سورة النساء / الآية رقم 94 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


هذا متصل بذكر الجهاد والقتال والضرب: السير في الأرض، تقول العرب ضربت في الأرض: إذا سرت لتجارة أو غزو أو غيرهما، وتقول ضربت الأرض بدون (في): إذا قصدت قضاء حاجة الإنسان، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يخرج رجلان يضربان الغائط» قوله: {فَتَبَيَّنُواْ} من التبين وهو التأمل، وهي قراءة الجماعة إلا حمزة، فإنه قرأ: {فتثبتوا} من التثبت. واختار القراءة الأولى أبو عبيدة، وأبو حاتم قالا: لأن من أمر بالتبين فقد أمر بالثبت، وإنما خصّ السفر بالأمر بالتبين، مع أن التبين والتثبت في أمر القتل واجبان حضراً، وسفراً بلا خلاف؛ لأن الحادثة التي هي سبب نزول الآية كانت في السفر، كما سيأتي. قوله: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلام} وقرئ: {السلام} ومعناهما واحد. واختار أبو عبيدة السلام. وخالفه أهل النظر، فقالوا: السلم هنا أشبه؛ لأنه بمعنى الانقياد والتسليم. والمراد هنا: لا تقولوا لمن ألقى بيده إليكم واستسلم لست مؤمناً، فالسلم والسلام كلاهما بمعنى الاستسلام، وقيل: هما بمعنى: الإسلام، أي: لا تقولوا لمن ألقى إليكم الإسلام، أي: كلمته، وهي: الشهادة لست مؤمناً. وقيل: هما بمعنى التسليم الذي هو تحية أهل الإسلام، أي: لا تقولوا لمن ألقى إليكم التسليم، فقال السلام عليكم: لست مؤمناً. والمراد: نهى المسلمين عن أن يهملوا ما جاء به الكافر مما يستدل به على إسلامه، ويقولوا إنه إنما جاء بذلك تعوذاً، وتقية. وقرأ أبو جعفر: {لَسْتَ مُؤْمِناً} من أمنته: إذا أجرته فهو مؤمن.
وقد استدلّ بهذه الآية على أن من قتل كافراً بعد أن قال لا إله إلا الله قتل به؛ لأنه قد عصم بهذه الكلمة دمه وماله وأهله، وإنما سقط القتل عمن وقع منه ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم تأوّلوا وظنوا أن من قالها خوفاً من السلاح لا يكون مسلماً؛ ولا يصير بها دمه معصوماً، وأنه لا بد من أن يقول هذه الكلمة، وهو مطمئن غير خائف، وفي حكم التكلم بكلمة الإسلام إظهار الانقياد بأن يقول أنا مسلم، أو أنا على دينكم، لما عرفت من أن معنى الآية الاستسلام والانقياد، وهو يحصل بكل ما يشعر بالإسلام من قول أو فعل، ومن جملة ذلك كلمة الشهادة وكلمة التسليم، فالقولان الآخران في معنى الآية داخلان تحت القول الأوّل.
قوله: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحياة الدنيا} الجملة في محل نصب على الحال، أي: لا تقولوا تلك المقالة طالبين الغنيمة، على أن يكون النهي راجعاً إلى القيد والمقيد لا إلى القيد فقط، وسمي متاع الدنيا عرضاً؛ لأنه عارض زائل غير ثابت.
قال أبو عبيدة: يقال جميع متاع الدنيا عرض بفتح الراء. وأما العرض بسكون الراء، فهو ما سوى الدنانير والدراهم، فكل عرض بالسكون عرض بالفتح، وليس كل عرض بالفتح عرضاً بالسكون. وفي كتاب العين: العرض ما نيل من الدنيا، ومنه قوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدنيا} [الأنفال: 67] وجمعه عروض. وفي المجمل لابن فارس: والعرض ما يعترض للإنسان من مرض ونحوه. وعرض الدنيا ما كان فيها من مال قلّ أو أكثر، والعرض من الأثاث ما كان غير نقد.
قوله: {فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} هو تعليل للنهي، أي: عند الله مما هو حلال لكم من دون ارتكاب محظور مغانم كثيرة تغتنمونها، وتستغنون بها عن قتل من قد استسلم وانقاد، واغتنام ماله {كذلك كُنتُمْ مّن قَبْلُ} أي: كنتم كفاراً، فحقنت دماؤكم لما تكلمتم بكلمة الشهادة، أو كذلك كنتم من قبل، تخفون إيمانكم عن قومكم خوفاً على أنفسكم حتى من الله عليكم بإعزاز دينه، فأظهرتم الإيمان وأعلنتم به، وكرّر الأمر بالتبين للتأكيد عليهم لكونه واجباً لا فسحة فيه ولا رخصة.
وقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: لحق ناس من المسلمين رجلاً معه غنيمة له، فقال السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته، فنزلت: {يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: مرّ رجل من بني سليم بنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسوق غنماً له، فسلم عليهم، فقالوا ما سلم علينا إلا ليتعوّذ منا، فعدوا عليه، فقتلوه، وأتوا بغنمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: {يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ الله}.
وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبو نعيم، والبيهقي، عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحرث بن ربعي، ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مرّ بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع، ووطب من لبن، فلما مرّ بنا سلم علينا بتحية الإسلام، فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه فقتله، وأخذ بعيره ومتيعه، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن: {يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ} الآية. وفي لفظ عند ابن إسحاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من حديث ابن أبي حدرد هذا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمحلم: «أقتلته بعد ما قال آمنت بالله؟» فنزل القرآن.
وأخرج ابن جرير، من حديث ابن عمر أن محلماً جلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليستغفر له، فقال: لاغفر الله لك، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت به ساعة حتى مات ودفنوه، فلفظته الأرض، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: إن الأرض تقبل من هو شرّ من صاحبكم، ولكنّ الله أراد أن يعظكم، ثم طرحوه في جبل، وألقوا عليه الحجارة، فنزلت: {يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ} الآية.
وأخرج البزار، والدارقطني في الإفراد، والطبراني، والضياء في المختارة، عن ابن عباس أن سبب نزول الآية: أن المقداد بن الأسود قتل رجلاً بعد ما قال لا إله إلا الله. وفي سبب النزول روايات كثيرة، وهذا الذي ذكرناه أحسنها.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {كذلك كُنتُمْ مّن قَبْلُ} قال: تستخفون بإيمانكم، كما استخفى هذا الراعي بإيمانه، يعني: الذين قتلوه بعد أن ألقى إليهم السلام، وفي لفظ {تكتمون إيمانكم من المشركين} {فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ} فأظهر الإسلام فأعلنتم إيمانكم {فَتَبَيَّنُواْ} قال: وعيد من الله ثان.
وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة في قوله: {كذلك كُنتُمْ مّن قَبْلُ} قال: كنتم كفاراً حتى منّ الله عليكم بالإسلام، وهداكم له.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال