سورة النساء / الآية رقم 159 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}
وهذه من الذنوب التي ارتكبوها، مما أوجب لعنتهم وطردهم وإبعادهم عن الهدى، وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم، وكفرهم بآيات الله، أي: حججه وبراهينه، والمعجزات التي شاهدوها على أيدي الأنبياء، عليهم السلام.
قوله {وَقَتْلَهُمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله، فإنهم قتلوا جمّا غفيرًا من الأنبياء بغير حق عليهم السلام.
وقولهم: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جُبَير، وعكرمة، والسّدّي، وقتادة، وغير واحد: أي في غطاء. وهذا كقول المشركين: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} [فصلت: 5]. وقيل: معناه أنهم ادعَوْا أن قلوبهم غُلُف للعلم، أي: أوعية للعلم قد حوته وحصلته. رواه الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وقد تقدم نظيره في سورة البقرة.
قال الله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} فعلى القول الأول كأنهم يعتذرون إليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول؛ لأنها في غلف وفي أكنة، قال الله تعالى بل هو مطبوع عليها بكفرهم. وعلى القول الثاني عكس عليهم ما ادَّعَوْه من كل وجه، وقد تقدم الكلام على مثل هذا في سورة البقرة.
{فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا} أي: مَرَدت قلوبهم على الكفر والطغيان وقلة الإيمان.
{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: «يعني أنهم رموها بالزنا».
وكذا قال السدي، وجُوَيْبِر، ومحمد بن إسحاق وغير واحد. وهو ظاهر من الآية: أنهم رموها وابنها بالعظائم، فجعلوها زانية، وقد حملت بولدها من ذلك- زاد بعضهم: وهي حائض- فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وقولهم: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} أي هذا الذي يدعي لنفسه هذا المنصب قتلناه. وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء، كقول المشركين: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6].
وكان من خبر اليهود- عليهم لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه- أنه لما بعث الله عيسى ابن مريم بالبينات والهدى، حسدوه على ما آتاه الله من النبوة والمعجزات الباهرات، التي كان يبرئ بها الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، ويصور من الطين طائرًا ثم ينفخ فيه فيكون طائرًا يشاهَدُ طيرانه بإذن الله، عز وجل، إلى غير ذلك من المعجزات التي أكرمه الله بها وأجراها على يديه، ومع هذا كذبوه وخالفوه، وسَعَوْا في أذاه بكل ما أمكنهم، حتى جعل نبي الله عيسى، عليه السلام، لا يساكنهم في بلدة، بل يكثر السياحة هو وأمه، عليهما السلام، ثم لم يقنعهم ذلك حتى سعوا إلى ملك دمشق في ذلك الزمان- وكان رجلا مشركًا من عبدة الكواكب، وكان يقال لأهل ملته: اليونان- وأنهوا إليه: أن ببيت المقدس رجلا يفتن الناس ويضلهم ويفسد على الملك رعاياه. فغضب الملك من هذا، وكتب إلى نائبه بالقدس أن يحتاط على هذا المذكور، وأن يصلبه ويضع الشوك على رأسه، ويكف أذاه على الناس. فلما وصل الكتاب امتثل مُتَولِّي بيت المقدس ذلك، وذهب هو وطائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى، عليه السلام، وهو في جماعة من أصحابه، اثنا عشر أو ثلاثة عشر- وقيل: سبعة عشر نفرًا- وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت، فحصروه هنالك. فلما أحس بهم وأنه لا محالة من دخولهم عليه، أو خروجه عليهم قال لأصحابه: أيكم يُلْقَى عليه شبهي، وهو رفيقي في الجنة؟ فانتَدَب لذلك شاب منهم، فكأنه استصغره عن ذلك، فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا يَنْتَدبُ إلا ذلك الشاب- فقال: أنت هو- وألقى اللهُ عليه شبه عيسى، حتى كأنه هو، وفُتحَت رَوْزَنَة من سقف البيت، وأخذت عيسى عليه السلام سِنةٌ من النوم، فرفع إلى السماء وهو كذلك، كما قال الله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية [آل عمران: 55].
فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى، فأخذوه في الليل وصلبوه، ووضعوا الشوك على رأسه، فأظهر اليهود أنهم سعوا في صلبه وتبجحوا بذلك، وسلم لهم طوائف من النصارى ذلك لجهلهم وقلة عقلهم، ما عدا من كان في البيت مع المسيح، فإنهم شاهدوا رفعه، وأما الباقون فإنهم ظنوا كما ظن اليهود أن المصلوب هو المسيح ابن مريم، حتى ذكروا أن مريم جلست تحت ذلك المصلوب وبكت، ويقال: إنه خاطبها، والله أعلم.
وهذا كله من امتحان الله عباده؛ لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم، الذي أنزله على رسوله الكريم، المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحات، فقال تعالى- وهو أصدق القائلين، ورب العالمين، المطلع على السرائر والضمائر، الذي يعلم السر في السموات والأرض، العالم بما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون-: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} أي: رأوا شبهه فظنوه إياه؛ ولهذا قال: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} يعني بذلك: من ادعى قتله من اليهود، ومن سَلَّمه من جهال النصارى، كلهم في شك من ذلك وحيرة وضلال وسُعُر. ولهذا قال: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} أي: وما قتلوه متيقنين أنه هو، بل شاكين متوهمين. {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي منيع الجناب لا يرام جنابه، ولا يضام من لاذ ببابه {حَكِيمًا} أي: في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة، والسلطان العظيم، والأمر القديم.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سِنَان، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء، خرج على أصحابه- وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين- يعني: فخرج عليهم من عين في البيت، ورأسه يقطر ماء، فقال: إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة، بعد أن آمن بي. ثم قال: أيكم يُلْقَى عليه شبهي، فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سنا، فقال له: اجلس. ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب، فقال: اجلس. ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال: أنا. فقال: أنت هو ذاك. فألقي عليه شَبَه عيسى ورفع عيسى من رَوْزَنَة في البيت إلى السماء. قال: وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه، ثم صلبوه وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة، بعد أن آمن به، وافترقوا ثلاث فرق، فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء. وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء، ثم رفعه الله إليه. وهؤلاء النسطورية، وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء، ثم رفعه الله إليه. وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، ورواه النسائي عن أبي كُرَيب، عن أبي معاوية، بنحوه وكذا ذكر غير واحد من السلف أنه قال لهم: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتلَ مكاني، وهو رفيقي في الجنة؟
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب القُمّي، عن هارون بن عنترة، عن وهب بن مُنَبِّه قال: أتى عيسى وعنده سبعة عشر من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم. فلما دخلوا عليه صَوَّرهم الله، عز وجل، كلهم على صورة عيسى، فقالوا لهم: سحرتمونا. ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا. فقال عيسى لأصحابه: من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم: أنا. فخرج إليهم وقال: أنا عيسى- وقد صوره الله على صورة عيسى- فأخذوه وقتلوه وصلبوه. فمن ثَمَّ شُبّه لهم، فظنوا أنهم قد قتلوا عيسى، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى، ورفع الله عيسى من يومه ذلك. وهذا سياق غريب جدًّا. قال ابن جرير: وقد روي عن وهب نحو هذا القول، وهو ما حدثني به المثنى، حدثنا إسحاق، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثني عبد الصمد بن مِعْقَل: أنه سمع وهبًا يقول: إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا، جزع من الموت وشَقَّ عليه، فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما، فقال: احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة. فلما اجتمعوا إليه من الليل عَش




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال