سورة القدر / الآية رقم 4 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَمَا تَفَرَّقَ الَذينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ

القدرالقدرالقدرالقدرالقدرالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


الضمير في: {أنزلناه} للقرآن، وإن لم يتقدّم له ذكر. أنزل جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ، وكان ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم نجوماً على حسب الحاجة، وكان بين نزول أوّله وآخره على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وعشرون سنة، وفي آية أخرى: {إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةٍ مباركة} [الدخان: 3] وهي: ليلة القدر؛ وفي آية أخرى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذى أُنزِلَ فِيهِ القرآن} [البقرة: 185] وليلة القدر في شهر رمضان. قال مجاهد: في ليلة القدر ليلة الحكم. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر} ليلة الحكم، قيل سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدّر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة. وقيل: إنها سميت بذلك لعظيم قدرها وشرفها، من قولهم: لفلان قدر، أي: شرف ومنزلة، كذا قال الزهري. وقيل: سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً، وثواباً جزيلاً.
وقال الخليل: سميت ليلة القدر؛ لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة، كقوله: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] أي ضيق.
وقد اختلف في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قولاً، قد ذكرناها بأدلتها، وبينا الراجح منها في شرحنا للمنتقى.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر} هذا الاستفهام فيه تفخيم لشأنها حتى كأنها خارجة عن دراية الخلق لا يدري بها إلاّ الله سبحانه. قال سفيان: كلّ ما في القرآن من قوله: وما أدراك، فقد أدراه، وكلّ ما فيه {وما يدريك} [عبس: 3]، فلم يدره، وكذا قال الفراء. والمعنى: أيّ شيء تجعله دارياً بها؟ وقد قدّمنا الكلام في إعراب هذه الجملة في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحاقة} [الحاقة: 3] ثم قال: {لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} قال كثير من المفسرين، أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. واختار هذا الفراء، والزجاج، ولك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير والنفع. فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة كانت خيراً من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما في هذه الليلة. وقيل: أراد بقوله ألف شهر جميع الدهر؛ لأن العرب تذكر الألف في كثير من الأشياء على طريق المبالغة. وقيل: وجه ذكر الألف الشهر أن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابداً حتى يعبد الله ألف شهر، وذلك ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، فجعل الله سبحانه لأمة محمد عبادة ليلة خيراً من عبادة ألف شهر كانوا يعبدونها. وقيل: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى أعمار أمته قصيرة، فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر وجعلها خيراً من ألف شهر لسائر الأمم.
وقيل: غير ذلك مما لا طائل تحته.
وجملة: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم} مستأنفة مبينة لوجه فضلها موضحة للعلة التي صارت بها خيراً من ألف شهر.
وقوله: {بِإِذْنِ رَبّهِمْ} يتعلق ب {تنزل}، أو بمحذوف، هو حال، أي: ملتبسين بإذن ربهم، والإذن الأمر، ومعنى {تنزل}: تهبط من السماوات إلى الأرض. والروح هو جبريل عند جمهور المفسرين، أي: تنزل الملائكة ومعهم جبريل، ووجه ذكره بعد دخوله في الملائكة التعظيم له والتشريف لشأنه. وقيل الرّوح صنف من الملائكة هم أشرافهم. وقيل هم جند من جنود الله من غير الملائكة. وقيل: الروح الرحمة، وقد تقدّم الخلاف في الروح عند قوله: {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً} [النبأ: 38]. قرأ الجمهور: {تنزل} بفتح التاء، وقرأ طلحة بن مصرف، وابن السميفع بضمها على البناء للمفعول، وقوله: {مّن كُلّ أَمْرٍ} أي: من أجل كلّ أمر من الأمور التي قضى الله بها في تلك السنة. وقيل: إن {من} بمعنى اللام، أي: لكلّ أمر. وقيل: هي بمعنى الباء، أي: بكلّ أمر، قرأ الجمهور: {أمر} وهو واحد الأمور، وقرأ عليّ، وابن عباس، وعكرمة، والكلبي: {امرئ} مذكر امرأة، أي: من أجل كلّ إنسان، وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل مع الملائكة، فيسلمون على كلّ إنسان، فمن على هذا بمعنى على، والأوّل أولى.
وقد تمّ الكلام عند قوله من كلّ أمر، ثم ابتدأ فقال: {سلام هِىَ} أي: ما هي إلاّ سلامة وخير كلها لا شرّ فيها. وقيل: هي ذات سلامة من أن يؤثر فيها شيطان في مؤمن أو مؤمنة. قال مجاهد: هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً ولا أذى.
وقال الشعبي: هو تسليم الملائكة على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرّون على كلّ مؤمن ويقولون السلام عليك أيها المؤمن. وقيل: يعني سلام الملائكة بعضهم على بعض. قال عطاء: يريد سلام على أولياء الله، وأهل طاعته: {حتى مَطْلَعِ الفجر} أي: حتى وقت طلوعه. قرأ الجمهور: {مطلع} بفتح اللام. وقرأ الكسائي، وابن محيصن بكسرها. فقيل: هما لغتان في المصدر، والفتح أكثر نحو المخرج والمقتل. وقيل: بالفتح اسم مكان، وبالكسر المصدر. وقيل: العكس، و{حتى} متعلقة يتنزل على أنها غاية لحكم التنزل، أي: لمكثهم في محل تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجاً بعد فوج إلى طلوع الفجر. وقيل متعلقة ب {سلام} بناءً على أن الفصل بين المصدر، ومعموله بالمبتدأ مغتفر.
وقد أخرج ابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: {إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةِ القدر} قال: أنزل القرآن في ليلة القدر حتى وضع في بيت العزّة في السماء الدنيا، ثم جعل جبريل ينزل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم.
وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال: العمل في ليلة القدر، والصدقة، والصلاة، والزكاة أفضل من ألف شهر.
وأخرج الترمذي وضعفه، وابن جرير، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره، فساءه ذلك، فنزلت: {إِنَّا أعطيناك الكوثر} [الكوثر: 1] يا محمد. يعني نهراً في الجنة، ونزلت: {إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةِ القدر * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر * لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} يملكها بعدك بنو أمية.
قال القاسم: فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً، ولا تنقص يوماً، والمراد بالقاسم هو القاسم بن الفضل المذكور في إسناده. قال الترمذي: إن يوسف هذا مجهول، يعني يوسف بن سعد الذي رواه عن الحسن بن عليّ. قال ابن كثير: فيه نظر، فإنه قد روى عنه جماعة: منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد.
وقال فيه يحيى بن معين هو مشهور. وفي رواية عن ابن معين قال: هو ثقة، ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن. قال ابن كثير، ثمّ هذا الحديث على كلّ تقدير منكر جداً. قال المزي: هو حديث منكر، وقول القاسم بن الفضل إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد، ولا تنقص ليس بصحيح، فإن جملة مدّتهم من عند أن استقلّ بالملك معاوية، وهي سنة أربعين إلى أن سلبهم الملك بنو العباس، وهي سنة اثنين وثلاثين ومائة مجموعها اثنتان وتسعون سنة.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس نحو ما روي عن الحسن بن عليّ.
وأخرج الخطيب عن سعيد بن المسيب مرفوعاً مرسلاً نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {سلام} قال: في تلك الليلة تصفد مردة الشياطين، وتغلّ عفاريت الجنّ، وتفتح فيها أبواب السماء كلها، ويقبل الله فيها التوبة لكلّ تائب، فلذا قال: {سلام هِىَ حتى مَطْلَعِ الفجر} قال: وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر، والأحاديث في فضل ليلة القدر كثيرة، وليس هذا موضع بسطها، وكذلك الأحاديث في تعيينها، والاختلاف في ذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال