سورة النساء / الآية رقم 73 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعَاً وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَنْ لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ لَيَقُولَـنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {يا أيها الذين آمنوا} هذا خطاب لخلص المؤمنين، وأمر لهم بجهاد الكفار، والخروج في سبيل الله، والحذر، والحذر لغتان: كالمثل، والمثل. قال الفراء: أكثر الكلام الحذر، والحذر مسموع أيضاً، يقال: خذ حذرك أي: احذر، وقيل: معنى الآية: الأمر لهم بأخذ السلاح حذراً؛ لأن به الحذر. قوله: {فانفروا} نفر ينفر بكسر الفاء نفيراً، ونفرت الدابة تنفر بضم الفاء نفوراً. والمعنى: انهضوا لقتال العدوّ. أو النفير اسم للقوم الذين ينفرون، وأصله من النفار، والنفور، وهو: الفزع، ومنه قوله تعالى: {وَلَّوْاْ على أدبارهم نُفُوراً} [الإسراء: 46] أي: نافرين، قوله: {ثُبَاتٍ} جمع ثبة، أي: جماعة، والمعنى: انفروا جماعات متفرقات. قوله: {أَوِ انفروا جَمِيعاً} أي: مجتمعين جيشاً واحداً. ومعنى الآية: الأمر لهم بأن ينفروا على أحد الوصفين؛ ليكون ذلك أشدّ على عدوّهم، وليأمنوا من أن يتخطفهم الأعداء، إذا نفر كل واحد منهم وحده أو نحو ذلك، وقيل: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {انفروا خِفَافًا وَثِقَالاً} [التوبة: 41] وبقوله: {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ} [التوبة: 39] والصحيح أن الآيتين جميعاً محكمتان: إحداهما في الوقت الذي يحتاج فيه إلى نفور الجميع، والأخرى عند الاكتفاء بنفور البعض دون البعض.
قوله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ} التبطئة والإبطاء التأخر، والمراد: المنافقون كانوا يقعدون عن الخروج، ويقعدون غيرهم. والمعنى: أن من دخلائكم وجنسكم ومن أظهر إيمانه لكم نفاقاً من يبطيء المؤمنين ويثبطهم، واللام في قوله: {لِمَنْ} لام توكيد، وفي قوله: {لَّيُبَطّئَنَّ} لام جواب القسم، و{من} في موضع نصب، وصلتها الجملة. وقرأ مجاهد، والنخعي، والكلبي {لَّيُبَطّئَنَّ} بالتخفيف {فَإِنْ أصابتكم مُّصِيبَةٌ} من قتل أو هزيمة أو ذهاب مال. قال هذا المنافق قد أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم حتى يصيبني ما أصابهم {وَلَئِنْ أصابكم فَضْلٌ مِنَ} غنيمة أو فتح {لَّيَقُولَنَّ} هذا المنافق قول نادم حاسد {ياليتنى كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً}.
قوله: {كَأَن لَّمْ يَكُنِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} جملة معترضة بين الفعل الذي هو {ليقولن} وبين مفعوله، وهو: {يا لَيْتَنِى} وقيل: إن في الكلام تقديماً وتأخيراً. وقيل: المعنى: ليقولنّ كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة أي: كأن لم يعاقدكم على الجهاد. وقيل: هو في موضع نصب على الحال. وقرأ الحسن: {لَّيَقُولَنَّ} بضم اللام على معنى من. وقرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم {كَأَن لَّمْ تَكُنْ} بالتاء على الفظ المودّة. قوله: {فَأَفُوزَ} بالنصب على جواب التمني. وقرأ الحسن: {فَأَفُوزَ} بالرفع.
قوله: {فَلْيُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ الله} هذا أمر للمؤمنين، وقدّم الظرف على الفاعل للاهتمام به. و{الذين يَشْرُونَ} معناه: يبيعون، وهم المؤمنون، والفاء في قوله: {فَلْيُقَاتِلْ} جواب الشرط مقدّر، أي: لم يقاتل هؤلاء المذكورون سابقاً الموصوفون بأن منهم لمن ليبطئن، فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم البائعون للحياة الدنيا بالآخرة، ثم وعد المقاتلين في سبيل الله بأنه سيؤتيهم أجراً عظيماً لا يقادر قدره، وذلك أنه إذا قتل فاز بالشهادة التي هي أعلى درجات الأجور، وإن غلب، وظفر كان له أجر من قاتل في سبيل الله مع ما قد ناله من العلوّ في الدنيا والغنيمة، وظاهر هذا يقتضي التسوية بين من قتل شهيداً، أو انقلب غانماً، وربما يقال: إن التسوية بينهما إنما هي في إيتاء الأجر العظيم، ولا يلزم أن يكون أجرهما مستوياً، فإن كون الشيء عظيماً هو من الأمور النسبية التي يكون بعضها عظيماً بالنسبة إلى ما هو دونه، وحقيراً بالنسبة إلى ما هو فوقه.
قوله: {وَمَا لَكُمْ لاَ تقاتلون فِى سَبِيلِ الله} خطاب للمؤمنين المأمورين بالقتال على طريق الالتفات. قوله: {المستضعفين} مجرور عطفاً على الاسم الشريف، أي: ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله، وسبيل المستضعفين حتى تخلصوهم من الأسر، وتريحوهم مما هم فيه من الجهد. ويجوز أن يكون منصوباً على الاختصاص، أي: وأخص المستضعفين، فإنهم من أعظم ما يصدق عليه سبيل الله، واختار الأوّل الزجاج، والأزهري.
وقال محمد بن يزيد: أختار أن يكون المعنى، وفي المستضعفين، فيكون عطفاً على السبيل، والمراد بالمستضعفين هنا: من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال الكفار، وهم: الذين كان يدعو لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعيّاش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين» كما في الصحيح. ولا يبعد أن يقال: إن لفظ الآية أوسع، والاعتبار بعموم اللفظ لولا تقييده بقوله: {الذين يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذه القرية الظالم أَهْلُهَا} فإنه يشعر باختصاص ذلك بالمستضعفين الكائنين في مكة؛ لأنه قد أجمع المفسرون على أن المراد بالقرية الظالم أهلها: مكة. وقوله: {مِنَ الرجال والنساء والولدان} بيان للمستضعفين.
قوله: {الذين ءامَنُواْ يقاتلون فِى سَبِيلِ الله} هذا ترغيب للمؤمنين، وتنشيط لهم بأن قتالهم لهذا المقصد لا لغيره {والذين كَفَرُواْ يقاتلون فِى سَبِيلِ الطاغوت} أي: سبيل الشيطان، أو الكهان، أو الأصنام، وتفسير الطاغوت هنا بالشيطان أولى لقوله: {فقاتلوا أَوْلِيَاء الشيطان إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفاً} أي: مكره، ومكر من اتبعه من الكفار.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {فانفروا ثُبَاتٍ} قال: عصباً، يعني سرايا متفرقين {أَوِ انفروا جَمِيعاً} يعني كلكم.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه عنه قال في سورة النساء: {خُذُواْ حِذْرَكُمْ فانفروا ثُبَاتٍ أَوِ انفروا جَمِيعاً} نسختها: {وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَافَّةً} [التوبة: 122].
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن مجاهد في قوله: {ثُبَاتٍ} أي: فرقاً قليلاً.
وأخرج عن قتادة في قوله: {أَوِ انفروا جَمِيعاً} أي: إذا نفر نبي الله صلى الله عليه وسلم، فليس لأحد أن يتخلف عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السدي نحوه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ} إلى قوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} ما بين ذلك في المنافقين.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مقاتل بن حيان في الآية قال: هو فيما بلغنا عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد ابن جبير {فَلْيُقَاتِلْ} يعني: يقاتل المشركين {فِى سَبِيلِ الله} في طاعة الله {وَمَن يقاتل فِى سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ} يعني: يقتله العدوّ {أَو يَغْلِبْ} يعني: يغلب العدوّ من المشركين {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} يعني: جزاءً وافراً في الجنة، فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين في الأجر.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: {فِى سَبِيلِ الله والمستضعفين} قال: وفي المستضعفين.
وأخرج ابن جرير، عن الزهري قال: وسبيل المستضعفين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عنه من طريق العوفي عن ابن عباس قال: المستضعفون أناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها.
وأخرج البخاري، عنه قال: «أنا وأمي من المستضعفين».
وأخرج ابن جرير، عنه قال: القرية الظالم أهلها مكة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عائشة مثله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: إذا رأيتم الشيطان، فلا تخافوه، واحملوا عليه {إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفاً}. قال مجاهد: كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة، فكنت أذكر قول ابن عباس، فأحمل عليه، فيذهب عني.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال