سورة الحديد / الآية رقم 15 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ المَصِيرُ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ إِنَّ المُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ

الحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (13) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}.
التفسير:
قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
الظرف هنا متعلق بقوله تعالى في الآية السابقة: {فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} أي أن الذي يقرض اللّه قرضا، فيضاعفه اللّه سبحانه وتعالى له، ويعطيه الأجر الكبير عليه- إنما يجد ذلك يوم القيامة، يوم ترى- أيها الرائي في ذلك اليوم- المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم.
والمراد بالنور- واللّه أعلم- هو الإيمان، وما يتبعه من الأعمال الصالحة، حيث يكون هذا الإيمان نورا هاديا لأصحابه إلى الجنة.. كما يقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
(9: يونس).
والنور الذي في أيمان المؤمنين والمؤمنات يومئذ، هو صحف أعمالهم التي يتناولونها بأيمانهم. فتكون أمارة من أمارات السلامة والنجاة، كما تكون نورا هاديا يتجه بهم إلى طريق الجنة.
وقوله تعالى: {بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
هو النداء الذي ينادى به المؤمنون والمؤمنات من الملائكة يوم القيامة، حيث يلقونهم مرحبين بهم، مسرعين إليهم بزفّ هذه البشرى المسعدة، مهنئين لهم بما ظفروا به من رحمة اللّه ورضوانه في هذا اليوم العظيم.
وقوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ.. قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ}.
هو وصف لموقف من تلك المواقف التي تجرى يوم القيامة بين أهل المحشر، من خصام، وملاحاة، وترام بالتّهم، وقذف بالشناعات.
وهنا موقف بين المنافقين والمنافقات، وبين المؤمنين والمؤمنات.
ذلك أنه حين يرى المنافقون والمنافقات أن المؤمنين والمؤمنات قد زايلوا موقف الحشر، وساحة القضاء، إلى دار الخلد والنعيم، يسعى بهم نورهم إلى دارهم تلك- حين يرى المنافقون والمنافقات ذلك، يركبهم الكرب، ويستبدّ بهم الفزع، بعد أن انطلق المؤمنون والمؤمنات من بينهم، وأخذوا طريقهم إلى الجنة.. وهنا يحاول المنافقون والمنافقات أن يتعلقوا بأذيالهم، وأن يلحقوا بهم. فينادونهم: {انظرونا} أي انتظرونا وأمهلونا قليلا {نقتبس من نوركم} أي نمشى على نوركم، ونتعرف على طريق السلامة بالجري على آثاركم.
وقوله تعالى: {قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً} هو الجواب الذي يجاب به على ما سأل المنافقون والمنافقات بقولهم: {انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}.
وقد يكون هذا الجواب من المؤمنين والمؤمنات، وقد يكون من الملائكة.. ولهذا بنى الفعل للمجهول، ذلك لأن هذا الجواب هو الجواب الذي لا جواب غيره، وإن لم ينطق به أحد.. فهو جواب الحال، قبل أن يكون جواب المقال.. وهو ردع للمنافقين والمنافقات، وحبس لهم في أماكنهم التي هم فيها لا يبرحونها، حتى يقضى الحق فيهم قضاءه.
وقوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ، باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ}.
ضرب بينهم: أي أقيم، ورفع بين المنافقين والمنافقات، والمؤمنين والمؤمنات، هذا الحجاز، وهو سور أي حائط، له باب، هو الباب الذي دخل منه المؤمنون والمؤمنات إلى ساحة الرحمة والمغفرة، وقد أغلق بعد أن دخل المؤمنون والمؤمنات إلى رضوان اللّه، وبقي في الخارج المنافقون والمنافقات ينتظرون قضاء اللّه سبحانه وتعالى فيهم، وإنه لقضاء عدل، حيث ينال المنافقون والمنافقات جزاء ما كانوا يعملون.
ويلاحظ هنا في هذا الموقف، أن المؤمنين والمؤمنات، والمنافقين والمنافقات، كانوا في موقف الحساب والمساءلة، وأن المؤمنين والمؤمنات قد فصل في أمرهم، وبرئت ساحتهم، وسيقوا إلى الجنة زمرا، وأن المنافقين والمنافقات قد همّوا ليلحقوا بهم، فضرب بينهم بهذا السد، وهو سد يحول بين المنافقين والمنافقات وبين الخروج من مكانهم الذي هم فيه.. وفى التعبير عن إقامة هذا الحاجز أو هذا السور بين أهل الجنة وأهل النار- في الإشارة إلى هذا بالضرب، ما يدل على أن هذا السور قد أقيم مرة واحدة، في لحظة خاطفة، ولم بين لبنة لبنة، وجزءا جزءا.. وشبيه بهذا ما يقام من خيام، فإنه يسمّى في حال إقامته بالضرب.. كما يقول الشاعر:
إن السماحة والمروءة والندى *** في قبّة ضربت على ابن الحشرج
كما أن الضرب للشىء يستعمل لما يلزم ويدوم منه، كما في قوله تعالى {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [61: البقرة] أي لزمتهم الذلة والمسكنة لزوما دائما لا يزول.
أما الباب الذي لهذا السور، فهو معدّ لمن بقي من أهل السلامة في الموقف، ولم يدخل الجنة بعد، ولم يلحق بالذين سبقوا من المؤمنين، حيث أبطأ به عمله.. ولكنه مع هذا سائر على طريق النجاة.. فإذا بلغ أول هذا الطريق، دخل من هذا الباب، فوجد أرواح الرحمة، والرضوان.
وقوله تعالى: {باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ} إشارة إلى أن الذين يجوزون هذا السور من المؤمنين والمؤمنات، يجدون ريح الجنة، وراء هذا الباب القائم على السور، أما الذين ظلوا في موقف الحشر، خارج هذا السور، فإنه لا يطلع عليهم في موقفهم هذا إلا نذر الشر، والعذاب.
قوله تعالى: {يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟. قالُوا بَلى! وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.
أي أن المنافقين والمنافقات، وقد وجدوا المؤمنين والمؤمنات، أخذوا طريقهم إلى الجنة، ولم يستجيبوا لندائهم أن: {انظرونا نقتبس من نوركم} حين رأوا ذلك عجبوا لهم، وجعلوا يسائلونهم: {ألم نكن معكم}؟ أي: ألم نكن نحسب من المؤمنين، بينكم؟ ألم تعاملونا معاملة أهل الإيمان؟
فلما ذا تتبرءون منا الآن، وتأخذون طريقا وحدكم، لا حساب لنا فيه معكم؟
ويأتيهم الجواب من المؤمنين: {بلى}!! أي لقد كنتم حقّا معنا، ولكن بألسنتكم- أيها المنافقون والمنافقات، لا بقلوبكم- كان إيمانكم، وبهذا دخلتم مدخل المؤمنين في الدنيا، بهذه الثياب الزائفة من النفاق، التي اتخذتموها زيّا لكم، لتدخلوا به في زمرة المؤمنين.. أما قلوبكم فهى على ما هى عليه من ضلال، وشرك، وكفر.. وأنتم هنا في هذا الموقف- موقف القيامة- إنما تحاسبون على ما في قلوبكم، وقد كشف اللّه سبحانه وتعالى ما بها من نفاق!! لقد كنتم معنا، وكنتم في حساب المؤمنين، لأننا لا نعلم ما في قلوبكم من نفاق وخداع.. ولكنكم كنتم في حقيقة الأمر، على غير سبيل المؤمنين.. فلقد {فتنتم أنفسكم}، وأوردتموها موارد الضلال، {وتربصتم} أي كنتم تتربصون بالمؤمنين، وتنتظرون ما يحلّ بهم من هزيمة وخذلان، فتنفضون أيديكم منهم، وتجدون لكم طريقا إلى عدوهم.
{وارتبتم} أي كنتم في ريبة وشك من دين اللّه، فلم تؤمنوا به عن صدق ويقين، {وغرتكم الأمانى} أي وظللتم في خداع أنفسكم بتلك الأمانى الباطلة، التي كنتم تمنونها بها {حتى جاء أمر اللّه} أي حتى جاءكم الموت، وأنتم في هذا الموقف من التربص والريبة والغرور.. {وغركم باللّه الغرور} أي أنكم كنتم في هذا كلّه منقادين للشيطان الذي دعاكم إليه، وزين لكم طريق الضلال، فاستجبتم له، وغررتم بخداعه وضلاله.
والغرور، هو الشيطان، لأن التغرير بالناس، هو وظيفته التي خلق لها.
قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا.. مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
هو مما يردّ به على المنافقين والمنافقات، يوم القيامة، بعد أن سمعوا ما يسوؤهم، جوابا على قولهم للمؤمنين: {ألم نكن معكم}؟ إنهم لم يكونوا من المؤمنين، بل كانوا على نفاق خفىّ انكشف أمره يوم القيامة، ولهذا فهم يساقون إلى النار، مع الكافرين، لأنهم في الحقيقة كانوا كافرين، وإن حسبوا في ظاهر أمرهم من المؤمنين.
وإنه لن يقبل منهم فدية يفتدون بها أنفسهم من هذا العذاب.. تماما كما لا يقبل من الكافرين فدية.. إنهم على سواء في الكفر والضلال.
وقوله تعالى: {مَأْواكُمُ النَّارُ} تأكيد لقوله تعالى: {لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ}.
فالفدية إنما هى فدية من النار، وإذا لم تقبل الفدية فليس إلا النار.
وقوله تعالى: {هِيَ مَوْلاكُمْ}.
هى الولىّ الذي يضمكم إليه، وتقوم بينكم وبينه المودّة والتآخى.. إنه لا بد لكم من ولىّ، وقد انقطعت بينكم وبين المؤمنين والمؤمنات حبال الولاء، وليس بعد ولاية المؤمنين إلا ولاية الكافرين.. والكافرين في النار، فخذوا مكانكم معهم فيها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال