سورة النساء / الآية رقم 59 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}
{يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ} بعدما أمر سبحانه ولاة الأمور بالعموم أو الخصوص بأداء الأمانة والعدل في الحكومة أمر الناس بإطاعتهم في ضمن إطاعته عز وجل وإطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال عز من قائل: {أَطِيعُواْ الله} أي الزموا طاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه {وَأَطِيعُواْ الرسول} المبعوث لتبليغ أحكامه إليكم في كل ما يأمركم به وينهاكم عنه أيضًا، وعن الكلبي أن المعنى: أطيعوا الله في الفرائض وأطيعوا الرسول في السنن، والأول أولى وأعاد الفعل وإن كانت طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله تعالى اعتناءًا بشأنه عليه الصلاة والسلام وقطعًا لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس في القرآن وإيذانًا بأن له صلى الله عليه وسلم استقلالًا بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثمّ لم يعد في قوله سبحانه: {وَأُوْلِى الامر مِنْكُمْ} إيذانًا بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول صلى الله عليه وسلم، واختلف في المراد بهم فقيل: أمراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده ويندرج فيهم الخلفاء والسلاطين والقضاة وغيرهم، وقيل: المراد بهم أمراء السرايا، وروي ذلك عن أبي هريرة وميمون بن مهران، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي، وأخرجه ابن عساكر عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية، وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم الذين يريدون فلما بلغوا قريبًا منهم عرسوا وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم فأصبحوا قد هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال: يا أيا اليقظان إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدًا وإلا هربت؟ فقال عمار: بل هو ينفعك فأقم فأقام فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدًا غير الرجل فأخذه وأخذ ماله فبلغ عمارًا الخبر فأتى خالدًا فقال: خل عن الرجال فإنه قد أسلم وهو في أمان مني، قال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير فاستبا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال خالد: يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد لا تسب عمارًا فإن من سب عمارًا سبه الله تعالى ومن أبغض عمارًا أبغضه الله تعالى ومن لعن عمارًا لعنه الله تعالى فغضب عمار فقام فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي، فأنزل الله تعالى هذه الآية» ووجه التخصيص على هذا أن في عدم إطاعتهم ولا سلطان ولا حاضرة مفسدة عظيمة، وقيل: المراد بهم أهل العلم، وروى ذلك غير واحد عن ابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد والحسن وعطاء وجماعة، واستدل عليه أبو العالية بقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الامر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فإن العلماء هم المستنبطون المستخرجون للأحكام، وحمله كثير وليس ببعيد على ما يعم الجميع لتناول الاسم لهم لأن للأمراء تدبير أمر الجيش والقتال، وللعلماء حفظ الشريعة وما يجوز مما لا يجوز.
واستشكل إرادة العلماء لقوله تعالى: {فَانٍ الله فِي شَىْء} فإن الخطاب فيه عام للمؤمنين مطلقًا والشيء خاص بأمر الدين بدليل ما بعده، والمعنى فإن تنازعتم أيها المؤمنون أنتم وأولو الأمر منكم في أمر من أمور الدين {فَرُدُّوهُ} فراجعوا فيه {إِلَى الله} أي إلى كتابه {والرسول} أي إلى سنته، ولا شك أن هذا إنما يلائم حمل أولي الأمر على الأمراء دون العلماء لأن للناس والعامة منازعة الأمراء في بعض الأمور وليس لهم منازعة العلماء إذ المراد بهم المجتهدون والناس ممن سواهم لا ينازعونهم في أحكامهم. وجعل بعضهم: الخطاب فيه لأولي الأمر على الالتفات ليصح إرادة العلماء لأن للمجتهدين أن ينازع بعضهم بعضًا مجادلة ومحاجة فيكون المراد أمرهم بالتمسك بما يقتضيه الدليل، وقيل: على إرادة الأعم يجوز أن يكون الخطاب للمؤمنين وتكون المنازعة بينهم وبين أولي الأمر باعتبار بعض الأفراد وهم الأمراء، ثم إن وجوب الطاعة لهم ما داموا على الحق فلا يجب طاعتهم فيما خالف الشرع، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لبشر في معصية الله تعالى»، وأخرج هو وأحمد والشيخان وأبو داود والنسائي عنه أيضًا كرم الله تعالى وجهه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلًا من الأنصار فأمرهم عليه الصلاة والسلام أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شيء فقال: اجمعوا لي حطبًا فجمعوا له حطبًا قال: أوقدوا نارًا فأوقدوا نارًا قال: ألم يأمركم صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى قال: فادخلوها فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك فقال عليه الصلاة والسلام «لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف» وهل يشمل المباح أم لا؟ فيه خلاف، فقيل: إنه لا يجب طاعتهم فيه لأنه لا يجوز لأحد أن يحرم ما حلله الله تعالى ولا أن يحلل ما حرمه الله تعالى، وقيل: تجب أيضًا كما نص عليه الحصكفي وغيره، وقال بعض محققي الشافعية: يجب طاعة الإمام في أمره ونهيه ما لم يأمر حرم، وقال بعضهم: الذي يظهر أن ما أمر به مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرًا فقط بخلاف ما فيه ذلك فإنه يجب باطنًا أيضًا، وكذا يقال في المباح الذي فيه ضرر للمأمور به، ثم هل العبرة بالمباح والمندوب المأمور به باعتقاد الآمر فإذا أمر باح عنده سنة عند المأمور يجب امتثاله ظاهرًا فقط أو المأمور فيجب باطنًا أيضًا وبالعكس فينعكس ذلك كل محتمل وظاهر إطلاقهم في مسألة أمر الإمام الناس بالصوم للاستسقاء الثاني لأنهم لم يفصلوا بين كون الصوم المأمور به هناك مندوبًا عند الآمر أو لا، وأيد بما قرروه في باب الاقتداء من أن العبرة باعتقاد المأموم لا الإمام، ولم أقف على ما قاله أصحابنا في هذه المسألة فليراجع هذا، واستدل بالآية من أنكر القياس وذلك لأن الله تعالى أوجب الرد إلى الكتاب والسنة دون القياس، والحق أن الآية دليل على إثبات القياس بل هي متضمنة لجميع الأدلة الشرعية، فإن المراد بإطاعة الله العمل بالكتاب، وبإطاعة الرسول العمل بالسنة، وبالرد إليهما القياس لأن رد المختلف فيه الغير المعلوم من النص إلى المنصوص عليه إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه، وليس القياس شيئًا وراء ذلك، وقد علم من قوله سبحانه: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ} أنه عند عدم النزاع يعمل بما اتفق عليه وهو الإجماع.
{إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الاخر} متعلق بالأمر الأخير الوارد في محل النزاع إذ هو المحتاج إلى التحذير عن المخالفة، وجواب الشرط محذوف عند جمهور البصريين ثقة بدلالة المذكور عليه، والكلام على حد إن كنت ابني فأطعني فإن الإيمان بالله تعالى يوجب امتثال أمره، وكذا الإيمان باليوم الآخر لما فيه من العقاب على المخالفة {ذلك} أي الرد المأمور به العظيم الشأن ولو حمل كما قيل على جميع ما سبق على التفريع لحسن. وقال الطبرسي: إنه إشارة إلى ما تقدم من الأوامر أي طاعة الله تعالى وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر ورد المتنازع فيه إلى الله والرسول عليه الصلاة والسلام {خَيْرٌ} لكم وأصلح {وَأَحْسَنُ} أي أحمد في نفسه {تَأْوِيلًا} أي عاقبة، قاله قتادة والسدي وابن زيد، وأفعل التفضيل في الموضعين للإيذان بالكمال على خلاف الموضوع له، ووجه تقديم الأول على الثاني أن الأغلب تعلق أنظار الناس بما ينفعهم، وقيل: المراد: خير لكم في الدنيا وأحسن عاقبة في الآخرة، ووجه التقديم عليه أظهر. وعن الزجاج أن المراد: أحسن تأويلًا من تأويلكم أنتم إياه من غير رد إلى أصل من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فالتأويل إما عنى الرجوع إلى المآل والعاقبة، وإما عنى بيان المراد من اللفظ الغير الظاهر منه، وكلاهما حقيقة، وإن غلب الثاني في العرف ولذا يقابل التفسير.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال