سورة الجن / الآية رقم 8 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَخَّذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوَهُمْ رَهَقاً وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباًّ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً

الجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10)}
قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ} هذا من قول الجن، أي طلبنا خبرها كما جرت عادتنا فَوَجَدْناها قد مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً أي حفظة، يعني الملائكة. والحرس: جمع حارس وَشُهُباً جمع شهاب، وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عن استراق السمع. وقد مضى القول فيه في سورة الحجر والصافات. ووجد يجوز أن يقدر متعديا إلى مفعولين، فالأول الهاء والألف، ومُلِئَتْ في موضع المفعول الثاني. ويجوز أن يتعدى إلى مفعول واحد ويكون مُلِئَتْ في موضع الحال على إضمار قد. وحَرَساً نصب على المفعول الثاني ب- مُلِئَتْ. وشَدِيداً من نعت الحرس، أي ملئت ملائكة شدادا.
ووحد الشديد على لفظ الحرس، وهو كما يقال: السلف الصالح بمعنى الصالحين، وجمع السلف أسلاف وجمع الحرس أحراس، قال:
تجاوزت أحراسا وأهوال معشر ***
ويجوز أن يكون حَرَساً مصدرا على معنى حرست حراسة شديدة. قوله تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً} مِنْها أي من السماء، ومَقاعِدَ: مواضع يقعد في مثلها لاستماع الاخبار من السماء، يعني أن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليستمعوا من الملائكة أخبار السماء حتى يلقوها إلى الكهنة على ما تقدم بيانه، فحرسها الله تعالى حين بعث رسوله بالشهب المحرقة، فقالت الجن حينئذ: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً يعني بالشهاب: الكوكب المحرق، وقد تقدم بيان ذلك. ويقال: لم يكن انقضاض الكواكب إلا بعد مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو آية من آياته. واختلف السلف هل كانت الشياطين تقذف قبل المبعث، أو كان ذلك أمرا حدث لمبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال الكلبي وقال قوم: لم تكن تحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما وسلامه: خمسمائة عام، وإنما كان من أجل بعثة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعوا من السموات كلها، وحرست بالملائكة والشهب. قلت: ورواه عطية العوفي عن ابن عباس، ذكره البيهقي.
وقال عبد الله بن عمر: لما كان اليوم الذي نبئ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعت الشياطين، ورموا بالشهب.
وقال عبد الملك بن سابور: لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فلما بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرست السماء، ورميت الشياطين بالشهب، ومنعت عن الدنو من السماء.
وقال نافع بن جبير: كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى، فلما بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رميت بالشهب. ونحوه عن أبي بن كعب قال: لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى نبئ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرمى بها.
وقيل: كان ذلك قبل المبعث، وإنما زادت بمبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنذارا بحاله، وهو معنى قوله تعالى: {مُلِئَتْ} أي زيد في حرسها، وقال أوس بن حجر وهو جاهلي:
فانقض كالدري يتبعه *** نقع يثور تخاله طنبا
وهذا قول الأكثرين. وقد أنكر الجاحظ هذا البيت وقال: كل شعر روي فيه فهو مصنوع، وأن الرمي لم يكن قبل المبعث. والقول بالرمي أصح، لقوله تعالى: {فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً}. وهذا إخبار عن الجن، أنه زيد في حرس السماء حتى امتلأت منها ومنهم، ولما روى عن ابن عباس قال: بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس في نفر من أصحابه إذ رمى بنجم، فقال: «ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية؟ قالوا: كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا سبحانه وتعالى إذا قضى أمرا في السماء سبح حملة العرش ثم سبح أهل كل سماء، حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء ويستخبر أهل السماء حملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه، فتتخطف الجن فيرمون فما جاءوا به فهو حق ولكنهم يزيدون فيه». وهذا يدل على أن الرجم كان قبل المبعث.
وروى الزهري نحوه عن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب عن ابن عباس.
وفي آخره قيل للزهري: أكان يرمى في الجاهلية؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت قوله سبحانه: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً} قال: غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ونحوه قال القتبي. قال ابن قتيبة: كان ولكن اشتدت الحراسة بعد المبعث، وكانوا من قبل يسترقون ويرمون في بعض الأحوال، فلما بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعت من ذلك أصلا. وقد تقدم بيان هذا في سورة الصافات عند قوله: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ} [الصافات: 9- 8] قال الحافظ: فلو قال قائل: كيف تتعرض الجن لإحراق نفسها بسبب استماع خبر، بعد أن صار ذلك معلوما لهم؟ فالجواب: أن الله تعالى ينسيهم ذلك حتى تعظم المحنة، كما ينسى إبليس في كل وقت أنه لا يسلم، وأن الله تعالى قال له: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ} [الحجر: 35] ولولا هذا لما تحقق التكليف. والرصد: قيل من الملائكة، أي ورصدا من الملائكة. والرصد: الحافظ للشيء والجمع أرصاد، وفي غير هذا الموضع يجوز أن يكون جمعا كالحرس، والواحد: راصد.
وقيل: الرصد هو الشهاب، أي شهابا قد أرصد له، ليرجم به، فهو فعل بمعنى مفعول كالخبط والنفض. قوله تعالى: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي هذا الحرس الذي حرست بهم السماء أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً أي خيرا. قال ابن زيد. قال إبليس لا ندري: هل أراد الله بهذا المنع أن ينزل على أهل الأرض عذابا أو يرسل إليهم رسولا.
وقيل: هو من قول الجن فيما بينهم قبل أن يسمعوا قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أي لا ندري أشر أريد بمن في الأرض بإرسال محمد إليهم، فإنهم يكذبونه ويهلكون بتكذيبه كما هلك من كذب من الأمم، أم أراد أن يؤمنوا فيهتدوا، فالشر والرشد على هذا الكفر والايمان، وعلى هذا كان عندهم علم بمبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما سمعوا قراءته علموا أنهم منعوا من السماء حراسة للوحي.
وقيل: لا، بل هذا قول قالوه لقومهم بعد أن انصرفوا إليهم منذرين، أي لما آمنوا أشفقوا ألا يؤمن كثير من أهل الأرض فقالوا: إنا لا ندري أيكفر أهل الأرض بما آمنا به أم يؤمنون؟




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال