سورة النبأ / الآية رقم 14 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَباًّ وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً إِنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً وَسُيِّرَتِ الجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً لِلطَّاغِينَ مَآباً لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً جَزَاءً وِفَاقاً إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباًوَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباًفَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً

النبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأ




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (6) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (7) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (8) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (11) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (12) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (16)}
قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً}: دلهم على قدرته على البعث، أي قدرتنا على إيجاد هذه الأمور أعظم من قدرتنا على الإعادة. والمهاد: الوطاء والفراش. وقد قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً} [البقرة: 22] وقرئ: {مهدا}. ومعناه أنها لهم كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينوم عليه {وَالْجِبالَ أَوْتاداً} أي لتسكن ولا تتكفأ ولا تميل بأهلها. {وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً} أي أصنافا: ذكرا وأنثى.
وقيل: ألوانا.
وقيل: يدخل في هذا كل زوج من قبيح وحسن، وطويل وقصير، لتختلف الأحوال فيقع الاعتبار، فيشكر الفاضل ويصبر المفضول. {وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ} جَعَلْنا معناه صيرنا، ولذلك تعدت إلى مفعولين. سُباتاً المفعول الثاني، أي راحة لأبدانكم، ومنه يوم السبت أي يوم الراحة، أي قيل لبني إسرائيل: استريحوا في هذا اليوم، فلا تعملوا فيه شيئا. وأنكر ابن الأنباري هذا وقال: لا يقال للراحة سبات.
وقيل: أصله التمدد، يقال: سبتت المرأة شعرها: إذا حلته وأرسلته، فالسبات كالمد، ورجل مسبوت الخلق: أي ممدود. وإذا أراد الرجل أن يستريح تمدد، فسميت الراحة سبتا.
وقيل: أصله القطع، يقال: سبت شعره سبتا: حلقه وكأنه إذا نام انقطع عن الناس وعن الاشتغال، فالسبات يشبه الموت، إلا أنه لم تفارقه الروح. ويقال: سير سبت: أي سهل لين، قال الشاعر:
ومطوية الاقراب أما نهارها *** فسبت وأما ليلها فذميل
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً} أي تلبسكم ظلمته وتغشاكم، قاله الطبري.
وقال ابن جبير والسدي: أي سكنا لكم. {وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً} فيه إضمار، أي وقت معاش، أي متصرفا لطلب المعاش وهو كل ما يعاش به من المطعم والمشرب وغير ذلك ف- مَعاشاً على هذا اسم زمان، ليكون الثاني هو الأول. ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى العيش على تقدير حذف المضاف. {وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً} أي سبع سموات محكمات، أي محكمة الخلق وثيقة البنيان. {وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً} أي وقادا وهي الشمس. وجعل هنا بمعنى خلق، لأنها تعدت لمفعول واحد والوهاج الذي له وهج، يقال: وهج يهج وهجا ووهجا ووهجانا. ويقال للجوهر إذا تلالا توهج.
وقال ابن عباس: وهاجا منيرا متلألئا. {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً} قال مجاهد وقتادة: والمعصرات الرياح. وقاله ابن عباس: كأنها تعصر السحاب. وعن ابن عباس أيضا: أنها السحاب.
وقال سفيان والربيع وأبو العالية والضحاك: أي السحائب التي تنعصر بالماء ولما تمطر بعد، كالمرأة المعصر التي قد دنا حيضها ولم تحض، قال أبو النجم:
تمشي الهوينى مائلا خمارها *** قد أعصرت أوقد دنا أعصارها
وقال آخر:
فكان مجني دون من كنت أتقي *** ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
وقال آخر:
وذي أشر كالأقحوان يزينه *** ذهاب الصبا والمعصرات الروائح
فالرياح تسمى معصرات، يقال: أعصرت الريح تعصر إعصارا: إذا أثارت العجاج، وهي الاعصار، والسحب أيضا تسمى المعصرات لأنها تمطر.
وقال قتادة أيضا: المعصرات السماء، النحاس: هذه الأقوال صحاح، يقال للرياح التي تأتي بالمطر معصرات، والرياح تلقح السحاب، فيكون المطر، والمطر ينزل من الريح على هذا. ويجوز أن تكون الأقوال واحدة، ويكون المعنى وأنزلنا من ذوات الرياح المعصرات ماءً ثَجَّاجاً وأصح الأقوال أن المعصرات، السحاب. كذا المعروف أن الغيث منها، ولو كان {بالمعصرات} لكان الريح أولى.
وفي الصحاح: والمعصرات السحائب تعتصر بالمطر. وأعصر القوم أي أمطروا، ومنه قرأ بعضهم {وفيه يُعصَرون} والمعصر: الجارية أول ما أدركت وحاضت، يقال: قد أعصرت كأنها دخلت عصر شبابها أو بلغته، قال الراجز:
جارية بسفوان دارها *** تمشي الهوينى ساقطا خمارها
قد أعصرت أو قد دنا أعصارها والجمع: معاصر، ويقال: هي التي قاربت الحيض، لان الاعصار في الجارية كالمراهقة في الغلام. سمعته من أبي الغوث الاعرابي. قال غيره: والمعصر السحابة التي حان لها أن تمطر، يقال أجن الزرع فهو مجن: أي صار إلى أن يجن، وكذلك السحاب إذا صار إلى أن يمطر فقد أعصر.
وقال المبرد: يقال سحاب معصر أي ممسك للماء، ويعتصر منه شيء بعد شي، ومنه العصر بالتحريك للملجإ الذي يلجأ إليه، والعصرة بالضم أيضا الملجأ. وقد مضى هذا المعنى في سورة يوسف والحمد لله.
وقال أبو زبيد:
صاديا يستغيث غير مغاث *** ولقد كان عصرة المنجود
ومنه المعصر للجارية التي قد قربت من البلوغ يقال لها معصر، لأنها تحبس في البيت، فيكون البيت لها عصرا.
وفي قراءة ابن عباس وعكرمة {وأنزلنا بالمعصرات}. والذي في المصاحف مِنَ الْمُعْصِراتِ قال أبي بن كعب والحسن وابن جبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان: مِنَ الْمُعْصِراتِ أي من السموات. ماءً ثَجَّاجاً صبابا متتابعا، عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. يقال: ثججت دمه فأنا أثجه ثجا، وقد ثج الدم يثج ثجوجا، وكذلك الماء، فهو لازم ومتعد. والثجاج في الآية المنصب.
وقال الزجاج: أي الصباب، وهو متعد كأنه يثج: نفسه أي يصب.
وقال عبيد بن الأبرص:
فثج أعلاه ثم ارتج أسفله *** وضاق ذرعا بحمل الماء منصاح
وفي حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن الحج المبرور فقال: «العج والثج» فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة الدماء وذبح الهدايا.
وقال ابن زيد: ثجاجا كثيرا. والمعنى واحد. قوله تعالى: {لِنُخْرِجَ بِهِ} أي بذلك الماء {حَبًّا} كالحنطة والشعير وغير ذلك {وَنَباتاً} من الأب، وهو ما تأكله الدواب من الحشيش. {وَجَنَّاتٍ} أي بساتين {أَلْفافاً} أي ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها، ولا واحد له كالاوزاع والاخياف.
وقيل: واحد الالفاف لف بالكسر ولف بالضم. ذكره الكسائي، قال:
جنة لف وعيش مغدق *** وندامى كلهم بيض زهر
وعنه أيضا وأبي عبيدة: لفيف كشريف وأشراف.
وقيل: هو جمع الجمع. حكاه الكسائي. يقال: جنة لفاء ونبت لف والجمع لف بضم اللام مثل حمر، ثم يجمع اللف ألفافا. الزمخشري: ولو قيل جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان وجيها. ويقال: شجرة لفاء وشجر لف وامرأة لفاء: أي غليظة الساق مجتمعة اللحم.
وقيل: التقدير: ونخرج به جنات ألفافا، فحذف لدلالة الكلام عليه. ثم هذا الالتفاف والانضمام معناه أن الأشجار في البساتين تكون متقاربة، فالاغصان من كل شجرة متقاربة لقوتها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال