سورة النساء / الآية رقم 159 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء} الآية، وذلك إن كعب بن الأشرف وفنحاص بن عازورا قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت نبياً حقاً فأتنا بكتاب من السماء كما أتى به موسى فأنزل الله عز وجل {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء} {فَقَدْ سَأَلُواْ موسى أَكْبَرَ مِن ذلك} يعني السبعين الذين خرج بهم موسى عليه السلام إلى الجبل {فقالوا أَرِنَا الله جَهْرَةً} عياناً {فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتخذوا العجل مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينات فَعَفَوْنَا عَن ذلك} ولم نستأصلهم {وَآتَيْنَا موسى سُلْطَاناً مُّبِيناً} الآية.
يعني الآيات التسع {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطور بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادخلوا الباب سُجَّداً} قتادة: كنا نتحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس، وقيل: إيليا، وقيل: أريحا، وقيل: هي لهم قربة.
{وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السبت} أي لاتظلموا باصطيادكم الحيتان فيها {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً} يعني العهد الذي أخذ الله عليهم في الصيد {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ} أي فبنقضهم ميثاقهم كقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله} [آل عمران: 159]، و{عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] و{جُندٌ مَّا هُنَالِكَ} [ص: 11] أي فبرحمة وعن قليل، وبجند ما هنالك.
{وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ الله وَقَتْلِهِمُ الأنبيآء بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} تقدير الآية، فنقضهم ميثاقهم وكفرهم وقتالهم وقولهم طبع الله على قلوبهم ولعنهم {فَلاَ يُؤْمِنُونَ} بمعنى من ممن كذب الرسل إلاّ من طبع الله على قلبه وإن من طبع الله على قلبه، فلا يؤمن أبداً، ثم قال تعالى {إِلاَّ قَلِيلاً} يعني عبد الله بن سلام، وقيل معناه: فلا يؤمنون لا قليلاً ولا كثيراً {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ على مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً} حين رموها بالزنا {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله} الآية.
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: إنّ عيسى عليه السلام استقبل رهطاً من اليهود وقالوا: الفاجر بن الفاجرة والفاعل بن الفاعلة، فقذفوه وأُمّه فلما سمع عيسى ذلك دعا عليهم، وقال: اللهم أنت ربي وأنا عبدك من روح نفخت ولم أُتَّهم من تلقاء نفسي «اللهم فالعن من سبّني وسبَّ أُمّي».
فاستجاب الله دعاءه ومسخ الذين سبوّه وسبّوا أُمّه خنازير، فلما رأى رأس اليهود ما جرى بأميرهم فزع لذلك وخاف دعوته آنفاً فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى فاجتمعوا عليه وجعلوا يسألونه فقال لهم: كفرتم وان الله يبغضكم، فغضبوا من مقالته غضباً شديداً وثاروا إليه ليقتلوه فبعث الله تعالى جبرئيل، وأدخله خوخة فيها روزنة في سقفها فصعد به إلى السماء من تلك الروزنة فأمر يهودا رأس اليهود رجلاً من أصحابه يقال له ططيانوس أن يدخل الخوخة ويقتله فلما دخل ططيانوس الخوخة لم ير عيسى بداخلها فظنوا إنه يقاتله فيها وألقى الله تعالى عليه شبه عيسى، فلما خرج ظن إنه عيسى فقتلوه وصلبوه.
مقاتل: إن اليهود وكّلوا بعيسى رقيب عليه يدور معه حيثما دار فصعد عيسى الجبل، فجاء الملك فأخذ ضبعيه ورفعه إلى السماء فألقى الله تعالى على الرقيب شبه عيسى، فلما رأوه ظنوا انه عيسى فقتلوه وصلبوه، وكان يقول: أنا لست بعيسى، أنا فلان بن فلان، فلم يصدّقوه فقتلوه.
وقال السدّيّ: إنهم حبسوا عيسى مرّتين في بيت فدخل عليهم رجل منهم وألقى الله تعالى عليه شبه عيسى ورفع عيسى إلى السماء من كوّة في البيت فدخلوا عليه وقتلوه بعيسى.
قتاده: ذكر لنا إن نبي الله عيسى بن مريم قال لأصحابه: أيّكم يقذف عليه شبهي فإنّه مقتول فقال رجل من القوم: أنا يا نبيّ الله فشبّه الرجل ومنع الله تعالى عيسى ورفعه إليه فلما رفعه الله إليه كساه الريش وألبسه النور وحطّ عنه لذة المطعم والمشرب وصار مع الملائكة يدور حول العرش وكان إنسياً ملكياً سمائياً أرضياً.
وهب بن منبه: أوحى الله تعالى إلى عيسى على رأس ثلاثين سنة ثم رفعه الله إليه وهو أربع وثلاثين سنة وكانت نبوته ثلاثة سنين.
قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ} يعني اليهود {إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ} فكذبهم الله تعالى {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ولكن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الذين اختلفوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ}.
الكلبي: إختلافهم فيه فاليهود قالت: نحن قتلناه وصلبناه. وقالت طائفة من النصارى: بل نحن قتلناه، وقالت طائفة منهم: ماقتلوه هؤلاء ولا هؤلاء بل رفعه الله إليه ونحن ننظر إليه وقال الذين لمّا قتل ططيانوس: ألم تروا إنه قتل وصلب فهذا إختلافهم وشكهم.
قال محمد بن مروان: ويقال أنّ الله وضع في شبه من عيسى على وجه ططيانوس ولم يلق عليه شبه جسده وخلقه، فلما قتلوه نظروا إليه، فقالوا: إن الوجه وجه عيسى وإنّما هو ططيانوس، وقد قيل إن الذي شبَّه لعيسى وصلب مكانه رجل إسرائيلي وكان يقال له إيشوع بن مدين.
قال السدي: اختلافهم فيه أنهم قالوا إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى، قال الله تعالى {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتباع الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} أي ما قتلوا عيسى يقيناً {بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ}.
قال الفراء والقتيبي: والهاء في قوله: {إِلَيْهِ} إلى العلم يعني: وما قتلوا العلم يقيناً كما يقال قتلته عِلْماً وقتلته يقيناً للرأي والحديث.
وقال المقنع الكندي:
كذلك نخبر عنها الغانيات *** [...] فلكم يقيناً
ويؤيد هذا التأويل ما روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وما قتلوه يقيناً يعني ما قتلوه ظنهم يقيناً {وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً} أي قوياً بالنقمة من اليهود فسلط عليه طغرى بن اطسيانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة {حَكِيماً} حكم عليهم باللعنة والغضب.
{وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال الأستاذ الإمام: معناه ومامن أهل الكتاب إلاّ ليؤمنن به وتلا قوله تعالى: {وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} [الصافات: 164] أي ومامنا أحد إلاّ له مقام معلوم.
وقوله: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] المعنى: ومامنكم أحد إلاّ واردها. قال الشاعر:
لو قلت ما في قومها لم تيثم *** يفضلها في حسب ومبسم
المعنى: ما في قومها أحد يفضلها، ثمّ حذف.
عن قتادة والربيع بن انس وابو مالك وابن زيد: هما راجعتان إلى عيسى، المعنى فإن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى وينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلاّ آمن به حتى تكون الملة واحدة ملة الإسلام، وهو رواية سعيد بن جبير وعطية عن ابن عباس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وروى قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأنبياء إخوة لعلاّت أُمهاتهم شتّى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، ويوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فإذا رأيتموه وهو رجل مربوع فلق إلى الحمرة والبياض سبط الشعر كان رأسه يقطره وان لم يصبه بلل بين ممصّرتين، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام وتكون السجدة واحدة لله تعالى ويهلك الله في زمانه الرجل الكذاب الدجال يقع الأمنة في الأرض في زمانه حتى ترتع الأُسود مع الإبل، والنمور مع البقرة، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان مع بعضهم بعضاً ثم يلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه وإقرأوا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ به قبل موته} عيسى بن مريم» رددها أبو هريرة ثلاث مرات.
عكرمة ومجاهد والضحاك والسدي: الهاء في قوله تعالى: {به} راجعتين إلى عيسى ابن مريم إلى الكتابي الذي يؤمن والمعنى وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنَنَّ بعيسى قبل موته إذا عاين الملك فلا ينفعه حينئذ ايمانه، لأن كل من نزل عليه الموت يعاين نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه وهذه رواية أبي هريرة عن أبي عليّ عن ابن عباس قالوا: لايبقى يهودي ولاصاحب كتاب حتى يؤمن بعيسى، وإن احترق أو غرق أو تردى أو سلط عليه حيتان أو أكله السبع أو أي ميتة كانت.
قيل لابن عباس: أرأيت إن خرّ من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهواء، فقال: أرأيت إن ضرب عنق أحدهم؟ قال: يتلجلج بها لسانه.
يدل على صحة هذا التأويل، قراءة أُبيّ: قبل موتهم.
الكلبي: خرجت من الكوفة حتى أتيت طابت وهي قرية دون واسط فنزلتها فإذا أنا بشهر بن حوشب فتذاكرنا هذه الآية. {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} فقال شهر: خرج العطاء والحجاج يؤمئذ بواسط فأمر بالعطاء فوضع بين يديه فجعل يدعو الرجل فيدفع العطاء بما قال، فدعا باسمي وجئت على فرس لي عجفاء رثّة الهيئة وعليّ ثياب رثّة، فلما رآني الحجاج قال لي: ياشهر مالي أرى ثيابك رثة وفرسك رثة، فقلت: أصلح الله الأمير أما ماذكرت من فرسي فإني قد اشتريتها ولم آل نفسي خيراً، وأما ما تذكر من الثياب فحسب المؤمن من الثياب ما وارى عورته، فقال: لا ولكنك رجل تكره الخز وتعيب من يلبسه، فقلت: إني لا أكره ذلك ولا أعيب على من يلبسه، قال: فدعا بقطعة له خزّ فأعطانيها فصببتها عليه فلما أردت أن أخرج، قال لي: هلم، فرجعت فقال: آية من كتاب الله تعالى ماقرأتها قط إلاّ اختلج في نفسي منها شيء، قلت: أصلح الله الأمير، ما هي؟ فقرأ هذه الآية {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} فإني لأُوتى بالأسير من اليهود والنصارى فآمر بضرب أعناقهم فما أسمعه يتكلّم بشيء، فقلت: إن اليهودي إذا حضره الموت ضربت الملائكة وجهه ودبره، وقالت: يا عدوّ الله أتاك عيسى ابن مريم عبداً نبياً فكذبت به، فيقول: إني آمنت به إنه نبي عبد فيؤمن به حين لاينفعه إيمانه، ويؤتى بالنصراني فيقولون له: ياعدو الله أتاك عيسى عبد نبي فقلت: إنه الله وابن الله، فيؤمن به حين لا ينفعه إيمانه.
قال شهر: فنظر إليّ الحجاج وقال: من حدثك بهذا الحديث؟ فقلت: محمد بن الحنفية، قال: وكان متكئاً فجلس ثم نكث بقضيبه في الأرض ساعة ثم رفع رأسه إليّ وقال: أخذتها من عين صافية أخذتها من معدنها.
قال الكلبي: فقلت: يا شهر ما الذي أردت أن تقول: حدثني محمد بن الحنفية وهو يكرهه ويكره ماجاء من قبلهم، قال: أردت أن أُغيظه.
وقال بعضهم: الهاء في {به} راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وفي {موته} راجعة إلى الكتابي.
وهو رواية حماد بن حميد عن عكرمة قال: لايموت اليهودي ولا النصراني حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وقيل الهاء في {به} راجعة إلى الله تعالى، وإن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبل أن يموت عند المعاينة ولاينفعه إيمانه في وقت البأس {وَيَوْمَ القيامة يَكُونُ} عيسى {عَلَيْهِمْ شَهِيداً} بأنّه قد بلّغهم رسالة من ربه وأقرَّ له بالعبودية على نفسه، نظير قوله: {وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 116] وهو نبي شاهد على أُمّته، قال الله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} الآية، وقال تعالى {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً} [النحل: 84].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال