سورة الطلاق / الآية رقم 7 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً

الطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جّل جلاله: {أَسْكِنُوهُنَّ} أي: المطلَقات {من حيثُ سَكَنتم} أي: مكاناً من حيث سكنتم، ف {من} للتبعيض، أي: بعض مكانِ سكناكم. قال قتادة: لو لم يكن له إلاّ بيت واحد سكنها في بعض جوانبه. {من وُجْدِكُم} أي: وُسْعِكم، أي: ما تطيقونه، فهو عطف بيان، أو بدل. قال أبو حيان: لا يُعرف عطف بيان يعاد فيه العامل، إنما هذا طريقة البدل مع حرف الجر، ولذلك أعربه أبو البقاء بدلاً. اهـ. والوجد، يجوز فيه الضم وهو أشهر والفتح والكسر.
قال ابن جزي: فأمّا المطلقات غير المبتوتة فيجب لها على زوجها السُكُنَى والنفقة اتفاقاً، وأمّا المبتوتة ففيها ثلاثة أقوال، أحدها: أنها يجب لها السكنى دون الفقة، وهو مذهب مالك والشافعي، والثاني: أنها يجب لها السكنى والنفقة، وهو مذهب أبي حنيفة، والثالث: أنها ليس لها سُكنى ولا نفقة، وهو قول محمد، وثابت البناني، وأُبي بن كعب. فحُجة مالك: حديث فاطمة بنت قيس، وهو أنَّ زوجها طلَّقها البتَّةَ، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«ليس لك عليه نفقة»، فيوخذ منه: أنَّ لها السُكْنى، وحُجة مَن أوجب لها السكنى والنفقة: قول عمر بن الخطاب: لا ندع آيةً من كتاب الله ربنا لقول امرأة، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لها السُكْنَى والنفقة»، وحجة مَن لم يجعل لها سكنى ولا نفقة: أنَّ في بعض الروايات عنها أي: فاطمة بنت قيس أنها قالت:«لم يجعل لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سُكْنَى».
{ولا تُضارُّوهُنَّ} في السُّكْنَى {لِتُضيِّقُوا عليهن} ويُلجأن إلى الخروج، {وإِن كن} أي: المطلقات {أُولات حملٍ فأَنفِقوا عليهن حتى يضعنَ حَملَهن} فيخرجن من العِدّة. قال ابن جزي: اتفق العلماء على وجوب النفقة في العِدّة للمطلقة، عملاً بالآية، سواء كان الطلاق رجعيًّا أو بائناً. واتفقوا أنَّ للمطلقة غير الحامل النفقة والسُكْنى في العِدّة إذا كان الطلاق رجعيًّا، فإن كان بائناً فاختلفوا في نفقتها حسبما ذكرناه، وأمّا المتوفَّى عنها إذا كانت حاملاً فلا نفقة لها عند مالك والجمهور، لأنهم رأوا أنَّ هذه الآية إنما هي في المطلقات. وقال قوم: لها النفقة في التركة. اهـ.
{فإنْ أرضعنَ لكم} هؤلاء المطلقات أولادَكم {فآتوهن أجورَهُنَّ} أي: أجرة الرضاع، وهي النفقة وسائر المؤن المُفصل في كتب الفقه. {وأْتَمِرُوا بينكم بمعروفٍ}، خطاب للرجال والنساء، أي: يأمر كلُّ واحد منكم صاحبَه بخيرٍ؛ من المسامحة والرفق والإحسان، ولا يكن من الأب مماكسة، ومن الأم معاسرة، أو: تشاوروا بينكم على التراضي في الأجرة، ومنه: {إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} [القصص: 20]. {وإِن تعاسَرتمْ}؛ تضايقتم، فلم ترضَ الأمّ بما ترضع به الأجنبية، {فستُرضِعُ له أخرى}؛ فستُوجد مرضعةٌ أخرى، غير متعاسرة، وفيه معاتبة للأم على المعاسرة. والمعنى: إن تشططت الأمّ على الأب في أجرة الرضاع، وطلبت منه كثيراً، فللأب أن يسترضع لولده امرأة أخرى بما هو أرفق إلاّ ألاَّ يَقبل الولدُ غيرها، فتُجبر على رضاعة بأجرة المثل.
{ليُنفق ذو سَعَةٍ من سَعته ومَن قُدِرَ عليه رزقُه فليُنفق مما آتاه اللهُ} أي: لِينفق كُلٌّ واحد من المعسر والموسر بما يبلغه وسعه، يعني: ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات، {ومن قَدِرَ} أي: ضُيِّق {عليه رزقُه فلينفقْ} عليها {مما آتاه اللهُ} فيَفرض الحاكمُ عليه ما يطيقه، {لا يُكلِّف اللهُ نفساً إِلاَّ ما آتاها}؛ أعطاها من الرزق، وفيه تطييب قلب المعسر، وترغيب له في بذل مجهوده، وقد أكد ذلك بالوعد، حيث قال: {سيجعل اللهُ بعد عُسر يُسراً} أي: بعد ضيق في المعيشة سعة فيها، فإنّ عادته تعالى أن يُعقب العسر باليسر، كما قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً} [الشرح: 5]، وكرره مرتين، فلن يغلب عسر يسريْن.
الإشارة: أسكِنوا نفوسَكم من حيث سكنتم بها قبل التوجه، فينبغي للمريد أن يسايس نفسه شيئاً فشيئاً، حتى يغيب عنها في شهود الحق، من غير تشديدٍ في إخراجها عن طبعها بالكلية، فإنها حينئذٍ تَملّ وتكِلّ، فقد قيل: مَن سار إلى الله بموافقة طبعه كان الوصول إليه أقرب إليه من طبعه، ومَن سار إلى الله بمخالفة طبعه كان الوصول إليه على قدر بُعده عن طبعه، وفيه مشقة وحرج. ولذا قال تعالى: {ولا تُضاروهن لتُضيقوا عليهن} لئلا تمل وترجع من حيث جاءت، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «لا يكن أحدكم كالمُنْبَت، فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى»، نعم مخالفة طبعها في حب الظهور والجاه، أو حب الدنيا، واجب حتماً لا رخصة فيه، وهذه سيرة أشياخنا رضي الله عنهم لا يُضيقون على المريد في جوع ولا عطش، ولا كثرة رياضة، وإنما يأمرونه بالخمول وتخريب الظاهر والزهد التام، والورع الكامل، فقد سمعت شيخ شيخنا مولاي العربي الدرقاوي الحسني رضي الله عنه يقول: سُدُّوا باب الطمع، وافتحوا باب الورع، واللهِ إن فعلتم ذلك حتى يستولي باطنكم على ظاهركم. اهـ. أي: تستولي المعاني على الحس، فيتحقق الشهود الكامل. وكان أيضاً يقول: نحن لسنا مع جوعٍ ولا مع شبعة، نحن مع الله. اهـ. أي: غائبون عن الجوع والشبع في ذكر الله وشهوده.
وإن كن أُولات حَمل، أي: ثقل من كثرة العلائق، فأّنْفِقوا عليهن من الواردات الإلهية بصُحبة الرجال، حتى تصادم تلك العلائق، فتهدمها، فتضع الحمل عنها، فإن أرْضَعْن لكم، بإن تهذبت ورجعت روحانيةً تأتيك بالعلوم التي يرتضع منها القلب باليقين والمعرفة، فأتوهن أجورهن من البرّ بها والرفق، وائتمروا بينكم بمعروف، فتُؤمر أنت بالإحسان إليها، وتُؤمر هي بالطاعة لك، وإن تعاسرتم، بأن ضعفت هِمتكم، وقلّت أمدادكم، بعدم صحبة أهل الإمداد، فستُرضع له نفس أخرى، أي: فليتخذ شيخاً كاملاً يُرضع له نفسه من ثدي أسرار العلوم والمعارف، ولذلك قيل: مَن لا شيخ له فالشيطان شيخه، لِيُنفق ذو سعة من سعته، وهم الواصلون العارفون، يُنفقون من سعة علومهم وأسرارهم، على المريدين الذي استرضعوهم، ومَن قُدر عليه رزقه من المريدين السائرين فليُنفق مما آتاه الله على مَن تعلقَ به من المريدين، لا يُكلف الله نفساً إلاّ ما آتاها، سيجعل الله بعد عُسرٍ وضيقِ في العلوم والأسرار يُسراً، فتتسع عليه العلوم والأسرار بعد التمكين.
والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال