سورة التغابن / الآية رقم 4 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لله مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ المَصِيرُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ

التغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابنالتغابن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)}
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض لَهُ الملك وَلَهُ الحمد وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الذي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} اختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال قوم: إنّ اللّه سبحانه خلق الخلق مؤمنين وكافرين.
قال ابن عبّاس: بدأ اللّه خلق بني آدم مؤمناً وكافراً ثمّ يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمناً وكافراً.
واحتجّوا بحديث الصادق المصدِّق وقوله: «السعيد من سعد في بطن أمّه والشقي من شقي في بطن أُمّه».
وكما أخبرنا عبد اللّه بن كامل الأصبهاني قال: أخبرني أَبُو بكر أحمد بن محمد بن يحيى العبدي بنو شيخ قال: حدّثنا أحمد بن نجدة بن العريان قال: حدّثنا المحاملي قال: حدّثنا إبن المبارك عن أبي لهيعة قال: حدّثني بكر بن سوادة عن أبي تميم الحسائي عن أبي ذر عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس، فعرج به إلى الرّب تبارك وتعالى، فقال: يارب أذكر أم أنثى؟ فيقضي اللّه سبحانه ماهو قاض. أشقيٌ أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاق» وقرأ أَبُو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات.
وأخبرنا عبد الخالق قال: أخبرنا إبن حبيب قال: حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل السيوطي قال: حدّثنا داود بن المفضل قال: حدّثنا نصر بن طريف قال: أخبرنا قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ناجية بن كعب عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «خلق اللّه سبحانه فرعون في بطن أُمّه كافراً، وخلق يحيى بن زكرّيا في بطن أُمّه مؤمناً».
وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إنّ الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً».
وقال اللّه سبحانه {وَلاَ يلدوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً} [نوح: 27].
إنّ اللّه سبحانه خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا. قالوا وتمام الكلام عند قوله: {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ} ثم وصفهم {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ} وهو مثل قوله: {والله خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على بَطْنِهِ} [النور: 45] الآية، قالوا: فاللّه خلقهم والمشي فعلهم، وهذا اختيار الحسن ابن الفضل.
قالوا: أو خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفه بفعلهم في قوله: {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ} الكفر فعل الكافر، والإيمان فعل المؤمن.
واحتجّوا بقوله سبحانه: {فِطْرَتَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا} [الروم: 30] وبقوله: «كل مولود يولد على الفطرة»، وقوله حكايةً عن ربّه: «إنّي خلقت عبادي كلّهم حنفاء» ونحوها من الأخبار، ثم اختلفوا في تأويلها، فروى أَبُو الجوزاء عن إبن عبّاس قال: «فمنكم مؤمن يكفر، ومنكم كافر يؤمن».
وقال أَبُو سعيد الخدري: «فمنكم كافر حياته مؤمن في العاقبة، ومنكم مؤمن حياته كافر في العاقبة»، وقال الضحاك: فمنكم كافر في السّر مؤمن في العلانية كالمنافق، ومنكم مؤمن في السّر، كافر في العلانية كعمّار وذويه. فمنكم كافر باللّه مؤمن بالكواكب، ومنكم مؤمن باللّه كافر بالكواكب، يعني في شأن الأنوار.
قال الزجّاج: وأحسن ما قيل فيها {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ} بأنّ اللّه خلقه، وهو مذهب أهل الدهر والطبائع. {وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ} بأنّ اللّه خلقه.
وجملة القول في حكم هذه الآية ومعناها والذّي عليه جمهور الأُمّة والأَئمة والمحقّقون من أهل السُنّة هي أنّ اللّه خلق الكافر وكفره فعلا له وكسباً، وخلق المؤمن وإيمانه فعلا له وكسباً، فالكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق اللّه سبحانه إيّاه؛ لأنّ اللّه سبحانه وتعالى قدّر عليه ذلك وعَلِمَهُ منه، والمؤمن يؤمن ويختار الإيمان بعد خلق اللّه تعالى إيّاه؛ لأنّ اللّه سبحانه أراد ذلك منه وقدّره عليه وعَلِمَهُ منه، ولا يجوز أن يوجد من كلّ واحد منهم غير الذي قدّره اللّه عليه وعلمه منه، لأنّ وجود خلاف المقدور عجز، وخلاف المعلوم جهل، وهما لا يليقان باللّه تعالى، ولا يجوزان عليه، ومن سلك هذا السبيل سَلِمَ من الجبر والقدر فأصاب الحقّ كقول القائل:
يا ناظراً في الدّين ما الأمر *** لا قدرٌ صحّ ولا جبرُ
وقد أخبرنا أَبُو علي زاهر بن أحمد العمدة السرخسي قال: حدّثنا عبد اللّه بن مبشر الواسطي قال: حدّثنا أحمد بن منصور الزّيادي قال: سمعت سيلان يقول: قدم أعرابي البصرة فقيل له: ما تقول في القدر؟ قال: أمر تغالت فيه الظنون، واختلف فيه المختلفون، فالواجب علينا أن نردّ ما أشكل علينا من حكمه إلى ما سبق من علمه.
{خَلَقَ السماوات والأرض بالحق وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ المصير} {يَعْلَمُ مَا فِي السماوات والأرض وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يعني الأُمم الخالية {فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} {ذَلِكَ} العذاب. {بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} لأنّ البشر وإن كان لفظه واحد فإنّه في معنى الجمع وهو اسم الجنس وواحده إنسان ولا واحد له من لفظه.
{فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ واستغنى الله} عن إيمانهم {والله غَنِيٌّ} عن خلقه، {حَمِيدٌ} في أَفعاله.
{زَعَمَ الذين كفروا أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ} يا محمّد {بلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ}.
{فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ والنور الذي أَنزَلْنَا} وهو القرآن.
{والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال