سورة المدثر / الآية رقم 3 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً

المزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمزملالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)}
ثبت في صحيح البخاري من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر أنه كان يقول: أول شيء نزل من القرآن: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}
وخالفه الجمهور فذهبوا إلى أن أول القرآن نزولا قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} كما سيأتي بيان ذلك هناك.
قال البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا وَكِيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن، قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} قلت: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؟ فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، وقلتُ له مثل ما قلتَ لي، فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاورت بحرَاء، فلما قضيت جواري هبطتُ فنُوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت أمامي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا. فرفعت رأسي فرأيت شيئًا، فأتيت خديجة فقلت: دثروني. وصبوا علي ماء باردا. قال: فدثروني وصبوا علي ماء باردا قال: فنزلت {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}».
هكذا ساقه من هذا الوجه. وقد رواه مسلم من طريق عُقَيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي: «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري قبَلَ السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فَجَثَثْتُ منه حتى هَوَيتُ إلى الأرض، فجئت إلى أهلي، فقلت: زملوني زملوني. فزملوني، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} إلى: {فَاهْجُرْ}- قال أبو سلمة: والرجز: الأوثان- ثم حَميَ الوحيُ وتَتَابع».
هذا لفظ البخاري وهذا السياق هو المحفوظ، وهو يقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا، لقوله: «فإذا الملك الذي جاءني بحراء»، وهو جبريل حين أتاه بقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ثم إنه حصل بعد هذا فترة، ثم نزل الملك بعد هذا. ووجه الجمع أن أول شيء نزل بعد فترة الوحي هذه السورة، كما قال الإمام أحمد:
حدثنا حجاج، حدثنا لَيْث، حدثنا عُقَيل، عن ابن شهاب قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أخبرني جابر بن عبد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثم فتر الوحي عني فترة، فبينا أنا أمشي سمعتُ صوتًا من السماء، فرفعت بصري قِبَل السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فَجُثت منه فَرَقًا، حتى هَوَيت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت لهم: زملوني زملوني. فزملوني، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} ثم حمي الوحي بعدُ وتتابع». أخرجاه من حديث الزهري، به.
وقال الطبراني: حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار، حدثنا الحسن بن بشر البَجَلي، حدثنا المعافى بن عمران، عن إبراهيم بن يزيد، سمعت ابن أبي مُلَيْكة يقول: سمعت ابن عباس يقول: إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما، فلما أكلوا. قال: ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم: ساحر.
وقال بعضهم ليس بساحر.
وقال بعضهم: كاهن.
وقال بعضهم: ليس بكاهن.
وقال بعضهم: شاعر.
وقال بعضهم ليس بشاعر.
وقال بعضهم: بل سحر يُؤثر. فأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحزنَ وقَنعَ رأسه، وتَدَثَّر، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}.
فقوله {قُمْ فَأَنْذِرْ} أي: شمر عن ساق العزم، وأنذر الناس. وبهذا حصل الإرسال، كما حصل بالأول النبوة.
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي: عظم.
وقوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال الأجلح الكندي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}.
قال: لا تلبسها على معصية ولا على غَدْرَة. ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
فَإني بحمد الله لا ثوبَ فَاجر *** لبستُ ولا من غَدْرَة أتَقَنَّعُ
وقال ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في هذه الآية {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال: في كلام العرب: نَقِي الثياب. وفي رواية بهذا الإسناد: فطهر من الذنوب.
وكذا قال إبراهيم، الشعبي، وعطاء.
وقال الثوري، عن رجل، عن عطاء، عن ابن عباس في هذه الآية: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال: من الإثم.
وكذا قال إبراهيم النخعي.
وقال مجاهد: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال: نفسك، ليس ثيابه. وفي رواية عنه: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} عملك فأصلح، وكذا قال أبو رَزِين.
وقال في رواية أخرى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي: لست بكاهن ولا ساحر، فأعرض عما قالوا.
وقال قتادة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي: طهرها من المعاصي، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لَمُدنَس الثياب. وإذا وفى وأصلح: إنه لمطهر الثياب.
وقال عكرمة، والضحاك: لا تلبسها على معصية.
وقال الشاعر:
إذا المرءُ لم يَدْنَس منَ اللؤم عِرْضُه *** فَكُلّ ردَاء يَرْتَديه جَميلُ
وقال العوفي، عن ابن عباس: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} يعني لا تك ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب، ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية.
وقال محمد بن سيرين: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي: اغسلها بالماء.
وقال ابن زيد: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره الله أن يتطهر، وأن يطهر ثيابه.
وهذا القول اختاره ابن جرير، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه، كما قال امرؤ القيس:
أفاطمَ مَهلا بعض هَذا التَدَلُّل *** وَإن كُنت قَد أزْمَعْت هَجْري فأجْمِلي
وَإن تَكُ قَد سَ ـاءتك مني خَليقَةٌ *** فَسُلّي ثِيَابي مِن ثيابك تَنْسُلِ
وقال سعيد بن جبير: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} وقلبك ونيتك فطهر.
وقال محمد بن كعب القرظي، والحسن البصري: وخُلقَك فَحسّن.
وقوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {وَالرُّجْزَ} وهو الأصنام، فاهجر.
وكذا قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة، والزهري، وابن زيد: إنها الأوثان.
وقال إبراهيم، والضحاك: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} أي: اترك المعصية.
وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك، كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: 1] {وَقَالَ مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142].
وقوله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} قال ابن عباس: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها.
وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وعطاء، وطاوس، وأبو الأحوص، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وقتادة، والسدي، وغيرهم.
وروي عن ابن مسعود أنه قرأ: {ولا تمنن أن تستكثر}.
وقال الحسن البصري: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره.
وكذا قال الربيع بن أنس، واختاره ابن جرير.
وقال خصيف، عن مجاهد في قوله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} قال: لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال تمنن في كلام العرب: تضعف.
وقال ابن زيد: لا تمنن بالنبوة على الناس، تستكثرهم بها، تأخذ عليه عوضا من الدنيا.
فهذه أربعة أقوال، والأظهر القول الأول، والله أعلم.
وقوله: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} أي: اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عز وجل، قاله مجاهد.
وقال إبراهيم النخعي: اصبر عطيتك لله تعالى.
وقوله: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} قال ابن عباس، ومجاهد والشعبي، وزيد بن أسلم، والحسن، وقتادة، والضحاك، والربيع بن أنس، والسدي، وابن زيد: {النَّاقُورِ} الصور. قال مجاهد: وهو كهيئة القرن.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أسباط بن محمد، عن مُطَرِّف، عن عطية العوفي، عن ابن عباس: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته، ينتظر متى يؤمر فينفخ؟» فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا».
وهكذا رواه الإمام أحمد عن أسباط، به ورواه ابن جرير عن أبي كُرَيْب، عن ابن فضيل وأسباط، كلاهما عن مطرف، به.
ورواه من طريق أخرى، عن العوفي، عن ابن عباس، به.
وقوله: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} أي: شديد.
{عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} أي: غير سهل عليهم. كما قال تعالى {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر: 8].
وقد روينا عن زُرَارة بن أوفى- قاضي البصرة-: أنه صلى بهم الصبح، فقرأ هذه السورة، فلما وصل إلى قوله: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} شَهِقَ شهقة، ثم خر ميتا، رحمه الله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال