سورة القيامة / الآية رقم 11 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّـسَوِّيَ بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ القِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ البَصَرُ وَخَسَفَ القَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ

المدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلاَّ لا وَزَرَ (11) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)}
قوله تعالى: {فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ} قرأ نافع وأبان عن عاصم {برق} بفتح الراء، معناه: لمع بصره من شدة شخوصه، فتراه لا يطرف. قال مجاهد وغيره: هذا عند الموت.
وقال الحسن:
هذا يوم القيامة.
وقال فيه معنى الجواب عما سأل عنه الإنسان كأنه يوم القيامة فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ والباقون بالكسر بَرِقَ ومعناه: تحير فلم يطرف، قاله أبو عمرو والزجاج وغيرهما. قال ذو الرمة:
ولو أن لقمان الحكيم تعرضت *** لعينيه مي سافرا كاد يبرق
الفراء والخليل: بَرِقَ بالكسر: فزع وبهت وتحير. والعرب تقول للإنسان المتحير المبهوت: قد برق فهو برق، وأنشد الفراء:
فنفسك قانع ولا تنعني *** وداو الكلوم ولا تبرق
أي لا تفزع من كثرة الكلوم التي بك.
وقيل: برق يبرق بالفتح: شق عينيه وفتحهما. قاله أبو عبيدة، وأنشد قول الكلابي:
لما أتاني ابن عمير راغبا *** أعطيته عيسا صهابا فبرق
أي فتح عينيه.
وقيل: إن كسر الراء وفتحها لغتان بمعنى. قوله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} أي ذهب ضوءه. والخسوف في الدنيا إلى انجلاء، بخلاف الآخرة، فإنه لا يعود ضوءه. ويحتمل أن يكون بمعنى غاب، ومنه قوله تعالى: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81]. وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى والأعرج: {وخسف القمر} بضم الخاء وكسر السين يدل عليه وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.
وقال أبو حاتم محمد بن إدريس: إذا ذهب بعضه فهو الكسوف، وإذا ذهب كله فهو الخسوف {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} أي جمع بينهما في ذهاب ضوئهما، فلا ضوء للشمس كما لا ضوء للقمر بعد خسوفه، قاله الفراء والزجاج. قال الفراء: ولم يقل جمعت، لان المعنى جمع بينهما.
وقال أبو عبيدة: هو على تغليب المذكر.
وقال الكسائي: هو محمول على المعنى، كأنه قال الضوءان. المبرد: التأنيث غير حقيقي.
وقال ابن عباس وابن مسعود: جمع بينهما أي قرن بينهما في طلوعهما من المغرب أسودين مكورين مظلمين مقرنين كأنهما ثوران عقيران. وقد مضى الحديث بهذا المعنى في آخر سورة الأنعام.
وفي قراءة عبد الله وجمع بين الشمس والقمر وقال عطاء ابن يسار: يجمع بينهما يوم القيامة ثم يقذفان في البحر، فيكونان نار الله الكبرى.
وقال علي وابن عباس: يجعلان في نور الحجب. وقد يجمعان في نار جهنم، لأنهما قد عبدا من دون الله ولا تكون النار عذابا لهما لأنهما جماد، وإنما يفعل ذلك بهما زيادة في تبكيت الكافرين وحسرتهم.
وفي مسند أبي داود الطيالسي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار» وقيل: هذا الجمع أنهما يجتمعان ولا يفترقان، ويقربان من الناس، فيلحقهم العرق لشدة الحر، فكأن المعنى يجمع حرهما عليهم.
وقيل: يجمع الشمس والقمر، فلا يكون ثم تعاقب ليل ولا نهار. قوله تعالى: {يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}؟ أي يقول ابن آدم، ويقال: أبو جهل، أي أين المهرب؟ قال الشاعر:
أين المف والكباش تنتطح *** وأى كبش حاد عنها يفتضح
الماوردي: ويحتمل وجهين: أحدهما أَيْنَ الْمَفَرُّ من الله استحياء منه.
الثاني أَيْنَ الْمَفَرُّ من جهنم حذرا منها. ويحتمل هذا القول من الإنسان وجهين: أحدهما- أن يكون من الكافر خاصة في عرضة القيامة دون المؤمن، لثقة المؤمن ببشرى ربه.
الثاني- أن يكون من قول المؤمن والكافر عند قيام الساعة لهول ما شاهدوا منها. وقراءة العامة الْمَفَرُّ بفتح الفاء واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم، لأنه مصدر. وقرأ ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة بكسر الفاء مع فتح الميم، قال الكسائي: هما لغتان مثل مدب ومدب، ومصح ومصح. وعن الزهري بكسر الميم وفتح الفاء. المهدوي: من فتح الميم والفاء من الْمَفَرُّ فهو مصدر بمعنى الفرار، ومن فتح الميم وكسر الفاء فهو الموضع الذي يفر إليه. ومن كسر الميم وفتح الفاء فهو الإنسان الجيد الفرار، فالمعنى أين الإنسان الجيد الفرار ولن ينجو مع ذلك. قلت: ومنه قول امرئ القيس:
مكر مفر مقبل مدبر معا ***
يريد أنه حسن الكر والفرجيده. {كَلَّا} أي لا مفر ف {كَلَّا} رد وهو من قول الله تعالى، ثم فسر هذا الرد فقال: {لا وَزَرَ} أي لا ملجأ من النار. وكان ابن مسعود يقول: لا حصن. وكان الحسن يقول: لا جبل. وابن عباس يقول: لا ملجأ. وابن جبير: لا محيص ولا منعة. المعنى في ذلك كله واحد. والوزر في اللغة: ما يلجأ إليه من حصن أو جبل أو غيرهما، قال الشاعر:
لعمري ما للفتى من وزر *** من الموت يدركه والكبر
قال السدي: كانوا في الدنيا إذا فزعوا تحصنوا في الجبال، فقال الله لهم: لا وزر يعصمكم يومئذ مني، قال طرفة:
ولقد تعلم بكر أننا *** فاضلو الرأي وفي الروع وزر
أي ملجأ للخائف. ويروى: وقر. {إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}
أي المنتهى قاله قتادة. نظيره: {وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى}.
وقال ابن مسعود إلى ربك المصير والمرجع. قيل: أي المستقر في الآخرة حيث يقره الله تعالى، إذ هو الحاكم بينهم.
وقيل: إن كَلَّا من قول الإنسان لنفسه إذا علم أنه ليس له مفر قال لنفسه: كَلَّا لا وَزَرَ. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ. قوله تعالى: {يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ} أي يخبر ابن آدم برا كان أو فاجرا بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ: أي بما أسلف من عمل سيئ أو صالح، أو أخر من سنة سيئة أو صالحة يعمل بها بعده، قاله ابن عباس وابن مسعود.
وروى منصور عن مجاهد قال: ينبأ بأول عمله وآخره. وقاله النخعي.
وقال ابن عباس أيضا: أي بما قدم من المعصية، وأخر من الطاعة. وهو قول قتادة.
وقال ابن زيد: بِما قَدَّمَ من أمواله لنفسه وَأَخَّرَ: خلف للورثة.
وقال الضحاك: ينبأ بما قدم من فرض، وأخر من فرض. قال القشيري: وهذا الانباء يكون في القيامة عند وزن الأعمال. ويجوز أن يكون عند الموت. قلت: والأول أظهر، لما خرجه ابن ماجه في سننه من حديث الزهري، حدثني أبو عبد الله الأغر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته» وخرجه أبو نعيم الحافظ بمعناه من حديث قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سبع يجري أجرهن للعبد بعد موته وهو في قبره: من علم علما أو أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ورث مصحفا أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته» فقوله: «بعد موته وهو في قبره» نص على أن ذلك لا يكون عند الموت، وإنما يخبر بجميع ذلك عند وزن عمله، وإن كان يبشر بذلك في قبره. ودل على هذا أيضا قوله الحق: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ} [العنكبوت: 13] وقوله تعالى: {وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] وهذا لا يكون إلا في الآخرة بعد وزن الأعمال. والله أعلم.
وفي الصحيح: «من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها واجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شي، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال