سورة النساء / الآية رقم 29 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّّهِ يَسِيراً إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوَهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)}.
التفسير:
هذه دعوة من اللّه إلى عباده، ومطلوب من مطلوباته إليهم، بل قل إرادة يريدها اللّه منهم.. وتلك الإرادة، هى ألا يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل!.
وإذ كان المال هو مبتغى الناس، ورغيبتهم، فيه يتنافسون، وله يعملون ويكدحون، ومن أجله، وفى سبيله تتصادم رغباتهم، ويقع الشرّ والعدوان بينهم، فيبغى بعضهم على بعض، ويغمط بعضهم حقّ بعض، في صور وأشكال مختلفة.. من السرقة والاغتصاب، والاحتيال، والغش والخداع، والاحتكار، إلى غير ذلك مما هو واقع في معترك الحياة بين الناس- إذ كان ذلك كذلك فقد كثرت وصايا الإسلام إلى الناس في المال وفى رسم الحدود التي تمسك به في دائرة النفع العام والخاص، ليؤدى وظيفته كنعمة من أجلّ النعم التي أنعم اللّه بها على عباده.
ولم تقف نظرة الإسلام إلى المال عند أفق واحد.. بل امتدت نظرته إليه فشملت جميع الآفاق التي يكون للمال مكان فيها.. في كسب المال وفى إنفاقه.. في يد من يملك ومن لا يملك.. في الميراث والورثة.. في ملك اليتامى والسفهاء، وفى يد الأولياء والأوصياء عليهم.. إلى غير ذلك من الوجوه التي يرى فيها المال واقعا في يد فرد أو جماعة.
وفى قوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ} إشارة إلى أن المال مائدة ممدودة من اللّه سبحانه لعباده، يأكلون منها، وأن لكل إنسان حظّه من هذا المال، وأن من وقع إلى يده قدر منه على حين خلت أيدى الجماعة التي حوله، أو قصرت عن أن تنال شيئا منه، كان واجبا عليه أن يعطى مما في يده لمن حوله، إذ من غير المستساغ أن يأكل والناس المشتركون معه على المائدة، لا يأكلون.
وفى كلمة {أموالكم} المضافة إلى المؤمنين جميعا، وكلمة {بينكم} الظرف المكانىّ الجامع لهم جميعا في هذا ما يشير إلى وحدة الملكية للمال، ووحدة الاجتماع في المكان.. وفى هذا وذاك ما يجعل الوحدة الشعورية بالتكافل بين هذه الجماعة، أمرا واجبا، إن لم تقض به شريعة السماء، ولم يدع إليه دين اللّه، قضت به المروءة، ودعت إليه!.
وهذا هو البرّ الذي دعا إليه القرآن.. فقال تعالى: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [92: آل عمران].. وقال سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ} [177: البقرة] ومن تدبير القرآن الكريم في هذا، أنه لم يجعل هذه المائدة المشاعة بين الناس قائمة على قانون مادىّ قهرى، إذ لا سبيل إلى قانون يحمى بنصوصه ومواده، العدوان والبغي، وتسلط الأقوياء على الضعفاء، وإلا كان عليه أن يقيم وازعا من سلطانه على رأس كل إنسان.. يمسك بيده، ويدفع بغيه وعدوانه، وذلك أمر محال، وإنما جعل الإسلام ذلك إلى مشاعر الجماعة ووجدانها، بما أيقظ فيها من نوازع الخير، ودوافع الإحسان، وبما غذّاها به من فضله وإحسانه، وبما وعدها من حسن المثوبة، وعظيم الجزاء، في الدنيا، وفى الآخرة جميعا.. {وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} {وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [39: الروم].
فتلك المشاعر الحيّة، وهذه الوجدانات المتفتحة لرحمة اللّه، الراغبة في حسن الجزاء عنده، هى الحارس الذي لا يغفل، وهى الوازع الذي يقوم حجازا بين ظلم الناس للناس، وبغى الناس على الناس.
وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ} هو استثناء متصل، وليس استثناء منفصلا كما ذهب إلى ذلك الزمخشري، وأكثر المفسّرين.
فالتجارة: هى من تلك المائدة الممدودة بين الناس {أموالكم}، بل هى الوجه الواضح من هذه المائدة، إذ كانت أكثر الأموال دائرة في فلك التجارة، متداولة بين أيدى الناس عن طريقها.
وفى عمليات التجارة، ربح وخسارة.
وفى جانب الربح قد يحصل كثير من الناس على أموال طائلة..!
وهذه الأموال التي ربحها الرابحون هى خسارة قد خسرها آخرون! والصورة في جانب الرّبح تبدو وكأنها أكل لأموال الناس بالباطل، ذلك الأكل الذي ورد صدر الآية الكريمة بالنهى عنه! فهل هذا المال- مال الربح في التجارة أيا كان من الكثرة- هل هو داخل في هذا المال المنهي عن أكله بالباطل؟ وهل يتناوله الحكم الواقع عليه؟
هذا ما استثناه اللّه تعالى في قوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ}.
فهذا المال ليس من الباطل في شىء.. هو مال حلال، إذ جاء عن عمليات بيع وشراء، لا قهر فيها، ولا تدليس أو غشّ، بين البائعين والمشترين.
وفى قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً} دعوة إلى صيانة الأنفس وحفظها، بعد الدعوة إلى صيانة الأموال وحفظها.
وقدمت الدعوة إلى صيانة المال على الدعوة إلى صيانة الأنفس، لأن المال هو قوام الحياة للأنفس، ولا حياة لها بغيره، فكانت صيانته مقدمة على صيانتها! ويقع قتل النفس على صور كثيرة.
فقد يقتل الإنسان نفسه بنفسه.
وذلك بأن يعرضها للتهلكة عن عمد في غير إحقاق حق أو إبطال باطل.
أو بأن يصرفها عن الإيمان إلى الكفر. ويحارب اللّه ورسوله والمؤمنين.
أو بأن يعتدى على حرمات الغير، ويستبيح أموالهم ويأكلها بالباطل، أو يستبيح دماءهم، ويزهق أرواحهم بغير حق.
فكل هذه من بعض الوجوه التي يقتل بها الإنسان نفسه.
وقد توعّد اللّه سبحانه من يرتكب هذا الفعل المنكر بالعذاب الأليم في قوله سبحانه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً} فما جزاء هذا العدوان وذلك الظلم إلا هذا العقاب الأليم، فإن من لا يرحم نفسه، ولا يرحم الناس، لا تناله رحمة اللّه، الذي أطمعنا في رحمته، وبسط لنا يده بها.. {إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال