سورة الحديد / الآية رقم 13 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ المَصِيرُ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ إِنَّ المُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ

الحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}
يقول تعالى مخبرًا عن المؤمنين المتصدقين: أنهم يوم القيامة يسعَى نورهم بين أيديهم في عَرصات القيامة، بحسب أعمالهم، كما قال عبد الله بن مسعود في قوله: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} قال: على قدر أعمالهم يمرون على الصراط، منهم مَن نوره مثل الجبل، ومنهم مَن نوره مثل النخلة، ومنهم مَن نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورًا مَن نوره في إبهامه يتَّقد مرة ويطفأ مرة ورواه بن أبي حاتم وبن جرير.
وقال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «من المؤمنين من يضيء نُوره من المدينة إلى عَدن أبين وصنعاء فدون ذلك، حتى إن من المؤمنين من يضيء نوره موضع قدميه».
وقال سفيان الثوري، عن حُصَين، عن مجاهد عن جُنَادة بن أمية قال: إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم، وسيماكم وحُلاكم، ونجواكم ومجالسكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان، هذا نورك. يا فلان، لا نور لك. وقرأ: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}
وقال الضحاك: ليس لأحد إلا يعطى نورًا يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين، فلما رأي ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طُفئ نور المنافقين، فقالوا: ربنا، أتمم لنا نورنا.
وقال الحسن في قوله {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يعني: على الصراط.
وقد قال ابن أبي حاتم، رحمه الله: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب، أخبرنا عمي عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن مسعود: أنه سمع عبد الرحمن بن جُبَيْر يحدث: أنه سَمِع أبا الدرداء وأبا ذر يخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أول من يؤذن له يوم القيامة بالسجود، وأول من يؤذن له برفع رأسه، فأنظر من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، فأعرف أمتي من بين الأمم». فقال له رجل: يا نبي الله، كيف تعرف أمتك من بين الأمم، ما بين نوح إلى أمتك؟ قال: «أعرفهم، مُحَجَّلون من أثر الوضوء، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم، وأعرفهم يُؤْتَون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وذريتهم».
وقوله {وَبِأَيْمَانِهِمْ} قال الضحاك: أي وبأيمانهم كتبهم، كما قال: {فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الإسراء: 71].
وقوله: {بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أي: يقال لهم: بشراكم اليوم جنات، أي: لكم البشارة بجنات تجري من تحتها الأنهار، {خَالِدِينَ فِيهَا} أي: ماكثين فيها أبدًا {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
وقوله: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} وهذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة، والزلازل العظيمة، والأمور الفظيعة وإنه لا ينجو يومئذ إلا من آمن بالله ورسوله، وعمل بما أمر الله، به وترك ما عنه زجر.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبدة بن سليمان، حدثنا ابن المبارك، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر قال: خرجنا على جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيها الناس، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا- يشير إلى القبر- بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع الله، تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم في بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من الله، فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فتغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورًا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئًا، وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه، قال {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} إلى قوله: {فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]، فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، ويقول المنافقون للذين آمنوا: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]. فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئًا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب، {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الآية. يقول سليم بن عامر: فما يزال المنافق مغترًا حتى يقسم النور، ويميز الله بين والمؤمن المنافق.
ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن عثمان، حدثنا ابن حيوة، حدثنا أرطأة بن المنذر، حدثنا يوسف بن الحجاج، عن أبي أمامة قال: تُبْعَثُ ظلمة يوم القيامة، فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه، حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم، فيتبعهم المنافقون فيقولون: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}.
وقال العَوْفي، والضحاك، وغيرهما، عن ابن عباس: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورًا فلما رأي المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة، فلما رأي المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم، فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} فإنا كنا معكم في الدنيا. قال المؤمنون: {ارْجِعُوا} من حيث جئتم من الظلمة، فالتمسوا هنالك النور.
وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا الحسن بن علوية القطان، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار، حدثنا إسحاق بن بشر أبو حذيفة، حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترًا منه على عباده، وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورًا، وكل منافق نورًا، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات فقال المنافقون: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} وقال المؤمنون: {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التحريم: 8]. فلا يذكر عند ذلك أحد أحدًا» وقوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} قال الحسن، وقتادة: هو حائط بين الجنة النار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال الله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} [الأعراف: 46].
وهكذا روي عن مجاهد، رحمه الله، وغير واحد، وهو الصحيح.
{بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} أي: الجنة وما فيها {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} أي: النار. قاله قتادة، وبن زيد، وغيرهما.
قال بن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سورُ بيت المقدس عند وادي جهنم. ثم قال: حدثنا ابن البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوام- مؤذن بيت المقدس- قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: إن السور الذي ذكر الله في القرآن: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنم.
ثم روي عن عبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وعلي بن الحسين زين العابدين، نحو ذلك. وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك، لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم؛ فإن الجنة في السموات في أعلى عليين، والنار في الدركات أسفل سافلين. وقول كعب الأحبار: إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد، فهذا من إسرائيلياته وتُرّهاته. وإنما المراد بذلك: سورٌ يُضْرَب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه، فإذا استكملوا دُخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} أي: ينادي المنافقون المؤمنين: أما كنا معكم في الدار الدنيا، نشهد معكم الجمعات، ونصلي معكم الجماعات، ونقف معكم بعرفات، ونحضر معكم الغزوات، ونؤدي معكم سائر الواجبات؟ {قَالُوا بَلَى} أي: فأجاب المؤمنون المنافقين قائلين: بلى، قد كنتم معنا، {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ} قال بعض السلف: أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات {وَتَرَبَّصْتُمْ} أي: أخرتم التوبة من وقت إلى وقت.
وقال قتادة: {وَتَرَبَّصْتُمْ} بالحق وأهله {وَارْتَبْتُمْ} أي: بالبعث بعد الموت {وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ} أي: قلتم: سيغفر لنا. وقيل: غرتكم الدنيا {حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} أي: ما زلتم في هذا حتى جاء الموت {وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} أي: الشيطان.
قال قتادة: كانوا على خدعة من الشيطان، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار.
ومعنى هذا الكلام من المؤمنين للمنافقين: إنكم كنتم معنا أي بأبدان لا نية لها ولا قلوب معها، وإنما كنتم في حيرة وشك فكنتم تُراؤون الناس ولا تذكرون الله إلا قليلا.
قال مجاهد: كان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم ويغشونهم ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتا، ويعطون النور جميعًا يوم القيامة، ويطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور، ويُماز بينهم حينئذ.
وهذا القول من المؤمنين لا ينافي قولهم الذي أخبر الله به عنهم، حيث يقول- وهو أصدق القائلين-: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 38- 47]، فهذا إنما خرج منهم على وجه التقريع لهم والتوبيخ. ثم قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]، كما قال تعالى هاهنا: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهبًا ومثله معه ليفتدى به من عذاب الله، ما قبل منه.
وقوله: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ} أي: هي مصيركم وإليها منقلبكم.
وقوله: {هِيَ مَوْلاكُمْ} أي: هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم، وبئس المصير.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال