سورة المزمل / الآية رقم 19 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً رَّبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيباً السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً

المزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزمل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (19) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}
يقول تعالى: {إِنَّ هَذِهِ} أي: السورة {تَذْكِرَةٌ} أي: يتذكر بها أولو الألباب؛ ولهذا قال: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} أي: ممن شاء الله هدايته، كما قيده في السورة الأخرى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: 30].
ثم قال: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} أي: تارة هكذا، وتارة هكذا، وذلك كله من غير قصد منكم، ولكن لا تقدرون على المواظبة على ما أمركم به من قيام الليل؛ لأنه يشق عليكم؛ ولهذا قال: {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} أي: تارة يعتدلان، وتارة يأخذ هذا من هذا، أو هذا من هذا، {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} أي: الفرض الذي أوجبه عليكم {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} أي: من غير تحديد بوقت، أي: ولكن قوموا من الليل ما تيسر. وعبر عن الصلاة بالقراءة، كما قال في سورة سبحان: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} أي: بقراءتك، {وَلا تُخَافِتْ بِهَا}
وقد استدل أصحاب الإمام أبي حنيفة، رحمه الله، بهذه الآية، وهي قوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} على أنه لا يتعين قراءة الفاتحة في الصلاة، بل لو قرأ بها أو بغيرها من القرآن، ولو بآية، أجزأه؛ واعتضدوا بحديث المسيء صلاته الذي في الصحيحين: «ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن».
وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصامت، وهو في الصحيحين أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خِدَاج، فهي خِدَاج، فهي خِدَاج، غير تمام». وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعًا: «لا تجزئ صلاة من لم يقرأ بأم القرآن».
وقوله: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: علم أن سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار في ترك قيام الليل، من مرضى لا يستطيعون ذلك، ومسافرين في الأرض يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر، وآخرين مشغولين بما هو الأهم في حقهم من الغزو في سبيل الله وهذه الآية- بل السورة كلها- مكية، ولم يكن القتال شُرع بعد، فهي من أكبر دلائل النبوة، لأنه من باب الإخبار بالمغيبات المستقبلة. ولهذا قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} أي: قوموا بما تيسر عليكم منه.
قال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة، عن أبي رجاء محمد، قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه، ولا يقوم به، إنما يصلي المكتوبة؟ قال: يتوسَّدُ القرآن، لعن الله ذاك، قال الله تعالى للعبد الصالح: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [يوسف: 68].
{وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ} قلت: يا أبا سعيد، قال الله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}؟ قال: نعم، ولو خمس آيات.
وهذا ظاهر من مذهب الحسن البصري: أنه كان يرى حقًا واجبًا على حَمَلة القرآن أن يقوموا ولو بشيء منه في الليل؛ ولهذا جاء في الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل نام حتى أصبح، فقال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنه». فقيل معناه: نام عن المكتوبة. وقيل: عن قيام الليل. وفي السنن: «أوتِرُوا يا أهل القرآن».
وفي الحديث الآخر: «من لم يوتر فليس منا».
وأغرب من هذا ما حكي عن أبي بكر عبد العزيز، من الحنابلة، من إيجابه قيام شهر رمضان، فالله أعلم.
وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجُدّي، حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف الزبيدي، حدثنا عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الله بن طاوس- من ولد طاوس- عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} قال: «مائة آية».
وهذا حديث غريب جدًا لم أره إلا في معجم الطبراني، رحمه الله.
وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} أي: أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم، وآتوا الزكاة المفروضة. وهذا يدل لمن قال: إن فرض الزكاة نزل بمكة، لكن مقادير النّصب والمَخْرَج لم تُبَين إلا بالمدينة. والله أعلم.
وقد قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وغير واحد من السلف: إن هذه الآية نَسَخت الذي كان الله قد أوجبه على المسلمين أولا من قيام الليل. واختلفوا في المدة التي بينهما على أقوال كما تقدم. وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل: «خمس صلوات في اليوم والليلة». قال: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا إلا أن تَطوّع».
وقوله تعالى: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} يعني: من الصدقات، فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء وأوفره، كما قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
وقوله: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} أي: جميع ما تقدموه بين أيديكم فهو خير لكم حاصل، وهو خير مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو خَيْثَمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الحارث بن سُوَيد قال: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟». قالوا: يا رسول الله، ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه. قال: «اعلموا ما تقولون». قالوا: ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله؟ قال: «إنما مال أحدكم ما قَدّم ومال وارثه ما أخر».
ورواه البخاري من حديث حفص بن غياث، والنسائي من حديث أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، به.
ثم قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: أكثروا من ذكره واستغفاره في أموركم كلها؛ فإنه غفور رحيم لمن استغفره.
آخر تفسير سورة المزمل ولله الحمد.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال