سورة النساء / الآية رقم 91 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوَهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِياًّ وَلاَ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوَهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأُوْلائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


الاستفهام في قوله: {مَالَكُمْ} للإنكار، واسم الاستفهام مبتدأ، وما بعده خبره. والمعنى: أي شيء كائن لكم {فِى المنافقين} أي: في أمرهم وشأنهم حال كونكم {فِئَتَيْنِ} في ذلك. وحاصله الإنكار على المخاطبين أن يكون لهم شيء يوجب اختلافهم في شأن المنافقين.
وقد اختلف النحويون في انتصاب فئتين، فقال الأخفش، والبصريون على الحال، كقولك: مالك قائماً.
وقال الكوفيون انتصابه على أنه خبر لكان، وهي مضمرة، والتقدير: فما لكم في المنافقين كنتم فئتين. وسبب نزول الآية ما سيأتي وبه يتضح المعنى. وقوله: {والله أَرْكَسَهُمْ} معناه ردّهم إلى الكفر {بِمَا كَسَبُواْ} وحكى الفراء، والنضر بن شميل، والكسائي أركسهم وركسهم، أي: ردّهم إلى الكفر، ونكسهم، فالركس والنكس: قلب الشيء على رأسه، أو ردّ أوله إلى آخره، والمنكوس المركوس، وفي قراءة عبد الله بن مسعود وأبيّ: {والله ركسهم} ومنه قول عبد الله بن رواحة:
اركسوا في فئة مظلمة *** كسواد الليل يتلوها فتن
والباء في قوله: {بِمَا} سببية، أي أركسهم بسبب كسبهم، وهو لحوقهم بدار الكفر. والاستفهام في قوله: {أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ الله} للتقريع والتوبيخ، وفيه دليل على أن من أضله الله لا تنجع فيه هداية البشر {إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَآء} [القصص: 56] قوله: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} أي: طريقاً إلى الهداية.
قوله: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} هذا كلام مستأنف يتضمن بيان حال هؤلاء المنافقين، وإيضاح أنهم يودّون أن يكفر المؤمنون كما كفروا، ويتمنوا ذلك عناداً وغلوّاً في الكفر وتمادياً في الضلال، فالكاف في قوله: {كَمَا} نعت مصدر محذوف، أي: كفراً مثل كفرهم، أو حال، كما روي عن سيبويه. قوله: {فَتَكُونُونَ سَوَاء} عطف على قوله: {تَكْفُرُونِ} داخل في حكمه، أي: ودّوا كفركم ككفرهم، وودّوا مساواتكم لهم. قوله: {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء} جواب شرط محذوف، أي: إذا كان حالهم ما ذكر فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يؤمنوا، ويحققوا إيمانهم بالهجرة {فَإِن تَوَلَّوْاْ} عن ذلك {فَخُذُوهُمْ} إذا قدرتم عليهم {واقتلوهم حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} في الحلّ والحرم {وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً} توالونه {وَلاَ نَصِيراً} تستنصرون به.
قوله: {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} هو: مستثنى من قوله: {فَخُذُوهُمْ واقتلوهم} أي: إلا الذين يتصلون، ويدخلون في قوم بينكم وبينهم ميثاق بالجوار والحلف، فلا تقتلوهم لما بينهم وبين من بينكم وبينهم عهد وميثاق، فإن العهد يشملهم. هذا أصح ما قيل في معنى الآية. وقيل الاتصال هنا: هو اتصال النسب.
والمعنى: إلا الذين ينتسبون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، قاله أبو عبيدة، وقد أنكر ذلك أهل العلم عليه؛ لأن النسب لا يمنع من القتال بالإجماع، فقد كان بين المسلمين وبين المشركين أنساب، ولم يمنع ذلك من القتال.
وقد اختلف في هؤلاء القوم الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ميثاق، فقيل: هم قريش كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق {والذين يَصِلُونَ} إلى قريش هم: بنو مدلج. وقيل: نزلت في هلال بن عويمر، وسراقة بن جعشم، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف، كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد. وقيل: خزاعة. وقيل: بنو بكر بن زيد.
قوله: {أَوْ جَاءوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} عطف على قوله: {يَصِلُونَ} داخل في حكم الاستثناء، أي: إلا الذين يصلون، والذين جاءوكم، ويجوز أن يكون عطفاً على صفة قوم، أي: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، والذين يصلون إلى قوم جاءوكم حصرت صدورهم، أي: ضاقت صدورهم، عن القتال، فأمسكوا عنه والحصر: الضيق، والانقباض. قال الفراء: وهو: أي: {حصرت صدورهم} حال من المضمر المرفوع في جاءوكم، كما تقول: جاء فلان ذهب عقله، أي: قد ذهب عقله.
وقال الزجاج: هو خبر بعد خبر، أي: جاءوكم. ثم أخبر، فقال: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} فعلى هذا يكون حصرت بدلا من جاءوكم، وقيل: حصرت في موضع خفض على النعت لقوم. وقيل التقدير: أو جاءوكم رجال، أو قوم حصرت صدورهم. وقرأ الحسن: {أَوْ جَاءوكُمْ حصرةً صُدُورُهُمْ} نصباً على الحال. وقرئ: {حصرات} و{حاصرات}.
وقال محمد بن يزيد المبرّد: حصرت صدورهم هو دعاء عليهم، كما تقول لعن الله الكافر، وضعفه بعض المفسرين، وقيل: {أو} بمعنى (الواو).
وقوله: {أن يقاتلونكم أَوْ يقاتلوا قَوْمَهُمْ} هو متعلق بقوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي: حصرت صدورهم عن قتالكم، والقتال معكم لقومهم، فضاقت صدورهم عن قتال الطائفتين، وكرهوا ذلك {وَلَوْ شَاء الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} ابتلاء منه لكم، واختباراً، كما قال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَ أخباركم} [محمد: 31] أو تمحيصاً لكم، أو عقوبة بذنوبكم، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك، واللام في قوله: {فلقاتلوكم} جواب لو على تكرير الجواب، أي: لو شاء الله لسلطهم ولقاتلوكم، والفاء للتعقيب {فَإِنِ اعتزلوكم} ولم يتعرضوا لقتالكم {وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السلم} أي: استسلموا لكم، وانقادوا {فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} أي: طريقاً، فلا يحلّ لكم قتلهم، ولا أسرهم ولا سلب أموالهم، فهذا الاستسلام يمنع من ذلك ويحرّمه {سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ} فيظهرون لكم الإسلام، ويظهرون لقومهم الكفر؛ ليأمنوا من كلا الطائفتين، وهم قوم من أهل تهامة طلبوا الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمنوا عنده، وعند قومهم.
وقيل هي في قوم من أهل مكة. وقيل: في نعيم بن مسعود، فإنه كان يأمن المسلمين والمشركين. وقيل: في قوم من المنافقين. وقيل: في أسد وغطفان {كُلَّمَا رُدُّواْ إِلَى الفتنة} أي: دعاهم قومهم إليها، وطلبوا منهم قتال المسلمين {أُرْكِسُواْ فِيِهَا} أي: قلبوا فيها، فرجعوا إلى قومهم، وقاتلوا المسلمين، ومعنى الارتكاس: الانتكاس {فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ} يعني هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم، ويأمنوا قومهم {وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السلم} أي: يستسلمون لكم، ويدخلون في عهدكم وصلحكم، وينسلخون عن قومهم {وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ} عن قتالكم {فَخُذُوهُمْ واقتلوهم حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ} أي: حيث وجدتموهم وتمكنتم منهم {وَأُوْلَئِكُمْ} الموصوفون بتلك الصفات {جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سلطانا مُّبِيناً} أي: حجة واضحة تتسلطون بها عليهم، وتقهرونهم بها بسبب ما في قلوبهم من المرض، وما في صدورهم من الدغل، وارتكاسهم في الفتنة بأيسر عمل، وأقلّ سعي.
وقد أخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد، فرجع ناس خرجوا معه، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين، فرقة تقول نقتلهم، وفرقة تقول لا، فأنزل الله: {فَمَا لَكُمْ فِى المنافقين فِئَتَيْنِ} الآية كلها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإنها طيبة، وإنها تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة» هذا أصح ما روي في سبب نزول الآية، وقد رويت أسباب غير ذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس: {والله أَرْكَسَهُمْ} يقول: أوقعهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه قال: ردهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} قال: نزلت في هلال بن عويمر، وسراقة بن مالك المدلجي، وفي بني خزيمة بن عامر بن عبد مناف.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس، والبيهقي في سننه عنه في قوله: {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ} الآية، قال: نسختها براءة {فَإِذَا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن السديّ: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} يقول: ضاقت صدورهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الربيع {وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السلم} قال: الصلح.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {فَإِنِ اعتزلوكم} الآية، قال: نسختها: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] وأخرج ابن جرير، عن الحسن، وعكرمة في هذه الآية قال: نسختها براءة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ} الآية، قال: ناس من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قومهم، فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصالحوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة أنهم ناس كانوا بتهامة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ أنها نزلت في نعيم ابن مسعود.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال