سورة الممتحنة / الآية رقم 8 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ

الممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنةالممتحنة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الأخر} ثم كرر الحث على الائتساء بإبراهيم عليه السلام وقومه تقريراً وتأكيداً عليهم، ولذا جاء به مصدراً بالقسم لأنه الغاية في التأكيد، وأبدل من قوله {لَكُمْ} قوله {لّمَن كَانَ يَرْجُو الله} أي ثوابه أي يخشى الله وعقبه بقوله {وَمَن يَتَوَلَّ} يعرض عن أمرنا ويوال الكفار {فَإِنَّ الله هُوَ الغنى} عن الخلق {الحميد} المستحق للحمد فلم يترك نوعاً من التأكيد إلا جاء به ولما أنزلت هذه الآيات وتشدد المؤمنون في عداوة آبائهم وأبنائهم وجميع أقربائهم من المشركين أطمعهم في تحول الحال إلى خلافة فقال:
{عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم مّنْهُم} أي من أهل مكة من أقربائكم {مَّوَدَّةَ} بأن يوفقهم للإيمان، فلما يسر فتح مكة أظفرهم الله بأمنيتهم فأسلم قومهم وتم بينهم التحاب. و{عسى} وعد من الله على عادات الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى أو لعل فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك أو أريد به إطماع المؤمنين {والله قَدِيرٌ} على تقليب القلوب وتحويل الأحوال وتسهيل أسباب المودة {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} لمن أسلم من المشركين {لاَّ ينهاكم الله عَنِ الذين لَمْ يقاتلوكم فِى الدين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دياركم أَن تَبَرُّوهُمْ} تكرموهم وتحسنوا إليهم قولاً وفعلاً. ومحل {أَن تَبَرُّوهُمْ} جر على البدل من {الذين لَمْ يقاتلوكم} وهو بدل اشتمال والتقدير عن بر الذين {وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ} وتقضوا إليهم بالقسط ولا تظلموهم، وإذا نهى عن الظلم في حق المشرك فكيف في حق المسلم {إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين إِنَّمَا ينهاكم الله عَنِ الذين قاتلوكم فِى الدين وَأَخْرَجُوكُم مّن دياركم وظاهروا على إخراجكم أَن تَوَلَّوْهُمْ} هو بدل من {الذين قاتلوكم} والمعنى لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ} منكم {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظالمون} حيث وضعوا التولي غير موضعه.
{ياأيها الذين ءامَنُواْ إِذَا جَاءكُمُ المؤمنات} سماهن مؤمنات لنطقهن بكلمة الشهادة، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهن بالامتحان {مهاجرات} نصب على الحال {فامتحنوهن} فابتلوهن بالنظر في الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن. وعن ابن عباس: امتحانها أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله {الله أَعْلَمُ بإيمانهن} منكم فإنكم وإن رزتم أحوالهن لا تعلمون ذلك حقيقة وعند الله حقيقة العلم به {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مؤمنات} العلم الذي تبلغه طاقتكم وهو الظن الغالب بظهور الأمارات، وتسمية الظن علماً يؤذن بأن الظن الغالب وما يفضي إليه القياس جارٍ مجرى العلم وصاحبه غير داخل في قوله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار} فلا تردوهن إلى أزواجهن المشركين.
{لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} أي لا حل بين المؤمنة والمشرك لوقوع الفرقة بينهما بخروجها مسلمة {وَءاتُوهُم مَّا أَنفَقُواْ} وأعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور. نزلت الآية بعد صلح الحديبية وكان الصلح قد وقع على أن يرد على أهل مكة من جاء مؤمناً منهم، فأنزل الله هذه الآية بياناً لأن ذلك في الرجال لا في النساء لأن المسلمة لا تحل للكافر. وقيل: نسخت هذه الآية الحكم الأول {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ} ثم نفى عنهم الجناح في تزوج هؤلاء المهاجرات {ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي مهورهن لأن المهر أجر البضع وبه احتج أبو حنيفة رضي الله عنه على أن لا عدة على المهاجرة {وَلاَ تُمْسِكُواْ} {وَلاَ تُمْسِكُواْ} بصري {بِعِصَمِ الكوافر} العصمة ما يعتصم به من عقد وسبب. والكوافر جمع كافرة وهي التي بقيت في دار الحرب أو لحقت بدار الحرب مرتدة أي لا يكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية. قال ابن عباس رضي الله عنهما: من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدّنّ بها من نسائه لأن اختلاف الدارين قطع عصمتها منه {وَسْئَلُواْ مَا أَنفَقْتُم} من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار ممن تزوجها {وَلْيَسْئَلُواْ مَا أَنفَقُواْ} من مهور نسائهم المهاجرات ممن تزوجها منا {ذَلِكُمْ حُكْمُ الله} أي جميع ما ذكر في هذه الآية {يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} كلام مستأنف أو حال من حكم الله على حذف الضمير أي يحكمه الله، أو جعل الحكم حاكماً على المبالغة وهو منسوخ فلم يبق سؤال المهر لا منا ولا منهم {والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِن فَاتَكُمْ شَئ مّنْ أزواجكم إِلَى الكفار} وإن انفلت أحد منهن إلى الكفار وهو في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه أحد.
{فعاقبتم} فأصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم عن الزجاج {فَأَتُواْ الذين ذَهَبَتْ أزواجهم مّثْلَ مَا أَنفَقُواْ} فأعطوا المسلمين الذين ارتدت زوجاتهم ولحقن بدار الحرب مهور زوجاتهم من هذه الغنيمة {واتقوا الله الذى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ} وقيل: هذا الحكم منسوخ أيضاً.
{يأَيُّهَا النبى إِذَا جَاءكَ المؤمنات يُبَايِعْنَكَ} حال {على أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بالله شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أولادهن} يريد وأد البنات {وَلاَ يَأْتِينَ ببهتان يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك، كنى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذباً، لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين وفرجها الذي تلده به بين الرجلين {وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ} طاعة الله ورسوله {فَبَايِعْهُنَّ واستغفر لَهُنَّ الله} عما مضى {إِنَّ الله غَفُورٌ} بتمحيق ما سلف {رَّحِيمٌ} بتوفيق ما ائتنف.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من فتح مكة من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا وعمر قاعد أسفل منه يبايعهن عنه بأمره ويبلغهن عنه، وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متقنعة متنكرة خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرفها لما صنعت بحمزة فقال عليه السلام: «أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً فبايع عمر النساء على أن لا يشركن بالله شيئاً فقال عليه السلام: ولا يسرقن فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح وإني أصبت من ماله هنات فقال أبو سفيان: ما أصبت فهو لك حلال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها فقال لها: إنك لهند. قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك فقال: ولا يزنين فقالت: أو تزني الحرة؟ فقال: ولا يقتلن أولادهن فقالت: ربيناهم صغاراً وقتلتهم كباراً فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة قد قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ولا يأتين ببهتان فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق. فقال: {ولا يعصينك في معروف} فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء» وهو يشير إلى أن طاعة الولاة لا تجب في المنكر.
{يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} ختم السورة بما بدأ به قيل هم المشركون {قَدْ يَئِسُواْ مِنَ الأخرة} من ثوابها لأنهم ينكرون البعث {كَمَا يَئِسَ الكفار} أي كما يئسوا إلا أنه وضع الظاهر موضع الضمير {مِنْ أصحاب القبور} أن يرجعوا إليهم أو كما يئس أسلافهم الذين هم في القبور من الآخرة أي هؤلاء كسلفهم. وقيل: هم اليهود أي لا تتولوا قوماً مغضوباً عليهم قد يئسوا من أن يكون لهم حظ في الآخرة لعنادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون أنه الرسول المنعوت في التوراة، كما يئس الكفار من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا أحياء. وقيل: من أصحاب القبور بيان للكفار أي كما يئس الكفار الذين قبروا من خير الآخرة لأنهم تبينوا قبح حالهم وسوء منقلبهم، والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال