سورة المجادلة / الآية رقم 21 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكَاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ

المجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (16) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (18) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}.
التفسير:
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} هو استفهام إنكارى، يفضح أولئك المنافقين من الذين دخلوا في الإسلام.
فهؤلاء المنافقون قد تولوا، أي صاروا أولياء ومناصرين {قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} وهم اليهود.. فاليهود، هم المغضوب عليهم من اللّه، فحيث وقع غضب اللّه في القرآن الكريم، كان اليهود هم الواقع عليهم هذا الغضب.. نعوذ اللّه من غضب اللّه.
وقوله تعالى: {ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ} أي أن هؤلاء المنافقين ليسوا منكم أيها المؤمنون، ولا من اليهود أهل الكتاب.. أما أنهم ليسوا من المؤمنين فقد بعد بهم نفاقهم عن دائرة المؤمنين، وأما أنهم ليسوا من اليهود، فلأنهم من مشركى العرب الذين دخلوا في الإسلام بألسنتهم، كعبد اللّه بن أبىّ وغيره، ممن انحاز إلى جانب اليهود في كيدهم لرسول اللّه وللمؤمنين.
وقوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي أن هؤلاء المنافقين لا دين لهم، ولا مروءة عندهم حتى إنهم ليحلفون على الكذب، وهم يعلمون أنه الكذب.. وهذا الحلف هو الحلف الفاجر، واليمين الغموس.
وقوله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي أن اللّه سبحانه قد أعد لهؤلاء المنافقين عذابا شديدا، جزاء بما اقترفت أيديهم وألسنتهم من سيئات ومنكرات وفى قوله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً} إشارة إلى سوء هذا العذاب الذي ينتظر هؤلاء المنافقين، وأنهم قد أعد لهم العذاب، قبل أن يلتقوا به، فهو عذاب خاص بهم، يتناسب مع مكانتهم في أهل الضلال.
قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} الجنة: الوقاية، ومنه المجن، وهو الترس، والدرع، مما تتقى به الضربات في الحرب.. فهؤلاء المنافقون، قد اتخذوا من الأيمان الفاجرة الكاذبة جنة، يتقون بها النظرات التي ينظر بها المؤمنون إليهم، فيرون خزى النفاق ظاهرا على وجوههم، فلا يجد المنافقون سبيلا لستر نفاقهم إلا الحلف الكاذب، الذي يبرّرون بهم مواقفهم المنحرفة الضالة.. وإنهم تحت ستار هذه الأيمان الكاذبة استطاعوا أن يداروا نفاقهم، وأن يمضوا في طريقهم الضال المنحرف عن سبيل اللّه: {فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} هو جزاء من يضل عن سبيل اللّه، ويتبع غير سبيل المؤمنين.
قوله تعالى: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.
أي أنهم لن يجدوا مفرّا من العذاب المهين المعدّ لهم، وأن ما جمعوا من أموال، وما استكثروا من أولاد، لن يغنى عنهم أي غناء في هذا المقام، ولن يدفع عنهم عذاب اللّه الواقع بهم، والذي هم خالدون فيه أبدا.
قوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ}.
أي أنهم لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا يوم يبعثهم اللّه جميعا، ويعرضون بين يديه للحساب، فيحلفون له كذبا، كما كانوا يحلفون في الدنيا للمؤمنين كذبا.. فلقد صحبهم نفاقهم الذي عاشوا به في الدنيا، إلى الآخرة، وكأنه طبيعة ملازمة لهم، متمكنة فيهم. إنهم ليكذبون حتى على أنفسهم ويخادعونها بهذا الضلال الذي يزينونه لها.. وفى هذا يقول اللّه تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ} [23- 24: الأنعام].
وقوله تعالى: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ} أي أنه بخيل إليهم من كثرة إلفهم لهذا الكذب، أنه حق، وأن ما يقولونه من مفتريات هو من الحق الذي ينفعهم في هذا اليوم، كما كانوا يجدون لكذبهم في الدنيا مدخلا إلى الناس، بالأيمان الفاجرة التي يدارونه بها.. ولكن كذبهم هذا الذي يحلفون له بين يدى اللّه، سيرونه بأعينهم بلاء ووبالا عليهم، حيث ينكشف زبفه. ويتعرّى وجهه الكئيب، فيرون على صفحته المخازي والضلالات التي تدفع بهم إلى عذاب الجحيم.
قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ}.
الاستحواذ على الشيء.
الغلبة عليه، والتملك له، والاستبداد به وما زالت الآيات تتحدث عن هؤلاء المنافقين، وتفضح أساليب نفاقهم، والدوافع التي تدفع بهم إليه.. وأنهم قد أصبحوا ليد الشيطان الذي استحوذ عليهم، وملك أمرهم، وضمهم إلى حوزته، فأنساهم ذكر اللّه، وصرفهم عن النظر إلى ما وراء هذه الحياة الدنيا من حساب وجزاء. فهم أولياء الشيطان، وحزبه، وحيث كان الشيطان فهم معه.. وليس للشيطان إلا الخزي والخسران.. فهم آخذون نصيبهم كاملا من هذا الخزي، وذلك الخسران.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ}.
المحادّة للّه ورسوله: التحدي لأمر اللّه ورسوله، والخروج عن طاعتهما.
والمنافقون، يقودهم الشيطان إلى محادة اللّه ورسوله، والخروج عن طاعتهما، وإنه لن يكون لمن يحاد اللّه ورسوله إلا الذلة والهوان، وإلّا أن يدخل في زمرة الذين أذلهم اللّه، وأنزلهم منازل الهون.
قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
كتب اللّه: أي قضى، وحكم.. وفى التعبير عن القضاء والحكم، بالكتابة، إشارة إلى أن ذلك قضاء نافذ، وحكم قاطع.. أو أن ما قضى اللّه سبحانه وتعالى به، مكتوب في أم الكتاب.. وهو اللوح المحفوظ.
أي ومما قضى اللّه به أن الغلبة له سبحانه، ولرسله على أهل الباطل، والضلال، وأن الخزي والهوان على الذين يحادّون اللّه ورسوله.. وهذا وعد من اللّه سبحانه وتعالى بنصرة الحق، والانتصار لأهله الذين يدافعون عنه.. فإن العاقبة دائما للحق، والمدافعين عن الحق، وإن ضاقت بالحق وأهله المسالك، وتراكمت الغيوم، فذلك الضيق إلى سعة، وهذه الغيوم إلى صحو وإشراق.
قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
بهذه الآية الكريمة تختم سورة المجادلة فتضع الميزان الذي يوزن به الناس، في مقام الإيمان والكفر.. فحيث كان الإنسان بولائه، وبمودته، كان الوجه الذي يعرف به، ويحاسب بين الناس عليه.. فمن والى قوما، ووادّهم، عدّ منهم، وحسب فيهم.
وإذن فلا يكون مؤمنا باللّه واليوم الآخر من كان على مودة لمن حاد اللّه ورسوله.. إذ لا يتفق أن يجمع المرء في قلبه بين ولائه للّه، وولائه لأعداء اللّه.
وإذن فلا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم.. ففى سبيل الولاء للّه ولرسوله، ينقطع كل ولاء مع من حاد اللّه ورسوله، ولو كان ذلك بين الأب وابنه، أو الابن وأبيه، والأخ وأخيه، والعشير وعشيره.
وقوله تعالى: {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ} أي أولئك الذين يخلصون ولاءهم للّه من المؤمنين باللّه ورسوله، ويقطعون في سبيل ذلك كل ولاء لهم مع أعداء اللّه من أهل وعشير- {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ} أي ثبته اللّه ومكنه في قلوبهم، فلا تعصف به عواصف الفتن، ولا تغلبهم عليه الأهواء.
{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} أي أعانهم اللّه سبحانه وتعالى بروح منه، تقيهم عوادى الفتن، وتعصمهم من نزعات الشيطان.. {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} فهذا هو جزاؤهم عند اللّه.. فقد {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} وتقبّل منهم أعمالهم، فكان جزاؤهم عنده هذا الرضوان، وذلك النعيم المقيم، وقد أرضاهم هذا النعيم، فحمدوا ربهم وشكروا له.
وفى قوله تعالى: {وَرَضُوا عَنْهُ} ما يكشف عن بعض لطف اللّه بعباده وإكرامه لأهل ودّه، وإغداق الإحسان عليهم، حتى تطيب نفوسهم وتمتلىء غبطة ورضى.. وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى في خطابه لنبيه الكريم:
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى}.
وماذا يملك العبد حتى يكون لرضاه عن ربه أو سخطه، وزن أو قدر؟.
إنه لا شىء.
ولكن هكذا فضل اللّه على عباده، وإحسانه على أوليائه.. إنهم أرضوا اللّه بإيمانهم، وإحسانهم، فكان جزاؤهم عند اللّه أن يعطيهم حتى يرضوا عنه.
إنه رضى متبادل بين اللّه وأوليائه. حيث يطلب العبد رضى سيده ومولاه، فإن رضى عنه سيده، فعل به ما يرضيه عنه.. وكما يكون الرضا المتبادل بين اللّه وأوليائه، يكون الحب المتبادل بين اللّه وأحبابه.. {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [54: المائدة].
{أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ}.
أولئك الذين جعلوا ولاءهم للّه ولرسول اللّه، هم حزب اللّه وأنصاره، وجنده، {أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ومن كان في حزب اللّه، ومع اللّه، فهو من الفائزين المفلحين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال