سورة الجن / الآية رقم 16 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَأَنَّا مِنَّا المُسْلِمُونَ وَمِنَّا القَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَراًّ وَلاَ رَشَداً قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلاَّ بَلاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً

الجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجنالجن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله، في مقالة الجن: {وأنَّا منا الصالحون} أي: الموصوفون بصلاح الحال، في شأن أنفسهم مع ربهم، وفي معاملتهم مع غيرهم، {ومنا دونَ ذلك} أي: ومنا قوم دون ذلك، وهم المقتصدون في الصلاح، غير الكاملين فيه على الوجه المذكور، لا في الإيمان والتقوى، كما يتوهم، فإن هذا بيان لحالهم قبل استماع القرآن، كما يُعرب عنه قوله تعالى: {كنا طرائِقَ قِدداً} أي: مذاهب متفرقة، وأدياناً مختلفة، وأما حالهم بعد استماعهم، فسيحكي بقوله تعالى: {وأنا لَمَّا سمعنا الهدى...} إلخ، أي: كنا قبل هذا ذوي طرائق، أي: مذاهب {قِدَداً} أي: متفرقة مختلفة، جمع قِدّة، من: قَدَّ إذا شقّ، كقِطعة من قطع. قاله أبو السعود.
وقال الثعلبي: {وأنَّا منا الصالحون} السبعة الذين استمعوا القرآن، {ومنا دون ذلك} دون الصالحين، {كنا طرائق قددا} أهواء مختلفة، وفِرقاً شتى، كأهواء الإنس، قيل: وقوله: {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك}، يعنون بعد استماع القرآن، أي: منا بررة أتقياء، ومنا دون البررة، وهم مسلمون، وقيل: معناه: مسلمون وغير مسلمين، قال المسيب: كانوا مسلمين ويهوداً ونصارى، وقال السدي: {طرائق قددا} قال: في الجن مثلكم، قدرية، ومرجئة، ورافضة، وشيعة. اهـ. والحاصل: أن {دون} صفة لمحذوف، وهي إمّا أن تكون بمعنى الأدون، فيكون الجميع مسلمين، لكنهم متفاوتون، أو بمعنى غير فيكون المعنى: منا المسلمون ومنا غير المسلمين، كنا مذاهب متفرقة؛ نصارى ويهود ومجوس كالإنس، والظاهر: أنه قبل استماع القرآن، بدليل ما يأتي في قوله: {وأنَّا لمَّا سمعنا الهُدى...} إلخ.
{وأنَّا ظننا} أي: تيقَّنَّا {أن لن نُّعْجِزَ اللهَ} أي: أن الشأن لن نفوت الله ونسبقه، و{في الأرض}: حال، أي: لن نعجزه كائنين في الأرض أينما كنا فيها، {ولن نُّعجِزَه هَرَباً}: مصدر في موضع الحال، هاربين منها إلى السماء، أي: فلا مهرب منه تعالى إن طلبنا، لا في أرضه ولا في سمائه. {وأنَّا لمَّا سمعنا الهُدى}؛ القرآن {آمنا به}؛ بالقرآن، أو بالله تعالى، {فمَن يؤمن بربه فلا يخافُ} أي: فهو لا يخاف {بَخْساً}؛ نقصاً {ولا رَهَقَا} أي: ولا ترهقه ذلة، كقوله: {وَلآ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلآ ذِلَّةُ} [يونس: 26]، وفيه دليل على أنَّ العمل ليس من الإيمان، وأنَّ المؤمن لا يخلد في النار.
{وأنَّا منا المسلمون}؛ المؤمنون، {ومنّا القاسِطون}؛ الجائرون عن طريق الحق، الذي هو الإيمان والطاعة، وهم الكفرة {فمَن أسلم فأولئك تَحَروا رَشَداً}؛ طلبوا هدى. والتحرّي: طلب الأحرى، أي الأَولى، وجمع الإشارة باعتبار معنى مَن، {وأمَّا القاسطون}؛ الحائدون عن الإسلام، {فكانوا} في علم الله {لِجهنم حَطَباً}؛ وقوداً، وفيه دليل على أنَّ الجنِّي الكافر يُعذّب في النار وإن كان منها، والله أعلم بكيفية عذابه، وقد تقدّم أنّ المشهور أنهم يُثابون على طاعتهم بالجنة، قال ابن عطية: في قوله تعالى: {فمَن أسلم.
.} إلخ، الوجه فيه: أن تكون مخاطبة مِن الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤيده ما بعده من الآيات. اهـ.
{وأن لو استقاموا} أي: القاسطون {على الطريقة}؛ طريقة الإسلام {لأسْقيناهم} المطر {ماءً غَدَقاً} أي: كثيراً، والمعنى: لوسّعنا عليهم الرزق. وذكر الماء الغَدَق؛ لأنه سبب سعة الرزق، {لِنفتنَهم فيه}؛ لنختبرهم فيه كيف يشكرون ما خُوِّلوا منه. وفي الحديث القدسي يقول الله عزّ وجل: «لَوْ أنَّ عِبادِي أطاعوني لأسْقَيتُهم المطرَ باللَّيْل، وأَطْلَعتُ عليهمُ الشمس بالنهار، ولم أًسمِعهم صوت الرعد»، وهذا كقوله تعالى: {وَلَوْ أّنَّ أّهْلَ القرى ءَامَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السمآء والأرض} [الأعراف: 96]، وقيل: المعنى: وأن لو استقاموا على طريقة الكفر لأسقيناهم ماءً غدقاً، استدراجاً، {لِنفتنَهم فيه} فإذا لم يشكروا أهلكناهم، وهذا كقوله تعالى: {وَلَوْلآ أّن يَكُونَ الناس أُمَّةَ وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا...} [الزخرف: 33] الخ. والأول أظهر، بدليل قوله: {ومَن يُعرض عن ذكر ربه}؛ القرآن أو التوحيد أو العبادة، {نسلكه}؛ ندخله أو يدخله الله {عذاباً صعداً}؛ شاقًّا صعباً، يعلو المعذّب ويغلبه ويصعد عليه، ومنه قول عمر رضي الله عنه: ما تصَعَّدني شيءٌ ما تصعّدتني خِطبة النكاح، أي: ما شقَّ عليّ. وهو مصدر وصف به، مبالغة، فعلى قول ابن عطية أنَّ قوله تعالى: {فمَن أسلم} من مخاطبة الله لنبيه عليه السلام، فيكون قوله: {وأن لو استقاموا} من تتمة الخطاب، فلا تقدير، وإذا قلنا: هو من قول الجن، فالتقدير: وأوحي إليَّ أن لو استقاموا... إلخ.
الإشارة: تقدّم أنَّ الجن فيهم الصالحون والعارفون، إلاّ أنَّ معرفة الآدمي أكمل؛ لاعتداله، وأما دوائر الأولياء من الأقطاب، والأوتاد، والنقباء، والنجباء، وغير ذلك، فلا تكون إلاّ من الإنس؛ لشرفهم. قوله تعالى: {وأنا ظننا ألن نُعجز اللهَ في الأرض...} إلخ، أي: تيقَّنا ألاّ مهرب منه، فرجعنا إليه اختباراً، فنحن ممن انقاد إليه بملاطفة الإحسان، لا بسلاسل الامتحان، {وأنَّا لمّا سمعنا الهُدى آمنا} أي: أجبنا الداعي بلا تلَعْثم ولا تردد، وكذا في كل داعٍ بعد الداعي الأكبر، فيكون السابقون في كل زمان، وهؤلاء سابِقو الجن ومقربوهم، فمَن يؤمن بربه، ويتوجه إليه، فلا يخاف نقصاً ولا ذُلاًّ، بل كمالاً وعِزًّا، من أي فريق كان، وأنّا منا المسلمون المنقادون لأحكامه تعالى، التكليفية والتعريفية، وهي الأحكام القهرية، فمَن استسلم ورَضِي فقد تحرّى رشداً، ومَن قنط وسخط كان لجهنم حطباً، وأن لو استقاموا على الطريقة المرضية بالرضا والتسليم، وترك الاختيار؛ لأسقيناهم من خمرة الأزل، ومن ماء الحياة، ماءً غدقاً، تحيا به قلوبهم وأرواحهم، فيتنعّمون في شهود الذات الأقدس في الحياة وبعد الممات. قال القشيري: الاستقامة تقتضي إكمالَ النعمةِ وإكساب الراحة، والإعراضُ عن الله يُجب تَنَقُّصَ النعمة ودوام العقوبة. اهـ.
وقوله: {لِنفتنهم}؛ لنختبرهم، مَن يعرف قدرها فيشكر، أو لا يعرف قدرها فيُنكر، فيُسلب من حيث لا يشعر. والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال