سورة البروج / الآية رقم 21 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ وَالْيَوْمِ المَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الحَرِيقِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الفَوْزُ الكَبِيرُ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الغَفُورُ الوَدُودُ ذُو العَرْشِ المَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ

البروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالبروجالطارق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {إِنّ الذين آمنوا} وصبروا على الإيمان {وعَمِلوا الصالحات} من المفتونين وغيرهم {لهم} بسبب ذلك الإيمان والعمل الصالح {جناتٌ تجري من تحتها الأنهارُ}، إن أُريد بالجنات الأشجار فجريان الأنهار من تحتها ظاهر، وإن أُريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحتية باعتبار جريها الظاهرة، فإنَّ أشجارها ساترة لساحتها، كما يعرب عنه اسم الجنة. {ذلك هو الفوزُ الكبير} الذي تصغر عنده الدنيا وما فيها من فنون الرغائب بحذافيرها، والفوز: النجاة من الشر والظفر بالخير. والإشارة إمّا إلى الجنة الموصوفة بما ذكر والتذكير لتأويلها بما ذكر، وإمّا إلى ما يفيده قوله: {لهم جنات...} إلخ، من حيازتهم لها، فإنَّ حصولها لهم مستلزم لحيازتهم لها قطعاً، وما فيه من البُعد للإيذان بعلو درجته، وبُعد منزلته في الفضل. ومحله: الرفع، وخبره: ما بعده.
{إِنَّ بطشَ ربك لشديدٌ}، البطش: الأخذ بعنف، فإذا وُصف بالشدة فقد تفاقم وتعاظم أمره. والمراد: أخذ الظلمة والجبابرة بالعذاب والانتقام، وهو استئناف، خواطب به النبي صلى الله عليه وسلم إيذاناً بأنَّ لكفار قوهه نصيباً موفوراً من مضمونه، كما يُنبىء عنه التعرُّض لعنوان الربوبية مع الإضافة لضميره صلى الله عليه وسلم. {إِنه هو يُبدىء ويُعيد} أي: هو يُبدىء الخلق وهو يُعيده، من غير دخلٍ لأحد في شيء منها. ففيه مزيد تقرير لشدة بطشه، فقد دلّ باقتداره على البدء والإعادة على شدة بطشه، أو: هو يُبدىء البطش بالكفرة في الدنيا ويُعيده في الآخرة. {وهو الغفورُ} الساتر للعيوب، الغافر للذنوب، {الودودُ} المحب لأوليائه، أو: الفاعل بأهل طاعته ما يفعله الودود، من إعطائهم ما أرادوا، {ذو العرش} أي: خالقه ومالكه، وقيل: المراد بالعرش: المُلك، أي: ذو السلطة القاهرة {المجيدُ} بالجر صفة للعرش، وبالرفع صفة لذُو، أي: العظيم في ذاته، فإنه واجب الوجود، تام القدرة {فعَّالٌ لما يُريد} بحيث لا يتخلّف عن إرادته مراد من أفعاله تعالى وأفعال عباده، ففيه دلالة على خلق أفعال العباد، وهو خبر عن محذوف.
{هل أتاك حديثُ الجنود} أي: قد أتاك حديث الطاغية والأمم الخالية. وهو استفهام تشويق مقرر لشدّة بشطه تعالى بالظَلَمة العصاة والكفرة العتاة. وكونه فعال لما يُريد مع تسليته صلى الله عليه وسلم بأنه سيصيب قومه صلى الله عليه وسلم ما أصاب تلك الجنود. {فرعونَ وثمودَ}؛ بدل من الجنود؛ لأنَّ المراد بفرعون هو وقومه. والمراد بحديثهم: ما صدر منهم من التمادي على الكفر والضلال، وما حلّ بهم من العذاب والنكال، أي: قد أتاك حديثهم، وعرفت ما فعل بهم، فذكّر قومك ببطش الله تعالى، وحذّرهم أن يُصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم.
{بل الذين كفروا في تكذيبٍ}، إضراب عن مماثلتهم، وبيان لكونهم أشد منهم في الكفر والطغيان، كأنه قيل: ليسوا مثلهم في ذلك، بل هم أشد منهم في استحقاق العذاب واستيجاب العقاب، فإنهم مستقرُّون في تكذيبٍ شديد للقرآن الكريم، أو كأنه قيل: ليست جنايتهم مجرد عدم التذكُّر والاتعاظ بما سمعوا من حديثهم، بل هم مع ذلك في تكذيب شديدٍ للقرآن الناطق بذلك، لكن لا أنهم يكذبون بوقوع تلك الحادثات، بل لكون ما نطق به قرآناً من عند الله تعالى مع وضوح أمره، وظهور حاله، بالبينات الباهرة.
{واللهُ من ورائهم محيط}؛ عالم بأحوالهم، قادر عليهم، لا يفوتونه. وهو تمثيل لعدم نجاتهم من بأس الله تعالى بعدم فوات المحاط المحيط.
{بل هو قرآن مجيد} أي: بل هذا الذي كذّبوا به قرآن شريف عالي الطبقة في الكتب السماوية، وفي نظمه وإعجازه، وهو رد لكفرهم وإبطال لتكذيبهم، وتحقيق للحق، أي: ليس الأمر كما قالوا، بل هو كتاب شريف {في لوح محفوظ} من التحريف والتبديل. وقرأ نافع بالرفع صفة للقرآن، والباقي بالجر صفة للوح، أي: محفوظ من وصول الشياطين إليه. واللوح عند الحسن: شيء يلوح للملائكة يقرؤونه، وعن ابن عباس رضي الله عنه: هو من درّة بيضاء، طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق والمغرب، قلمه نور، وكل شيءٍ فيه مسطور. قال مقاتل: هو عن يمين العرش، وقيل: أعلاه معقود بالعرش، وأسفله في حِجْرِ ملَك كريم. اهـ.
الإشارة: إنَّ الذين آمنوا إيماناً حقيقيًّا شهوديًّا، وعملوا الصالحات بأيدي القلوب والأرواح والأسرار، يعني العمل الباطني، لهم جنات المعارف، تجري من تحتها أنهار العلوم والحِكم، ذلك هو الفوز الكبير والسعادة العظمى. إنَّ بطش ربك بأهل الإنكار الجاحدين لأهل الخصوصية لَشَدِيد، وهو غم الحجاب وسوء الحساب، إنه هو يُبدىء ويُعيد، يُبدىء الحجاب للمحجوبين، ويُعيد الشهود للعارفين، وهو الغفور للتائبين المتوجهين، الودود للسائرين المحبين. قال الورتجبي: الغفور للجنايات، الودود بكشف المشاهدات. اهـ. ذو العرش: ذو السلطة القاهرة على العوالم العلوية والسفلية. قال الورتجبي: وصف نفسه بإيجاد العرش، ثم وصف نفسه بالشرف والتنزيه، أي: بقوله: {المجيد} إعلاماً بأنه كان ولا مكان، والآن ليس في المكان، إذ جلاله وجماله منزَّه عن مماسة المكان، والحاجة إلى الحدثان. اهـ. قال القشيري: ويجوز أن يكون المراد بالعرش: قلب العارف المستَوي للرحمن، كما جاء الحديث: «قلب العارف عرش الله». اهـ.
فعّال لما يُريد، يُقرِّب البعيد ويُبعد القريب إن شاء. قال القشيري: إنْ أراد أن يجعل أرباب الأرواح من أرباب النفوس فهو قادر على ذلك، وهو عادل في ذلك، وإن أراد عكس ذلك فهو كذلك. اهـ. فلذا كان العارف لا يزول اضطراره، ولا يكون مع غير الله قراره، هل أتاك حديث الجنود، أي: جنود النفس التي تُحارب به الروح لتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، ثم فسّرها بفرعون الهوى، وثمود حب الدنيا، والطبع الدني. بل الذين كفروا بطريق الخصوص في تكذيب، لهذا كله، فلا يُفرقون بين الروح والنفس، ولا بين الفرق والجمع، والله من ورائهم محيط، لا يفوته شيء، لإحاطة المحيط بالأشياء ذاتاً وصفاتاً وفعلاً، بل هو أي: ما يوحي إلى الأسرار الصافية، والأرواح الطاهرة قرآن مجيد في لوح محفوظ عن الخواطر والهواجس الظلمانية، وهو قلب العارف. والله تعالى أعلم.
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال