سورة البينة / الآية رقم 4 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَمَا تَفَرَّقَ الَذينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ

القدرالقدرالقدرالقدرالقدرالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينةالبينة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)}
{وَمَا تَفَرَّقَ الذين أَتَوْا *الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينة} فإنه ظاهر في أن كفرهم قد زاد عند ذلك فقال جار الله كان الكفار من الفريقين يقولون قبل المبعث لا ننفك عما نحن فيه من ديننا حتى يبعث الله تعالى النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل وهو محمد صلى الله عليه وسلم فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه ثم قال سبحانه: {وَمَا تَفَرَّقَ} إلخ يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول ثم ما فرقهم عن الحق وأقرهم على الكفر إلا مجيئه ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه لست نفك مما أنا فيه حتى يرزقني الله تعالى الغنى فيرزقه الله عز وجل ذلك فيزداد فسقًا فيقول واعظه لم تكن منفكًا عن الفسق حتى توسر وما غمست رأسك في الفسق إلا بعد اليسار يذكره ما كان يقوله توبيخًا وإلزامًا وحاصله أن الأول من باب الحكاية لزعمهم وقوله سبحانه: {وَمَا تَفَرَّقَ} إلخ إلزام عليهم حكى الله تعالى كلامهم على سبيل التوبيخ والتعيير فقال هذا هو الثمرة وظاهره أنه أراد بتفرقهم تفرقهم عن الحق وحمل على الثبات على الكفر والباطل لاستلزامه إياه وعدم التعرض للمشركين في قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ} إلخ لعلم حالهم من حال الذين أوتوا الكتاب بالأولى روقيل وهو قريب من ذاك من وجه وفيه إيضاح له من وجه أي لم يكونوا منفكين عما كانوا عليه من الوعد باتباع الحق والإيمان بالرسول المبعوث في آخر الزمان إلى أن أتاهم ما جعلوه ميقاتًا للاجتماع والاتفاق فاجعلوه ميقاتًا للانفكاك والافتراق كما قال سبحانه: {وَمَا تَفَرَّقَ} إلخ وفي التعبير نفكين إشارة إلى وكادة وعدهم وهو من أهل الكتاب مشهور حتى أنهم كانوا يستفتحون ويقولون اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان ويقولون لأعدائهم من المشركين قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ومن المشركين لعله وقع من متأخريهم بعد ما شاع من أهل الكتاب واعتقدوا صحته مما شاهدوا مثلًا من بعض من يوثق به بينهم من قومهم كزيد بن عمرو بن نفيل فقد كان يتطلب نبيًا من العرب ويقول قد أظل زمانه وأنه من قريش بل من بني هاشم بل من بني عبد المطلب ويشهد لذلك أنهم قبيل بعثته عليه الصلاة والسلام سمي منهم غير واحد ولده حمد رجاء أن يكون النبي المبعوث {والله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124] والتعبير عن إتيانه بصيغة المضارع باعتبار حال المحكي لا باعتبار حال الحكاية كما في قوله تعالى: {واتبعوا مَا تَتْلُواْ الشياطين} [الأنعام: 102] أي تلت وقوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ} إلخ كلام مسوق لمزيد التشنيع على أهل الكتاب خاصة ببيان أن ما نسب إليهم من الانفكاك لم يكن لاشتباه في الأمر بل بعد وضوح الحق وتبين الحال وانقطاع الأعذار بالكلية وهو السر في وصفهم بإيتاء الكتاب المنبىء عن كمال تمكنهم من مطالعته والإحاطة بما في تضاعيفه من الأحكام والأخبار التي من جملتها ما يتعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام وصحة بعثته بعد ذكرهم فيما سبق بما هو جار مجرى اسم الجنس للطائفتين ولما كان هؤلاء والمشركون باعتبار اتفاقهم على الرأي المذكور في حكم فريق واحد عبر عما صدر منهم عقيب الاتفاق عند الإخبار بوقوعه بالانفكاك وعند بيان كيفية وقوعه بالتفرق اعتبار الاستقلال كل من فريقي أهل الكتاب وإيذانًا بأن انفكاكهم عن الرأي المذكور ليس بطريق الاتفاق على رأي آخر بل بطريق الاختلاف القديم وتعقب التقريران بأنه ليس في الكلام ما يدل على أنه حكاية ولا على إرادة منفكين عن الوعد باتباع الحق وقال القاضي عبد الجبار المعنى لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم وإن جاءتهم البينة وتعقبه الإمام بأن فتسير لفظ حتى بما ذكر ليس من اللغة في شيء ولعله أراد أن المراد استمرار النفي وإن في الكلام حذفًا أي لم يكونوا منفكين عن كفرهم في وقت من الأوقات حتى وقت أن تأتيهم البينة إلا أنه عبر بما ذكر لأنه أخصر وفيه أيضًا ما لا يخفى وقيل المعنى لم يكونوا منفكين عن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بالمناقب والفضائل إلى أن أتاهم فحينئذٍ تفرقوا فيه وقال كل منهم فيه عليه الصلاة والسلام قولًا زورًا وتعقب بأنه لا دلالة على إرادة ما قدر متعلق الانفكاك وقيل المعنى لم يكونوا منفكين عن كفرهم إلى وقت مجىء الرسول صلى الله عليه وسلم فلما جاءهم تفرقوا فمنهم من آمن ومنهم من أصر على كفره ويكفي ذلك في العمل وجب حتى وتعقب بأن ظاهر وما تفرق إلخ ذم لجميعهم وتشنيع عليهم ويؤيده قوله سبحانه بعد: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب} [البينة: 6] إلخ ويبعد ذلك على حمل التفرق على إيمان بعض وإصرار بعض وقيل المعنى لم يكونوا منفكين عن كفرهم بأن يترددوا فيه بل كانوا جازمين به معتقدين حقيته إلى أن أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعند ذلك اضطربت خواطرهم وأفكارهم وتشكك كل في دينه ومقالته وفيه ما لا يخفى وقيل معنى منفكين هالكين من قولهم انفك صلا المرأة عند الولادة وهو أن ينفصل فلا يلتئم والمعنى لم يكونوا معذبين ولا هالكين إلا بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب وقريب منه معنى ما قيل لم يكونوا منفكين عن الحياة بأن يموتوا ويهلكوا حتى تأتيهم البينة وهو كما ترى وقيل المراد أنهم لم ينفكوا عن دينهم حقيقة إلى مجىء الرسول التالي للصحف المبينة نسخة وبطلانه ولما جاء وتبين ذلك انفكوا عنه حقيقة وإن بقوا عليه صورة وفيه ما فيه وقال أبو حيان الظاهر أن المعنى لم يكونوا منفكين أي منفصلًا بعضهم عن بعض بل كان كل منهم مقرًا الآخر على ما هو عليه مما اختاره لنفسه هذا من اعتقاده بشريعته وهذا من اعتقاده بأصنامه وحاصله أنه اتصلت مودتهم واجتمعت كلمتهم إلى أن أتتهم البينة وما تفرق الذين أوتوا أي من المشركين وانفصل بعضهم من بعض فقال كل ما يدل عنده على صحة قوله إلا من بعد ما جاءتهم البينة وكان يقتضي عند مجيئها أن يجتمعوا على اتباعها ولا يخفى أن قوله: {بَلْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ} إلخ في حيز المنع وأيضًا حمل وما تفرق على ما حمله عليه غير ظاهر وقال ابن عطية هاهنا وجه بارع المعنى وذلك أن يكون المراد لم يكن هؤلاء القوم منفكين من أمر الله تعالى وقدرته ونظره سبحانه حتى يبعث عز وجل إليهم رسولًا منذرًا يقيم تعالى عليهم به الحجة ويتم على من آمن به النعمة فكأنه قال ما كانوا ليتركوا سدى ولهذا نظائر في كتاب الله جل جلاله هذا ما ظفرنا به سؤالًا وجوابًا وجرحًا وتعديلًا ثم إني أقول ما تقدم في تقرير الإشكال مبني على مذهب القائلين فهوم الغاية وهم أكثر الفقهاء وجماعة من المتكلمين كالقاضي أبي بكر والقاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري وغيرهم دون مذهب الغير القائلين به وهم أصحاب الإمام أبي حنيفة وجماعة من الفقهاء والمتكلمين واختاره الآمدي واستدل عليه بما استدل ورد ما يعارضه من أدلة المخالف وعليه يمكن أن يقال إنه سبحانه وتعالى بين أولًا حال الذين كفروا من الفريقين إلى وقت إتيان الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله عز وجل: {لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين مُنفَكّينَ} [البينة: 1] أي عما هم عليه من الدين حسب اعتقادهم فيه إلى أن يأتيهم الرسول ولما لم يتعرض في ذلك على ذلك المذهب لحالهم بعد إتيان الرسول عليه الصلاة والسلام بينه سبحانه بقوله جل وعلا: {وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب} إلخ أي وما تفرقوا فعرف بعض منهم الحق وآمن وعرفه بعض آخر منهم وعاند فلم يؤمن في وقت من الأوقات إلا من بعد ما جاءتهم البينة وطوى سبحانه ذكر حال المشركين لعلمه بالأولى من حالهم ثم إنه تعالى ذكر بعد حال كل من الفريقين المؤمن والكافر وماله في الآخرة بقوله سبحانه: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ} [البينة: 6] إلخ وقوله تعالى: {إِنَّ الذين ءامَنُواْ} [البينة: 7] إلخ والذي أميل إليه مما تقدم كون الانفكاك عن الوعد باتباع الحق ولعل القرينة على اعتباره حالية ويحتمل نحوًا آخر من التوجيه وذلك بأن يجعل الكلام من باب الأعمال فيقال إن منفكين يقتضي متعلقًا هو المنفك عنه وتأتيهم يقتضي فاعلًا وليس في الكلام سوى البينة فكل منهما يقتضيه فاعمل فيه تأتيهم وحذف معمول منفكين لدلالته عليه فكأنه قيل لم يكن الذين كفروا من الفريقين منفكين عن البينة حتى تأتيهم البينة وحيث كان المراد بالبينة الرسول كان الكلام في قوة لم يكونوا منفكين عن الرسول حتى يأتيهم ويراد بعدم الانفكاك عن الرسول حيث لم يكن موجودًا إذ ذاك عدم الانفكاك عن ذكره والوعد باتباعه ويكون باقي الكلام في الآية على نحو ما سبق على تقدير إرادة منفكين عما كانوا عليه من الوعد باتباع الحق وإن شئت قلت في قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ} إلخ أنه على معنى وما تفرق الذين أوتوا الكتاب عن الرسول ما انفكوا عنه بالإصرار على الكفر إلا من بعد ما جاءهم فتأمل جميع ما أتيناك به والله تعالى أعلم بأسرار كتابه وقوله تعالى:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال