سورة الطلاق / الآية رقم 5 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ْيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً

الطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يأيُّهَا النبى إِذَا طَلَّقْتُمُ النساء} خص النبي صلى الله عليه وسلم بالنداء وعم بالخطاب لأن النبي إمام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم يا فلان افعلوا كذا إظهاراً لتقدمه واعتباراً لترؤسه وأنه قدوة قومه، فكان هو وحده في حكم كلهم وسادّاً مسد جميعهم. وقيل: التقدير يا أيها النبي والمؤمنون. ومعنى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النساء} إذا أردتم تطليقهن وهممتم به على تنزيل المقبل على الأمر المشارف له منزلة الشارع فيه كقوله عليه السلام: «من قتل قتيلاً فله سلبه» ومنه: كان الماشي إلى الصلاة والمنتظر لها في حكم المصلي. {فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فطلقوهن مستقبلات لعدتهن، وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم {فِى قبل عدتهن} وإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم للقرء الأول من أقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها، والمراد أن تطلق المدخول بهن من المعتدات بالحيض في طهر لم يجامعهن فيه، ثم يخلين حتى تنقضي عدتهن وهذا أحسن الطلاق {وَأَحْصُواْ العدة} واضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات كوامل لا نقصان فيهن، وخوطب الأزواج لغفلة النساء.
{واتقوا الله رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ} حتى تنقضي عدتهن {مِن بُيُوتِهِنَّ} من مساكنهن التي يسكنها قبل العدة وهي بيوت الأزواج، وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى، وفيه دليل على أن السكنى واجبة، وأن الحنث بدخول دار يسكنها فلان بغير ملك ثابت فيما إذا حلف لا يدخل داره. ومعنى الإخراج أن لا يخرجهن البعولة غضباً عليهن وكراهة لمساكنتهن أو لحاجة لهم إلى المساكن، وأن لا يأذنوا لهن في الخروج إذا طلبن ذلك إيذاناً بأن إذنهم لا أثر له في رفع الحظر {وَلاَ يَخْرُجْنَ} بأنفسهن إن أردن ذلك {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ} قيل: هي الزنا أي إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن. وقيل: خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه {وَتِلْكَ حُدُودُ الله} أي الأحكام المذكورة {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى} أيها المخاطب {لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} بأن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ولا تخرجوهن من بيوتهن لعلكم تندمون فتراجعون.
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قاربن آخر العدة {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} أي فأنتم بالخيار إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان، وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلاً للعدة عليها وتعذيباً لها {وَأَشْهِدُواْ} يعني عند الرجعة والفرقة جميعاً، وهذا الإشهاد مندوب إليه لئلا يقع بينهما التجاحد {ذَوَى عَدْلٍ مّنكُمْ} من المسلمين {وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ} لوجهه خالصاً وذلك أن يقيموها لا للمشهود له ولا للمشهود عليه ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الضرر {ذلكم} الحث على إقامة الشهادة لوجه الله ولأجل القيام بالقسط {يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر} أي إنما ينتفع به هؤلاء {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} هذه جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة، والمعنى ومن يتق الله فطلق للسنة ولم يضار المعتدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأشهد {يَجْعَلِ الله لَهُ مَخْرَجاً} مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق ويفرج عنه ويعطه الخلاص.
{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} من وجه لا يخطر بباله ولا يحتسبه، ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ}. أي ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ومخلصاً من غموم الدنيا والآخرة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها فقال: «مخرجاً من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم ومن يتق الله» فما زال يقرؤها ويعيدها، ورُوي أن عوف بن مالك أسر المشركون ابناً له فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أسر ابني وشكا إليه الفاقة فقال: «ما أمسى عند آل محمد إلا مدّ فاتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» فقالت: نعم ما أمرنا به فجعلا يقولان ذلك، فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل تغفل عنها العدو فاستاقها فنزلت هذه الآية {وَمَن يَتَوَكَّلْ على الله} يكل أمره إليه عن طمع غيره وتدبير نفسه {فَهُوَ حَسْبُهُ} كافيه في الدارين {إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ} حفص أي منفذ أمره، غيره {بالغٌ أمرَه} أي يبلغ ما يريد لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب {قَدْ جَعَلَ الله لِكُلّ شَئ قَدْراً} تقديراً وتوقيتاً، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه، لأنه إذا علم أن كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل.
{واللائى يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نّسَائِكُمْ} رُوي أن ناساً قالوا: قد عرفنا عدة ذوات الإقراء فما عدة اللائي لم يحضن؟ فنزلت {إِنِ ارتبتم} أي أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتددن {فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثة أَشْهُرٍ} أي فهذا حكمهن.
وقيل: إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس، وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين أهو دم حيض أو استحاضة فعدتهن ثلاثة أشهر، وإذا كانت عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك {واللائي لَمْ يَحِضْنَ} هن الصغائر وتقديره واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر فحذفت الجملة لدلالة المذكور عليها {وأولات الأحمال أَجَلُهُنَّ} عدتهن {أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} والنص يتناول المطلقات والمتوفي عنهم أزواجهن. وعن علي وابن عباس رضي الله عنهم: عدة الحامل المتوفي عنها زوجها أبعد الأجلين {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} ييسر له من أمره ويحلل من عقده بسبب التقوى {ذَلِكَ أَمْرُ الله} أي ما علم من حكم هؤلاء المعتدات {أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ} من اللوح المحفوظ {وَمَن يَتَّقِ الله} في العمل بما أنزله من هذه الأحكام وحافظ على الحقوق الواجبة عليه {يُكَفّرْ عَنْهُ سيئاته وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} ثم بين التقوى في قوله {وَمَن يَتَّقِ الله} كأنه قيل: كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل {أَسْكِنُوهُنَّ} وكذا وكذا {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} هي (من) التبعيضية مبعضها محذوف أي أسكنوهن مكاناً من حيث سكنتم أي بعض مكان سكناكم {مّن وُجْدِكُمْ} هو عطف بيان لقوله {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} وتفسير له كأنه قيل: أسكنوهن مكاناً من مسكنكم مما تطيقونه والوجد: الوسع والطاقة. وقرئ بالحركات الثلاث والمشهور الضم. والنفقة والسكنى واجبتان لكل مطلقة، وعند مالك والشافعي لا نفقة للمبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس أن زوجها أبت طلاقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا سكنى لك ولا نفقة» وعن عمر رضي الله عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لعلها نسيت أو شبه لها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لها السكنى والنفقة» {وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ} ولا تستعملوا معهن الضرار {لِتُضَيّقُواْ عَلَيْهِنَّ} في المسكن ببعض الأسباب من إنزال من لا يوافقهن أو يشغل مكانهن أو غير ذلك حتى تضطروهن إلى الخروج.
{وَإِن كُنَّ} أي المطلقات {أولات حَمْلٍ} ذوات أحمال {فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وفائدة اشتراط الحمل أن مدة الحمل ربما تطول فيظن ظان النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحامل فنفي ذلك الوهم {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} يعني هؤلاء المطلقات إن أرضعن لكم ولداً من ظئرهن أو منهن بعد انقطاع عصمة الزوجية {فَئَاتُوهُنَ أُجُورَهُنَ} فحكمهن في ذلك حكم الأظآر، ولا يجوز الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم يبن خلافاً للشافعي رحمه الله {وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ} أي تشاوروا على التراضي في الأجرة، أو ليأمر بعضكم بعضاً، والخطاب للآباء والأمهات {بِمَعْرُوفٍ} بما يليق بالسنة ويحسن في المروءة فلا يماكس الأب ولا تعاسر الأم لأنه ولدهما وهما شريكان فيه وفي وجوب الإشفاق عليه {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ} تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى} فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة. وقوله {لَهُ} أي للأب أي سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال