سورة النساء / الآية رقم 43 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُواًّ غَفُوراً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن فعل الصلاة في حال السُّكْرِ، الذي لا يدري معه المصلي ما يقول، وعن قربان محلها- وهي المساجد- للجُنُب، إلا أن يكون مجتازا من باب إلى باب من غير مُكْثٍ وقد كان هذا قبل تحريم الخمر، كما دل الحديث الذي ذكرناه في سورة البقرة، عند قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الآية [البقرة: 219]؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاها على عمر، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا. فلما نزلت هذه الآية، تلاها عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا. فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلوات فلما نزل قولهتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90، 91] فقال عمر: انتهينا، انتهينا.
وفي رواية إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو- وهو ابن شُرَحبيل- عن عُمَرَ بْنِ الْخطَّاب في قصة تحريم الخمر، فذكر الحديث وفيه: فنزلت الآية التي في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قامت الصلاة ينادي: ألا يَقْرَبَنَّ الصلاة سكران. لفظ أبي داود.
وذكروا في سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن أبي حاتم.
حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شُعْبَة، أخبرني سِمَاكُ بن حَرْبٍ قال: سمعت مُصْعَبَ بنَ سَعْدٍ يحدث عن سعد قال: نزلت في أربعُ آيات: صنع رجل من الأنصار طعاما، فدعا أناسا من المهاجرين وأناسا من الأنصار، فأكلنا وشربنا حتى سَكرْنا، ثم افتخرنا فرفع رجل لَحْي بعير فَفَزَر بها أنف سعد، فكان سعد مَفْزور الأنف، وذلك قبل أن تحرم الخمر، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية.
والحديث بطوله عند مسلم من رواية شُعْبة.
ورواه أهلُ السُّنَن إلا ابنَ ماجه، من طُرُق عن سِماكٍ به.
سبب آخر: قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمَّار، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتَكي، حدثنا أبو جعفر عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السّلَمي، عن علي بن أبي طالب قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرتِ الصلاةُ فقدَّموا فلانا- قال: فقرأ: قل يا أيها الكافرون، ما أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون. قال فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}
هكذا رواه ابن أبي حاتم، وكذا رواه الترمذي عن عبد بن حُمَيْدٍ، عن عبد الرحمن الدَّشْتَكي، به، وقال: حسن صحيح.
وقد رواه ابن جرير، عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سفيانَ الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي؛ أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فخلط فيها، فنزلت: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}.
وهكذا رواه أبو داود والنسائي، من حديث الثوري، به.
ورواه ابن جَرِير أيضا، عن ابن حُمَيْدٍ، عن جَرِيرٍ، عن عطاء، عن أبي عبد الله السَّلَمِيّ قال: كان عَلِيٌّ في نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عبد الرحمن بن عوف، فطعموا فآتاهم بخمر فشربوا منها، وذلك قبل أن يحرم الخمر، فحضرت الصلاة فَقَدَّموا عليًا فقرأ بهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فلم يقرأها كما ينبغي، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}
ثم قال: حدثني المُثَنَّى، حدثنا الحجَّاج بن المِنْهال، حدثنا حَمَّاد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب- وهو أبو عبد الرحمن السَّلَمي؛ أن عبد الرحمن بن عَوْفٍ صنع طعامًا وشرابا، فدعا نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم المغرب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون. أعبد ما تعبدون. وأنتم عابدون ما أعبد. وأنا عابد ما عبدتم. لكم دينكم ولي دين. فأنزل الله، عز وجل، هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.
وقال الْعَوْفِي عن ابن عباس في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} وذلك أن رجالا كانوا يأتون الصلاة وهم سُكَارَى، قبل أن تحرم الخمر، فقال الله: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية. رواه ابن جرير.
وكذا قال أبو رَزِين ومُجَاهدٌ.
وقال عبد الرزاق، عن معمر عن قتادة: كانوا يجتنبون السُّكْرَ عند حضور الصلوات ثم نسخ بتحريم الخمر.
وقال الضَّحَّاكُ في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} لم يعن بها سُكْرَ الخمر، وإنما عنى بها سُكْرَ النوم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
ثم قال ابن جرير: والصواب أن المراد سُكْر الشراب. قال: ولم يتوجه النهي إلى السكْران الذي لا يفهم الخطاب؛ لأن ذاك في حكم المجنون، وإنما خُوطِب بالنهي الثَّمِل الذي يفهم التكليف.
وهذا حاصل ما قاله. وقد ذكره غير واحد من الأصوليين، وهو أن الخطاب يتوجه إلى من يفهم الكلام، دون السكران الذي لا يدري ما يقال له؛ فإن الفهم شرط التكليف. وقد يحتمل أن يكون المراد التعريض بالنهي عن السُّكْر بالكلية؛ لكونهم مأمورين بالصلاة في الخمسة الأوقات من الليل والنهار، فلا يتمكن شارب الخمر من أداء الصلاة في أوقاتها دائما، والله أعلم. وعلى هذا فيكون كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] وهو الأمر لهم بالتأهب للموت على الإسلام والمداومة على الطاعة لأجل ذلك.
وقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} هذا أحسن ما يقال في حد السكران: إنه الذي لا يدري ما يقول فإن المخمور فيه تخليط في القراءة وعدم تدبره وخشوعه فيها، وقد قال الإمام أحمد:
حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبي، حدثنا أيوب، عن أبي قِلابةَ، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فلينصرف فليتم حتى يعلم ما يقول. انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم، ورواه هو والنسائي من حديث أيوب، به وفي بعض ألفاظ الحديث فلعله يذهب يستغفر فيسُبّ نفسه.
وقوله: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار، حدثنا عبد الرحمن الدَّشْتَكي، أخبرنا أبو جعفر الرازي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس في قوله: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} قال: لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل، قال: تمر به مرًّا ولا تجلس. ثم قال: ورُوي عن عبد الله بن مسعود، وأنس، وأبي عُبَيْدَةَ، وسعيد بن المُسَيَّبِ، وأبي الضُّحَى، وعطاء، ومُجَاهد، ومسروق، وإبراهيم النَّخَعي، وزيد بن أسلم، وأبي مالك، وعَمْرو بن دينار، والحكم بن عُتَيْبَة وعِكْرِمَة، والحسن البصري، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وابن شهاب، وقتادَة، نحوُ ذلك.
وقال ابن جرير: حدثني المُثَنَّى، حدثنا أبو صالح، حدثني اللَّيْثُ، حدثني يَزِيدُ بن أبي حَبِيبٍ عن قول الله عز وجل {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد، فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم، فيردون الماء ولا يجدون ممرا إلا في المسجد، فأنزل الله: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ}
ويشهد لصحة ما قاله يزيد بن أبي حَبِيبٍ، رحمه اللهُ، ما ثبت في صحيح البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سُدُّوا كل خَوخة في المسجد إلا خَوخةَ أبي بكر».
وهذا قاله في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، علما منه أن أبا بكر، رضي الله عنه، سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيرا للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه، رضي الله عنه. ومن روى: «إلا باب علي» كما وقع في بعض السنن، فهو خطأ، والصحيح. ما ثبت في الصحيح. ومن هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب اللبث في المسجد، ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضًا في معناه؛ إلا أن بعضهم قال: يمنع مرورهما لاحتمال التلويث. ومنهم من قال: إن أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور جاز لهما المرور وإلا فلا.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ناوليني الخُمْرة من المسجد» فقلت: إني حائض. فقال: «إن حيضتك ليست في يدك». وله عن أبي هريرة مثله ففيه دلالة على جواز مرور الحائض في المسجد، والنفساء في معناها والله أعلم.
وروى أبو داود من حديث أفْلَتَ بن خليفة العامري، عن جَسْرة بنت دجاجة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنبٍ» قال أبو مسلم الخَطَّابي: ضَعَّف هذا الحديث جماعة وقالوا: أفلت مجهول. لكن رواه ابن ماجه من حديث أبي الخطاب الهَجَري، عن مَحْدوج الذهلي، عن جَسْرة، عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، به. قال أبو زرعة الرازي: يقولون: جسْرة عن أم سلمة. والصحيح جسرة عن عائشة.
فأما ما رواه أبو عيسى الترمذي، من حديث سالم بن أبي حفصة، عن عطية، عن أبي سعيد الخُدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي، لا يحل لأحد أن يُجْنب في هذا المسجد غيري وغيرك. إنه حديث ضعيف لا يثبت؛ فإن سالما هذا متروك، وشيخه عطية ضعيف والله أعلم.
قول آخر في معنى الآية: قال ابن أبي حاتم: حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرني ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن زِرّ بن حُبَيش، عن علي: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} قال: لا يقرب الصلاة، إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة، فلا يجد الماء فيصلي حتى يجد الماء.
ثم رواه من وجه آخر، عن المنهال بن عمرو، عن زِرّ، عن علي بن أبي طالب، فذكره. قال: ورُوي عن ابن عباس في إحدى الروايات وسعيد بن جبير، والضحاك، نحو ذلك.
وقد روى ابن جَرير من حديث وَكِيع، عن ابن أبي ليلى، عن المِنْهال، عن عَبّادِ بن عبدِ اللهِ أو عن زر بن حُبَيش- عن علي فذكره.
ورواه من طريق الْعَوْفي وأبي مِجْلَزِ، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه عن سعيد بن جُبَيْرٍ، وعن مجاهد، والحسن بن مُسْلِمٍ، والحكم بن عُتَيْبَةَ وزيدِ بن أَسْلَمَ، وابنِهِ عبد الرَّحمنِ، مثل ذلك، وروي من طريق ابن جُرَيْج، عن عبد الله بن كَثِير قال: كنَّا نسمع أنه في السفر.
ويُسْتَشهد لهذا القول بالحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن، من حديث أبي قِلابة، عن عَمْرو بن بُجْدَان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصعيدُ الطَّيِّب طَهُورُ المسلم، وإن لم تجد الماء عشر حججٍ، فإذا وجدت الماء فأمْسسْه بشرتَك فإن ذلك خير».
ثم قال ابن جرير- بعد حكايته القولين-: والأوْلَى قول من قال: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} إلا مجتازي طريق فيه. وذلك أنه قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله: أو {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا (2)} [المائدة: 6] إلى آخره. فكان معلوما بذلك أن قوله: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} لو كان معنيا به المسافر، لم يكن لإعادة ذكره في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} معنى مفهوم، وقد مضى حكم ذكره قبل ذلك، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا المساجد للصلاة مصلين فيها وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوها أيضا جنبا حتى تغتسلوا، إلا عابري سبيل. قال: والعابر السبيل: المجتاز مَرّا وقطعا. يقال منه: «عبرت هذا الطريق فأنا أعبُره عبرا وعبورا» ومنه قيل: «عبر فلان النهر» إذا قطعه وجاوزه. ومنه قيل للناقة القوية على الأسفار: هي عُبْرُ أسفار وعَبْر أسفار؛ لقوتها على قطع الأسفار.
وهذا الذي نصره هو قولُ الجمهور، وهو الظاهر من الآية، وكأنه تعالى نهى عن تعاطي الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها، وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة، وهي الجنابة المباعدة للصلاة ولمحلها أيضا، والله أعلم.
وقوله: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي: أنه يحرم على الجنب المكث في المسجدِ حتى يغتسل أو يتيمم، إن عدم الماء، أو لم يقدر على استعماله بطريقة. وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجدِ، لما روى هو وسعيد بن منصور في سننه بإسناد صحيح: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك؛ قال سعيد بن منصور:
حدثنا عبد العزيز بن محمد- هو الدرَاوَرْدِي- عن هِشَام بنِ سَعْدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار قال: رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة، وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، فالله أعلم.
وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} أما المرض المبيح للتيمم، فهو الذي يخاف معه من استعمال الماء فواتُ عضو أو شَيْنه أو تطويل البُرء. ومن العلماء من جَوّز التيمم بمجرد المرض لعموم الآية.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو غسَّان مالكُ بن إسماعيل، حدثنا قيس عن خَصِيف عن مجاهد في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قال: نزلت في رجل من الأنصار، كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فيناوله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزل الله هذه الآية.
هذا مرسل. والسفر معروف، ولا فرق فيه بين الطويل والقصير.
وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} الغائط: هو المكان المطمئن من الأرض، كنى بذلك عن التغوط، وهو الحدث الأصغر.
وأما قوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فقرئ: {لَمَسْتم} و{لامستم} واختلف المفسرون والأئمة في معنى ذلك، على قولين:
أحدهما: أن ذلك كناية عن الجماع؛ لقوله {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وَكِيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} قال: الجماع.
ورُوي عن علي، وأبيّ بن كعب، ومجاهد، وطاوس، والحسن، وعُبَيد بن عمير، وسعيد بن جبير، والشَّعْبي، وقتادة، ومقاتل بن حيَّان- نحوُ ذلك.
وقال ابن جرير: حدثني حُمَيد بن مَسْعَدةَ، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا شُعبة، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جبير قال: ذكروا اللمس، فقال ناس من الموالي: ليس بالجماع.
وقال ناس من العرب: اللمس الجماع: قال: فأتيت ابن عباس فقلت له: إن ناسا من الموالي والعرب اختلفوا في اللمس، فقالت الموالي. ليس بالجماع. وقالت العرب: الجماع. قال: من أيّ الفريقين كنت؟ قلت: كنت من الموالي. قال: غُلب فريقُ الموالي. إن اللمس والمس والمباشرة: الجماع، ولكن الله يكني ما شاء بما شاء.
ثم رواه عن ابن بشَّار، عن غُنْدَر، عن شعبة- به نحوه. ثم رواه من غير وجه عن سعيد بن جبير، نحوه.
ومثله قال: حدثني يعقوب، حدثنا هشيم قال: حدثنا أبو بشر، أخبرنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: اللمس والمس والمباشرة: الجماع، ولكن الله يكني بما يشاء.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، أنبأنا إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عباس قال: الملامسة: الجماع، ولكن الله كريم يكني بما يشاء.
وقد صح من غير وجه، عن عبد الله بن عباس أنه قال ذلك. ثم رواه ابن جرير عن بعض من حكاه ابن أبي حاتم عنهم.
ثم قال ابن جرير: وقال آخرون: عنى الله بذلك كل لمس بيد كان أو بغيرها من أعضاء الإنسان، وأوجب الوضوء على كل من مس بشيء من جسده شيئا من جسدها مفضيًا إليه.
ثم قال: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن مُخَارقٍ، عن طارق عن عبد الله بن مسعود قال: اللمس ما دون الجماع.
وقد رواه من طرق متعددة عن ابن مسعود بمثله. وروي من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: القبلة من المس، وفيها الوضوء.
وقال: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عُبَيد الله بن عمر، عن نافع: أن ابن عمر كان يتوضأ من قبلة المرأة، ويرى فيها الوضوء، ويقول: هي من اللماس.
وروى ابن أبي حاتم وابن جرير أيضا من طريق شعبة، عن مخارق، عن طارق، عن عبد الله قال: اللمس ما دون الجماع.
ثم قال ابن أبي حاتم: ورُوي عن ابن عمر، وعبيدة، وأبي عثمان النَّهْدي وأبي عبيدة- يعني ابن عبد الله بن مسعود- وعامر الشَّعْبي، وثابت بن الحجَّاج، وإبراهيم النَّخَعي، وزيد بن أسلم نحو ذلك.
قلت: وروى مالك، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه أنه كان يقول: قبلة الرجل امرأته وجَسَّه بيده من الملامسة، فمن قَبّل امرأته أو جسها بيده، فعليه الوضوء.
وروى الحافظ أبو الحسن الدارقُطْني في سننه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نحو ذلك. ولكن رَوَيْنا عنه من وجه آخر: أنه كان يقبل امرأته، ثم يصلي ولا يتوضأ. فالرواية عنه مختلفة، فيحمل ما قاله في الوضوء إن صح عنه على الاستحباب، والله أعلم.
والقول بوجوب الوضوء من المس هو قول الشافعي وأصحابه ومالك والمشهور عن أحمد بن حنبل، رحمهم الله، قال ناصر هذه المقالة: قد قرئ في هذه الآية {لامَسْتُمُ} {ولمستم} واللمس يطلق في الشرع على الجس باليد قال الله تعالى: {وَلَوْ نزلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} [الأنعام: 7]، أي جسوه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لماعز- حين أقر بالزنا يُعرض له بالرجوع عن الإقرار-: «لعلك قبلت أو لمست» وفي الحديث الصحيح: «واليد زناها اللمس» وقالت عائشة، رضي الله عنها: قَلّ يوم إلا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا، فيقبّل ويلمس. ومنه ما ثبت في الصحيحين: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملامسة وهو يَرْجع إلى الجس باليد على كلا التفسيرين قالوا: ويطلق في اللغة على الجس باليد، كما يطلق على الجماع، قال الشاعر:
وألمستُ كَفي كفَّه أطلب الغِنَى ***
واستأنسوا أيضا بالحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن مهدي وأبو سعيد قالا حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير- وقال أبو سعيد: حدثنا عبد الملك بن عُمَير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل لقي امرأة لا يعرفها، فليس يأتي الرجل من امرأته شيء إلا أتاه منها، غير أنه لم يجامعها؟ قال: فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توضأ ثم صَلِّ». قال معاذ: فقلت: يا رسول الله، أله خاصة أم للمؤمنين عامة؟ قال: «بل للمؤمنين عامة».
ورواه الترمذي من حديث زائدة به، وقال: ليس بمتصل. وأخرجه النسائي من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا.
قالوا: فأمره بالوضوء؛ لأنه لمس المرأة ولم يجامعها. وأجيب بأنه منقطع بين أبي ليلى ومعاذ، فإنه لم يلقه، ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة للتوبة، كما تقدم في حديث الصدِّيق رضي الله عنه: «ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر الله له». الحديث، وهو مذكور في سورة آل عمران عند قوله: {ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْوَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} الآية [آل عمران: 135].
ثم قال ابن جرير: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الجماع دون غيره من معاني اللمس، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قَبّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ثم قال: حدثني بذلك إسماعيل بن موسى السدي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل، ثم يصلي ولا يتوضأ.
ثم قال: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا وَكِيع، عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، قلت: من هي إلا أنت؟ فضحكت.
وهكذا رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه عن جماعة من مشايخهم، عن وكيع، به.
ثم قال أبو داود: روي عن الثوري أنه قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزَنيّ، وقال يحيى القطَّان لرجل: احك عني أن هذا الحديث شبه لا شيء.
وقال الترمذي: سمعت البخاري يضعف هذا الحديث وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عُرْوَة.
وقد وقع في رواية ابن ماجه: عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد الطنافسي، عن وكيع عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.
وأبلغ من ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده، من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة وهذا نص في كونه عروة بن الزبير، ويشهد له قوله: من هي إلا أنت، فضحكت.
لكن روى أبو داود، عن إبراهيم بن مَخْلد الطَّالْقاني، عن عبد الرحمن بن مَغْراء، عن الأعمش قال: حدثنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة فذكره، والله أعلم.
وقال ابن جرير أيضا: حدثنا أبو زيد عمر بن شَبَّةَ، عن شهاب بن عبَّاد، حدثنا مَنْدَل بن علي، عن ليث، عن عطاء، عن عائشة- وعن أبي رَوْق، عن إبراهيم التَّيمي، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينال مني القبلةَ بعد الوضوء، ثم لا يعيد الوضوء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي روق الهمْدَاني، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ثم صلى ولم يتوضأ.
ورواه أبو داود والنسائي من حديث يحيى القطان- زاد أبو داود: وابن مهدي- كلاهما عن سفيان الثوري به. ثم قال أبو داود، والنسائي: لم يسمع إبراهيم التيمي من عائشة.
وقال ابن جرير أيضا: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن سِنَان، عن عبد الرحمن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم، ثم لا يفطر، ولا يحدث وضوءًا.
وقال أيضا: حدثنا أبو كريب، حدثنا حفص بن غِياث، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن زينب السَّهْمِية عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يُقَبّل ثم يصلي ولا يتوضأ.
وقد رواه الإمام أحمد، عن محمد بن فُضَيل، عن حجاج بن أَرْطَاة، عن عمرو بن شعيب، عن زينب السهمية، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
وقوله: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} استنبط كثير من الفقهاء من هذه الآية: أنه لا يجوز التيمم لعادم الماء إلا بعد تطلبه، فمتى طلبه فلم يجده جاز له حينئذ التيمم. وقد ذكروا كيفية الطلب في كتب الفروع، كما هو مقرر في موضعه، كما هو في الصحيحين، من حديث عِمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل في القوم، فقال: «يا فلان، ما منعك أن تصلي مع القوم؟ ألست برجل مسلم؟» قال: بلى يا رسول الله، ولكن أصابتني جنابة ولا ماء. قال: «عليك بالصعيد، فإنه يكفيك».
ولهذا قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فالتيمم في اللغة هو: القصد. تقول العرب: تيممك الله بحفظه، أي: قصدك. ومنه قول امرئ القيس:
وَلَمَّا رَأتْ أنَّ المَنِية ورِدُها *** وأن الحصَى من تحت أقدامها دَامِ
تيممت العين التي عند ضارج *** يفيء عليها الفيء عَرْمَضها طام
والصعيد قيل: هو كل ما صعد على وجه الأرض، فيدخل فيه التراب، والرمل، والشجر، والحجر، والنبات، وهو قول مالك. وقيل: ما كان من جنس التراب فيختص التراب والرمل والزرنيخ، والنورة، وهذا مذهب أبي حنيفة. وقيل: هو التراب فقط، وهو مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهما، واحتجوا بقوله تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] أي: ترابا أملس طيبا، وبما ثبت في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء» وفي لفظ: «وجعل ترابها لنا طهورا إذا لم نجد الماء». قالوا: فخصص الطهورية بالتراب في مقام الامتنان، فلو كان غيره يقوم مقامه لذكره معه.
والطيب هاهنا قيل: الحلال. وقيل: الذي ليس بنجس. كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا ابن ماجه، من حديث أبي قلابة عن عمرو بن بُجْدان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر حجج، فإذا وجده، فليمسه بَشرته، فإن ذلك خير له».
وقال الترمذي: حسن صحيح: وصححه ابن حبان أيضا ورواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن أبي هريرة وصححه الحافظ أبو الحسن القطان.
وقال ابن عباس: أطيب الصعيد تراب الحرث. رواه ابن أبي حاتم، ورفعه ابن مَرْدويه في تفسيره.
وقوله: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} التيمم بدل عن الوضوء في التطهر به، لا أنه بدل منه في جميع أعضائه، بل يكفي مسح الوجه واليدين فقط بالإجماع، ولكن اختلف الأئمة في كيفية التيمم على أقوال.
أحدها- وهو مذهب الشافعي في الجديد-: أنه يجب أن يمسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين؛ لأن لفظ اليدين يصدق إطلاقهما على ما يبلغ المنكبين، وعلى ما يبلغ المرفقين، كما في آية الوضوء، ويطلق ويراد بهما ما يبلغ الكفين، كما في آية السرقة: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] قالوا: وحمل ما أطلق هاهنا على ما قيد في آية الوضوء أولى لجامع الطهورية.
وذكر بعضهم ما رواه الدارقطني، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين». ولكن لا يصح؛ لأن في أسانيده ضعفاء لا يثبت الحديث بهم وروى أبو داود عن ابن عمر- في حديث- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها ذراعيه.
ولكن في إسناده محمد بن ثابت العَبْدي، وقد ضعفه بعض الحفاظ، ورواه غيره من الثقات فوقفوه على فعل ابن عمر، قال البخاري وأبو زرعة وابن عَدِي: هو الصواب.
وقال البيهقي: رفع هذا الحديث منكر.
واحتج الشافعي بما رواه عن إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن عبد الرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصَّمَّة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه.
وقال ابن جرير: حدثني موسى بن سهل الرملي، حدثنا نعيم بن حَمَّاد، حدثنا خارجةُ بن مُصْعب، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عُقْبة، عن الأعرج، عن أبي جُهيم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى فرغ، ثم قام إلى الحائط فضرب بيديه عليه، فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه على الحائط فمسح بهما يديه إلى المرفقين، ثم رد علي السلام.
والقول الثاني: إنه يجب مسح الوجه واليدين إلى الكفين بضربتين، وهو القول القديم للشافعي.
والثالث: أنه يكفي مسح الوجه والكفين بضربة واحدة؛ قال الإمام أحمد:
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن الحكم، عن ذَرّ، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه؛ أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء؟ فقال عمر: لا تصل. فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت، فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: «إنما كان يكفيك». وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأرض، ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه.
وقال أحمد أيضا: حدثنا عفَّان، حدثنا أبان، حدثنا قتادة، عن عَزْرَة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه، عن عمار؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: «ضربة للوجه والكفين».
طريق أخرى: قال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد، حدثنا سليمان الأعمش، حدثنا شقيق قال: كنت قاعدا مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى لعبد الله: لو أن رجلا لم يجد الماء لم يصل؟ فقال عبد الله: لا. فقال أبو موسى: أما تذكر إذ قال عمَّار لعمر: ألا تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإياك في إبل، فأصابتني جنابة، فتمرغت في التراب؟ فلما رجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، فضحك وقال: «إنما كان يكفيك أن تقول هكذا»، وضرب بكفيه إلى الأرض، ثم مسح كفيه جميعا، ومسح وجهه مسحة واحدة بضربة واحدة؟ فقال عبد الله: لا جرم، ما رأيت عمر قنع بذاك قال: فقال له أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة النساء: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيًدا طَيِّبًا}؟ قال: فما درى عبد الله ما يقول، وقال: لو رخصنا لهم في التيمم لأوشك أحدهم إذا برد الماء على جلده أن يتيمم.
وقال تعالى في آية المائدة: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]، استدل بذلك الشافعي، رحمه الله تعالى، على أنه لا بد في التيمم أن يكون بتراب طاهر له غبار يعلق بالوجه واليدين منه شيء، كما رواه الشافعي بإسناده المتقدم عن ابن الصمة: أنه مَرّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه، حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه، فضرب بيده عليه ثم مسح بها وجهه وذراعيه.
وقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} أي: في الدين الذي شَرَعه لكم {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} فلهذا أباح إذا لم تجدوا الماء أن تعدلوا إلى التيمم بالصعيد {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَةُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
ولهذا كانت هذه الأمة مختصة بشرعية التيمم دون سائر الأمم، كما ثبت في الصحيحين، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطِيتُ خمسا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قَبْلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسِيرةَ شهر وجعلتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل- وفي لفظ: فعنده طَهُورُه مسجده- وأحِلَّتْ لي الغنائم ولم تَحِلَّ لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة».
وتقدم في حديث حذيفة عند مسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجدا، وتربتها طهورا إذا لم نجد الماء».
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} أي: ومن عفوه عنكم وغَفره لكم أن شرع التيمم، وأباح لكم فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء توسعة عليكم ورخصة لكم، وذلك أن هذه الآية الكريمة فيها تنزيه الصلاة أن تفعل على هيئة ناقصة من سكر حتى يصحو المكلف ويعقل ما يقول، أو جنابة حتى يغتسل، أو حدث حتى يتوضأ، إلا أن يكون مريضا أو عادما للماء، فإن الله، عز وجل، قد أرخص في التيمم والحالة هذه، رحمة بعباده ورأفة بهم، وتوسعة عليهم، ولله الحمد والمنة.
ذكر سبب نزول مشروعية التيمم:
وإنما ذكرنا ذلك هاهنا؛ لأن هذه الآية التي في النساء متقدمة النزول على آية المائدة، وبيانه أن هذه نزلت قبل تحتم تحريم الخمر، والخمر إنما حرم بعد أحد، يقال: في محاصرة النبي صلى الله عليه وسلم لبني النضير بعد أحد بيسير، وأما المائدة فإنها من أواخر ما نزل، ولا سيما صدرها، فناسب أن يذكر السبب هاهنا، وبالله الثقة.
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوها بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن الحضير لعائشة: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرا.
طريق أخرى: قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا في البيداء- أو بذات الجيش- انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بَركتكم يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته.
وقد رواه البخاري أيضًا عن قُتيبة وإسماعيل.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى، عن مالك.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح قال: قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمار بن ياسر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس بأولات الجيش ومعه عائشة زوجته، فانقطع عقد لها من جَزْع ظَفَار، فحبس الناس ابتغاء عقدها، وذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فأنزل الله، عز وجل، على رسوله صلى الله عليه وسلم رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئا، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط.
وقد رواه ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا صيفى، عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهْري عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي اليقظان قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلك عقد لعائشة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضاء الفجر فتغيّظ أبو بكر على عائشة رضي الله عنها فنزلت عليه الرخصة: المسح بالصعيد الطيب. فدخل أبو بكر فقال لها: إنك لمباركة! نزلت فيك رخصة! فضربنا بأيدينا ضربة لوجوهنا، وضربة لأيدينا إلى المناكب والآباط.
حديث آخر: قال الحافظ أبو بكر بن مَرْدويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أحمد حدثنا الليث حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا العلاء بن أبي سوية، حدثني الهيثم عن زُرَيق المالكي- من بني مالك بن كعب بن سعد، وعاش مائة وسبع عشرة سنة- عن أبيه، عن الأسلع بن شريك قال: كنت أُرَحِّل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة، وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة، فكرهت أن أرحل ناقتة وأنا جنب، وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض، فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها، ثم رضَفت أحجارًا فأسخنت بها ماء، فاغتسلت. ثم لحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال: «يا أسلع، مالي أرى رحلتك تغيرت؟» قلت: يا رسول الله، لم أرحلها، رحلها رجل من الأنصار، قال: «ولم؟» قلت: إني أصابتني جنابة، فخشيت القُرَّ على نفسي، فأمرته أن يرحلها، ورضفت أحجارًا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به، فأنزل الله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بوجوهكم وأيديكم إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} وقد روي من وجه آخر عنه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال