليتامى الذين في حجورهم ما يحبون أن يفعل بأولادهم من بعدهم. وقالت طائفة: المراد جميع الناس أمروا باتقاء الله في الأيتام، وأولاد الناس، وإن لم يكونوا في حجورهم؛ وقال آخرون: إن المراد بهم: من يحضر الميت عند موته، أمروا بتقوى الله، بأن يقولوا للمحتضر قولاً سديداً من إرشادهم إلى التخلص عن حقوق الله، وحقوق بني آدم، وإلى الوصية بالقرب المقرّبة إلى الله سبحانه، وإلى ترك التبذير بماله، وإحرام ورثته، كما يخشون على ورثتهم من بعدهم لو تركوهم، فقراء عالة يتكففون الناس وقال ابن عطية: الناس صنفان يصلح لأحدهما أن يقال له عند موته ما لا يصلح للآخر، وذلك أن الرجل إذا ترك ورثته مستقلين بأنفسهم أغنياء حسن أن يندب إلى الوصية، ويحمل على أن يقدّم لنفسه، وإذا ترك ورثة ضعفاء مفلسين حسن أن يندب إلى الترك لهم والاحتياط، فإن أجره في قصد ذلك كأجره في المساكين.
قال القرطبي: وهذا التفصيل صحيح. قوله: {لَوْ تَرَكُواْ} صلة الموصول، والفاء في قوله: {فَلْيَتَّقُواّ} لترتيب ما بعدها على ما قبلها. والمعنى: وليخش الذين صفتهم، وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافاً، وذلك عند احتضارهم خافوا عليهم الضياع بعدهم لذهاب كافلهم، وكاسبهم، ثم أمرهم بتقوى الله، والقول السديد للمحتضرين، أو لأولادهم من بعدهم على ما سبق.
قوله: {إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى} استئناف يتضمن النهي عن ظلم الأيتام من الأولياء، والأوصياء، وانتصاب قوله: {ظُلْماً} على المصدرية، أي: أكل ظلم، أو على الحالية، أي: ظالمين لهم. وقوله: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً} أي: ما يكون سبباً للنار، تعبيراً بالمسبب عن السبب، وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية. وقوله: {وَسَيَصْلَوْنَ} قراءة عاصم، وابن عامر بضم الياء على ما لم يسم فاعله. وقرأ أبو حيوة بضم الياء، وفتح الصاد، وتشديد اللام من التصلية بكثرة الفعل مرة بعد أخرى. وقرأ الباقون بفتح الياء من صلى النار يصلاها، والصلى هو: التسخن بقرب النار، أو مباشرتها، ومنه قول الحارث بن عباد:
لم أكن من جناتها علم الل *** ه وإني لحرّها اليوم صالي
والسعير: الجمر المشتعل.
وقد أخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات، ولا الصغار حتى يدركوا، فمات رجل من الأنصار يقال له: أوس بن ثابت، وترك ابنتين، وابناً صغيراً، فجاء ابنا عمه، وهما عصبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذا ميراثه كله، فجاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية، فأرسل إليهما رسول الله فقال: «لا تحركا من الميراث شيئاً، فإنه قد أنزل عليّ شيء احترت فيه أن للذكر، والأنثى نصيباً»، ثم نزل بعد ذلك: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النساء} [النساء: 127]، ثم نزل: {يُوصِيكُمُ الله فِى أولادكم} [النساء: 11] فدعا بالميراث، فأعطى المرأة الثمن، وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن عكرمة في الآية قال: نزلت في أم كلثوم ابنة أم كحلة، أو أم كجَّة، وثعلبة بن أوس، وسويد، وهم من الأنصار، كان أحدهم زوجها، والآخر عم ولدها، فقالت: يا رسول الله توفي زوجي، وتركني وابنته، فلم نورث من ماله، فقال عمّ ولدها: يا رسول الله لا يركب فرساً، ولا ينكى عدواً ويكسب عليها، ولا يكتسب، فنزلت.
وأخرج البخاري، وغيره عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة} قال: هي محكمة، وليست بمنسوخة.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن خطاب بن عبد الله في هذه الآية قال: قضى بها أبو موسى.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في الآية قال: هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، عن الحسن، والزهري قالا: هي محكمة ما طابت به أنفسهم.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير، والحاكم وصححه، عن ابن عباس قال: يرضخ لهم فإن كان في ماله تقصير اعتذر إليهم، فهو قولاً معروفاً.
وأخرج ابن المنذر، عن عائشة أنها لم تنسخ.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم: أن هذه الآية منسوخة بآية الميراث.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن المسيب قال: هي منسوخة.
وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير قال: إن كانوا كباراً يرضخوا، وإن كانوا صغاراً اعتذروا إليهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه في قوله: {وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ} قال: هذا في الرجل يحضر الرجل عند موته، فيسمعه يوصي وصية تضرّ بورثته، فأمر الله الذي يسمعه أن يتقي الله، ويوفقه، ويسدده للصواب، ولينظر لورثته، كما يحب أن يصنع لورثته إذا خشي عليهم الضيعة.
وقد روي نحو هذا من طرق.
وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو يعلى، والطبراني، وابن حبان في صحيحه، وابن أبي حاتم، عن أبي برزة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم ناراً» فقيل: يا رسول الله من هم؟ قال: «ألم تر أن الله يقول: {إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً}».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن أبي سعيد الخدري، قال: حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسرى به قال: «نظرت فإذا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخراً من نار، فيقذف في فيّ أحدهم حتى يخرج من أسافلهم، ولهم جؤار، وصراخ، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء: {الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}».
وأخرج ابن جرير، عن زيد بن أسلم قال: هذه الآية لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم، ويأكلون أموالهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال