سورة القلم / الآية رقم 48 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّنْ بَاقِيةٍ

القلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {فَذَرْني ومَن يُكذِّب بهذا الحديث} أي: القرآن، والمعنى: كِلّ أمره لي، وخلِّ بيني وبينه، فإني أكفيك أمره؛ لأني عليم بما يستحق من العذاب، ومطيق له. والفاء لترتيب الأمر على ما قبلها من أحوالهم المحكية، أي: إذا كان حالهم في الآخرة كذلك فذرْني ومَن يُكَذِّب بالقرآن، وتوكل عليّ في الانتقام منه، {سنستدرجُهم}؛ سنُدْنيهم من العذاب درجة درجة، يقال: استدرجه إلى كذا، أي: استنزله إليه درجة بدرجة حتى يورطه فيه، واستدراجه تعالى للعصاة أن يرزقهم الصحة والنعمة، فيجعلون رزقَ الله ذريعة إلى معاصيه. والجملة استئناف مسوق لبيان التعذيب المستفاد من الأمر إجمالاً في قوله: {فذرني} والضمير ل {من}، والجمع باعتبار معناها، كما أنَّ الإفراد في {يُكذِّب} باعتبار لفظها، أي: سنسوقهم إلى العذاب {من حيث لا يعلمون} أي: من الجهة التي لا يشعرون أنه استدراج، قيل: كلما جدّدوا معصيةً جدّدنا لهم نعمة وأنسيناهم شكرها. قال صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيت الله تعالى يُنعم على عبد، وهو مقيم على معصية، فاعلم أنه مُستدرج» ثم تلا هذه الآية.
{وأُمْلِي لهم}؛ وأمهلهم ليزدادوا إثماً، وهم يظنون أنه لإرادة الخير بهم، {إِنَّ كيدي متينٌ}؛ قوي شديد، لا يوقف عليه، فسمّى إحسانه وتمكينه كيداً كما سمّاه استدراجاً؛ لكونه في صورة الكيد، حيث كان سبباً للهلاك. والحاصل: أن معنى الكيد والمكر والاستدراج، هو الأخذ من جهة الأمن، ولا يجوز أن يُسمى الله كائداً وماكراً ومُسْتَدْرِجاً؛ لعدم التوقيف، وأسماؤه تعالى توقيفيه.
{أم تسألهم} على تبليغ الرسالة {أجراً} دنيوياً {فهم من مِغْرَمٍ} أي: من أجل غرامة {مثقَلُون}؛ مكلفون حملاً ثقيلاً، فيعرضون عنك لأجل ما تكلفهم به؟ والاستفهام بمعنى النهي. {أم عندهم الغيب} أي: اللوح المحفوظ، أو علم المغيبات، {فهم يكتبون} منه ما يحكمون به، فيستغنون عن علمه؟
{فاصبرْ لحُكم ربك} أي: ما حكم به، وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم؛ لأنهم وإن أُمهلوا لم يُهمَلوا، {ولا تكن كصاحِب الحوت}؛ يونس عليه السلام في العَجَلة والغضب على القوم حتى ابتلي ببلائه، {إِذ نادَى} في بطن الحوت {وهو مكظوم} مملوء غيظاً. والجملة حال من ضمير {نادى} وعليه يدور النهي، لا على النداءِ؛ فإنه أمر مستحسن، ولذلك لم يذكر المنادَى، و{إذ} منصوب بمضاف محذوف، أي: لا يكن حالك كحاله وقت ندائه، أي: لا يوجد منك ما وُجد منه من الضجر والمغاضبة فتُبتلى ببلائه، {لولا أن تدارَكه نعمةٌ}؛ رحمة {من ربه} أي: لولا أنَّ الله أنعم عليه بإجابة دعائه، وقبول عذره، أو: لتوفيقه للتوبة وقبولها منه، {لنُبذ بالعراءِ}؛ بالأرض الخالية من الأشجار {وهو مذموم}؛ معاتَب بعجلته، لكنه رُحم، فنُبذ غير مذموم، بل مَرْضِي مقبول.
{فاجتباه ربُّه}؛ اصطفاه لرسالته ببركة دعائه وتسبيحه، فأعاد إليه الوحي، وأرسله إلى مائة ألف أو يزيدون، وقيل: استنبأه، وكان لم يُنبأ قبل هذه الواقعة، {فجعله من الصالحين}؛ من الكاملين في الصلاح، أو: من الأنبياء والمرسَلين. والوجه هو الأول؛ لأنه كان نبياً مرسَلاً قبل، لقوله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المرسلين إِذْ أَبَقَ إلىَ الفلك المشحون} [الصافات: 139، 140] الخُ. رُوي أنها نزلت بأُحد، حين هَمّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المنهزمين من المؤمنين، وهو ضعيف؛ لأنَّ السورة كلها مكية. والله تعالى أعلم.
الإشارة: ذَرني ومَن يُكذِّب بهذا الحديث؛ حديث أهل الخصوصية، وهو الكلام في علم أسرار التوحيد، الذي هو مدار علم الباطن، فمَن يُنكره أو يُنكر وجودَ أهله فهو مستدرَج مغرور، سنستدرجهم من حيث لا يعلمون، أي: ندرجهم إلى مقام البُعد درجة درجة، من حيث لا يشعرون، فهم يحسبون أنهم يصعدون، وهم يسقطون، يطنون أنهم يُرقِّقون الحجاب بينهم وبين الله، وهم يغلظونه. قيل: حقيقة الاستدراج هو السكون إلى اللذات، والتنعُّم بالنعمة، ونسيان ما تحت النِعم من النقم. اهـ. وهذا حال مَن يُنكر وجود التربية، أو دخل فيها ولم يمتثل ما يُشير به عليه شيخُه. ويقال لمَن يدعو الناس إلى الله، وهم يفرُّون: أم تسألهم أجراً فهم من مَغرم مُثقلون، وإنما يثقل العطاء على مَن لم يذق، وأمّا مَن ذاق فلا يثقل عليه الوجود بأسره، بل يبذل مُهجته ورُوحه وماله، ويستصغره في جانب ما نال من أسرار المعرفة. ويقال له أيضاً حين يُؤذَى: فاصبر لحُكم ربك، ولا تستعجل حتى يجتبيك ربُّك، فتكون من الصالحين لحضرته، قال الواسطي: الاجتبائية أورثت الصلاح، لا الصلاح أورث الاجتبائية. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال