سورة القلم / الآية رقم 43 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّنْ بَاقِيةٍ

القلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله تعالى: {أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة} مخاطبة للكفار، كأنه يقول: هل أقسمنا لكم قسماً فهو عهد لكم بأنا ننعمكم في يوم القيامة وما بعده؟ وقرأ جمهور الناس بالرفع على الصفة لأيمان، وقرأ الحسن بن أبي الحسن {بالغةً} بالنصب على الحال وهي حال من النكرة، لأنها نكرة مخصصة بقوله {علينا}، وقرأ الأعرج: {أإن لكم لما تحكمون} وكذلك في التي تقدمت في قوله: {أإن لكم فيه لما تخيرون}، ثم أمر تعالى نبيه محمداً على وجه إقامة الحجة، أن يسألهم عن الزعيم لهم بذلك من هو؟ والزعيم: الضامن للأمر والقائم به، ثم وقفهم على أمر الشركاء، عسى أن يظنوا أنهم ينفعونهم في شيء من هذا. وقرأ ابن أبي عبلة وابن مسعود: {أم لهم شركاء فليأتوا بشِركهم} بكسر الشين دون ألف، والمراد بذلك على القراءتين الأصنام، وقوله تعالى: {فليأتوا بشركائهم} قيل هو استدعاء وتوقيف في الدنيا، أي ليحضروهم حتى يرى هل هم بحال من يضر وينفع أم لا، وقيل هو استدعاء وتوقيف على أن يأتوا بهم يوم القيامة، {يوم يكشف عن ساق}. وقوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق}، قال مجاهد: هي أول ساعة من يوم القيامة، وهي أفظعها، وتظاهر حديث من النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه ينادي مناد يوم القيامة ليتبع كل أحد ما كان يعبد»، قال: «فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، وكذلك كل عابد لكل معبود ثم تبقى هذه الأمة وغبرات أهل الكتاب، معهم منافقوهم وكثير من الكفرة، فيقال لهم: ما شأنكم لم تقفون، وقد ذهب الناس فيقولون ننتظر ربنا فيجيئهم الله تعالى في غير الصورة التي عرفوه بها، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، قال فيقول: أتعرفونه بعلامة ترونها فيقولون: نعم، فيكشف لهم عن ساق، فيقولون: نعم أنت ربنا، ويخرون للسجود فيسجد كل مؤمن وتصير أصلاب المنافقين والكفار كصياصي البقر عظماً واحداً، فلا يستطيعون سجوداً».
قال القاضي أبو محمد: هكذا هو الحديث وإن اختلفت منه ألفاظ بزيادة ونقصان، وعلى كل وجه فما ذكر فيه من كشف الساق وما في الآية من ذلك، فإنما هو عبارة عن شدة الهول وعظم القدرة التي يرى الله تعالى ذلك اليوم حتى يقع العلم أن تلك القدرة إنما هي لله تعالى وحده، ومن هذا المعنى قول الشاعر في صفة الحرب [جد طرفة]: [مجزوء الكامل]
كشفت لهم عن ساقها *** وبدا عن الشر البواح
ومنه قول الراجز: [الرجز]
وشمرت عن ساقها فشدوا...
وقول الآخر: [الرجز]
في سنة قد كشفت عن ساقها *** حمراء تبري اللحم عن عراقها
وأصل ذلك أنه من أراد الجد في أمر يحاوله فإنه يكشف عن ساقه تشميراً وجداً، وقد مدح الشعراء بهذا المعنى فمنه قول دريد: [الطويل]
كميش الإزار خارج نصف ساقه *** صبور على الضراء طلاع أنجدِ
وعلى هذا من إرادة الجد والتشمير في طاعة الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه». وقرأ جمهور الناس: {يُكشَف عن ساق} بضم الياء على بناء الفعل للمفعول، وقرأ ابن مسعود: {يَكشِف} بفتح الياء وكسر الشين على معنى يكشف الله، وقرأ ابن عباس: {تُكشف} بضم التاء على معنى تكشف القيامة والشدة والحال الحاضرة، وقرأ ابن عباس أيضاً: {تَكشف} بفتح التاء على أن القيامة هي الكاشفة، وحكى الأخفش عنه أنه قرأ: {نَكشِف} بالنون مفتوحة وكسر الشين، ورويت عن ابن مسعود. وقوله تعالى: {ويدعون} ظاهره أن ثم دعاء إلى السجود، وهذا يرده ما قد تقرر في الشرع من أن الآخرة ليست بدار عمل وأنها لا تكليف فيها، فإذا كان هذا فإنما الداعي ما يرونه من سجود المؤمنين فيريدون هم أن يسجدوا عند ذلك فلا يستطيعونه. وقد ذهب بعض العلماء إلى أنهم يدعون إلى السجود على جهة التوبيخ، وخرج بعض الناس من قوله: {فلا يستطيعون} أنهم كانوا يستطيعونه قبل ذلك، وذلك غير لازم. وعقيدة الأشعري: أن الاستطاعة إنما تكون مع التلبس بالفعل لما قبله، وهذا القدر كاف من هذه المسألة هاهنا. و: {خاشعة} نصب على الحال وجوارحهم كلها خاشعة، أي ذليلة ولكنه خص الأبصار بالذكر لأن الخشوع فيها أبين منه في كل جارحة. وقوله تعالى: {ترهقهم ذلة} أي تزعج نفوسهم وتظهر عليهم ظهوراً يخزيهم، وقوله تعالى: {وقد كانوا يدعون إلى السجود} يريد في دار الدنيا وهم سالمون مما نال عظام ظهورهم من الاتصال والعتو، وقال بعض المتأولين: {السجود} هنا عبارة عن جميع الطاعات، وخص {السجود} بالذكر من حيث هو عظم الطاعات، ومن حيث به وقع امتحانهم في الآخرة، وقال إبراهيم التيمي والشعبي: أراد ب {السجود} الصلوات المكتوبة، وقال ابن جبير: المعنى كانوا يسمعون النداء للصلاة: وحي على الفلاح فلا يجيبون، وفلج الربيع بن خيثم: فكان يهادي بين رجلين إلى المسجد، فقيل له: إنك لمعذور، فقال: من سمع حي على الفلاح، فليجب ولو حبواً، وقيل لابن المسيب: إن طارقاً يريد قتلك فاجلس في بيتك، فقال: أسمع حي على الفلاح فلا أجيب؟ والله لا فعلت. وهذا كله قريب بعضه من بعض، وقوله تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث} وعيد ولم يكن ثم مانع، ولكنه كما تقول: دعني مع فلان، أي سأعاقبه، {ومن} في موضع نصب عطفاً على الضمير في: {ذرني} أو نصباً على المفعول معه، و{الحديث} المشار إليه هو القرآن المخبر بهذه الغيوب، والاستدراج هو: الحمل من رتبة إلى رتبة، حتى يصير المحمول إلى شر وإنما يستعمل الاستدراج في الشر، وهو مأخوذ من الدرج، قال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم، ويمنعون الشكر، وقال غيره: كلما زادوا ذنباً زادوا نعمة، وفي معنى الاستدراج قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن الله تعالى يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» وقال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه ومغرور بالستر عليه. {وأملي لهم} معناه: أؤخرهم ملاوة من الزمن، وهي البرهة والقطعة، يقال: مُلاوة: بضم الميم وبفتحها وبكسرها، والكيد: عبارة عن العقوبة التي تحل بالكفار من حيث هي: على كيد منهم، فسمى العقوبة باسم الذنب، والمتين: القوي الذي له متانة، ومنه المتن الظهر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال