سورة النساء / الآية رقم 45 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِياًّ وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَياًّ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّّطْمِسَ وَجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِيـنَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (45) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.
التفسير:
الذين أوتوا نصيبا من الكتاب هم اليهود. والمراد بالنصيب من الكتاب، بعضه، أي بعض التوراة، التي جاءهم بها موسى عليه السلام.
فكيف يكون اليهود قد أوتوا نصيبا من الكتاب مع أن الكتاب كله بين أيديهم؟ واللّه سبحانه وتعالى يقول فيهم: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ} [20: الأنعام]، (146: البقرة)؟
ويقول سبحانه: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [121: البقرة].
كيف يكون هذا؟
والجواب:
أولا: أن الكتاب- وهو التوراة- الذي بين أيدى اليهود، قد حرّف وبدّل، بما أحدثوا فيه من منكرات، وبما ألقوا إليه من أهواءهم، ومختلقاتهم.. فالذى بقي في أيديهم من التوراة، هو بعض التوراة، لا التوراة كما أنزلت عليهم.
وثانيا: أن ما بقي في أيديهم من التوراة لم يستقيموا عليه، فما صادف من أحكامها هوى في أنفسهم أخذوا به، وما كان على غير ما يحبّون تأوّلوا له، وحرفوه عن وجهه إلى الوجه الذي يريدون.. وقد نعى اللّه ذلك عليهم بقوله سبحانه: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [58: البقرة].
فالذى يمسك به اليهود من التوراة هو بعض التوراة، لا التوراة.. وفى التعبير بلفظ {أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ} بدلا من {آتيناهم الكتاب} إبعاد لهم عن هذا المقام الكريم، مقام الخطاب من اللّه رب العالمين، لأنهم- وقد فعلوا ما فعلوا من منكرات- ليسوا أهلا لأن يوجّه إليهم خطاب من اللّه رب العالمين.. فوجّه إليهم الخطاب مجهول الجهة التي تخاطبهم، حتى لكأنهم في مواجهة الوجود كلّه، يطلع عليهم من كل أفق منه من يستنكر ما هم فيه من ضلال، ويحمّق موقفهم من رسل اللّه وكتبه.. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
فكأنّ ألسنة الخلق كلّها تتنادى مشيرة إلى هذا الضلال والسّفه الذي يركب هؤلاء الحمقى السفهاء من الناس، إذ يشترون الضلالة بالهدى، والباطل بالحق، والشر بالخير.. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ} [28: إبراهيم] وفى قوله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} خطاب للمسلمين، بعد أن كان الخطاب موجها إلى النبىّ الكريم، وفى هذا، تكريم للنبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- ورفع لمقامه الكريم، من أن يكون لهؤلاء الضالين، ومفترياتهم، أثر في سلامة دينه، وصحة معتقدة، ووثاقة إيمانه بربّه، وإن كان في ذلك ما يخشى منه على المسلمين، في التشويش عليهم، والوسوسة بالباطل لهم.
قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً} فضح لليهود، ولما في قلوبهم من بغضة وشنآن للمسلمين، وأنهم هم العدوّ، الذين يكيدون لدين اللّه، ولرسول اللّه، وللمؤمنين باللّه.. وفيهم يقول اللّه سبحانه: {وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ.. هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ.. قاتَلَهُمُ اللَّهُ.. أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [4: المنافقون].. وفيهم يقول سبحانه أيضا: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [82: المائدة].
وفى قوله تعالى: {وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً} حماية ربّانية وحراسة رحمانية للمؤمنين، مما يكيد لهم اليهود، وما يدبرّون من سوء.. فاللّه سبحانه وتعالى، هو ولىّ المؤمنين، يدفع عنهم هذا الكيد، ويفسده.. {وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً} وإن اللّه سبحانه ليتولّى المؤمنين وينصرهم، إذا هم أخذوا حذرهم، وتنبهوا إلى عدوّهم، وتحصنوا من كيده ومكره، بإيمانهم باللّه، واحترازهم من عدوّهم: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}!
وقوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا.. لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ} يكشف عن تلبيسات اليهود، وموارد نفاقهم.. إنهم ينافقون بالكلمة وبالعمل معا، تلتوى ألسنتهم بالكلمات فتزيلها عن معانيها التي لها، وتعبث أيديهم بالعمل فتموّهه وتزيفه، وتجعل ظاهره غير باطنه، كما يطلى المعدن الخسيس بسراب خادع من معدن كريم.
يقولون للنبىّ بأفواههم: {سمعنا} ويقولون بقلوبهم: {وعصينا}، ويقولون {اسمع} بصوت مسموع، ويتبعون ذلك بصوت خافت: {غير مسمع} يدعون على النبىّ بالصم.. ويقولون: {راعنا} أي انظر إلينا.
يقولونها في تخابث تضطرب به ألسنتهم فتخرج الكلمة مشوّهة، عليها شبهة الضلال الذي يجده السامع لكلمة {راعنا} بالتنوين، صفة من الرعونة والطيش.. وهكذا يلقون النبي والمسلمين بتلك الكلمات المنافقة، التي تلبس أثوابا من الزيف والخداع! {وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ}! خيرا يصيبونه في أنفسهم، إذ يستقيم بهم على طريق الخير، ويهديهم إلى سواء السبيل.. ولكن طبيعة القوم لا تعطى غير هذا الباطل، ولا تنضح إلا بهذا الزّيف المنكر من القول.. إذ {لعنهم اللّه بكفرهم}.
{وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً} يستنقذه من هذا الضلال الذي يتخبط فيه، ويلقى به في لجج الهلاك، وسوء المصير.
وفى قوله تعالى: {فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.
ما يفضح هذا الإيمان الذي هم عليه.. فهم أهل كتاب.. ومن شأن أهل الكتاب أن يكونوا مؤمنين.
وهم مؤمنون، ولكن إيمانهم مشوب بالضلال، متلبّس بالكفر، فهم مؤمنون وكافرون، ولا يجتمع الإيمان والكفر إلا في قلب منافق.
فالنفاق هو الوصف الذي هو أولى بهم، وهم أحقّ به.. ولهذا كان النفاق والمنافقون، من الصفات والسمات التي غلبت عليهم، فيما تحدث به القرآن عن هذا الحق اللئيم وأهله.
وفى القرآن الكريم يوصف اليهود بأنهم كافرون.. هكذا، وصفا مطلقا.
كما يقول سبحانه: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [1: البينة] وكما يقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ} [6: البيّنة] وفى القرآن الكريم آيات تصف اليهود بأنهم مؤمنون، ولكنّ هذا الوصف يقيّد دائما بأنه إيمان سطحى، لا يمسك من بالإيمان إلا بظاهره، كما يقول سبحانه في هذه الآية: {فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.
وكما يقول سبحانه: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [155: النساء].
فهم كافرون كفرا قاطعا، وهم مؤمنون إيمانا ظاهرا.. وذلك هو النفاق في أسوأ صورة وأبشعها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال