سورة الإخلاص / الآية رقم 4 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ

الإخلاصالإخلاصالإخلاصالإخلاصالفلقالفلقالفلقالفلقالفلقالناسالناسالناسالناسالناسالناس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى ما يفهم من السياق لما قدمنا من بيان سبب النزول، وأن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك. فيكون مبتدأ، والله مبتدأ ثان. و{أحد} خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأوّل. ويجوز أن يكون {الله} بدلاً من {هو}، والخبر {أحد}. ويجوز أن يكون الله خبراً أوّلاً، و{أحد} خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون {أحد} خبراً لمبتدأ محذوف، أي: هو أحد. ويجوز أن يكون {هو} ضمير شأن؛ لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه، والأوّل أولى. قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله، والمعنى: إن سألتم تبيين نسبته {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}. قيل: وهمزة {أحد} بدل من الواو، وأصله واحد.
وقال أبو البقاء: همزة {أحد} أصل بنفسها غير مقلوبة، وذكر أن أحد يفيد العموم دون واحد. ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري: أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال رجل أحد، ولا درهم أحد؛ كما يقال رجل واحد، ودرهم واحد، قيل: والواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد. وفرّق ثعلب بين واحد وبين أحد بأن الواحد يدخل في العدد وأحد لا يدخل فيه. وردّ عليه أبو حيان بأنه يقال أحد وعشرون، ونحوه، فقد دخله العدد، وهذا كما ترى، ومن جملة القائلين بالقلب الخليل. قرأ الجمهور: {قل هو الله أحد} بإثبات {قل}. وقرأ عبد الله بن مسعود وأبيّ: {الله أحد} بدون {قل}. وقرأ الأعمش: {قل هو الله الواحد} وقرأ الجمهور: بتنوين {أحد}، وهو: الأصل. وقرأ زيد بن عليّ، وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق، والحسن، وأبو السماك، وأبو عمرو في رواية عنه بحذف التنوين للخفة، كما في قول الشاعر:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه *** ورجال مكة مسنتون عجاف
وقيل: إن ترك التنوين لملاقاته لام التعريف، فيكون الترك لأجل الفرار من التقاء الساكنين. ويجاب عنه بأن الفرار من التقاء الساكنين قد حصل مع التنوين بتحريك الأوّل منهما بالكسر {الله الصمد} الإسم الشريف مبتدأ، و{الصمد} خبره. والصمد: هو الذي يصمد إليه في الحاجات، أي: يقصد لكونه قادراً على قضائها، فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض؛ لأنه مصمود إليه، أي: مقصود إليه، قال الزجاج: الصمد السند الذي انتهى إليه السؤدد. فلا سيد فوقه، قال الشاعر:
ألا بكر الناعي بخير بني أسد *** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وقيل: معنى الصمد: الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزول. وقيل: معنى الصمد ما ذكر بعده من أنه الذي لم يلد ولم يولد.
وقيل: هو المستغني عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد. وقيل: هو المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب، وهذان القولان يرجعان إلى معنى القول الأوّل. وقيل: هو الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. وقيل: هو الكامل الذي لا عيب فيه.
وقال الحسن، وعكرمة، والضحاك، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الله بن بريدة، وعطاء، وعطية العوفي، والسديّ، الصمد هو المصمت الذي لا جوف، ومنه قول الشاعر:
شهاب حروب لا تزال جياده *** عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
وهذا لا ينافي القول الأوّل لجواز أن يكون هذا أصل معنى الصمد، ثم استعمل في السيد المصمود إليه في الحوائج، ولهذا أطبق على القول الأوّل أهل اللغة وجمهور أهل التفسير، ومنه قول الشاعر:
علوته بحسام ثم قلت له *** خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقال الزبرقان بن بدر:
سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمدوا *** ولا رهينة إلاّ سيد صمد
وتكرير الاسم الجليل؛ للإشعار بأن من لم يتصف بذلك، فهو بمعزل عن استحقاق الألوهية، وحذف العاطف من هذه الجملة؛ لأنها كالنتيجة للجملة الأولى. وقيل: إن الصمد صفة للاسم الشريف، والخبر هو ما بعده. والأوّل أولى؛ لأن السياق يقتضي استقلال كل جملة. {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} أي: لم يصدر عنه ولد، ولم يصدر هو عن شيء، لأنه لا يجانسه شيء، ولاستحالة نسبة العدم إليه سابقاً ولاحقاً. قال قتادة: إن مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الله. وقالت اليهود: عزير ابن الله. وقالت النصارى: المسيح ابن الله، فأكذبهم الله فقال: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}. قال الرازي: قدّم ذكر نفي الولد مع أن الولد مقدّم للاهتمام، لأجل ما كان يقوله الكفار من المشركين: إن الملائكة بنات الله، واليهود: عزير ابن الله، والنصارى: المسيح ابن الله، ولم يدّع أحد أن له والداً، فلهذا السبب بدأ بالأهمّ، فقال: {لَمْ يَلِدْ} ثم أشار إلى الحجة فقال: {وَلَمْ يُولَدْ}، كأنه قيل: الدليل على امتناع الولد اتفاقنا على أنه ما كان ولداً لغيره، وإنما عبّر سبحانه بما يفيد انتفاء كونه لم يلد ولم يولد في الماضي، ولم يذكر ما يفيد انتفاء كونه كذلك في المستقبل؛ لأنه ورد جواباً عن قولهم: ولد الله، كما حكى الله عنهم بقوله: {أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ الله} [الصافات: 151، 152] فلما كان المقصود من هذه الآية تكذيب قولهم، وهم: إنما قالوا ذلك بلفظ يفيد النفي فيما مضى، وردت الآية لدفع قولهم هذا.
{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} هذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها؛ لأنه سبحانه إذا كان متصفاً بالصفات المتقدمة كان متصفاً بكونه لم يكافئه أحد، ولا يماثله ولا يشاركه في شيء، وأخر اسم كان لرعاية الفواصل، وقوله: {له} متعلق بقوله: {كفواً} قدم عليه لرعاية الاهتمام؛ لأن المقصود نفي المكافأة عن ذاته.
وقيل: إنه في محل نصب على الحال، والأوّل أولى.
وقد ردّ المبرد على سيبويه بهذه الآية؛ لأن سيبويه قال: إنه إذا تقدّم الظرف كان هو الخبر، وههنا لم يجعل خبراً مع تقدّمه، وقد ردّ على المبرد بوجهين: أحدهما أن سيبويه لم يجعل ذلك حتماً بل جوّزه. والثاني أنا لا نسلم كون الظرف هنا ليس بخبر، بل يجوز أن يكون خبراً ويكون كفواً منتصباً على الحال وحكى في الكشاف عن سيبويه على أن الكلام العربيّ الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقرّ، واقتصر في هذه الحكاية على نقل أوّل كلام سيبويه، ولم ينظر إلى أخره، فإنه قال في آخر كلامه: والتقديم والتأخير والإلغاء، والاستقرار عربيّ جيد كثير. انتهى. قرأ الجمهور: {كفواً} بضم الكاف والفاء، وتسهيل الهمزة، وقرأ الأعرج، وسيبويه، ونافع في رواية عنه بإسكان الفاء، وروي ذلك عن حمزة مع إبداله الهمزة واواً وصلاً ووقفاً، وقرأ نافع في رواية عنه: {كفأ} بكسر الكاف، وفتح الفاء من غير مدّ. وقرأ سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس كذلك مع المد، وأنشد قول النابغة:
لا تقذفني بركن لا كفاء له ***
والكفء في لغة العرب النظير. يقول. هذا كفؤك أي: نظيرك. والاسم الكفاءة بالفتح.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والمحاملي في أماليه، والطبراني، وأبو الشيخ في العظمة عن بريد لا أعلمه إلاّ رفعه. قال: {الصمد} الذي لا جوف له، ولا يصح رفع هذا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: {الصمد} الذي لا جوف له، وفي لفظ: ليس له أحشاء.
وأخرج ابن أبي عاصم، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن المنذر عنه قال: {الصمد} الذي لا يطعم، وهو المصمت. وقال: أو ما سمعت النائحة، وهي تقول:
لقد بكر الناعي بخير بني أسد *** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وكان لا يطعم عند القتال، وقد روي عنه أن الذي يصمد إليه في الحوائج، وأنه أنشد البيت، واستدلّ به على هذا المعنى، وهو أظهر في المدح، وأدخل في الشرف، وليس لوصفه بأنه لا يطعم عند القتال كثير معنى.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: {الصمد} السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغنيّ الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفة لا تنبغي إلاّ له ليس له كفو وليس كمثله شيء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن مسعود قال: {الصمد} هو السيد الذي قد انتهى سؤدده، فلا شيء أسود منه.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: {الصمد} الذي تصمد إليه الأشياء إذا نزل بهم كربة أو بلاء.
وأخرج ابن جرير من طرق عنه في قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} قال: ليس له كفو ولا مثل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال