سورة الطلاق / الآية رقم 4 / تفسير تيسير التفسير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ْيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً

الطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


اذا طلقتم النساء: إذا اردتم ان تطلقوا النساء، وهذا التعبير جاء في القرآن مثل قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم} [النحل: 98] يعني إذا اردت ان تقرأ القرآن. فطلقوهن لعدتهن: يعني طلقوهن بعد طُهرٍ من الحيض دون ان تمسّوهن حتى لا تطول عليهن العدة، والعدة هي الزمان الذي يجب على المرأة ان تبقى فيه دون ان تتزوج. وأحصوا العدة: اضبطوها، حتى يتبين ان المرأة ليست حاملا. فاحشة مبينة: معصية ظاهرة، مثل الزنا أو السرقة أو ان تطيل لسانها على أقارب زوجها وغير ذلك. حدود الله: شرائعه. فاذا بلغن أجلهن: إذا اتممن العدة.
{يا أيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء....}
وجّه الله تعالى الخطاب إلى النبيّ الكريم ليُفهِم المؤمنين جميعا، أن يتقيدوا بأحكام الشريعة، فاذا اراد احد ان يطلّق زوجته فإن عليه ان يراعي وقتَ طُهرها من الحيض فيطلّقها وهي طاهرة حتى لا تطول عليها مدة العدة. ثم اكد ذلك بقوله تعالى: {وَأَحْصُواْ العدة} اعرفوا ابتداءها وانتهاءها. {واتقوا الله رَبَّكُمْ} بمحافظتكم على أوامره، لأنها لمصلحتكم.
ثم بين لنا أشياء يجب ان نتّبعها محافظةً على تماسك الأسرة ودوام حياتها فقال: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ} يعني ان المطلقة تبقى في بيتها حتى تنقضيَ العدة. وهناك حكمة بالغة في إبقاء المطلقة في بيتها، وهي: عسى ان يراجعَ الزوج رأيَه، ويعاودَ أمره، فيراجعَ زوجته وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي. وفي ذلك مصلحة كبرى للطرفين.
{وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}
ولا يجوز ان يتخرج المطلقة من بيتها إلا إذا انتهت العِدة، فلا تأذنوا لهنّ بالخروج إذا طلبن ذلك، ولا يخرجن بأنفسِهن إن أردْن، ولكنه استثنى من لزوم البقاء في بيوت الزوجية إذا دعت الضرورة لذلك كأن فعلتْ ما يوجِب حدّاً كالزنا أو السرقة أو أطالت اللسان على الأحماء ومن في البيت من سوءِ خلقها، فيحل عند ذلك إخراجها من البيت.
ثم بين الله تعالى عاقبة تجاوز حدود الله فقال: {وَتِلْكَ حُدُودُ الله}
هذه التي بينها لكم من الطلاق للعدة واحصائها وما يترتب على ذلك.
{وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} بعدم تمسّكه بأوامر الله وشرعه.
ثم لمّح إلى حكمة بقائها في البيت فقال: {لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.
أنتَ لا تعلم ايها المرء ماذا يحصل، ولا تعلم ان الله يقلّب القلوب، فيجعل في قلبك محبةً لها، فتندم على طلاقها وفراقها، ولعلك تراجعها وتعود المياه إلى مجاريها.
روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عمر رضي الله عَنْهُمْ «انه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ لرسول الله، فتغيّظ منه ثم قال: لِيراجعْها ثم يمسكْها حتى تطهُر ثم تحيض ثم تطهر، فإن بدا له ان يطلّقها فليطلقها قبل ان يمسّها، فتلك العِدةُ التي أمَرَ اللهُ ان تطلَّق لها النساء».
والشريعة الإسلامية، وان اباحت الطلاق- قد بغّضت فيه وقبّحته وبينت انه ضرورة لا يُلجا إليها الا بعد استنفاد جميع الوسائل لبقاءِ رباط الزوجية الذي هو أوثق رباط، والذي حبّبتْ فيه وجعلته من أجلّ النعم، وسماه الله تعالى: {مِّيثَاقاً غَلِيظاً} [النساء: 21] والأحاديثُ كثيرة على التحذير من الطلاق والبعد عنه ما امكن للضرورة.
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.
بعد أن أمرَ اللهُ تعالى بأن يكون الطلاق حسب ما أمَرَ به وان يكون طلقة واحدة رجعيّة، وَمَنَعَ خروج المطلقة من المنزل أو اخراجها الا إذا أتت بفاحشة، ونهى عن تعدِّي تلك الحدود حتى لا يحصَلَ الضرر والندم- خيَّرَ هنا الرجلَ بين أمرين إذا شارفتْ عدةُ امرأته على الانتهاء: إما أن يراجعَها ويعاشرَها بالمعروف والإحسان، وإما أن يفارقَها مع أداءِ حقوقها التي لها ويُكرمها بقدر ما يستطيع.
ثم أمر بالإشهادِ على ذلك فقال: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ}.
يعني إذا راجع المرء زوجته عليه ان يُشهِد اثنين من العدول، واذا فارقَها كذلك. وخاطب الشهودَ بأن يشهدوا على الحق ويؤدوا أمانتهم، وهي الشهادة، على وجهها خالصة لله.
{ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر}.
هذا الذي امرتكم به من امر الطلاق يتعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فيعمل به ولا يخرج عن طاعة الله.
{وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}
ومن ثم يأتي الله تعالى بهذا الكلام اللطيف المطمئن، يخبر فيه جلّ جلاله ان من يخشى الله ويتقيه ويتقيد بأوامر الشريعة يجعلْ له مخلصا من كل ضيق في الدنيا والآخرة، ويهيّيء له من اسباب الرزق من حيث لا يخطر له على بال.
فالتقوى ملاك الأمر عند الله، وبها نيطت السعادةُ في الدارين.
روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه انه قال: أجمع آيةٍ في القرآن: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان} وان اكبر آية في القرآن فَرَجاً: {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}.
{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}.
ومن أخَذ بالاسباب واخلص في عمله وتوكل على الله فان الله تعالى يكفله ويكفيه ما أُهمه في دنياه واخراه.. وهكذا يجب ان تفهم هذه الآية الكريمة، فليس معنى التوكل ان يقعد المرء ولا يعمل ويقول توكلت على الله. ولذلك قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: «اعقِلها وتوكل» إن الله تعالى بالغٌ مرادَه، منفذٌ لمشيئته.
وقد جعل لكل شيء وقتا مقدَّرا بزمانه وبمكانه، وبملابساته وبنتائجه واسبابه، وليس في هذا الكون شيء تمّ مصادفة، ولا جزافا، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]. {وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8].
{واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللاتي لَمْ يَحِضْنَ}.
والنساء اللاتي بلغن سن اليأس وانقطع عنهن الحيضُ فعدّتهن ثلاثة اشهر. وكذلك الصغار اللاتي لم يحضْنَ فإن عدتهن ثلاثة اشهر.
وأما الحامل فإن عدّتها تنتهي عند وضع الحمل، سواء أكانت مطلقة أو متوفًّى عنها.
{وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}
هذا هو حكم الله تعالى في العِدة وانواعها.
ثم أكد الله تعالى على التقوى وأنها رأسُ كل شيء، من تحلّى بها فقد فاز فوزا عظيما ويسّر الله له أمره فقال: {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}.
فالتقوى هي المخرج من كل ضيق، واي فضلٍ أعظمُ من هذا؟
ثم كرر الله تعالى الأمرَ بالتقوى لأنها ملاكُ الأمر وعماده في الدنيا والآخرة فقال: {ذَلِكَ أَمْرُ الله أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ الله يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}.
هذا الذي شرع لكم من الأحكام هو أمرُ الله الذي انزله اليكم لتسيروا على منهجه، وتعملوا به، ومن يتق الله بالمحافظة على أحكامه يكفّر عنه جميع خطاياه، ويجزل له الثواب العظيم {إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات} [هود: 114].
قراءات:
قرأ حفص: {بالغ أمره} بضم الغين وكسر الراء من {أمره} على الاضافة. والباقون: {بالغٌ امرَه} بضم الغين والتنوين، ونصب {أمره}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال