سورة النساء / الآية رقم 117 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِيَنَّهُمْ وَلآمُرَنُّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِياًّ مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما كان المنافقون هم المقصودين بالذات بهذه الآيات، وكان أكثرهم أهل أوثان؛ ناسب كل المناسبة قوله معللاً لأن الشرك ضلال: {إن} أي ما {يدعون} وما أنسب التعبير لعباد الأوثان عن العبادة بالدعاء إشارة إلى أن كل معبود لا يدعي في الضرورات فيسمع، فعابده أجهل الجهلة. ولما كان كل شيء دونه سبحانه وتعالى، لأنه تحت قهره؛ قال محتقراً لما عبدوه: {من دونه} أي وهو الرحمن.
ولما كانت معبوداتهم أوثاناً متكثرة، وكل كثرة تلزمها الفرقة والحاجة والضعف مع أنهم كانوا يسمون بعضها بأسماء الإناث من اللات والعزى، ويقولون في الكل: إنها بنات الله، ويقولون عن كل صنم: أنثى بني فلان؛ قال: {إلا إناثاً} أي فجعلوا أنفسهم للإناث عباداً وهم يأنفون من أن يكون لهم لهم أولاداً، وفي التفسير من البخاري: إناثاً يعني الموات حجراً أو مدراً- أو ما أشبه ذلك؛ هذا مع أن مادة أنث ووثن يلزمها في نفسها الكثرة والرخاوة والفرقة، وكل ذلك في غاية البعد عن رتبة الإلهية، وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط ذلك في سورة العنكبوت وأن هذا القصر قلب قصر لاعتقادهم أنها آلهة، ومعنى الحصر: ما هي إلا غير آلهة لما لها من النقص {وإن يدعون} أي يعبدون في الحقيقة {إلا شيطاناً} أي لأنه هو الآمر لهم بذلك، المزين لهم {مريداً} أي عاتياً صلباً عاصياً ملازماً للعصيان، مجرداً من كل خير، محترقاً بأفعال الشر، بعيداً من كل أمن، من: شاط وشطن؛ ومرد- بفتح عينه وضمها، وعبر بصيغة فعيل التي هي للمبالغة في سياق ذمهم تنبيهاً على أنهم تعبدوا لما لا إلباس في شرارته، لأنه شر كله، بخلاف ما في سورة الصافات، فإن سياقه يقتضي عدم المبالغة- كما سيأتي إن شاء الله تعالى؛ ثم بين ذلك بقوله: {لعنه الله} أي أبعده الملك الأعلى منكل خير فبعد فاحترق.
ولما كان التقدير: فقال إصراراً على العداوة بالحسد: وعزتك لأجتهدن في إبعاد غيري كما أبعدتني! عطف عليه قوله: {وقال لأتخذنَّ} أي والله لأجتهدن في أن آخذ {من عبادك} الذين هم تحت قهرك، ولا يخرجون عن مرادك {نصيباً مفروضاً} أي جزءاً أنت قدرته لي {ولأضلنهم} أي عن طريقك السوي بما سلطتني به من الوساوس وتزيين الأباطيل {ولأمنينّهم} أي كل ما أقدر عليه من الباطل من عدم البعث وغيره من طول الأعمال وبلوغ الآمال من الدنيا والآخرة بالرحمة والعفو والإحسان ونحوه مما هو سبب للتسويف بالتوبة {ولآمرنهم}.
ولما كان قد علم مما طبعوا عليه من الشهوات والحظوظ التي هيأتهم لطاعته، وكانت طاعته في الفساد عند كل عاقل في غاية الاستبعاد؛ أكد قوله: {فليبتكن} أي يقطعن تقطيعاً كثيراً {آذان الأنعام} ويشققونها علامة على ما حرموه على أنفسهم {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} أي الذي له الحكمة الكاملة فلا كفوء له، بأنواع التغيير من تغيير الفطرة الأولى السليمة إلى ما دون ذلك من فقء عين الحامي ونحو ذلك، وهو إشارة إلى ما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم بالتقريب للأصنام من السائبة وما معها، المشار إلى إبطاله في أول المائدة بقوله: {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} [المائدة: 1] المصرح به في آخرها بقوله: {ما جعل الله من بحيرة} [المائدة: 103] ويكون التغيير بالوشم والوشر، ويدخل فيه كل ما خالف الدين، فإن الفطرة الأولى داعية إلى خلاف ذلك حتى أدخلوا فيه تشبيه الرجال بالنساء في التخنث وما يتفرع عنه في تشبيه النساء بالرجال في السحق ومانحاً فيه نحوه.
ولما كان التقدير: فقد خسر من تابعه في ذلك، لأنه صار للشيطان ولياً؛ عطف عليه معمماً قوله: {ومن يتخذ} أي يتكلف منهم ومن غيرهم تغيير الفطرة الأولى فيأخذ {الشيطان ولياً} ولما كان ذلك ملزوماً لمحادة الله سبحانه وتعالى، وكان ما هو أدنى من رتبته في غاية الكثرة؛ بعّض ليفهم الاستغراق من باب الأولى فقال: {من دون الله} أي المستجمع لكل وصف جميل {فقد خسر} باتخاذه ذلك ولو على أدنى وجوه الشرك {خسراناً مبيناً} أي في غاية الظهور والرداءة بما تعطيه صيغة الفعلان، لأنه تولى من لا خير عنده؛ ثم علل ذلك بقوله: {يعدهم} أي بأن يخيل إليهم بما يصل إلى قلوبهم بالوسوسة في شيء من الأباطيل أنه قريب الحصول، وأنه لا درك في تحصيله، وأنه إن لم يحصل كان في فواته ضرر، فيسعون في تحصيله، فيضيع عليهم في ذلك الزمانُ، ويرتكبون فيه ما لا يحل من الأهوال والهوان {ويمنيهم} أي يزين لهم تعليق الآمال بما لا يتأتى حصوله، ثم بين ذلك بقوله: {وما} أي والحالة أنه ما {يعدهم} وأظهر في موضع الإضمار تنبيهاً على مزيد النفرة فقال: {الشيطان} أي المحترق البعيد عن الخير {إلا غروراًَ} أي تزييناً بالباطل خداعاً ومكراً وتلبيساً، إظهاراً- لما لا حقيقة له أو له حقيقة سيئة- في أبهى الحقائق وأشرفها وألذها إلى النفس وأشهاها إلى الطبع، فإن مادة غر ورغ تدول على الشرف والحسن ورفاهة العيش، فالغرور إزالة ذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال