سورة الطلاق / الآية رقم 11 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً

الطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاقالطلاق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما ذكر سبحانه ما تقدّم من الأحكام، حذّر من مخالفتها، وذكر عتوّ قوم خالفوا أوامره، فحلّ بهم عذابه، فقال: {وَكَأِيّن مّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبّهَا وَرُسُلِهِ} يعني: عصت، والمراد: أهلها، والمعنى: وكم من أهل قرية عصوا أمر الله ورسله، أو أعرضوا عن أمر الله ورسله على تضمين {عتت} معنى أعرضت، وقد قدّمنا الكلام في {كأين} في سورة آل عمران وغيرها {فحاسبناها حِسَاباً شَدِيداً} أي: شددنا على أهلها في الحساب بما عملوا. قال مقاتل: حاسبها الله بعملها في الدنيا فجازها بالعذاب، وهو معنى قوله: {وعذبناها عَذَاباً نُّكْراً} أي: عذبنا أهلها عذاباً عظيماً منكراً في الآخرة، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، أي: عذبنا أهلها عذاباً نكراً في الدنيا بالجوع والقحط، والسيف والخسف والمسخ، وحاسبناهم في الآخرة حساباً شديداً. والنكر: المنكر {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} أي: عاقبة كفرها {وَكَانَ عاقبة أَمْرِهَا خُسْراً} أي: هلاكاً في الدنيا وعذاباً في الآخرة. {أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً} في الآخرة، وهو عذاب النار، والتكرير للتأكيد {فاتقوا الله ياأولى الألباب} أي: يا أولي العقول الراجحة، وقوله: {الذين آمنوا} في محل نصب بتقدير أعني بياناً للمنادى بقوله: {يأُوْلِي الألباب} أو عطف بيان له أو نعت {قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً} قال الزجاج: إنزال الذكر دليل على إضمار أرسل، أي: أنزل إليكم قرآناً، وأرسل إليكم رسولاً، وقال أبو عليّ الفارسي: إن رسولاً منصوب بالمصدر، وهو ذكراً؛ لأن المصدر المنوّن يعمل. والمعنى: أنزل إليكم ذكر الرسول. وقيل: إن {رسولاً} بدل من {ذكراً}؛ وكأنه جعل الرسول نفس الذكر مبالغة، وقيل: إنه بدل منه على حذف مضاف من الأوّل تقديره: أنزل ذا ذكر رسولاً، أو صاحب ذكر رسولاً. وقيل: إن رسولاً نعت على حذف مضاف أي: ذكراً ذا رسول، فذا رسول نعت للذكر. وقيل: إن رسولاً بمعنى رسالة، فيكون رسولاً بدلاً صريحاً من غير تأويل، أو بياناً. وقيل: إن {رسولاً} منتصب على الإغراء، كأنه قال: الزموا رسولاً، وقيل: إن الذكر ها هنا بمعنى الشرف كقوله: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كتابا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [الأنبياء: 10] وقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]. ثم بيّن هذا الشرف فقال: {رَسُولاً} وقد ذهب الأكثر إلى أن المراد بالرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال الكلبي: هو جبريل، والمراد بالذكر القرآن، ويختلف المعنى باختلاف وجوه الإعراب السابقة، كما لا يخفى. ثم نعت سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم المذكور بقوله: {يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيات الله مبينات} أي: حال كونها مبينات، قرأ الجمهور: {مبينات} على صيغة اسم المفعول، أي: بيّنها الله وأوضحها، وقرأ ابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي على صيغة اسم الفاعل أي: الآيات تبيّن للناس ما يحتاجون إليه من الأحكام.
ورجّح القراءة الأولى أبو حاتم، وأبو عبيد لقوله: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات} [آل عمران: 118] {لّيُخْرِجَ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنَ الظلمات إِلَى النور} اللام متعلقة ب {يتلو} أي: ليخرج الرسول الذي يتلو الآيات الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ظلمات الضلالة إلى نور الهداية، ويجوز أن تتعلق اللام بأنزل، فيكون المخرج هو الله سبحانه: {وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صالحا} أي: يجمع بين التصديق والعمل بما فرضه الله عليه مع اجتناب ما نهاه عنه {ندخله جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} قرأ الجمهور: {يدخله} بالتحتية، وقرأ نافع، وابن عامر بالنون، وجمع الضمير في {خالدين فِيهَا أَبَداً} باعتبار معنى من، ووحّده في {يدخله} باعتبار لفظها، وجملة: {قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} في محل نصب على الحال من الضمير في خالدين على التداخل، أو من مفعول يدخله على الترادف؛ ومعنى {قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} أي: وسع له رزقه في الجنة. {الله الذى خَلَقَ سَبْعَ سموات} الاسم الشريف مبتدأ، وخبره الموصول مع صلته {وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ} أي: وخلق من الأرض مثلهنّ يعني: سبعاً.
واختلف في كيفية طبقات الأرض. قال القرطبي في تفسيره: واختلف فيهنّ على قولين: أحدهما، وهو قول الجمهور: أنها سبع أرضين طباقاً بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة، كما بين السماء والأرض، وفي كل أرض سكان من خلق الله.
وقال الضحاك: إنها مطبقة بعضها على بعض من غير فتوق بخلاف السموات. والأوّل أصح؛ لأن الأخبار دالة عليه في الترمذي، والنسائي، وغيرهما، وقد مضى ذلك مبيناً في البقرة قال: وفي صحيح مسلم عن سعيد بن زيد قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «من أخذ شبراً من الأرض ظلماً فإنه يطوّقه يوم القيامة من سبع أرضين» إلى آخر كلامه، وسيأتي في آخر البحث ما يقوّي قول الجمهور. قرأ الجمهور: {مثلهنّ} بالنصب عطفاً على {سَبْعَ سموات} أو على تقدير فعل، أي: وخلق من الأرض مثلهنّ. وقرأ عاصم في رواية عنه بالرفع على الابتداء، والجار والمجرور قبله خبره {يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ} الجملة مستأنفة، ويجوز أن تكون صفة لما قبلها، والأمر: الوحي. قال مجاهد: يتنزل الأمر من السموات السبع إلى السبع الأرضين.
وقال الحسن: بين كل سماء وبين الأرض.
وقال قتادة: في كل أرض من أرضه، وسماء من سمائه خلق من خلقه وأمر من أمره، وقضاء من قضائه، وقيل: بينهنّ إشارة إلى ما بين الأرض السفلى التي هي أدناها، وبين السماء السابعة التي هي أعلاها، وقيل: هو ما يدبر فيهنّ من عجيب تدبيره، فينزل المطر ويخرج النبات، ويأتي بالليل والنهار، والصيف والشتاء، ويخلق الحيوانات على اختلاف أنواعها وهيئاتها، فينقلهم من حال إلى حال.
قال ابن كيسان: وهذا هو مجال اللغة واتساعها، كما يقال للموت: أمر الله وللريح والسحاب، ونحوها. قرأ الجمهور: {يتنزل الأمر} من التنزل، ورفع الأمر على الفاعلية، وقرأ أبو عمرو في رواية عنه: {ينزل} من الإنزال، ونصب الأمر على المفعولية، والفاعل الله سبحانه، واللام في {لّتَعْلَمُواْ أَنَّ الله على كُلّ شَئ قَدِيرٌ} متعلق ب {خلق}، أو ب {يتنزل}، أو بمقدّر، أي: فعل ذلك؛ لتعلموا كمال قدرته، وإحاطته بالأشياء، وهو معنى {وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلّ شَئ عِلْمَا} فلا يخرج عن علمه شيء منها كائناً ما كان، وانتصاب علماً على المصدرية؛ لأن أحاط بمعنى علم، أو هو صفة لمصدر محذوف أي: أحاط إحاطة علماً، ويجوز أن يكون تمييزاً.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فحاسبناها حِسَاباً شَدِيداً} يقول: لم ترحم {وعذبناها عَذَاباً نُّكْراً} يقول: عظيماً منكراً.
وأخرج ابن مردويه عنه: {قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً} قال: محمداً صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال له رجل: {الله الذى خَلَقَ سَبْعَ سموات *وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ} إلى آخر السورة، فقال ابن عباس: ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر؟ وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في الشعب من طريق أبي الضحى عن ابن عباس في قوله: {وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ} قال: سبع أرضين في كلّ أرض نبيّ كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى، قال البيهقي: هذا إسناده صحيح، وهو شاذّ بمرّة لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الأرضين بين كل أرض والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، والعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في السماء، والحوت على صخرة، والصخرة بيد ملك. والثانية مسجن الريح، فلما أراد الله أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحاً يهلك عاداً، فقال: يا ربّ أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور؟ فقال له الجبار: إذن تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله في كتابه: {مَا تَذَرُ مِن شَئ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم} [الذاريات: 42] والثالثة فيها حجارة جهنم، والرابعة فيها كبريت جهنم، فقالوا: يا رسول الله للنار كبريت؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده؛ إن فيها لأودية من كبريت لو أرسل فيها الجبال الرواسي لماعت» إلى آخر الحديث. قال الذهبي متعقباً للحاكم: هو حديث منكر.
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي عن ابن عباس قال: سيد السموات السماء التي فيها العرش، وسيد الأرضين الأرض التي نحن فيها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال