سورة الملك / الآية رقم 2 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصِيرُ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

الملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملك




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)}
{الذى خَلَقَ الموت والحياة} شروع في تفصيل بعض أحكام الملك وآثار القدرة وبيان ابتنائهما على قوانين الحكم والمصالح واستتباعهما لغايات جليلة والموصول بدل من الموصول الأول وصلته كصلته في الشهادة بتعاليه عز وجل وجوز الطبرسي كونه خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي إلخ والموت على ما ذهب الكثير من أهل السنة صفة وجودية تضاد الحياة واستدل على وجوديته بتعلق الخلق به وهو لا يتعلق بالعدمي لازلية الاعدام وأما ما روى عن ابن عباس من أنه تعالى خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشيء لا مات وخلق الحياة في صورة فرس بلقاء لا تمر بشيء ولا يجد رائحتها شيء إلا حي فهو أشبه شيء بكلام الصوفية لا يعقل ظاهره وقيل هو وارد على منهاج التمثيل والتصوير وذهب القدرية وبعض أهل السنة إلى أنه أمر عدمي هو عدم الحياة عما هي من شأنه وهو المتبادر الأقرب وأجيب عن الاستدلال بالآية بأن الخلق فيها عنى التقدير وهو يتعلق بالعدمي كما يتعلق بالوجودي أوان الموت ليس عدما مطلقا صرفا بل عو عدم شيء مخصوص ومثله يتعلق به الخلق والإيجاد بناء على أنه إعطاء الوجود ولو للغير دون إعطاء الوجود للشيء في نفسه أو أن الخلق عنى الإنشاء والإثبات دون الإيجاد وهو بهذا المعنى يجري في العدميات أو أن الكلام على تقدير مضاف أي خلق أسباب الموت أو أن المراد بخلق الموت والحياة خلق زمان ومدة معينة لهما لا يعلمها إلا الله تعالى فإيجادهما عبارة عن إيجاد زمانهما مجازًا ولا يخفى الحال في هذه الاحتمالات ومن الغريب ما قيل أنه كنى بالموت عن الدنيا إذ هو واقع فيها وبالحياة عن الآخرة من حيث لا موت فيها فكأنه قيل الذي خلق الدنيا والآخرة والحق أنهما عناهما الحقيقي والموت على ما سمعت والحياة صفة وجودية بلا خلاف وهي ما يصح بوجوده الإحساس أو معنى زائد على العلم والقدرة يوجب للموصوف به حالًا لم يكن قبله من صحة العلم والقدرة وتقديم الموت على تقدير كونه عدما مطلقًا أعني عدم الحياة عما هي من شأنه ظاهر لسبقه على الوجود وعلى تقدير كونه العدم اللاحق كما هو الأنسب بالاردة هنا أعني عدم الحياة عما انصف بها فلان فيه مزيد عظة وتذكرة وزجر عن ارتكاب المعاصي وحث على حسن العمل ولذا ورد أكثروا من ذكرها ذم اللذات والحياة وان كانت داعية لذلك ضرورة أن من عرف أنها نعمة عظيمة وكان ذا بصيرة عمل شكر الله تعالى عليها لكنها ليست ثابة الموت في ذلك فمن زعم أنها لا داعية فيها أصلًا وإنما ذكرت باعتبار توقف العمل عليها لم يدقق النظر وأل في الموضعين عوض عن المضاف إليه أي الذي خلق موتكم الطارىء وحياتكم أيها المكلفون {لِيَبْلُوَكُمْ} أي ليعاملكم معاملة من يختبركم {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} أي أصوبه وأخلصه فيجازيكم على مراتب متفاوتة حسب تفاوت مراتب أعمالكم وأصل البلاء الاختبار ولأنه يقتضي عدم العلم بما اختبره وهو غير صحيح في حقه عز وجل حمل الكلام على ما ذكر ويرجع ذلك إلى الاستعارة التمثيلية واعتبار الاستعارة التبعية فيه دونها دون في البلاغة والمراد بالعمل ما يشمل عمل القلب وعمل الجوارح ولذا قال صلى الله عليه وسلم في الآية:«أيكم أحسن عقلًا وأورع عن محارم الله تعالى وأسرع في طاعة الله عز وجل» أي أيكم أتم فهما لما يصدر عن جناب الله تعالى وأكمل ضبطا لما يؤخذ من خطابه سبحانه وايراد صيغة التفضيل مع أن الابتلاء شامل للمكلفين باعتبار أعمالهم المنقسمة إلى الحسن والقبيح أيضًا لا إلى الحسن والأحسن فقط للإيذان بأن المراد بالذات والمقصد الأصلي من الابتلاء هو ظهور كمال احسان المحسنين مع تحقق أصل الإيمان والطاعة في الباقين أيضًا لكمال تعاضد الموجبات له وأما الاعراض عن ذلك فعزل من الإندراج تحت لوقوع فضلًا عن الانتظام في سلك الغاية أو الفرض عند من يراه لأفعال الله عز وجل وإنما هو عمل يصدر عن عامله لسوء اختياره من غير مصحح له ولا تقريب وفيه من الترغيب في الترقي إلى معارج العلوم ومدارج الطاعات والزجر عن مباشرة نقائصها ما لا يخفى وجعل ذلك من باب الزيادة المطلقة أو من باب {أي الفريقين خير مقامًا} [مريم: 73] ليس بذاك وأيكم أحسن مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب على أنها مفعول ثان ليبلوكم وذلك على ما في الكشاف لتضمنه معنى العلم وهل يسمى نحو هذا تعليقًا أم لا قيل فيه خلاف ففي البحر لأبي حيان نقلًا عن أصحابه أنه يسمى بذلك قال إذا عدى الفعل إلى اثنين ونصب الأول وجاءت بعده جملة استفهامية أو مقرونة بلام الابتداء أو بحرف نفي كانت الجملة معلقا عنها الفعل وكانت في موضع نصب كما لو وقعت في موضع المفعولين وفيها ما يعلق الفعل عن العمل وفي الكشاف هنا لا يسمى تعليقًا إنما التعليق أن يوقع بعد الفعل الذي يعلق ما يسد مسد المفعولين جميعًا كقولك علمت أيهما زيد وعلمت أزيد منطلق واما إذا ذكر بعده أحد المفعولين نحو علمت القوم أيهم أفضل فلا يكون تعليقًا والآية من هذا القبيل واعترضه صاحب التقريب بأن العلم مضمر وهو المعلق كما قال الفراء والزجاج ولا يلزم ذكر المفعول معه بل التقدير ليبلوكم فيعلم أيكم أحسن وأيضًا لا تقع الجملة الاستفهامية مفعولًا ثانيًا لعلمت وإنما تقع موقع المفعولين في علمت أيهم خرج لأن المعنى علمت جواب هذا الاسفهام ولا معنى لتقدير مثله في علمته أيهم خرج وأجيب بأن التضمين يغني عن الإضمار وكون الجملة الاستفهامية لا تقع مفعولًا ثانيًا ضعيف لأنها إذا وقعت مفعولًا أولًا في نحو لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على معنى لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد كما قال الخليل فلم يمتنع وقوعها مفعولًا ثانيًا بتأويل ليعلمكم الذين يقال في حقهم أيهم أحسن وإليه ذهب الطيبي ثم قال وقد انصف صاحب الانتصاف حيث قال التعليق عن أحد المفعولين فيه خلاف والأصح هو الذي اختاره الزمخشري وهذا النحو عشه فيه يدرج ويدري كيف يدخل ويخرج انتهى والذي ذكره في سورة هود أن في الآية تعليقًا لما في الاختبار من معنى العلم لأنه طريق إليه ومثله بقوله أنظر أيهم أحسن وجهًا فجعلوا بين كلاميه تنافيا وفي الكشف أن كلامه هناك صريح بأن التعليق فيه عنى تعليق فعل القلب على ما فيه استفهام وهو بهذا المعنى خاص بفعل القلب من غير تخصيص بالسبعة المتعدية إلى مفعولين وفي الاستفهام خاصة دون ما فيه لام الابتداء ونحوها صرح به الشيخ ابن الحاجب نصًا فلا ينافي ما ذكر في هذه السورة من أنه ليس بتعليق فإنما نفي التعليق بالمعنى المشهور وأما الحمل عن الاضمار في آية هود والتضمين في آية الملك للتفنن فلا وجه له بعد تصريحه بأنه استعارة انتهى وكذا على هذا لا وجه لكون ما هناك اختيارًا لمذهب الفراء والزجاج وما هنا اختيار لمذهب آخر فتدبر وتذكر فإنه كثيرًا ما يسئل عن ذلك قديمًا وحديثًا والله تعالى الموفق {وَهُوَ العزيز} أي الغالب الذي لا يعجزه عقاب من أساء {الغفور} لمن شاء منهم أو لمن تاب على ما اختاره بعضهم لأنه أنسب بالمقام {الذى}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال