سورة النساء / الآية رقم 17 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (18)}
فيهما أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ} قيل: هذه الآية عامة لكل من عمل ذنبا.
وقيل: لمن جهل فقط، والتوبة لكل من عمل ذنبا في موضع آخر. واتفقت الامة على أن التوبة فرض على المؤمنين، لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ}. وتصح من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه- خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب. ولا فرق بين معصية ومعصية- هذا مذهب أهل السنة. وإذا تاب العبد فالله سبحانه بالخيار إن شاء قبلها، وإن شاء لم يقبلها. وليس قبول التوبة واجبا على الله من طريق العقل كما قال المخالف، لأن من شرط الواجب أن يكون أعلى رتبة من الموجب عليه، والحق سبحانه خالق الخلق ومالكهم، والمكلف لهم، فلا يصح أن يوصف بوجوب شيء عليه، تعالى عن ذلك، غير أنه قد أخبر سبحانه وهو الصادق في وعده بأنه يقبل التوبة عن العاصين من عباده بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ}.
وقوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ}. وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ} فإخباره سبحانه وتعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء. والعقيدة أنه لا يجب عليه شيء عقلا، فأما السمع فظاهره قبول توبة التائب. قال أبو المعالي وغيره: وهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن، لا قطعا على الله تعالى بقبول التوبة. قال ابن عطية: وقد خولف أبو المعالي وغيره في هذا المعنى. فإذا فرضنا رجلا قد تاب توبة نصوحا تامة الشروط فقال أبو المعالي: يغلب على الظن قبول توبته.
وقال غيره: يقطع على الله تعالى بقبول توبته كما أخبر عن نفسه عز وجل. قال ابن عطية: وكان أبي رحمه الله يميل إلى هذا القول ويرجحه، وبه أقول، والله تعالى أرحم بعباده من أن ينخرم في هذا التائب المفروض معنى قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ} وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ}. وإذا تقرر هذا فأعلم أن في قوله: {عَلَى اللَّهِ} حذفا وليس على ظاهره، وإنما المعنى على فضل الله ورحمته بعباده. وهذا نحو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: «أتدري ما حق العباد على الله؟» قال: الله ورسوله أعلم. قال: «أن يدخلهم الجنة». فهذا كله معناه: على فضله ورحمته بوعده الحق وقوله الصدق. دليله قوله تعالى: {كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي وعد بها.
وقيل: {عَلَى} هاهنا معناها عند والمعنى واحد، التقدير: عند الله، أي إنه وعد ولا خلف في وعده أنه يقبل التوبة إذا كانت بشروطها المصححة لها، وهي أربعة: الندم بالقلب، وترك المعصية في الحال، والعزم على ألا يعود إلى مثلها، وأن يكون ذلك حياء من الله تعالى لا من غيره، فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تصح التوبة. وقد قيل من شروطها: الاعتراف بالذنب وكثرة الاستغفار، وقد تقدم في آل عمران كثير من معاني التوبة وأحكامها. ولا خلاف فيما أعلمه أن التوبة لا تسقط حدا، ولهذا قال علماؤنا: إن السارق والسارقة والقاذف متى تابوا وقامت الشهادة عليهم أقيمت عليهم الحدود.
وقيل: {عَلَى} بمعنى من أي إنما التوبة من الله للذين، قاله أبو بكر بن عبدوس، والله أعلم. وسيأتي في التحريم الكلام في التوبة النصوح والأشياء التي يتاب منها.
الثانية: قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ} السوء في هذه الآية، والانعام {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ} يعم الكفر والمعاصي، فكل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته. قال قتادة: أجمع أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن كل معصية فهي بجهالة، عمدا كانت أو جهلا، وقال ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد والسدي. وروي عن الضحاك ومجاهد أنهما قالا: الجهالة هنا العمد.
وقال عكرمة: أمور الدنيا كلها جهالة، يريد الخاصة بها الخارجة عن طاعة الله. وهذا القول جار مع قوله تعالى: {إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}.
وقال الزجاج: يعني قوله: {بِجَهالَةٍ} اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية.
وقيل: {بِجَهالَةٍ} أي لا يعلمون كنه العقوبة، ذكره ابن فورك. قال ابن عطية: وضعف قوله هذا ورد عليه.
الثالثة: قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} قال ابن عباس والسدي: معناه قبل المرض والموت. وروي عن الضحاك أنه قال: كل ما كان قبل الموت فهو قريب.
وقال أبو مجلز والضحاك أيضا وعكرمة وابن زيد وغيرهم: قبل المعاينة للملائكة والسوق، وأن يغلب المرء على نفسه. ولقد أحسن محمود الوراق حيث قال:
قدم لنفسك توبة مرجوة *** قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غلق النفوس فإنها *** ذخر وغنم للمنيب المحسن
قال علماؤنا رحمهم الله: وإنما صحت التوبة منه في هذا الوقت، لأن الرجاء باق ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل. وقد روى الترمذي عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر». قال: هذا حديث حسن غريب. ومعنى ما لم يغرغر: ما لم تبلغ روحه حلقومه، فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به. قاله الهروي.
وقيل: المعنى يتوبون على قرب عهد من الذنب من غير إصرار. والمبادر في الصحة أفضل، وألحق لامله من العمل الصالح. والبعد كل البعد الموت، كما قال:
وأين مكان البعد إلا مكانيا ***
وروى صالح المري عن الحسن قال: من عير أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه ابتلاه الله به.
وقال الحسن أيضا: إن إبليس لما هبط قال: بعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام الروح في جسده. قال الله تعالى: «فبعزتي لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم تغرغر نفسه».
الرابعة: قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ} نفى سبحانه أن يدخل في حكم التائبين من حضره الموت وصار في حين اليأس، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق فلم ينفعه ما أظهر من الايمان، لأن التوبة في ذلك الوقت لا تنفع، لأنها حال زوال التكليف. وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجمهور المفسرين. وأما الكفار يموتون على كفرهم فلا توبة لهم في الآخرة، واليهم الإشارة بقوله تعالى: {أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً} وهو الخلود. وإن كانت الإشارة بقوله إلى الجميع فهو في جهة العصاة عذاب لا خلود معه، وهذا على أن السيئات ما دون الكفر، أي ليست التوبة لمن عمل دون الكفر من السيئات ثم تاب عند الموت، ولا لمن مات كافرا فتاب يوم القيامة. وقد قيل: إن السيئات هنا الكفر، فيكون المعنى وليست التوبة للكفار الذين يتوبون عند الموت، ولا للذين يموتون وهم كفار.
وقال أبو العالية: نزل أول الآية في المؤمنين {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ}. والثانية في المنافقين. {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ} يعني قبول التوبة للذين أصروا على فعلهم. {حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} يعني الشرق والنزع ومعاينة ملك الموت. {قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} فليس لهذا توبة. ثم ذكر توبة الكفار فقال تعالى: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً} أي وجيعا دائما. وقد تقدم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال