سورة الممتحنة / الآية رقم 4 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ

الممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {قد كانت لكم أُسوةٌ} أي: قدوة {حسنةٌ} أو: خصلة حميدة، حقيقة بأن يُرتقى بها ويُقتدى، كائنة {في إِبراهيمَ والذين معه} من أصحابه المؤمنين، أو: الأنبياء المعاصرين له، وقريبًا من عصره، ورجّحه الطبري وغيره؛ لأنه لم يروا لإبراهيم أتباع مؤمنون وقت مكافحته نمرودًا. وقد قال لسارة، حين رحل بها إلى الشام: ليس على وجه الأرض مَن يعبد الله غيري وغيرك. {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ}، جمْع بريء، كظريف وظرفاء، أي: نتبرأ منكم {ومما تعبدون من دون الله} من الأصنام، {كَفَرنا بكم} أي: بدينكم، أو: معبودكم، أو: بكم وبأصنامكم، فلا نعتد بشأنكم وبآلهتكم، {وبدا بيننا وبينكم العداوةُ والبغضاءُ أبداً} أي: هذا دأبنا أبداً {حتى تُؤمنوا بالله وَحْدَه} وتتركوا ما أنتم عليه من الشرك، فتنقلب العداوة حينئذ ولاية، والبغضاء محبة.
وحاصل الآية: أنّ الحق تعالى يقول: إن كانت عداوة الكفار لكم إنما هي لأجل إيمانكم بالحق، فعادوهم أنتم، وكافحوهم بالعداوة، وأَظْهِروا البغضاء لهم والمقت، وصَرِّحوا أنّ سبب العداوة ليس إلاّ كفركم بالله، وما دام هذا السبب قائمًا كانت العداوة، حتى إن أزلتموه انقلبت العداوةُ مولاةً، وأنتم مقتدون في ذلك بالخليل عليه السلام وسائر الأنبياء، حيث كافحوا الكفارَ بالعداوة، وتوكّلوا على الله. قال ابن عطية: هذه الأسوة مقيّدة بالتبرِّي من المشركين وإشراكهم، وهو مطرد في كل ملة، وفي نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة على الإطلاق، في العقائد وفي أحكام الشرع. اهـ.
فلكم أسوة فيمن تقدّم. {إِلاَّ قولَ إِبراهيمَ لأبيه لأَستغفرنَّ لك}، وذلك لموعدةٍ وعدها إياه، أي: اقتدوا به في كل شيء، ولا تقتدوا به في استغفاره لأبيه الكافر. واستغفاره عليه السلام لأبيه الكافر جائز عقلاً وشرعاً قبل النهي، لوقوعه قبل تبيُّن أنه من أصحاب الجحيم، لكنه ليس مما ينبغي أن يُؤتسى به أصلاً. {وما أَمْلِكُ لك من الله من شيءٍ} أي: من هداية ومغفرة وتوفيق. وهذه الجملة من تمام قول المستثنى، كأنه قال: أستغفرُ لك وما في طاقتي إلاّ الاستغفار، إظهاراً للعجز وتفويضاً للأمر. {ربنا عليك توكلنا وإِليك أَنَبْنا} أي: أَقبلنا، {وإِليك المصيرُ}؛ المرجع وهو من تمام ما نقل عن إبراهيم عليه السلام ومَن معه مِن الأسوة الحسنة، وهو راجع لِما قبل الاستثناء، قالوه بعد المهاجرة ونشر البغضاء، التجاء إلى الله تعالى في جميع أمورهم، لا سيما في موافقة الكفرة، وكفاية شرورهم، وقيل: معناه: قولوا، فيكون أبتداء كلام خطاباً لهذه الأمة، وضعّفه أبو السعود. وتقديم المعمول لقصر التوكُّل والإنابة والمصير عليه تعالى.
{ربنا لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا} بأن تُسلطهم علينا، فيفتنونا بعذاب لا نُطيقه، {واغفر لنا} ما فرط منا، {ربنا إِنك أنت العزيزُ} الذي لا يذلّ مَن التجأ إليه، ولا يخيب رجاء مَن توكل عليه، {الحكيمُ} الذي لا يفعل إلاَّ ما فيه حكمة بالغة.
وتكرير النداء للمبالغة في التضرُّع والالتجاء.
{لقد كان لكم فيهم}؛ في إبراهيم ومَن معه {أُسوةٌ حسنةً}، تكرير للمبالغة في الحث على الاقتداء به، ولذلك صدّره بالقسم. وقوله: {لمَن كان يرجو اللهَ واليومَ الآخر} بدل من {لكم}، وحكمته: الإيذان بأن مَن يؤمن بالله واليوم الآخر لا يترك الاقتداء بهم، وأنّ تركه مخلّ بالإيمان بهما، كما ينبىء عنه قوله تعالى: {ومَن يتولَّ فإِنَّ اللهَ هو الغنيُّ الحميدُ}، فإنه إنما يُوعَد بأمثاله الكفرة، أي: هو الغني عن الخلق، الحميد المستحق للحمد وحده.
الإشارة: ينبغي للمريد أن يكون إبراهيميًّا، يتبرأ من كل ما يشغله عن الله، أيًّا مَن كان، ويظهر العداوة والبغضاء لكل مَن يقطعه عن مولاه، حتى يوافقه على طريقه وسيرته، إلاّ على وجه النصيحة والدعاء إلى الله، إن كان أهلاً لذلك، فيُذكِّر مَن خالفه في طريقه، فإن أيس منه استغفر له، ودعا له بالهداية، مُقرًّا بالعجز عن هدايته وتوفيقه، ثم يلتجىء إلى مولاه في جميع أموره، ويتحصّن بالله من فتنة أهل الظلم والغفلة. والله غالب على أمره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال