سورة النساء / الآية رقم 92 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92)}.
التفسير:
الدماء، والأموال، والأعراض، من الحرمات التي قامت رسالة الإسلام على حمايتها من كل عدوان، وحياطتها من كل بغى.. إذ كانت ملاك أمر الإنسان كله، وقوام وجوده، وضمان حياته.
فلا حياة لإنسان مهدر الدم، مستباح المال، مهتوك العرض.
وكيف يحيا من حياته في يد غيره؟ وكيف يعيش من ماله ليد السلب والنهب والاغتصاب؟ وكيف يصحّ من تعرّض عرضه للبغى والعدوان؟
وماذا يبقى للإنسان إن أريق دمه، وأزهقت روحه؟
وماذا يبقى من الإنسان إن سلب ماله، أو هتك عرضه؟
لهذا جاءت شريعة السماء، وقامت قوانين الأرض، لتحمى هذه الحرمات، وتصونها، وتأخذ من الإنسان ما تشاء أن تأخذ، لتحتفظ له بتلك المقدسات، وتحمى له هذه الحرمات، التي إن تهدمت تهدم الإنسان، وانهار المجتمع، وتحول إلى عالم الحيوان، تحكمه شريعة الغاب، وتتحكم فيه غريزة الوحوش.
ودم الإنسان- أي إنسان- في الإسلام، كريم عزيز، لا تستباح قطرة منه بغير حق، ولا تزهق روح بغير قصاص.
ودم المؤمن أعز وأكرم عند اللّه من كل دم عزيز كريم، لأن المؤمن أقرب إلى اللّه، وأدخل في حماه، ممن كفر باللّه أو أشرك به! وقوله تعالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً} استبعاد لقتل المؤمن، واستنكار للعدوان عليه، من مؤمن مثله، يأخذ مأخذه في الولاء للّه، وفى الإيمان به، والاعتصام بحبله! فإذا عمد المؤمن إلى قتل مؤمن، فإنه- مع عدوانه على الأخوّة الإنسانية- قد اعتدى على ولىّ من أولياء اللّه، واستباح دم جندى من جنوده! أمّا أن يقتل مؤمن مؤمنا خطأ، فذلك مما تجاوز اللّه عنه، إذ كان أمرا لم يؤامر المؤمن نفسه عليه، ولم يستدع إرادته له.
ومع هذا، فإن دم مؤمن قد أريق، وروح مؤمن قد أزهقت! ولن يضيع هذا الدم هدرا، ولن تذهب تلك الروح هباء!! {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ.. إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}.
فهذا هو الرأب للصدع الذي حدث، والقصاص للدم الذي أريق بغير قصد! إن لهذا الدم وليّين: اللّه سبحانه وتعالى، وأهل القتيل.
فاللّه سبحانه، ولىّ تلك النفس المؤمنة.
وأهل القتيل هم أولياء هذا الدم المراق.
وحقّ اللّه على القاتل أن يحيى هذه النفس الميتة..!
وإذ كان ذلك أمرا غير مستطاع من القاتل، فإنه يحال إلى أمر مستطاع، وهو أن يحرّر رقبة مؤمنة، وأن يحيى نفسا أماتتها العبودية، وأزهق روحها الاستعباد! وفى هذا حياة نفس مؤمنة بنفس مؤمنة.. وكأنّ القتيل قد عاد في شخص هذا الإنسان المستعبد، الذي ولد ميلادا جديدا، بعتقه وتحرير رقبته! وأولياء دم القتيل من أهله، لا يرضيهم إلا أن يقتل هذا القاتل، أو يغرم من ماله ما هو أشبه في الغرم بقتله! وإذ كان القاتل لم تتجه نيته إلى القتل، ولم يحمله على القتل حقد أو ضغينة، فقد كان من الحكة والعدل ألا يقتل بيد النقمة والضغينة.. وليكن في الدية التي يقدّمها لولىّ الدم عزاء عن مصيبة جاءت قضاء وقدرا.
وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} دعوة كريمة من ربّ كريم، إلى أولياء الدم أن يعفوا ويصفحوا، وأن يتصدقوا بهذا الحق الذي لهم في مال القاتل على القاتل.. وحسبه ما وقع في نفسه من ألم وحسرة، لما جنت يده المخطئة عليه، بقتل نفس مؤمنة لم يرد بها شرّا، ولم يضمر لها سوءا.
وقوله تعالى: {فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي أن جبر دم القتيل المؤمن بيد الخطأ، هو تحرير رقبة مؤمنة، ولا دية لأولياء الدم، لأنهم في حرب مع المؤمنين، وفى أخذ هذا المال من المسلمين تقوية لأعدائهم وإضعاف للمؤمنين.. وحسب المؤمنين أن فقدوا عضوا منهم بهذا القتيل المؤمن، فلا يجمع عليهم بين قتله، وتوجيه ديته إلى الجبهة المحاربة للمؤمنين.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ذلك أن الوفاء بالعهد الذي بين المؤمنين، ومن عقدوا العهد معهم، أمر أوجبه الإسلام على المسلمين، ولم يحلّهم منه لأى سبب، حتى ولو كان العهد مع من لم يدخلوا في دين اللّه! ولهذا قدم تقديم الدّية هنا على تحرير الرقبة، لأن العهد في ذمة المسلمين جميعا، لا تبرأ ذمتهم إلا بالوفاء به، إن لم يسعه مال القاتل خرج من بيت مال المسلمين.. أما تحرير الرقبة، فهو في ذمة القاتل وحده، له فيه فسحة من الوقت ونظرة إلى ميسرة! وقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ} أي فإن كان القاتل معسرا، لا يستطيع أن يحرر رقبة، أو يقدم دية، فليصم شهرين متتابعين، حتى يغسل من نفسه مشاعر الحسرة والألم لهذا الدم المسفوك! وقوله تعالى: {تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} أي أن صيام هذين الشهرين لأجل التوبة المتنزلة على القاتل من اللّه، والرحمة به، من أن يقتل نفسه أسفا وندما.. إذ علم اللّه أنه لم يعمد إلى القتل، فاقتضت حكمته تعالى، أن يرحم هذا القاتل، ويجعل له من همه فرجا، ومن ضيقه مخرجا.
وهنا نسأل:
ماذا عن قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [5: الأحزاب].
هذا القول الذي يرفع اللوم والمؤاخذة عن الأفعال التي تقع من الإنسان عن غير قصد وعمد؟
ثم ماذا عن قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «رفع عن أمّتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
وقد جاء مقررا هذا المعنى الذي تضمنته الآية الكريمة، ومؤكدا له؟
ما تأويل هذا؟ مع ما أوجبه اللّه سبحانه وتعالى على القاتل خطأ، من تحرير رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهل القتيل.. فإن لم يجد ما يحرر به رقبة، ويقدّم به دية، فصيام شهرين متتابعين؟ أليس في هذا مؤاخذة وقصاصا؟ فكيف التوفيق بين هذين الحكمين، اللذين يدفع أحدهما المؤاخذة عن فعل الخطأ، بينما يوجّه الآخر المؤاخذة إليه؟
والجواب على هذا- واللّه أعلم- هو أن هناك روحا أزهقت، ونفسا قتلت، وأن من شأن هذا الحدث أن يثير هياجا في المشاعر، واضطرابا في العواطف، وألما في النفوس.. يبدأ ذلك من خاصة أهل القتيل، من آباء، وأبناء، وإخوة، وأعمام، وأبناء أعمام.. ثم يمتد إلى أصهار القتيل، وإلى ذوى قرابته من بعيد، وإلى أصدقائه، وأحبّائه ثم إلى المجتمع الذي يعيش فيه، ويتبادل المنافع مع أفراده! إن حادث القتل من أشبع الحوادث التي تقع في محيط الحياة الإنسانية.
والقتل الخطأ، وإن كان يخفف من وقع المصيبة على أهلها، إلا أن ما يبقى منه مع ذلك، هو همّ ثقيل، وبلاء عظيم.
وهل يعيد القتل الخطأ لأهل القتيل صاحبهم إلى الحياة؟ وهل يرى أهله في قتيلهم هذا، غير ما يرونه فيه لو أنه قتل عن عمد وقصد؟ كلا.. فهو في كلا الحالين جثة هامدة بين أيديهم.. كان إلى لحظات قليلة مضت ملء أسماعهم وأبصارهم.. وهو الآن في عالم الأموات، وهو عما قليل صائر إلى حيث يوضع في حفرة، تم يهال عليه التراب.
والنظرة المختلفة هنا، هى التي ينظر بها أهل القتيل إلى القاتل، لا إلى القتيل، الذي لا يختلف نظرهم فيه على أي حال.. فالقاتل خطأ ليس في وجه عداوة ونقمة من أهل القتيل، كالقاتل عن عمد وقصد.. ولكنه مع ذلك بغيض إلى نفوسهم، ينظرون إليه بعيون ملؤها الضيق والألم، إن لم يكن ملؤها الشنآن والنّقمة.
بهذه النظرة الفاحصة الحكيمة الشاملة، نظر القرآن إلى هذا الحدث المروّع، نظرة جمعت كل أطرافه، وأمسكت بجميع موارده ومصادره، ونفذت إلى ما يعتمل في المشاعر، وما يضطرب في الصدور منه، ثم جاءت إلى كل أولئك بما يصلح أمرهم، ويقيمهم على نهج قاصد، وطريق سواء! فأهل القتيل، لا بد لهم من مواساة وعزاء في هذا المصاب.. وعزاؤهم ومواساتهم هو في أن يترضّاهم القاتل، ويعتذر إليهم بهذه الدّية التي يقدمها لهم، ويريهم منها أنه ملوم يستحق المؤاخذة- وإن كانت حقيقة الأمر ألّا لوم عليه ولا مؤاخذة- إذ كان منطق النفوس المهتاجة في تلك الحال غير منطقها المعتاد، في الظروف الطبيعية.
فهذه الدّية- في حقيقتها- رمز لسلامة نية القاتل.. ولهذا التفت القرآن الكريم إلى أولياء القتيل، فدعاهم في رفق إلى التصدّق بهذه الدية على القاتل نفسه.. رحمة به، وتجاوزا عن فعلة جاءت على غير إرادته.
هذا هو الطرف الأول والمهمّ في هذه الواقعة.. وقد أرضاه حكم الإسلام، وطيّب خاطره، وقدم له جميل العزاء، وكرم المواساة.. وهم أولياء القتيل.
أما الطرف الثاني، وهو القاتل.. فإنه- وقد قتل نفسا مؤمنة، بغير حق- يكاد يختنق ضيقا، ويحترق حسرة وألما.. يؤرّقه هذا الدّم لذى أراقه، وتفزّعه هذه الروح التي أزهقها، والتي تصيح به: لم فعلت بي هذا؟ وأي جناية جنيتها عليك حتى تفعل بي ما فعلت؟.. وهكذا يعيش القاتل مع ضمير مؤرّق، ونفس معذبة، ووساوس مزعجة، لا تدع له سبيلا إلى السكن والقرار! وهنا يجىء التشريع الإسلامى إلى هذا القاتل، بما فيه العزاء لمصابه، والمواساة في مصيبته! لقد قتل نفسا مؤمنة خطأ، فليحى نفسا مؤمنة- عمدا!! وبهذا تنقشع من نفسه تلك الغيوم السود المتراكمة، من مشاعر الحرج والإثم..!
ومن جهة أخرى، فإن هذا القاتل يرى أهل القتيل وقد جنى عليهم بما جنى، وأن في قلوبهم بغضا له، وفى عيونهم ازورارا عنه- وهذا بلاء إلى البلاء الذي يجده بمعزل عن أهل القتيل، وذلك في مواجهة النفس التي قتلها، وفى جنايته عليها.
وإنه لكى يذهب ببعض ما في نفوس أهل القتيل عليه من موجدة وبغضه- كانت الدية التي أوجبتها الشريعة عليه، والتي عرفنا شأنها وأثرها عند أولياء الدم! ومن هذا يتضح:
أن ما فرض على القاتل من تحرير رقبة، وتقديم دية، كان لحسابه هو، ولعلاج ما أصابه من فعلته، في حياته الروحية والماديّة معا.. وأنه بهذا الذي قدّمه، قد تقاضى به الثمن عاجلا.. فوجد السكينة والأمن مع نفسه المضطربة، كما وجد السلام، والوئام مع المجتمع، ومع أولياء الدم بوجه خاص.
فواقع الأمر- كما ترى- هو أن القتل الخطأ في ذاته معفوّ عنه، وأن القاتل لم يؤخذ بجرمه، وأن ما وقع عليه من غرم كان أشبه بعملية غسل لهذا الدم البريء الذي أراقه، والذي أصابه من رشاشه ما لطّخ يده وثيابه!! وكان من تمام العلاج لهذا الأمر، أن القاتل إذا لم يجد ما يحرر به رقبة مؤمنة، وما يدفع به الدّية إلى أهل القتيل- كان عليه صيام شهرين متتابعين.
وحكمة الشهرين، وحكمة اتصال الصوم فيهما.. أن تلك المدة- مدة الشهرين- التي يفرض فيها القاتل على نفسه هذا الحرمان، هى بمثابة عقاب له، يأخذ به نفسه.. وفى هذا العقاب ما يخفّف من ألوان تلك الصورة القاتمة التي تحوم فوقه، من خيالات القتيل، وأشباحه.. ثم إن في اتصال هذا الموقف، دون أن يدخل عليه شيء من التغيير، إحكاما للتمكين لشعور جديد يقوم مكان هذا الشعور المستولى على القاتل، والمزعج له.
ولو ترك القاتل وشأنه بعد أن أدّى هذا المفروض عليه لاستراحت نفسه، وهدأ باله، وسكن وسواسه.. ومع هذا فقد أراد اللّه أن يعود بفضله عليه، وأن يذهب بكل ما بقي في نفسه من أثر لهذه التجربة القاسية التي مرّ بها.. فجاء قوله تعالى: {تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} ليعفّى على كل أثر لهذه المأساة، ويعيد إلى هذا الإنسان وجوده، على ما كان عليه من صحة وسلامة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال